عنوان الكتاب: الإسلام ونظام المساجد والعشائر في وادي ميزاب
المؤلف: الشيخ أبي اليقظان إبراهيم بن عيسى (ت 1393هـ/ 1973م)
تحقيق: الحاج أحمد بن حمو كروم
الطبعة: الأولى
تاريخ النشر: 1435هـ 2013م
[ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع]
الإسلام
ونظام المساجد والعشائر
في وادي ميزاب
تأليف الشيخ أبي اليقظان إبراهيم بن عيسى
رحمه الله
(ت 1393هـ/ 1973م)
تحقيق:
ح أحمد بن حمو كروم
أستاذ الشريعة الإسلامية بمعهد عمّي سعيد
غرداية ـ الجزائر
الطبعة الأولى1435هـ 2013م
(1/1)
/
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(1/2)
قال الله تعالى:
???? ???????????? ??????? ?????? ???? ???????????? ?????????????? ?????? ?? ??? ??????????????????? ?????? ?????? ?? ???????????? ??? ?????????? ?????? ? ??? ?????????????? -?????????????? ????? ??????????? ??? ???????? ?????? ??????? ??? ?????????????? ???????????? ??? ??????????????? ??????????????? ????????? ????????????????? ?????? ?? ???????????????? ?????????????????? ??? ?????????????????????? ????? ????????? ??? ?????????? ????????????????? ????? ?????????????? ?????? ??????????? ????? ??????????? ?????????? ??? ???????? ???. النور 36 ـ 38.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ". الربيع 98.
الإهداء
إلى جميع من يرابط في ثغور الإسلام من خلال المؤسسات الحضارية في بلاد الإسلام:
1) أعضاء حلقات العزابة والمشايخ.
2) الأساتذة والمربين.
3) المسؤولين والموظفين.
(1/3)
4) أعيان العشائر.
5) الشباب والفتيات.
6) الآباء والأمهات.
7) جميع الغيورين على حضارة الإسلام.
أهدي هذه السطور التي جاءت من أعماق الصدور.
ـ المحقق ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم
مقدمة:
جاء الإسلام لتوجيه حضارة الإسلام وترتيبها في مؤسسات اجتماعية ليكون الإنسان في ذلك المجتمع الإسلامي إنسانا إيجابيا يجلب المصلحة للجميع كما يدفع المضرة عن الجميع.
وهذه الصفحات الذهبية التي أضعها بين يديك، عزيزي القارئ ـ تعرفنا بمؤسسين من مؤسسات الإسلام هما: مؤسسة المسجد ومؤسسة العشيرة وضوابطهما وأهدافها في منطقة وادي ميزاب ـ بولاية غرداية شمال الصحراء الجزائرية.
(1/5)
وهي مبرة من المبرات العظيمة التي جاد بها قلم العلامة الجليل أبي الصحافة الجزائرية الشيخ أبي اليقظان إبراهيم بن عيسى رحمه الله، قبل أقل من نصف قرن.
وبالرغم مما وقع من تطور ملحوظ على المجتمع الميزابي في الجزائر، فإن هاتين المؤسستين تحافظان على كثير من هذه الضوابط والأهداف لأنهما أسستا على تقوى من الله ورضوان.
وهما نموذجان يصلحان للإقتداء في مختلف مناطق بلاد الإسلام رغم ما يظهر فيها من خصوصيات نظام المساجد والعشائر في القرارة مسقط رأس المؤلف.
وأريد منك عزيزي القارئ من خلال هذه الصفحات أن تعزز إنتماءك إلى حضارة الإسلام أو تصحح معلوماتك السابقة عن هذه المؤسسات وغيرها من المؤسسات العريقة في الإسلام حتى تكون فيها جنديا مجهولا يرفعها كما أمر الله تعالى في كتابه العزيز بالذكر والتسبيح والصلاة والزكاة والتعارف والصلاح لمجتمعك ولسائر مجتمعات الإسلام تحب الخير للجميع وترفع الضرر عن الجميع، وبذلك تنال رضى الله والناس أجمعين.
والنص أخذته من النسخة الخطية التي تركها المؤلف بتاريخ: 1384/ 1385هـ ـ 1965/ 1966م. أي قبل سبع سنوات من وفاته سنة 1393هـ/1973م. ولم يكن لي فيها عمل إلا ما وضعت من عناوين جانبية بين معقوفتين أو من تعليقات تعريفية في الهوامش لتخريج الأحاديث وترجمة الأعلام والأماكن، وقد صدّرتُ هذا العمل الجليل بتعريف عن المؤلف من وضع قلمه الكريم والذي يتمثل في جواب عن رسالة كتبها إليه الصحفي
(1/6)
الجزائري الزبير سيف الإسلام مدير جريدة الشعب قبل وفاة الشيخ المؤلف بعامين.
تقبل الله من المؤلف هذه المبرات وجعلها في ميزان حسناته وجزى الله خيرا سيف الإسلام على تخليده مثل هذه الحوارات التاريخية الهادفة وجعلها في ميزان حسناته وجعلنا لهم ـ عزيزي القارئ ـ خير خلف لخير سلف والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ـ آمين ـ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دار إروان العطف ولاية غرداية الجزائر
يوم التروية الأحد 08 ذو الحجة 1434هـ/ 13 أكتوبر2013م. ... أخوكم المحقق: حاج أحمد بن حمو كروم ... .
ترجمة مختصرة
عن حياة المؤلف
(1/7)
/
صورة المؤلّف رحمه الله قي الثلاثينات
(1306 - 1888/ 1393 - 1973)
(1/8)
الشيخ أبو اليقظان (1) يتحدث عن حياته.
يقول الأستاذ الصحفي مدير جريدة الشعب الزبير سيف الإسلام (2)، بعد رسالة وجهها إلى الشيخ أبي اليقظان سنة: 1390هـ/1971م:
(وفعلا وصلته الأسئلة وجاءني الرد عليها فورا. و مع أجوبته الرسالة التالية:
مقدمة الرسالة:
" أخي بلغتني رسالتك الكريمة ... وقد ابتهجت بها لما وجهت لي فيها من الأسئلة وأنا أعدّ ذلك في نفسي من الاعتبار والتقدير مع ما أنا فيه من الأسقام منذ سنة 1377هـ/1957م، وأنا طريح الفراش وأراني لا بد لي من إجابتك عن أسئلتك قدر الإمكان، غير أني أراك تطلب مني أن لا أختصر في الجواب، وإنك أحرجتني بكثرة الأسئلة وأرهقتني بها فكيف تطلب أن لا أختصر في الجواب عن كل منها، فالجوب عليها مع كثرتها يستدعي مجلدا ضخما، فأرى تكليفك بالجواب عنها مع عدم الاختصار تكليفا لما لا يطاق "وهذا غير موافق للقاعدة الشرعية التكليف بما لا يطاق إذا فاعذرني في الجواب مختصرا قدر الإمكان."
أسئلة الزبير إلى الشيخ أبي اليقظان:
أما أسئلتي إليه فكانت ثلاثة عشر سؤالا. وقدمتها إليه كما يلي:
1 - سيدي الأستاذ إبراهيم أبو اليقظان أين ولدت وفي أي تاريخ؟
2 - أين زاولت تعليمك الابتدائي والثانوي والعالي؟
3 - هل زرت البلاد المقدسة وإذا كان الجواب بنعم ففي أي تاريخ؟ وبالمناسبة فما هي البلاد العربية التي زرتها وفي أي تاريخ؟
__________
(1) - ولمزيد من التوسّع في ترجمة المؤلف أنظر: جمعية التراث، معجم أعلام الإباضية، ج2، ص52، رقم 42.- أحمد فرصوص: الشيخ أبو اليقظان إبراهيم كما عرفته، ط1، دار البعث قسنطينة، 1411 - 1991.
(2) ـ الزبير سيف الإسلام: تاريخ الصحافة في الجزائر ج6،ص147 وما بعدها.
(1/9)
4 - ما هي الشخصيات العربية: السياسيون- والعلماء- والكتاب والصحافيون الذين عرفتهم في الثلاثينات؟
5 - كيف عرفت فن الصحافة وبأي طريق دخلت إلى هذا الميدان؟
6 - ما هي أول جريدة قمت بتأسيسها، وكم عاشت هذه الجريدة وفي أي مكان كنت تصدرها وكم عدد صفحاتها وما هو حجمها. وأعداد السحب؟
7 - هل كاتبت الصحف العربية في الجزائر وفي الدول العربية فإذا كان الجواب بنعم فما هي هذه الجرائد وبأي تاريخ؟
8 - ما هو أكبر صحافي جزائري عرفته؟
9 - من هم الصحافيون الجزائريون الذين عرفتهم ما بين 1920 و 1954م؟
10 - هل ألفت كتبا – أرجوا قائمتها- وأرجوا أن تذكر أهدافها؟
11 - هل هناك كتبا تحدث عن تاريخ الصحافة الجزائرية؟
12 - هل توجد لديك نسخ من الجرائد التي أصدرتها؟
13 - ما هي نصائحك للصحافيين الجزائريين الشباب؟
وأخيرا أرجو أن تتوسع في الإجابة على كل سؤال خاصة منها الأسئلة رقم) 2 - 4 - 5 - 6). وبالنسبة لهذا السؤال السادس أرجوا الإجابة على كل جريدة بإنفراد لأنك قلت لي بأنك أصدرت الجرائد التالية: وادي ميزاب – المغرب- النور – البستان – الفرقان – النبراس- الأمة - ميزاب.
الجواب:
جواب أبي اليقظان على أسئلة الزبير
(1/10)
1) مولده ونشأته: أما السؤال الأول: أين ولدت وفي أي زمن؟.
الجواب: 1) ولدت في القرارة من واحات غرداية.
2) وكان ذلك بتاريخ 1888م الموافق لصفر 29 منه 1306هـ، ففي عمري 85 سنة.
2) تعلمه ومشايخه:
http://www.setifnews.com/photo/article/articleg/1042.jpg التعليم: أما الابتدائي فقد زاولته في القرارة عن الحاج عمر بن يحي (1) من سكان القرارة.
وأما التعليم الثانوي فقد زاولته عن قطب الأيمة الشيخ أطفيش الحاج محمد (2) ببلدة 'يزقن'.
صورة الشيخ أطفيش من صورة ابنه: الحاج محمد
و أما التعليم العالي فقد زاولته بتونس في جامع الزيتونة عن مشايخي: الشيخ عبد العزيز جعيط (3)، والشيخ الطاهر بن عاشور (4) والشيخ محمد بن يوسف (5) المفتي الحنفي، والشيخ النخلي (6)، والشيخ الصادق النيفر (7) المفتي المالكي، ثم بالمدرسة الخلدونية عن الأساتذة الشيخ محمد الأشرم في الجغرافية، والشيخ مناشو (8) في الإنشاء، والأستاذ حسن حسني عبد الوهاب (9) في التاريخ،
__________
(1) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج3 ص654،رقم676.
(2) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج4 ص835،رقم864.
(3) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج2، ص37، رقم 95.
(4) ـ عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين ج3 ص363 رقم 13763.
(5) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج5، ص150، رقم 629.
(6) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج5، ص26، رقم 580.
(7) ـ الزركلي: الأعلام ج6 ص 161.
(8) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج4، ص387، رقم 555.
(9) ـ عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين ج1،ص542 رقم4055.
(1/11)
والأستاذ محمد العبيدي في الرياضيات، والأستاذ الزعيم الثعالبي (1) في سياسة الدول وفلسفة حياة العصر الجديدة.
1 - فيما يخص التعليم الابتدائي في القرارة:
لا أنسى فضل شيخي الحاج إبراهيم بن عيسى الابريكي (2) الذي كان يشرف عليّ في غيبة شيخي الحاج عمر بن يحي في عام 1902م. حين كان مجاورا في مكة.
2 - وقد أخذت عن شيخي الحاج عمر مبادئ العقيدة من توحيد العزابة للشيخ عمرو بن جميع الجربي (3)، وما أخذت عنه "القطر" في النحو، في هذا الدور دور التلاميذ الابتدائيين في ذلك العهد حفظتُ عن ظهر قلب القرآن المجيد وعرضته على الإمام الرسمي (4) في سنة 1323، كما حفظت عن ظهر قلب المتون الآتية تمهيدا لتعليمي، من ذلك الأجرومية وشرحها لأبي داود سليمان، وألفية ابن مالك، ومتن القطر، والجوهر المكنون في البلاغة، وألفية السالمي المسماة بـ " طلعة الشمس" في الأصول، ومتن الورقات كذلك في الأصول، والدرر اللوامع في القراءات، والأربعين حديثا النبوية (5).
3 - وأما ما يخص التعليم الثانوي عند القطب أطفيش "بيزقن" وقد كان انتقالي إليه في سنة 1325، فكان من مشايخي فيها غير الشيخ أطفيش الشيخ إسماعيل زر?ون (6) أخذت عنه شرح ابن عقيل والجزء الأول من النيل، و من مشايخي فيها الفرضي البارع الشيخ الحاج عبد
__________
(1) ـ عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين ج2،ص156 رقم7300.
(2) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج2،ص50،رقم 39.
(3) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج3،ص662،رقم686.
(4) ـ الإمام الرسمي يشير إلى الإمام إبراهيم بن كاسي حميد أوجانة (ت1339/ 1921)،جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ص59،ج2 رقم 45.
(5) ـ كذا في النسخ المعتمدة لعلها: النووية.
(6) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج2،ص 107،رقم104.
(1/12)
الرحمن بن عمر (1) أخذت عنه علم المواريث والحساب. ومن مشايخي فيها الشيخ الحاج رمضان بن يحيالجربي (2)، حفظت عنه الصرف وشرح لألفية ابن مالك لبحرق.
و أما الفنون التي أخذتها عن الشيخ أطفيش فهي: العقائد والموجز لأبي عمار عبد الكافي وشرح الورقات في الأصول والفقه في شرح النيل والعروض لعبد الكافي في فن القوافي، والمقولات العشر في رسالة العضد.
وأما فيما يخص التعليم العالي، فقد زاولت منه في جامع الزيتونة عن الشيخ عبد العزيز جعيط كتاب التنقيح في الأصول للقرافي، وعن الشيخ الطاهر بن عاشور كتاب التفسير، وعن الشيخ النخلي كذلك التفسير، عن الشيخ محمد بن يوسف تفسير البيضاوي بحاشية الشيخ عبد الحكيم وعن الشيخ ابن الحسن النجار (3) كتاب الأشموني في النحو، وجمع الجوامع في الأصول. وعن الشيخ ابن القاضي كتاب السيرة، وعن الشيخ الصادق النيفر كتاب الأشموني وكتاب السيرة.
4 - وأما فيما يخص التعليم العالي في الخلدونية فمع من ذكر من المشايخ الأساتذة الأستاذ الطاهر بن صالح الزواوي في اللغة الفرنسية. وقد كان انتقالي إلى تونس في سنة 1912م، ولبثت فيها
__________
(1) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج3،ص521،رقم547.
(2) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج2،ص307،رقم325.
(3) - محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج5، ص15، رقم 577.
(1/13)
إلى سنة 1925م، حيث كنت أعد فيها عدتي لدخولي في الصحافة في الجزائر.
5 - و أما ما يخص اتصالي برجال العلم في تونس فمن بينهم الشيخ صالح ابن يحي (1) العضو في اللجنة التنفيذية في "حزب"الدستور القديم، وهو عمّ مفدى زكرياء (2)، ومنهم الأستاذ الشيخ سليمان الجادوي (3) صاحب مرشد الأمة التونسية، ومنهم الأستاذ عثمان الكعاك (4) المؤرخ الشهير، و منهم أمير الشعراء الأستاذ الشاذلي خزندار (5) صاحب ديوان خزندار الشهير.
3) ـ رحلاته:
- أما السؤال الثالث: هل زرت البلاد المقدسة؟ و إذا كان الجواب بنعم ففي أي تاريخ؟،
الجواب: زرتها مرتين في أواخر سنة 1910م الموافق أوائل سنة 1328هـ، ومرة ثانية في سنة 1332هـ/ 1914م.
- أما السؤال الرابع: ما هي البلاد العربية التي عرفتها، و في أي تاريخ؟
الجواب: في أثناء رحلتي الأولى إلى الحج، زرت طرابلس ومصر ومكة والمدينة ثم دمشق وبيروت وأزمير في طريقي بالسكة الحديدية الحجازية عند ابتداء سيرها.
4) رفاقه في الجهاد:
- السؤال الخامس: ما هي الشخصيات العربية السياسية والعلمية "وكتاب وصحافيين" التي عرفتها في الثلاثينات؟
الجواب: أما الشخصيات العربية التي تعرفت بها أثناء الثلاثينات فهي كما يلي:
__________
(1) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج3،ص487،رقم518.
(2) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج2،ص328،رقم346.
(3) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية ج3،ص395،رقم423.
(4) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج4، ص167، رقم 472.
(5) ـ الزركلي: الأعلام ج6،ص155.
(1/14)
أولا: الأمير خالد عبد القادر الجزائري (1)، ثانيا الشيخ عبد الحميد بن باديس (2)، ثالثا الشيخ العقبي (3)، رابعا العربي التبسي (4)، خامسا الشيخ مبارك الميلي (5)، سادسا الشيخ سعيد الزاهري (6)، سابعا الشيخ الهادي (7) "السنوسي " مؤلف كتاب شعراء الجزائر" ثامنا الشيخ البشير الإبراهيمي (8) هؤلاء من الجزائر.
وأما في تونس فالزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبي، والأستاذ أحمد الصافي المحامي، والأستاذ صالح فرحات المحامي، والأستاذ أحمد توفيق المدني (9)، والأستاذ الشاذلي الموالي، والأستاذ زين العابدين السنوسي (10) "صاحب مجلات العرب"، وفي جربة الأستاذ يوسف الباروني مع سالم بن يعقوب (11).
وأما في مصر فقد تعرفت بالأستاذ محب الدين الخطيب (12)، والشيخ رشيد رضا (13) وبغيرهم كثير.
وأما في المغرب: فقد تعرفت بالأستاذ الهادي الشرايبي، والأستاذ علال الفاسي (14)، والشيخ أبي إسحاق أطفيش (15) "صاحب مجلة المنهاج" والأستاذ عبد السلام بنونة، والأستاذ أحمد بلفريج، والأستاذ محمد القرى وكيلنا عن الجرائد في المغرب.
__________
(1) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص99.
(2) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص28.
(3) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص238.
(4) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص61.
(5) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص325.
(6) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص157.
(7) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص157.
(8) ـ عادل نويهض: معجم أعلام الجزائر، ص13.
(9) ـ محمد خير رمضان يوسف: تكملة معجم المؤلفين، ص32.
(10) ـ محمد محفوظ: تراجم المؤلفين التونسيين، ج3، ص65، رقم 249.
(11) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية، ج3، ص347،رقم366.
(12) ـ الزركلي: الأعلام ج5، ص282.
(13) ـ الزركلي: الأعلام ج6، ص126.
(14) ـ الزركلي: الأعلام ج4،ص246.
(15) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية، ج2،ص44،رقم37. كذا في النسخة المعتمدة والصواب أنه قد تعلم معه في تونس وبني يزقن لأنه نفي بعد ذلك إلى مصر واستقر بها.
(1/15)
وأما في المدينة: فقد تعرفت بالأستاذ حمزة أحمد الرفاعي.
وأما في طرابلس فقد تعرفت بالأستاذ الشيخ سلمان الباروني (1) وعلي يحيى معمر (2) وغيرهم.
5) الصحف العربية التي يهتم بها الشيخ:
- و أما السؤال السادس: كيف عرفت فن الصحافة وبأي طريق دخلت إلى هذا الميدان؟
الجواب: إن غرامي منذ صغري بالصحافة العربية كان ولا يزال يلح عليّ لطلب المزيد منها، فأول ما استيقظت عندما التقيت إلى جريدة الزهرة اليومية، في حوادث الحرب الطرابلسية ثم إلى ما بعد، ثم نشأ هيامي بجرائد الشرق: مصر والشام والعراق وغيرها فكنت مولعا بتتبع جرائد "اللواء المصري" للأستاذ أحمد وفيق، وسائر مجلات الشرق فكنت مولعا بسائر الجرائد والمجلات التي تصدر عن الشرق ووادي النيل، عندما قامت حرب البلقان وذلك مثل جريدة الحق ومجلة الشيخ عبد العزيز (3) جاويش، ومجلة المنار، ومجلة العرفان، ومجلة العرب، ومجلة الإخوان المسلمين، ومجلة جماعة المسلمين، والشبان المسلمين، وكانت طريقتي في مراجعة هذه الأمهات أن أخذ قلما وقرطاسا فأسجل كل ما يتوقف نظري من أمهات المسائل في السياسة والاجتماع، لكي تكون لي مرجعا عند الحاجة، وكانت كذلك سيرتي عندما يجمع مجلس بي من الشخصيات المذكورة فأدوّن كل ما يهمني من ذلك حتى جمعت منها مجموعة لا بأس بها لتكون عناوين لسائر المقالات التي يعنّ لي تحريرها.
6) نشأته الصحفية وغرامه بالصحافة.
__________
(1) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية، ج3،ص426،رقم457.
(2) ـ جمعية التراث: معجم أعلام الإباضية، ج3،ص619،رقم640.
(3) ـ الزركلي: الأعلام ج4،ص17.
(1/16)
أما الجواب عن أي طريق دخلتُ هذا الميدان فكان كما قلت أولا غرامي بالصحف والمجلات وما إليها فكنت أولا أبادل أخي الحاج عمر العنق (1) الذي كان مقره التجاري في تبسة وهو يبادلني بدوره بشبه جريدة. أما أنا فكنت حررت له صحيفة باسم " قوت الأرواح" وأنا بالقرارة، و أما هو هو فقد بادلني بجريدته باسم "الرحيق المختوم" فتشتمل هذه المبادلات من الجرائد والمواضيع المطروقة إذ ذلك مثل 'الافتتاحية ' الأخبار الخارجية – السياسة- الحكم- .. الخ .. " وذلك سنة 1913 أو سنة1914م.
ومما يتصل بغرامي بالجرائد النكتة الآتية الفريدة: ذلك أني مع غرامي بها مولع بطبعي وفطرتي منذ صغري بالحدائق الغناء والظلال الوارفة فصرت آخذ مجموعة مما لدي من الجرائد فأقصد بها حديقة من الحدائق الغناء وآخذ معي وقيدة أجمع ما لدي من القش والحطب فأوقد النار فيها لكي يسخن المكان الذي أقعد فيه ثم أكنس الرماد من المكان فأفرش فيه فراشا وهناك أختلي بما أصحب من الجرائد فأقرأ وأتتبع كل ما فيها من فصول بين ظلال الحدائق وفي مكان دفء، والفصل فصل شتاء. ونكتة أخرى هي أني آخذ منشفة عندما أشرع في إطلاق الماء للنخيل فإذا فتحت مجرى الماء يمتلئ الحوض أغسل يدي وأنشف بالمنشفة فأنشفها وأقعد مراقبا لامتلاء الحوض حتى أشبع نهمي بقراءة جريدة فإذا امتلأ حولت المجرى الرئيسي للماء إلى حوض يليه وهكذا دواليك.
7) نشأة صحيفة وادي ميزاب و فصولها.
- أما السؤال السابع: ما هي أول جريدة قمت بتأسيسها، وكم عاشت هذه الجريدة وفي أي مكان كنت تصدرها، وكم صفحاتها، وما هو حجمها وأعداد السحب؟
__________
(1) ـ جمعية التراث: معجم إعلام الإباضية، ج3،ص628،رقم648.
(1/17)
الجواب: أما أول الجرائد التي أصدرتها رسميا فهي 'وادي ميزاب' باسم وطني وادي ميزاب. وأما تاريخها فقد أصدرتها في أول أكتوبر سنة 1926م. أما كم عاشت فهي أنها عاشت إلى جانفي 1929م وقد عاشت 119عددا، أما إصدارها ففي الجزائر، وأما طبعها ففي تونس، وقد عانينا في ذلك أهوالا ومتاعب شاقة وخسائر باهضة.
فإن إدارة الجريدة في الجزائر وطبعها في تونس لا يعرف صاحبها أهواله إلا من باشرها "وقد زارني في أثناء ذلك الخديوي عباس في بعض رحلاته إلى شواطئ إفريقيا الشمالية فقابلته في يخته – نعمة الله – فسألني أين إدارة الجريدة وأين طبعها فأجبته قائلا: مقر إدارة الجريدة في الجزائر وطبعها في تونس، فأجاب: ما شاء الله إدارتها في الجزائر وطبعها في تونس ما شاء الله.
ربما يتساءل القارئ، ولماذا لم يكن طبعها في الجزائر بل كان في تونس؟
الجواب: إنه لا وجود لمطبعة في الجزائر، بل ما يوجد في الجزائر هو ما يساير الأهواء الاستعمارية، ونحن كما تعلم أهواؤنا وطنية عربية إسلامية، فكيف تتلاقى بتلك المطابع التي يديرها أهواء الاستعمار. فنحن لأجل ذلك كابدنا مشاقا وأهوالا في إنشاء مطبعتنا العربية بالجزائر في سنة 1350هـ/1931م والأزمة العالمية على أشدها خانقة بأعناق الأحرار، وكانت منذ ذلك مطبعتنا العربية بالجزائر وإلى الآن تسمى "دار الفكر الإسلامي" التي تتصدى إلى طبع كل ما ينتمي إلى الإسلام والعربية حسب إمكانياتها.
أما صفحاتها فهي أربع صفحات خصصنا الصفحة الرابعة منها للإعلانات لتغذية الجريدة ... الخ.
(1/18)
أما كلمتنا عن كل ما يخص تلك الجرائد فالجواب: أما وادي ميزاب فقد هال الحكومة الاستعمارية أمرها فطال استنطاقها لي عن كثير من فصولها، واشتدت الأزمة بيني وبينها خصوصا في عدد 17 الذي يحمل العنوان التالي: 'الاعتماد على النفس' فقد انتفضت منه الدوائر الفرنسية لما يحمل بين طياته من قنابل التقريع المنصبة على رأس الاستعمار إذ ذاك. ومما جاء فيه قولي: ماذا استفادت تونس من اعتمادها على كتلة الشمال؟ ماذا استفادت الجزائر من اعتمادها على الأم الحنون؟ ماذا استفاد المغاربة من اعتمادهم على الأولياء وسكان القبور.
نعم استفاد المصريون عندما اعتمدوا على أنفسهم، واستفاد السوريون عندما اعتمدوا على أنفسهم.
هز المستعمر رأسه – مسيو ميرانت- مدير الداخلية بالجزائر وقال: عوض أن تسأل ماذا استفاد ... ماذا استفاد .. ماذا استفاد .. اسأل نفسك ماذا جزاء من يشاقق فرنسا السجن أو الإبعاد أو الشنق، فأجبته: قائلا: أنا لا يهمني إذا قمت بواجبي من النصح والإرشاد نحو أمتي أن يكون حكمي السجن أو الإبعاد أم الشنق، ثم واصل كلامه أن الدولة ليست في حاجة إلى نصحك انصح نفسك.
وقال يا بني أوصيك أن تترك السياسة جانبا فهي بحر من دخل فيه غرق، فقلت نحن نحب أن نتعلم شيئا في غوص هذا البحر .. الخ ..
وهكذا كانت فصول 'وادي ميزاب ' قوارع وقنابل على رأس الاستعمار مما يستدعي تفاصيلها مجلدا ضخما، وإليك نماذج منها:
قد جمعت لي لدى الحكومة ملفات استنطاق شديد وإليك نماذج منها:
(1/19)
الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون.
مثل: يخربون بيوتهم بأيديهم.
مثل: العدالة تحتضر.
ومثل: أمات الرجال أم رفع القرآن؟
ومثل: المسلمون بين غضب الله وغضب أوروبا .. الخ ..
8) حياة بقية جرائد أبي اليقظان.
ولهذا أصدرت الحكومة قانونا رسميا بتعطيل كل ما يصدر من قلم أبي اليقظان. بعد هذا أصدرت مجلة عفوا جريدة 'ميزاب' فعطلت في أول عدد منها. ثم أصدرت جريدة أخرى باسم " المغرب " فسارت في 28 عددا، وفي 29 سمعت بأن الحكومة تستعد لتعطيل الجريدة فأصدرت العدد مملوءا بالسخافات والشعوذة مثل حرز مرجانة فملأت بها الجريدة وأكملتها بكلمات متقطعة مثل: الحمار الفطوس، الفار، ونخلة، الشجرة، .. الخ .. فلما صدر العدد 29 حاولت الحكومة تعطيل النشر وأرسلت مناشير إلى دوائرها الرسمية بذلك، فلما كان التعطيل صادف عدد حرز المرجانة فكانت ضحكة طويلة عريضة في سائر النوادي والمقاهي بالجزائر.
وهكذا إن تتبع أمثال هذه المحاضر لا يمكن استقصاؤه بالنسبة لكل جريدة من جرائدنا الثمانية: وادي ميزاب- ميزاب- المغرب- النور- النبراس- البستان- الأمة- الفرقان.
/
(1/20)
////////
ولما علمت يقينا أن مهمة الصحافة في الجزائر يستحيل على الصحافي القيام بها التفت إلى ميدان التأليف وحسبك أني قاسيت 12 عاما في الصحافة أي منذ 1926م إلى سنة 1938. فألفت سلسلة من كتب ومن رسائل.
(1/21)
9) تآليف الشيخ أبي اليقظان ورسائله:
فأما الكتب فمنها حياة سليمان باشا الباروني في جزأين منه وقد أنجز طبعه في مطبعتنا، ومنها ديوان أبي اليقظان ويوجد مثله غير مطبوع مما زدت نظمه بعد طبع الديوان في 3 محرم 1350هـ. وقد غيرت اسمه من جديد وسميته بوحي الوجدان من ديوان أبي اليقظان، وأما غير المطبوع فمنه ملحق سير الشماخي في ثلاث حلقات، ومنه الإباضية في شمال إفريقيا في حلقتين ومنه تفسير الجزء الأول يبتدئ من سورة الفاتحة إلى سورة المرسلات، ومنه سلم الاستقامة في سبعة أجزاء منها ثلاثة أجزاء للابتدائي في فقه العبادات وهو مطبوع، وأربعة أجزاء للثانوي في فقه المعاملات.
أما الرسائل فهي مجموعات لأغراض مختلفة منها تراجم المشايخ كترجمة الإمام أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم، وترجمة أبي عبد الله محمد بن بكر النفوسي، ومنها ترجمة أبي عمار عبد الكافي، ومنها ترجمة عبد الله بن أباض، ومنها ترجمة الشيخ الثميني كما أعرفه، ومنها رسالة نظام المساجد في وادي ميزاب، ورسالة نظام العشائر في وادي ميزاب، ورسالة فتح نوافذ القرآن، ورسالة أضواء على بعض أمثال القرآن، ومنها رسالة نشأتي وفيها كل ما تطلبه من بيانات وهي تحت الطبع، ومنها إرشاد الحائرين المطبوعة في تونس، ومنها عناصر الفتح من سورة الفتح، ومنها صبر يوسف يتجلى في محنته .. الخ.
10) الصحف العربية ورجالها في الجزائر.
- وأما سؤالك الثامن: هل كتبت في الصحف العربية في الجزائر وفي الدول العربية؟ فإذا كان الجواب بنعم فما هي الجرائد وبأي تاريخ؟
(1/22)
الجواب: أني لم أكن أحفل كثيرا بالكتابة في الجرائد العربية وأتأكد أني كتبت في جريدة الفاروق للأستاذ عمر قدور الجزائري في سنة 1913هـ وسنة 1914م، وفي جريدة " المنبر التونسية" للأستاذ الشاذلي المزالي أظن في سنة 1915 - 1916م. و أما الدول العربية فلم أكتب عنها ولا فيها شيئا.
11) الصحفيون الكبار في الجزائر.
- وأما التاسع: ما هو أكبر صحافي جزائري عرفته؟
الجواب: هو الأمير خالد صاحب الأقدام العربية – الفرنسية- والسيد عمر ابن قدور صاحب جريدة الفاروق، والشيخ عبد الحميد بن باديس صاحب مجلة الشهاب.
- وأما السؤال العاشر: من هم الصحافيون الجزائريون الذين عرفتهم ما بين سنوات 1920و1954م؟
الجواب: هم الشيخ مبارك الميلي صاحب " المنتقد" والأستاذ السعيد الزاهري صاحب "البرق" والأستاذ عبد الحميد بن باديس صاحب "الشهاب"، والشيخ الطيب العقبي صاحب "الإصلاح" والشيخ البشير الإبراهيمي صاحب "البصائر".
12) مصادر عن الصحافة الجزائرية.
- هل هناك كتب تحدثت عن تاريخ الصحافة الجزائرية؟
الجواب: تحدث عن تاريخ الصحافة الجزائرية فيما أعلم كتاب "شعراء الجزائر" (1) للأستاذ الهادي السنوسي، والأستاذ أنور الجندي في كتابه (2) "الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا" (3).
__________
(1) - محمد الهادي الزاهري، شعراء الجزائر في العصر الحاضر، ج1، ط1، ص، المطبعة التونسية 1345 - 1926.
(2) - نشر الدار القومية للطباعة والنشر، ط1، القاهرة،1965/ 1385.
(3) - صفحة:193 وما بعدها.
(1/23)
هل توجد لديك نسخ من الجرائد التي أصدرتها؟
الجواب: أنه توجد لدى نسخ من الجرائد التي أصدرتها مثل النبراس- الفرقان وادي ميزاب- النور- الأمة ولكن لا يمكن أن تخرج من يدي.
13) نصائح للصحفيين الشبان.
- ما هي نصائحك للصحافيين الشبان؟
الجواب: بما أني أؤمن إيمانا صادقا بأن للإنسان دارين دار الدنيا ودار الآخرة لا انفكاك بينهما فأرى أن يجعل الإنسان الصادق الإيمان حسابه لا لدار واحدة وأنه يجب أن يعمل حسابه لدارين معا، لا انفكاك بينهما، ولكني أرى أن غالب المسلمين اليوم منصرفون عن الدار الآخرة ومنغمسين في الحياة الدنيا، وأنصح الأخ الصحافي أن يجعل نصب عينيه العمل على قاعدة "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" وكما قال علماء قارون: "وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا" والله الموفق.
14) تفاعل أبي اليقظان مع القرآن الكريم.
الخلاصة: ... ويختم عميدنا إجابته على أسئلتي شارحا الأهداف التي كان يهدف إليها في مؤلفاته فيقول:
- وتبعا لأسئلتك بقي لي سؤال يهمني أن أجيبك عنه فيما يلي. فأقول:
- وفيما يخص سؤالك:
- هل ألفت كتبا وما هي أهدافها؟
الجواب: نعم ألفت كتبا ورسائل ذكرنا بعضها وبقيت نقطة تهمني جدا، ما هي؟
(1/24)
- فالجواب هو فيما يلي: كلما قرأت في القرآن آية تلتهب بصواعق النذر والعذاب للكافرين أو البشائر للمؤمنين، حصلت لي رجفة وقشعريرة من سائر النذر للكافرين وآمال طمّاحة لسائر بشائر المؤمنين. ولقد شيبتني من الأولى آيات:
1 - مثل قوله تعالى في آية الربا: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" البقرة 278. وجل المسلمين منغمسين في حياة الربا.
2 - ومثل آية سورة يونس: " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن ءايتنا غافلون، أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون". الآيات 7 - 8.
3 - ومثل آية سورة إبراهيم:" الذين يستحبون الحياة الدنيا" الآيات 2 - 3، وجلّ المسلمين متورطون في حبّ الدنيا.
4 - ومثل خواتم سورة إبراهيم: "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون". (إبراهيم42ـ 43).
5 - ومثل خواتم سورة الزمر: "وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب" إلى آخر السورة69.
6 - ومثل آية سورة فاطر: "والذين كفروا لهم نار جهنم " الآيات: 32 - 37.
7 - ومثل خواتم سورة الفجر: "وجيء يومئذ بجهنم" إلى آخر الآيات23.
ومن الثانية: كلما قرأت آية من بشائر المؤمنين تطير نفسي فرحا وشعورا بالنعيم الخالد.
1 - مثل خواتم سورة الفجر: "يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وادخلي جنتي" 30.
2 - ومثل خواتم سورة الواقعة: "فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم" 89.
(1/25)
3 - ومثل آية سورة الرعد: "الذين يوفون بعهد الله ولا ينفضون الميثاق ... فنعم عقبى الدار". الآيات: 19 - 24.
4 - ومثل خواتم سورة الفرقان: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ... حسنت مستقرا ومقاما". الآيات:62 - 76 ... إلى غيرها.
15) أهداف أبي اليقظان من التأليف.
لأجل كل هذا أهدف في كل ما كتبت من كتب ورسائل إلى الإنذار للكافرين والتبشير للمؤمنين، هذا هو هدفي الوحيد. فقد كتبت من ذلك رسالة عنوانها: 'أهدافي العليا بالعمل في هذه الحياة ' ورسالة أخرى في هذا المعنى بعنوان: 'فتح نوافذ القرآن' (1) ورسالة أخرى عنوانها "أشعة النور من سورة النور في الحجاب والسفور"، ورسالة أخرى عنوانها: 'سبيل المؤمنين البصير إلى الله ' فهي كلها مخطوطة إلا الأخيرة فهي مطبوعة.
بالتأمل في أمثال هذه الرسالة تجد أنها كلها تهدف إلى تغذية الإيمان في نفوس المسلمين "المؤمنين" وتحذر من الكفر والنفاق والإلحاد وسائر الكافرين والمنافقين.
بهذه المناسبة، سألني في عهد الاستعمار البائد أحد أعوانهم البارزين السيد البشير فرقاني، وهو من بلد جيجل، وكان أكبر خائن لوطنه حتى مات شرّ موتة، سألني موعزا من طرف رؤسائه وقال: إلى ما تهدف من حملاتك الصحافية العنيفة؟ إن كنت تهدف إلى منصب قائد نقيدك، وإن كنت تهدف إلى منصب قاض نسميك قاضيا، وإن كنت ترمي إلى راتب نعين لك راتبا، وإن كنت ترمي إلى نيشان نمنحك النيشان، ولكن بشرط أن تترك حملاتك جانبا. فأجبته قائلا: أنا لا أرمي بكل هذا شيئا من ذلك فرجع إلى رؤسائه بهذا الجواب فقال: ماذا
__________
(1) ـ مطبوع.
(1/26)
تريد إذا بهذه الجعجعة؟ فقلت: أريد الجنة؟ فقهقه حتى كاد يستلقي على قفاه. فرجع إليهم فقالوا له: قل له إن كنت تريد الجنة نصلك إليها في ليلة واحدة "يعني المشنقة".
وكان يتجسس في نادي الترقي كلما اجتمعت جمعية علماء المسلمين الجزائريين، فلما قام قائلا: أنا ذاهب إلى النادي فلم يكد يقوم من كرسيه حتى سقط من الكرسي بسقوط جنبه واحتملناه أنا والشيخ بيوض إلى منزله وبقي فيه لا حيا ولا ميتا إلى أن مضى عنه نحو عام فمات ولقي جزاءه.
أخي تصوّر أن لرجل غنما كان حريصا عليها يصونها من الجوائح كالذئب والريح والمطر والعطش ونحو ذلك، وفي ذات يوم هرولت من قفصها هائمة في طريق منحدر إلى هوة سحيقة فأخذت تنقلب أكداسا وأشتاتا في هوة سحيقة لا قعر لها "في جهنم" فكيف يكون صاحب ذلك الغنم؟ أفلا يجن جنونه؟ أنا صاحب الغنم، والغنم هي المسلمون فكيف يكون حالي معهم وأنا أرى مصائرهم أمام عيني. فهدفي كله موجه إلى صيانة الغنم من الذئاب شياطين الإنس والجن. فكل ما تحملت من اضطهاد وتضحية هو في هذا السبيل.
كل هذا وفي عمري نحو 85سنة. (لأن يهدي بك الله رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس) (1).
أخي، إن رسالتي هي إنسانية لا يقظانية ولا مذهبية. أنا إذا كتبت أو وعظت أوجه نصائحي ووعظي وإرشادي إلى كل المسلمين. فإنه يعلم الله كم يكون فرحي شديدا برجوع المسلمين إلى جادة الحق والإسلام، فكل فرد كنت أنا السبب في إنقاذه من النار كم يلحقني من فرح وسرور وبهجة بذلك، وكم يكون سروري عندما يسلم أي فرد من
__________
(1) ـ رواه الطبراني عن أبي رافع.
(1/27)
أفراد المسلمين من أن يحشروا في عرض النار ليقال إنه واحد ينجو إلى الجنة من 999 إلى النار عندما يضحك إبليس عليهم قائلا كما يقول عنه تعالى:
" وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب اَليم". الآية 22 من سورة إبراهيم.
الإسلام
ونظام المساجد في وادي ميزاب
بقلم
أبي اليقظان إبراهيم
1387هـ/ 1967م
(1/28)
/
مسجد ?ـرارة
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: فقد سألني بعض أبنائنا النبهاء أن أحرر رسالة وافية في نظام المساجد في وادي ميزاب، كما وضعت سابقا رسالة خاصة في نظام العشائر في وادي ميزاب على ما أنا فيه من صنوف العجز والشواغل الفكرية المتراكمة، ورغما عن هذا فقد رأيت من الواجب أن أجيب رغبته الملحة لأهمية الموضوع مستعينا بالله تعالى وراجيا منه التأييد والتوفيق إلى أقوم طريق وهو ولي التوفيق.
1) [فضل المسجد في الإسلام]
أما أمر المساجد في الإسلام فهو عظيم وعظيم جدا لأن المساجد في الأرض مثل الكواكب في السماء لإشعاع النور فيها و لإيصال أشعة أنوار الكواكب من السماء إلى الأرض، وهي مستشفيات العقول والأرواح والخلق كما أن المستشفيات الصحية لأمراض الأبدان.
(1/29)
وهي من جهة أخرى جسر للعبد المؤمن يمر به من سعادة الدنيا إلى سعادة الآخرة. ولهذا يقول الله في شأنها:
''إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر'' التوبة 18.
ويقول عليه السلام: من بنى لله مسجدا و لو مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة'' (1) وفي رواية '' بنى الله له قصرا في الجنة '' إلى غير ذلك.
2) [شروط بناء المساجد].
أما الشروط الأساسية العامة لبناء المساجد في الإسلام فهي كلها واحدة فيما نعلم وهي كما يلي:
1 - أن يكون البناء بنية المسجد ابتغاء وجه الله تعالى في أوان التأسيس توفيرا للثواب عند الله سبحانه.
2 - أن يكون في أرض حلال وبمال حلال وبمواد البناء من الحلال لا شائبة للغصب والحرام في شيء من ذلك.
3 - أن يتولى البناء مسلم لا مشرك.
4 - أن يكون في وسط البلد وفي مستوى من الأرض ليستوي الناس فيه قربا وبعدا وصلاة.
5 - أن يكون باتفاق خيار أهل البلد المسلمين وفي دار الإسلام (2).
3) [مميزات المسجد في وادي ميزاب]
__________
(1) ـ رواه ابن ماجه عن جابر.
(2) - انظر شرح النيل ج 2 - ص 711.
(1/30)
أما الأمور المميزة لمساجد قرى وادي ميزاب وهي لها كطابع خاص فبعضها يختص بشكل المعمار وبعضها بقواعد الإباضية في الطهارة وبعضها بنظام الإدارة وبعضها بالجنس اللطيف ... الخ.
(1/31)
وفيما يلي بيان ذلك موجزا:
1 - تمتاز مساجد القرى بوادي ميزاب بالبساطة في البناء وخلوها من الزخرف والنقوش، والتواضع في سقوفها بما يبعث الخشية من الله تعالى في القلوب.
وبسلامتها من نسبتها للأولياء و الأضرحة والصالحين لأنها بيوت الله خالصة لوجهه تعالى لا شائبة فيها لأي شخص كان حيّا أو ميتا وليا أو سلطانا. وبخلو بنائها جميعها من القبور أو اتصالها بأي قبر كان إلا ما شذ ونذر.
كما تمتاز ببناء صوامعها في شكل هرمي على أساس لا تزعزعها العواصف و الأحداث الجوية على مر القرون والعصور، ويراعى في بناء المسجد المرتفعات في قلب البلد.
2 - بناء ميضآت الطهارة والوضوء في جنب كل مسجد وفي منأى من نجاسة الخبثين "الطهور شطر الإيمان" (1)
3 - تمتاز بأن موظفيها من الشيوخ والمؤذنين والأئمة والمعلمين وغيرهم إنما يؤدون واجبهم لله تعالى لا يأخذون عليه أجرا إلا من الله لأنهم يعتقدون أن ما يقومون به عبادة لله تعالى ولا أجر على عبادة الله إنما أجرهم على الله إلا ما يفرقونه عليهم من وقف المسجد الذي يحبسه المحسنون ويعلقونه في أملاكهم عليه وقفا مؤبدا ينفذه أبناء الموصي مدى الأجيال المتعاقبة على مر العصور كما يأتي شرحه.
4 - تمتاز بأن إدارة هذه المساجد تسند إلى حلقة العزابة في كل بلد، فإلى حلقة العزابة يرجع الأمر كله في سائر التصرفات الدينية، فبيدها تعيين موظفيها على أساس الكفاءة وبيدها
__________
(1) ـ رواه مسلم والترمذي عن أبي مالك الأشعري.
(1/32)
عزل من رأت عدم كفاءته للأمر المنوط به لأنها أدرى بأهل بلدها وبمن يصلح منهم لوظيفته ... الخ .. وأمرهم في ذلك كله شورى بينهم وسيأتي تفصيل ذلك بحول الله.
وليس الشأن كذلك فيما يخص مساجد العالم الإسلامي لأن الأمور في ذلك ترجع إلى الحكومات المحلية بواسطة وزارة أوقافها عندها للفرق الجوهري المؤمي إليه سابقا.
5 - تمتاز المساجد في قرى ميزاب بتوابعها تحت إشراف حلقة العزابة وهي فيما يلي:
أولا: دار التلاميذ وهي دار يلحق بها من يعرض القرآن كله على إمام المسجد الرسمي عن ظهر قلب في شروط معروفة مبينة في غير هذا، وهي رتبة أساسية لمن يروم أن يتخذ سبيله إلى مزوالة العلوم والفنون.
وتعتبر هذه الدار للتلاميذ كمشتل لترشيح أعضاء حلقة العزابة، لخريجيها منزلة سامية خاصة لها مميزاتها بين العامة تنشيطا لحملة القرآن العظيم. ولهذه الدار وقفها الرسمي من بين وظائف المسجد.
ثانيا: - المحاضر- جمع محضرة- لتعليم الصبيان مبادئ القراءة والكتابة وإعدادها لحفظة القرآن يتولى إدارتها أحد أعضاء العزابة تحت إشراف العزابة. وهي عندنا مثل الكتاتيب في البلاد الإسلامية قبل حدوث المدارس الحديثة في هذا العصر، ولها وقفها كذلك خاص.
ثالثا: هيأة النساء الشهيرة بالغاسلات ولهذه الهيأة النسوية منزلة سامية في الإشراف على شؤون الأسر وسيرها في البلد تحت إشراف العزابة لمساعدة الحلقة في مهمتها العظمى من الأمر والنهي ومكافحة الإسراف والبدع والمناكر وضبط المتمردات منهن بإعلان حكم البراءة منهن على رؤوس الأشهاد بين حفلات الأعراس والمآتم ... الخ.
(1/33)
ولهن صلاحيات خاصة بالنساء كغسل الأموات منهن وتحقيق البلوغ والبكارة (1) ... الخ .. ويقع تعيينهن من حلقة العزابة من عقائل الأسر من ذلك البلد.
رابعا: - هيأة الحراس – وهذه الشهيرة باسم '' إيمسوردان'' هي بمنزلة الحراس للأمن العام مجانا تحت إشراف العزابة.
ولهذه الهيأة نظام خاص يبدو أنه مستقى من نظام الإنكشارية من العسكر التركي القديم في الجزائر وقد اعترفت إدارة الشرطة الحالية بوجودها رسميا بشروط لا محل لذكرها هنا.
4) الآثار العامة للمساجد في ميزاب:
من المعلوم أن للهيمنة الدينية للعزابة في وادي ميزاب في قلوب العامة من السكان من الآثار العظمى أشياء كثيرة يرجع الفضل فيها إلى المساجد، لما للمسجد من النفوذ الروحي في قلوب العامة ما لا يبلغه حاكم سام عام من المنزلة الرفيعة، فإن المسجد في البلد بمثابة الرأس المفكر من الجسد فإذا صلحت قيادة المسجد فيه صلحت قيادة البلد وإذا فسدت فسدت –لا قدر الله- بالتبع.
وأعظم مهمة لحلقة العزابة التي تشرف على مناحي الثقافة الدينية هي مهمة الأمر بالمعروف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق