الإنسان بين المبدأ والمصير لأحمد الخليلي - مكتبة أهل الحق والإستقامة

أحدث المشاركات

Post Top Ad

Post Top Ad

الاثنين، 10 يناير 2022

الإنسان بين المبدأ والمصير لأحمد الخليلي

 





الكتاب : الإمامة في الفقه الإسلامي (دراسة مقارنة) لعلي العبري
ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع
الإمامة في الفقه الإسلامي
( دراسة مقارنة )
د. علي بن هلال العبري
موقع واحة الإيمان
www.waleman.com
info@waleman.com
[*]الإهداء
[*]شكر وتقدير
[*]المقدمة
[*]أسباب اختيار الموضوع:
[*]المنهج الذي اتبعته في البحث:
[*]خطة البحث:
[*]الصعوبات التي واجهتني أثناء البحث:
[*]التمهيد الخلافة الإسلامية وتطورها
[*]أولا: عصر النبوة ونشأة الدولة الإسلامية
[*]ثانيا: عصر الخلافة الراشدة:
[*]ثالثاً: عصر الملك العضوض ونشأة المذاهب:
[*]ظهور الفرق والمذاهب الإسلامية::
[*]أ- نشأة المذهب الإباضي:
[*]ب- مسالك الدين عند الإباضية:
[*]المبحث الأول:التعريف بالإمامة وحكمها وتكييفها الشرعي
[*]المطلب الثاني حكم نصب الإمام
[*]المطلب الثالث :التكييف الشرعي لسلطة الإمام
[*]المبحث الثاني :خصائص نظام الإمامة والغاية منها المطلب الأول خصائص نظام الإمامة
[*]المطلب الثاني الغاية من الإمامة ومقارنتها بالنظام المعاصرة
[*]الفصل الثاني طرق تولية الإمام وعقد الإمامة
[*]المطلب الأول طريق الاختيار
[*]المطلب الثاني طريق الاستخلاف
[*]المطلب الثالث طريق القهر والغلبة
[*]المطلب الرابع طريق النص
[*]المطلب الخامس مقارنة طرق التولي ومدى صلاحيتها في العصر الحاضر في ضوء التجارب.
[*]المبحث الثاني عقد الإمامة
[*]المطلب الثاني الشروط الخاصة
[*]المطلب الثالث مراحل عقد الإمامة
[*]الفصل الثالث حقوق الإمام وواجباته
[*]المطلب الأول طاعة الإمام وعدم الخروج عليه
[*]المطلب الثاني الحماية والنصرة
[*]المطلب الثالث الحقوق المالية
[*]المطلب الرابع الوَلاية
[*]المطلب الخامس مقارنة طرق التولي ومدى صلاحيتها في .العصر الحاضر في ضوء التجارب
[*]المبحث الثاني واجبات الإمام المطلب الأول حماية الدين وتطبيق الشريعة الإسلامية
[*]الفرع الأول تطبيق الشريعة الإسلامية
[*]الفرع الثاني نشر الدعوة الإسلامية
[
(1/1)
*]الفرع الثالث حماية الدين والمحافظة عليه
[*]الفرع الرابع السياسة الخارجية للإمامة
[*]المطلب الثاني تنظيم الجهاز الإداري والمالي للدولة
[*]الفرع الأول تعيين المساعدين وكبار الموظفين
[*]الفرع الثاني توفير المرافق العامة
[*]الفرع الثالث تنظيم أموال الإمامة تحصيلاً وصرفاً
[*]المبحث الثالث المسئوليات المشتركة بين الإمام والأمة المطلب الأول النصيحة
[*]المبحث الثاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
[*]المطلب الثالث الشورى
[*]الفصل الرابع مدة ولاية الإمام وانتهاؤها المبحث الأول: مدة ولاية الإمام
[*]المبحث الثاني انتهاء ولاية الإمام
[*]المطلب الأول التنازل الاختياري »الاستقالة
[*]المطلب الثاني التنازل الإجباري »العزل
[*]الخاتمة
[*]الملخص
[*]قائمة المراجع
الإهداء
إلى
الألسن الشاكرة
والقلوب الذاكرة
والعيون الباكية
والعقول الباحثة
والأنفس المطمئنة
شكر وتقدير
بعد أن أكرمني الله ووفقي إلى إعداد هذا البحث أشكره سبحانه على ما أولى وأنعم،وأسأله الفلاح في الأولى والآخرة.
كما ويسرني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير، إلى شيخي الجليل الأستاذ الدكتور/ ياسين درادكه عميد كلية الشريعة، فأشكره أولاً على تفضله بالإشراف على هذه الرسالة، وأشكره ثانياً على نصائحه وإرشاداته، وتوجيهاته، وأشكره ثالثاً على الحرية التي أكرمني بها لإبداء رأيي، وتسجيل ما اختار في نظره وموقف.
كما أشكر العالمين الجليلين الدكتور/ ماجد أبو رخية رئيس قسم الفقه والتشريع، والدكتور/ خليل أبو عيد المدرس بقسم الفقه والتشريع على تفضلهما بالموافقة على قراءة البحث ومناقشته على ما جاء فيه من خطأ أو سهو أو زيادة أو نقصان، ورحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي.
كما أتقدم بالشكر والثناء إلى كل من مد إلي يد العون، والمساعدة والتشجيع المادي والمعنوي من علماء وأخوة وزملاء.
(1/2)
وأشكر كلية الشريعة بالجامعة الأردنية التي شرفتني بالدراسة في رحابها لنيل البكالوريوس سابقاً، ثم الماجستير، وإني أطمع أن أعود إليها إن شاء الله »والعود أحمد«.
وأخيراً أشكر جامعة السلطان قابوس التي أكرمتني بالموافقة على مواصلة الدراسة، ومن ثم العودة إلى رحابها لأداء الواجب الذي علي لديني، ولوطني، ولأمتي.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسله تترى، وأنزل كتبه تتلى، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، وقدوة الحاكمين، ونصير المظلومين، المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي عن الخلفاء الراشدين، وسائر الصحابة والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، ]رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي[([1]).
(1/3)
فقد جاء الإسلام خاتماً للرسالات، ومهيمناً عليها في وقت هوت فيه البشرية إلى أدنى دركات الانحدار في العقيدة والسلوك، وفي العبادة والتصور، حيث اختفت كلمة التوحيد من كوكب الأرض، وانطمست معالم الفطرة، وضربت الوثنية بجذورها في العقل البشري، وأصبحت البشرية تتخبط في ظلمات بعضها فوق بعض، مما جعل انتشالها من ذلك الواقع أمراً تنوء بحمله الجبال، وتتردد في النهوض به الإرادة الصلبة، وكان الأمر به –حقاً- »قولاً ثقيلاُ« ألقاه الحق تبارك وتعالى على رسوله e فقام عليه الصلاة والسلام بمهمة لا تعرف الكلل، وإرادة لا يعتريها الوهن، يبلغ رسالة ربه، وينشر العدل والإيمان بلسانه وسنانه، حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة، فالتحق بالرفيق الأعلى تاركاً أمته على ملة الإسلام، عقيدة خالصة، وشريعة خالدة، ونظاماً للحياة شاملاً، فيه إجابة على كل تساؤل، وحكماً لكل قضية، وحلاً لأية معضلة، ديناً قيماً، حوى بين تعاليمه نظاماً سياسياً لا تسلط فيه ولا استبداد، ونظاماً اقتصادياً لا أنانية فيه ولا استعباد.
ونظاماً اجتماعياً لا طبقية فيه ولا استذلال، يعلم الناس كيف يختارون حكامهم كما يعلمهم كيف يتخلصون من فضلاتهم، كيف ينامون، وكيف يجاهدون، كيف يعبدون، وكيف يعملون، فكان أن سعدت الأمة في ضلاله عدلاً وأمناً، ومساواة ورحمة، وتكافلاً وتناصراً، إلى أن بدت عرى الإسلام تنقض عروة عروة بسبب قساوة القلوب، وغلبة الهوى وحب الشهوات.
ومما لا شك فيه أن عروة الحكم كانت أول عروة تنقض يوم أن أطلت الفتنة برأسها، وحدث ذلك الصراع الدامي حول الخلافة والإمامة الذي أوقف المد الإسلامي من الانسياح في أطراف الأرض لفترة من الزمن، وزعزع الأمة من الداخل، وطمس معالم الطريق، وكان العدل والشورى أول ضحايا تلك الفتنة، واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، استبدل العلم بالظلم، والملك بالخلافة، والاستبداد بالشورى،.
(1/4)
هذا، وقد كان الصراع حول الحكم بعد الخلافة الراشدة بداية تفرق الأمة الإسلامية الواحدة إلى فرق ومذاهب، إذ أن الصراع المسلح الذي كان قائماً بين الأمويين وخصومهم (الشيعة، والخوارج والإباضية) قد واكبه –أو قل قد تمخض عنه- صراع فكري وعقيدي، وكان للإمامة وما يتصل بها من قضايا نصيب الأسد من ذلك الصراع والاختلاف، ثم التنظير والتقعيد، الأمر الذي وسع من هوة الخلاف بين الأطراف المتصارعة، وباعد ما بين أبناء الأمة الواحدة، وغدى كل حزب بما لديهم فرحون.
ومهما يكن من أمر فإن ذلك الاختلاف قد خلف لنا تراثاً فقهياً خصباً سواء فيما يتعلق بالإمامة حكماً وتكليفاً، أو ما يتعلق بالإمام شروطاً وحقوقاً وواجبات، وعلى الأمة –وهي تسعى للنهوض من جديد لتنفض عنها غبار الذل والمهانة وتفك من حولها قيود التخلف والتبعية- أن تقرأ تاريخها قراءة الباحث عن الحكمة، المعتبر بمن مضى وما مضى، وأن تستفيد من تراثها الفقهي، وتمحصه، وتزنه بميزان القرآن الكريم والسنة النبوية عل صاحبها أفضل الصلاة والسلام، لتنطلق إلى الله على بصيرة.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة طه: الآيات (25-28).
أسباب اختيار الموضوع:
وانطلاقاً من هذه الحيثية كان تفكيري ينساق حول الكتابة في فقه الإمامة، وقد تعزز هذا التفكير عندي بما يلي:
أ- أهمية الموضوع باعتباره يتناول جانباً عظيماً ونظاماً فريداً من أنظمة التشريع الإسلامي.
ب- المساهمة في إثراء المكتبة الإسلامية، ثم العالمية بسفر يحوي خلاصة من تجارب الأمة في اختيار قادتها والقائمين على شؤونها.
ج- دحض الشبهات وتفنيد الافتراءات التي يروجها الغرب وأذنابه، للنيل من صلاحية الإسلام وتشريعاته في السياسة والحكم، وما يتبع ذلك من صرف الأمة عن التفكير في مصدر قوتها وعزتها.
(1/5)
د- تبيين حقائق هذا الموضع وتنقية أحكامه، مما علق بها من شطحات، وتأويلات فاسدة، وذلك بعرضها على الكتاب والسنة مع الاستهداء بسيرة الخلفاء الراشدين، والأئمة المقتدين.
ه- لا يزال فقه الإمامة غير مستوف حقه من البحث والتحليل، وإن كان قد ظهرت محاولات موفقة لإزالة الغبار عن هذا الكنز الثمين من التراث الفقهي العظيم، إلا أنها محاولات اقتصرت على جانب منه، وبعضها اكتفى بدراسته من خلال مذهب أو بعض المذاهب الفقهية، فقد كتبت رسائل علمية، وألفت أسفار في فقه الإمامة عن السنة والإمامة عند الشيعة، ولم يكتب حتى الآن([1]) –حسب علمي واطلاعي- في فقه الإمامة عند الإباضية.
وقد حرصت أن تكون دراستي هذه دراسة فقهية مقارنة بين المذاهب السبعة (الإباضي، والحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والزيدي، والإمامي) مع الأخذ بعين الاعتبار آراء الفرق والمذاهب، التي لم يعد لها وجود حي، وإنما بقيت مبادئها واجتهاداتها؛ حيث أنه من الخطورة بمكان القول إن مذهباً ما قد استوعب كل مسائل الإمامة، وأحاط بها علماء وأنه في غنى عما لدى المذاهب الأخرى، فالحكمة ضالة المؤمن، والاقتصار على مذهب بعينه اقتراف جريمة مع سبق الإصرار في حق التراث الفقهي، والعقل الإسلامي بل ويعتبر عدواناً –كما يقول أستاذنا الدكتور محمد فتحي الدريني: »في (حق العلم) في شرع الله ورسوله، فضلاً عما يورث من التشتت والتنازع، والشقاق، والتعصب المقيت، وهذا محرم قطعاً، بل هو موقف من (مواقف الإثم الكبرى) لكونه مضاداً لقصد الشارع من إنزال الشريعة كلها جملة وتفصيلاً«([2]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) كان ذلك أثناء اختياري للموضوع، ثم وجدت بعد فترة أن بحثاً قد كتبه الأخ الإباضي الجزائري عدون جهلان، بعنوان: »الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء القطب« لاستكمال متطلبات الماجستير.
([
(1/6)
2]) الدريني (د. محمد فتحي): الفقه الإسلامي المقارن مع المذاهب، ص‍85.
المنهج الذي اتبعته في البحث:
وضعت لنفسي منهجاً أسير عليه وألتزم به منذ بداية تناولي لمادة البحث، ويتمثل فيما يلي:
أولاً: جمع مادة البحث من القرآن الكريم والسنة النبوية، وفقهها معتمداً في ذلك على أمهات كتب التفسير والحديث وشروحها.
ثانياً: جمع أقوال العلماء وآراء المذاهب من مصادرها، وإذا وجدت قولاً أو رأياً لعالم في مرجع ولم أتمكن من الرجوع إلى المصدر الأصلي ذكرت المرجع الذي اعتمدت عليه في المسألة وأشرت إلى المصدر.
ثالثاً: رجعت إلى المراجع الحديثة التي بحثت فقه الإمامة واستفدت منها استفادة كبيرة.
رابعاً: تجمعت لدي كمية ضخمة من مادة البحث، وحيث أن البحث مقيد بشروط ومواصفات فنية من حيث الحجم، اختصرت وحذفت كثيراً من المسائل والأدلة، واقتصرت على إبرازها وما لا ينبغي حذفه.
خامسا: توسعت في مناقشة بعض المسائل التي رأيت أنها بحاجة إلى تبيان وإيضاح، في حين آثرت الاختصار في المسائل التي هي محل اتفاق بين المذاهب، أو تلك التي من الوضوح بحيث لا يزيد البحث فيها إلا تطويلاً على حساب أخواتها.
سادساً: حرصت في إبداء رأيي الشخصي في بعض القضايا حيثما وجدت لذلك سنداً ودليلاً.
خطة البحث:
قسمت البحث إلى تمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة، ثم قسمت الفصول، إلى مباحث، هذه إلى مطالب، وفروع.
وفي الفصل الأول تناولت الإمامة تعريفاً، وحكماً، وتكليفاً، وخصائصا وغاية، وقسمته إلى مبحثين:
المبحث الأول: تعريف الإمامة، وحكمها، وتكييفها الشرعي، ووزعته على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الإمامة.
المطلب الثاني: حكم نصب الإمام.
المطلب الثالث: التكييف الشرعي لسلطة الإمام.
المبحث الثاني: خصائص نظام الإمامة والغاية منها، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: خصائص نظام الإمامة.
المطلب الثاني: الغاية من الإمامة ومقارنتها بالنظم المعاصرة.
(1/7)
وفي الفصل الثاني بحثت طرق تولية الإمام، وعقد الإمامة، ووزعته على مبحثين:
المبحث الأول: طرق تولية الإمام، وقسمته إلى مطالب:
المطلب الأول: طريق الاختيار.
المطلب الثاني: طريق الاستخلاف.
المطلب الثالث: طريق القهر والغلبة.
المطلب الرابع: طريق النص.
المطلب الخامس: مقارنة طرق التولية، ومدى صلاحيتها في العصر الحاضر في ضوء التجارب.
المبحث الثاني: عقد الإمامة، وقسمته إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الشروط العامة للعقد.
المطلب الثاني: الشروط الخاصة، وهي: شروط أهل الاختيار ثم شروط المرشح للإمامة.
المطلب الثالث: مراحل عقد الإمامة
الفصل الثالث: حقوق الإمام وواجباته، وقسمته إلى ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حقوق الإمام، وفيه المطالب التالية:
المطلب الأول: حق الطاعة.
المطلب الثاني: حق النصرة.
المطلب الثالث: الحقوق المالية.
المطلب الرابع: حق الولاية.
المبحث الثاني: واجبات الإمام، وذكرت منها الواجبات التالية:
المطلب الأول: حماية الدين وتطبيق الشريعة الإسلامية، وفيه تحدثت عن الواجبات التالية:
أولاً: تطبيق الشريعة الإسلامية.
ثانياً: نشر الدعوة الإسلامية.
ثالثاً: حماية الدين والمحافظة عليه.
رابعاً: السياسة الخارجية للإمامة.
المطلب الثاني: تنظيم الجهاز الإداري والمالي للدولة.
المبحث الثالث: المسئوليات المشتركة بين الإمامة والأمة، وقسمته إلى ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: النصيحة.
المطلب الثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المطلب الثالث: الشورى.
الفصل الرابع: مدة ولاية الإمام وانتهاؤها، وقسمته إلى مبحثين:
المبحث الأول: مدة ولاية الإمام.
المبحث الثاني: انتهاء ولاية الإمام، وتناولت ذلك في مطلبين.
المطلب الأول: التنازل الاختياري »الاستقالة«.
المطلب الثاني: التنازل الإجباري »العزل«.
وختمت البحث بخاتمة أوجزت فيها ما توصلت إليه من آراء واستنتاجات.
الصعوبات التي واجهتني أثناء البحث:
(1/8)
لابد وأن يصطدم الباحث أثناء بحثه بصعوبات ومشكلات، ربما لم تخطر على باله وقت اختيار الموضوع، ومع ذلك فإن تلك الصعوبات تجعل للبحث قيمة، وفي التغلب عليه راحة، وفي ثمرتها حلاوة.
ولولا أن الباحثين قد تعارفوا على ذكر ما يواجهون من صعوبات، وما يتحملون في سبيل تذليلها من جهد وعناء؛ لما ذكرتها، ولآثرت نسيانها لتكون ذخراً لي عند ربي سبحانه وتعالى، وإني أسأله سبحانه أن لا ينقص من أجري شيئاً إذا قلت بأنني واجهت صعوبتين اثنتين:
الأولى: الموائمة يبن ضخامة الموضوع وسعته، وبين شروط ومواصفات الرسالة، فليس من السهولة بمكان أن يستوعب الباحث فقه الإمامة من خلال دراسة مقارنة في الحجم المشروط، ومع ذلك لخصت ولخصت، ثم أوجزت وأوجزت، في سبيل الالتزام بالمساحة القانونية، بحيث لم يبق –حسب اجتهادي- في مادة البحث، ما يحتمل الحذف أو الإيجاز.
الثانية: تشتت مادة البحث ومفرداته في كتب العقيدة، والفقه وأصوله، والتفسير، والحديث، والسير، والتاريخ، والأدب، فقد كان فقهاء المذاهب، وعلماء الشريعة –جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً- يتناولون مسائل الإمامة من جوانب عدة، الأمر الذي جعل فقهها يتوزع على جميع كتب العلوم الإسلامية، وبالتالي فإن جمع تلك المسائل يستغرق وقتاً طويلاً، ويتطلب جهداً كبيراً.
ولله الحمد أولاً وآخراً، فقد أعانني سبحانه على تجاوز تلك المفاوز، ووفقني إلى إتمام البحث، كما كان لصبر وحلم شيخي وأستاذي الأستاذ الدكتور/ ياسين درادكه ولتشجيعه الدافع الكبير والأثر العظيم في ذلك.
وأسال الله سبحانه أن يتجاوز عن سيئاتي، وما وقع مني في هذا البحث من خطأ أو سهو أو نسيان، وأن يتقبله مني، ويجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
اللهم إنا نسألك عيش السعداء، وموت الشهداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
(1/9)
التمهيد الخلافة الإسلامية وتطورها
قامت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة علي يد رسول الله صاى الله عليه وسلم - ومرت بأدوار وعصور مختلفة, ويمكننا القول أنها مرت منذ نشأتها بثلاثة عصور هي, عصر النبوة ونشأة الدولة, وعصر الخلافة الراشدة , وعصر الملك العضوض.
أولا: عصر النبوة ونشأة الدولة الإسلامية
بعث الله سبحانه وتعالى نبيه ورسوله محمدا – صلى الله عليه وسلم إلى الناس, وقد عمت معالم الجاهلية أرجاء المعمورة , وغدا الناص في ضلا بين »يعبدون الأوثان, ويطيعون الشيطان, ويموجون في سكرة, ويعمهون في فترة من أمور شتى وأديان متفرقة, يقتل بعضهم بعضا, ويسبي بعضهم بعضا«([1])
هب عليه الصلاة والسلام لتبليغ الرسالة, وأداء الأمانة, فدعا الناس إلى عبادة الواحد الأحد, وتنزيهه عن الشرك والمثل, وصدع بكلمة التوحيد والرسالة, وهي »لا اله إلا الله محمد رسول الله«, فقامت قائمة قريش ورأت أن ما كانت تتمتع به بين العرب من نفوذ ومكانة بات مهددا([2]), فوقفت ذلك الموقف المشين في وجه صاحب الرسالة والذين آمنوا معه, واستعملت كل وسائل التعذيب الجسدي والنفسي([3]) للقضاء على الدعوة ومن آمن بها, ووصل الأمر بقريش إلى تدبير محاولة جماعية لتصفية رسول الله صلى الله عليه وسلم جسديا([4]), بعد أن عجزت أساليب الترغيب والترهيب عن وقف انتشار الإسلام في بيوتات مكة وما حولها.
ولما يئس صلى الله عليه وسلم من إيمان قريش واستجابة زعمائها لدعوته, شرع في البحث عن أرض تكفل للجماعة المؤمنة حياة أكثر أمنا, وللدعوة قدرة علة الظهور والانتشار, فكانت الهجرة الأولى إلى الحبشة([5]), ثم كانت المحاولة الثانية في طرق أبواب الطائف([6]), حيث تسكن قبيلتا ثقيف وهوازن, اللتان رجا عليه الصلاة والسلام منهما قبول الدعوة, وتوفير النصر والحماية إلا إن أهل الطائف كانوا أشد عليه عداوة ممن سواهم, وردوه ردا قبيحا.
(1/10)
استمر عليه الصلاة والسلام يعرض دعوته على قبائل العرب أثناء موسم الحج والقبائل تصد عنه بسبب الدعاية المكثفة, والتشهير القبيح من جانب قريش ضده وضد دعوته([7]).
وقبل الهجرة إلى المدينة بشهور تكللت جهوده صلى الله عليه وسلم بالتوفيق حيث التقي الرسول في موسم الحج بوفد قبيلتي الأوس والخزرج فعقد معه بيعه »العقبة الكبرى«([8]), والتي بها بدأت معالم الدولة الإسلامية ترتسم في الأفق, وأصبح بإمكان المؤمنين المستضعفين في مكة أن يهاجروا بدينهم إلى المدينة المنورة.
وعندما أذن الله سبحانه لرسوله e بالهجرة, ووصل إلى المدينة المنورة, بدأت »مؤسسات الدولة« بالظهور, فبنى المسجد([9]), وآخى بين المهاجرين والأنصار([10]), وأنشأ سوقا للمسلمين حررهم من سيطرة اليهود الاقتصادية([11]) كما كتب علية الصلاة والسلام دستورا ينظم العلاقة بين المسلمين أولا, ثم بينهم وبين الطوائف غير المسلمة التي كانت تقطن المدينة المنورة, وقد عرف ذلك الدستور باسم »الصحيفة«([12]).
ولما تكد تمضي سنة على هجرته صلى الله عليه وسلم حتى بدأت بإرسال الطلائع والسرايا إلى المناطق الواقعة بين مكة والمدينة لاستكشاف أخبار العدو, ولبث الرعب والقلق في صفوف قريش([13]).
واستمر عليه الصلاة والسلام في القيام بالمهمة التي اقتضتها طبيعة الرسالة, وهي التبليغ ودعوه الناس إلى الإسلام باللسان والسنان, كما كان يقوم في الوقت نفسه بمهمة الحاكم والقائد للدولة الإسلامية.
وبعد ثلاثة وعشرين عاما قضاها منذ بدء البعثة مبلغا, وداعيا, وحاكما, وقائدا, وأصبح للإسلام كيان ودولة, التحق صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى, تاركا للمؤمنين من بعده مهمة نشر الإسلام, وإخراج الأنام من دياجير الشرك والهوى, إلى نور التوحيد والهدى فكانوا بحق ]خير أمة أخرجت للناس[([14]).
--------------------------------------------------------------------------------
([
(1/11)
1]) القلهاتي (الشيخ محمد بن سعيد الأزدي): الكشف والبيان: 2/113.
([2]) حسن (حسن إبراهيم): تاريخ الإسلام: 1/82، ط7.
([3]) أنظر: ابن إسحاق: السير والمغازي، ص‍156، 159، 190-196، ابن هشام: السيرة النبوية: 2/9 وما بعدها، حسن إبراهيم: تاريخ الإسلام: 1/82-83.
([4]) أنظر: ابن هشام: السيرة النبوية: 2/122.
([5]) المرجع السابق 2/5، قطب (سيد): في ظلال القرآن: 1/29، ابن هشام: السيرة 2/67، أبو فارس (د. محمد عبدالقادر): النظام السياسي: ص‍136.
([6]) ابن هشام: السيرة 2/67، أبو فارس (د. محمد عبدالقادر): النظام السياسي: ص‍136.
([7]) ابن هشام: السيرة: 2/71 وما بعدها.
([8]) المرجع السابق: 2/86 وما بعدها.
([9]) المرجع السابق: 2/138.
([10]) المرجع السابق: 2/146.
([11]) أبو فارس: النظام: 142.
([12]) ابن هشام: السيرة: 2/143، أبو فارس: النظام: ص‍106.
([13]) ابن هشام: 2/233-242، ابن سعد: الطبقات: ص‍30712.
([14]) سورة آل عمران: الآية (110).
ثانيا: عصر الخلافة الراشدة:
خلافة أبي بكر رضي الله عنه:
ما كاد الصحابة –رضوان الله عليهم– يستفيقون من الصدمة الأولى التي حلت بهم ساعة إعلان وفاة النبي, وانقطاع الوحي, حتى وجدوا أنفسهم أمام مشكلة عويصة، وهي اختيار خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم إذ غدت الدولة الإسلامية مفتقرة إلى قائد وحاكم، يواصل أداء مهمة الحكم وتطبيق الإسلام، وقيادة الأمة.
وكان الأنصار أول من اهتم بهذا الأمر، ولعل مبعث ذلك هو »الموقف التاريخي الذي سجلته قبيلتا (الأنصار) ([1]) إلى جانب النبي في وقت نبذه حتى الأقربون«([2])، حيث كانت أرضهم وديارهم دار الهجرة، ومنطلق جيوش الفتح فأرادوا أن تكون الإمامة فيهم، فتداعوا إلى سقيفة »بني ساعدة« يتقدمهم سيد الخزرج، سعد بن عبادة للتشاور ثم اختيار خليفة للرسول.
(1/12)
وفي تلك الأثناء كان المهاجرون في بيت النبوة مشتغلين بتجهيز الجسد الطاهر، إلا أن وصول الخبر إليهم باجتماع الأنصار صرف اهتمام بعضهم عما هم فيه، فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة إلى السقيفة، وهناك دار حوار ونقاش بين الأنصار من جهة والمهاجرين الثلاثة من جهة أخرى كل يدلي بحجته ويقرر أحقيته بمنصب الخلافة، وبعد حوار ساخن اتسم بالشدة كاد أن يعصف بمن في السقيفة([3])؛ بادر عمر بن الخطاب مبايعة أبي بكر الصديق، تلاه أبو عبيدة ثم بشير بن سعد الأنصاري، وما لبث أن بايعه جميع من حضر الاجتماع إلا سعد بن عبادة؛ الذي رفض البيعة لأبي بكر، ثم لعمر بعد وفاة أبي بكر إلى أن توفي في خلافة عمر بالشام([4]).
وفي المسجد بايع المسلمون أبا بكر رضي الله عنه البيعة العامة([5])، خطب بعدها خطبة حدد من خلالها معالم السياسة التي سيسير عليها في الحكم، والعلاقة التي تربط الخليفة بالأمة من وجوب السمع والطاعة للخليفة، والتعاون معه في القيام بأعباء الحكم، وتصويبه إذا أخطأ في عمله([6]).
وهكذا استطاع تلاميذ النبوة أن يجتازوا الأزمة السياسية، ويحملوا الرسالة وينشروا الهداية، وينجحوا في أول امتحان يواجهونه بعد انقطاع الوحي مباشرة([7]).
خلافة عمر t:
(1/13)
ما إن أحس أبو بكررضي الله عنه بدنو أجله بسبب المرض الذي ألمّ به في آخر حياته، حتى بادر إلى استباق الأحداث التي يتوقع حدوثها بعد وفاته، حيث لابد من خليفة يخلفه من بعده، وربما تعود قصة السقيفة إلى الظهور مرة أخرى، ولتجنب حدوث ذلك جمع كبار المهاجرين والأنصار وقال لهم: »إنه قد نزل بي ما ترون، ولا أظني إلا لمماتي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي، وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم، فأمرموا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم عليكم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي«([8])، ففوضوا الأمر إليه، فطلب مهلة حتى ينظر ويستشير([9])، فوقع اختياره على عمر رضي الله عنه، وبعد أن استشار كبار الصحابة في اختياره ووافقوه على ذلك؛ دعا بعثمان لكتابة عهد الاستخلاف، ثم أمر كاتبه أن يقرأه عليهم ليتأكد من موافقتهم ورضاهم فكان الذي أراد([10]).
وبعد وفاة أبي بكر بايع المسلمون عمر بالخلافة فسار بسيرة صاحبيه –رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر- ونَعِمَ المسلمون في خلافته بالأمن والعدل، وتوسعت رقعة الدولة الإسلامية في عهده، وانتشر الإسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.
خلافة عثمان t:
ولما طعن أبو لؤلؤة المجوسي الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بخنجره المسموم طلب الصحابة من الخليفة أن يستخلف عليهم يحث رأوا في اختيار الخليفة قبل موت الخليفة القائم راحة للمسلمين، وقطعاً لدابر الاختلاف، إلا أن الخليفة أظهر تردداً([11]) ثم إنه استجاب لمطلبهم ورشح ستة من كبار الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ؛ علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف([12])، وضم إليهم عبدالله بن عمر على أن لا يلي المر وإنما يشترك في المشاورة فقط([13])، وبعد وفاة عمر اجتمع المرشحون الستة، واستمرت المشاورات ثلاثة أيام، انتهت باختيار عثمان بن عفان، فعقدت له البيعة بإجماع المسلمين([14]).
(1/14)
استمرت خلافة عثمان اثنتي عشرة سنة تقريباً([15])، كانت السنوات الست الأولى سنوات أمن واستقرار، ثم بدأ تظهر من بعض ولاة الأمصار والمعاونين أمور اعترض عليها الناس، وأثارت البلبلة والاضطراب في الأمة، وعندها أراد الناقمون على الخليفة تصحيح الأوضاع، وإعادة الأمور إلى نصابها، اعترض المقربون من الخليفة، مما أدى إلى تدهور الأمور، وتصاعد حدة الخلاف، مما حمل الثائرين على محاصرة الخليفة في داره مطالبين اعتزال الخلافة أو الاستجابة للمطالب([16]).
خلافة علي كرم الله وجهه:
بعد مقتل الخليفة الثالث فزع المسلمون إلى أبي الحسن علي بن أبي طالب طالبين منه استلام مقاليد الإمامة والخلافة، وبعد تردد واعتراض منه، وإلحاح بالقبول من بقية الصحابة وافق على ذلك، وعقدت له بيعة الإمامة برضا من أهل الشورى والمهاجرين والأنصار ووفود الأمصار([17]).
استلم الإمام علي كرم الله وجهه قيادة الأمة، ودفة الحكم، والأمور في اضطراب شديد، والناس في فرقة واختلاف، فقد خرج عليه طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فوقعت بينه وبينهم وقعة »الجمل«([18])، ثم خرج عليه معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام بحجة الثأر لدم عثمان، فكانت وقعة »صفين«([19])، التي انتهت بخدعة »التحكيم«([20])، الشهيرة بعد أن لاحت بشائر النصر للإمام وجنده.
ثم كانت وقعة »النهروان«([21]) بين الإمام علي والمحكمة الذين رفضوا التحكيم بقيادة الإمام عبدالله بن وهب الراسبي([22])، وانتهت بانتصار الإمام علي.
وباغتيال الخليفة الرابع علي بن أبي طالب على يد عبدالرحمن بن ملجم([23]) انتهى عهد الخلافة الراشدة، وأصبحت الأمة منقسمة إلى ثلاث كتل:
الأولى: كتلة معاوية بن أبي سفيان الذي رأى في اغتيال الإمام علي إزاحة أكبر صخرة تقف في وجه طموحه السياسي.
(1/15)
الثانية: شيعة الإمام علي الذين بايعوا ابنه الحسين بعد وفاته إلا أن الحسن تنازل عن الأمر لمعاوية عام 41ه‍ على أن يتولى الأمر من بعده([24]).
الثالثة: المحكمة الذين بقوا بعد معركة »النهروان« واستمروا على معارضتهم لمعاوية ومنهجه في الحكم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الأوس والخزرج.
([2]) بيضون (إبراهيم): تكون الاتجاهات السياسية في الإسلام الأول: ص‍13.
([3]) أنظر أخبار السقيفة وبيعة أبي بكر t في: صحيح البخاري بفتح الباري: 13/14، ابن هشام: السيرة: 4/308، الطبري (محمد بن جرير): تاريخ الأمم والملوك: 2/242 ما بعدها.
([4]) المراجع السابقة: ابن سعد: الطبقات: 3/616.
([5]) الطبري: تاريخ: 2/237.
([6]) ابن هشام: السيرة: 4/228.
([7]) الطبري: تاريخ: 2/245.
([8]) الكاندهلوي (محمد يوسف): حياة الصحابة: 2/19.
([9]) المرجع السابق: الطبري: 2/352.
([10]) الطبري: تاريخ: 2/352-353.
([11]) قال: »إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني –يعني أبا بكر- وإن أترك فقد ترك من هو خير مني –يعني الرسول e- لا أتحملها حياً وميتاً«، السير والجوابات لأئمة وعلماء عمان: 1/99.
([12]) ابن سلام الإباضي: الإسلام وتاريخه: ص‍125، الطبري: تاريخ: 2/580.
([13]) البخاري: الصحيح بفتح الباري: 7/61، الطبري: المرجع السابق: 2/581.
([14]) الطبري: المرجع السابق.
([15]) المحب الطبري: الرياض النضرة في مناقب العشرة: 3/76، وانتهى الحصار بقتل الخليفة الثامن في ذي الحجة سنة 35 للهجرة.
([16]) أنظر أحداث الفتنة في: القلهاتي: الكشف: 2/225، الطبري: تاريخ: 2/661-679.
([17]) القلهاتي: الكشف: 2/225، الطبري: تاريخ: 2/696.
([18]) أنظر: الطبري: 3/39 وما بعدها، 82، 85، أبي الفداء الحافظ ابن كثير: البداية والنهاية: 4/241-299.
([19]) نفس المرجع.
([20]) نفس المرجع.
([
(1/16)
21]) نفس المرجع.
([22]) يعتقد المحكمة أن الإمام علي بن أبي طالب قد خرج من الإمامة بقبوله مبدأ التحكيم وبالتالي أصبح منصب الإمامة شاغراً، فبادروا إلى اختيار عبدالله بن وهب الراسبي إماماً للمسلمين، وطالبوا الإمام علي بالدخول في طاعته. أنظر: القلهاتي: الكشف: 2/239.
([23]) الطبري: تاريخ: 3/156.
([24]) المرجع السابق: 3/164، 165.
ثالثاً: عصر الملك العضوض ونشأة المذاهب:
الدولة الأموية:
يمثل استيلاء معاوية على الحكم –بعد موت الإمام علي ثم تنازل ابنه الحسن عن الإمامة- بداية الملك العضوض الذي عمل معاوية على ترسيخه، وتثبيت قواعده بكل ما أوتي من دهاء وحنكة، وحلم، وحكمة، مستخدماً في سبيل ذلك وسائل الترغيب والترهيب([1])، ثم توج أعماله في القضاء على نظام الشورى في الحكم، باستحداث نظام الوراثة، فأخذ البيعة لولده يزيد بأسلوب قاس عبر عنه بنفسه، إذ قال لولده يزيد وهو يوصيه: »يا بني إني كفيتك الرحلة والترحال، ووطأت لك الأشياء، وذللت لك الأعداء، وأخضعت لك أعناق العرب..« ([2]).
(1/17)
وحقيقة الأمر إن مظاهر الخلافة وقواعد الحكم قد تغيرت في العهد الأموي إلى نمط مغاير تماماً لما كان عليه الخلفاء الراشدون سواء في تسيير دفة الحكم، أو في معيشة الخلفاء، أو في العلاقة بين الأمة والحاكم، »فبعد أن كان الخلفاء الراشدون للناس كافة لا يمنعهم دون الخليفة حجاب، ولا يصدهم عنه باب؛ وجد في العهد الأموي الحجاب والمقاصير في المساجد الجامعة.. وبعد أن كان الخلفاء بعيدين عن مظاهر الترف يجتزئ أحدهم بأقل مما يجتزئ به الضعفاء من رعيتهم، ويتمنى بعد ذلك أن يخرج من الدنيا كفافاً لا عليه ولا له؛ صرنا نرى بني مروان قد انغمسوا في الترف، فاختيرت لهم الألوان، وتبسطوا بما لذ وطاب، فسمعوا الأغاني من القيان؛ كما يروى عن يزيد بن عبدالملك وابنه الوليد، وبعد أن كانت الخلفاء تختار من بيوت متعددة؛ رأينا الخلافة في هذه الدولة قد انحصرت في بيت واحد، يختار كل خليفة ولي عهده من أهل بيته؛ إما ابنه أو أخاه، أو ابن عمه، شأن الملك العقيم..« ([3]).
فكان من نتيجة ذلك أن قامت ثورات متعددة، وحركات معارضة([4])، متفاوتة في القوة والضعف، ومتغايرة في المبادئ والأساليب، إلا أنه يجمعها هدف واحد؛ وهو إسقاط الزعامة الأموية.
وقد كان هناك بصيص من الأمل بدأ يسطع في سماء الأمة الإسلامية وذلك عندما تولى الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز مقاليد الإمامة والخلافة، وسار سيرة »راشدية« في حياته الخاصة، وعلاقته مع الناس، وكادت شمس الخلافة الراشدة أن تبزغ ثانية، لولا حب الملك والتعلق بالدنيا الذي تعمق في قلوب الأمويين، الأمر الذي عجل سقوط الدولة الأموية بعد واحد وتسعين عاماً من قيامها([5])، لتقوم بعدها الدولة العباسية.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) رضا (الشيخ محمد رشيد): الخلافة: ص‍52، المودودي: الخلافة: ص‍113-115.
([
(1/18)
2]) الطبري: تاريخ: 3/160، وانظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: (3/349) وما بعدها، لتقف على أحداث وتفاصيل البيعة بولاية العهد من كبار الصحابة وزعماء القبائل والأمصار.
([3]) محمد الخضيري بك: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية: الدولة الأموية: 2/209.
([4]) أنظر: الأشعري: (الإمام أبو الحسن): مقالات الإسلاميين: ص‍75-85، ص‍128-131.
([5]) من سنة 41ه‍-132ه‍. السيوطي: (عبدالرحمن بن أبي بكر): تاريخ الخلفاء، ص‍222، 927.
ظهور الفرق والمذاهب الإسلامية:
شهد العصر الأموي ظهور الفرق والمذاهب التي كان لها أثر في فقه الإمامة وتطوره، ولا يخفى أن سبب نشوء تلك الفرق والمذاهب هو الخلاف حول الخلافة والإمامة، بيد أنها لم تكن في بداية تكوينها، تعرف بالمذاهب »لأن المذاهب يقتضي أن يتكون من منهاج علمي لفريق من الدارسين والباحثين، يبينون فيه أصولاً لتفكيرهم متميزة واضحة، ثم يكون لكل منهاج طائفة أو مدرسة تعتنق هذه الأصول، وتدافع عنها، وتقويها بموالاة البحث والدراسة«([1]) وهذا ما لا نلاحظه في المرحلة الأولى التي يتكتل خلالها الأفراد، لاتفاقهم في وجهة نظر معينة، أو موقف بسبب ظرف من الظروف، وانطلاقاً من هذا الاعتبار، وفي ضوء هذه النظرة فإننا لن نتحدث الفرق التي انقرض أتباعها وبقيت مبادؤها في الكتب، وإنما نقتصر على المذاهب التي لها وجود في عصرنا الحاضر، اختصاراً للزمن وإيجازاً في العرض، والمذاهب التي سنعرف بها الشيعة والإباضية.
أولاً: الشيعة:
(1/19)
يرى علماء الشيعة أن بذرة التشيع قد غرست في عصر النبوة، مستشهدين على ذلك بالآيات والأحاديث التي نزلت –بزعمهم- في علي وبنيه([2])، ويرون أن السبب في عدم ظهوره حتى عصر الخليفة الرابع –كرم الله وجهه- هو استقامة من سبقه من الخلفاء، فلم يكن هناك من سبب يدعو إلى ذلك »لأن الإسلام كان يجري على مناهجه القويمة«([3])، وإنما بدأ بالظهور لما امتنع معاوية عن البيعة لعلي وقاتله في صفين.
ومهما يكن من أمر، فإن التشيع قد ظهر بصورة أوضح، وازداد نمواً وتعمقاً بعد الإمام علي، فكان كلما تمادى الأمويين في إيذاء آل البيت وشيعتهم؛ ازداد معنى التشيع تعمقاً وغلواً، وأخذ الشيعة يضفون على أئمتهم من التقديس والثناء، والفضل، بمقدار ما ينالون من شتم وطعن وإيذاء([4]).
وإذا كانت الشيعة قد لاقوا العيش المر في عصر الأمويين، الأمر الذي حملهم على التعاون مع العباسيين للقضاء على العدو المشترك –الأمويين- إلا أنهم لم يسلموا من أبناء عمهم أيضاً؛ إذ سار العباسيون على نهج من سبقهم فـ»تتبعوا الذراري العلوية من بني عمهم، فقتلوهم تحت كل حجر ومدر، وخربوا ديارهم، وهدموا آثارهم«([5])، الأمر الذي دفعهم إلى التخفي والتستر، والعمل بالتقية في القول والفعل، هذا، وقد انقسم الشيعة إلى فرق كثيرة([6])، لكل فرقة أصولها، وآراؤها، والذي يهمنا من هذه الفرق فرقتان، هما الإمامية والزيدية.
أ- الشيعة الإمامية:
فقد سميت بهذه الاسم لقولها بإمامة الأئمة الإثني عشرية، ويسمون أيضاً بالجعفرية نسبة إلى الإمام جعفر الصادق([7]).([8])، هم يرون الإمامة أصلاً من أصول الدين، ويجعلونها في مرتبة النبوة([9])، لهذا تراهم يحصرون الإمامة في الأئمة الإثني عشر([10])، الذي يعقتدون أن النبي قد نص عليهم وأوصى بالإمامة لهم.
ب- الزيدية:
(1/20)
أتباع([11]) الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي خرج على الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك سنة 122ه‍، فالتف حوله عدد كبير من الشيعة إلا أنهم تفرقوا عنه بعد أن رفض التبرؤ من الخليفتين أبي بكر وعمر، وقال: »ما سمعت أحداً من أهل بيتي تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلا خيراً«([12]) قاتل الأمويين بمن بقي معه، حتى استشهد([13])، هذا، ويرى الزيدية أن تسميتهم بهذا الاسم قد جاءت من خصومهم بني أمية، ولم يطلقوها هم على أنفسهم، ولكنهم رضوا بها فيما بعد، وصارت لديهم اسماً لأئمة أهل البيت ومن تابعهم في الاعتقاد([14])، الذي يعتقدونه وهو القول بـ»العدل والتوحيد، والقول بإمامة زيد بن علي.. ووجوب الخروج –الثورة- على الظلمة، واستحقاق الإمامة بالفضل والطلب، لا بالوراثة، مع القول بتفضيل الإمام علي كرم الله وجهه، وأولويته بالإمامة، وقصرها من بعده في البطنين الحسني والحسيني«([15]) أي أبناء الحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
ثانياً: الإباضية:
تعود نشأة المذهب الإباضي إلى أوائل النصف الثاني من القرن الأول الهجري، حيث بدأ في مدينة »البصرة« كحركة إصلاحية، وتنظيم سياسي بقيادة شخصيات من كبار التابعين، آلمها الحال الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية من الابتعاد عن منهج الخلافة الراشدة في السياسة والحكم، وتدبير مصالح الأمة، ورأت أن لا خلاص من ذلك إلا بالعودة إلى النهج الراشدي في اختيار الإمام وممارسة صلاحياته، وكان على رأس تلك الحركة ثلاث شخصيات يعود إليها الفضل في تأسيس الحركة، وبلورة أفكارها، ومبادئها، وهذه الشخصيات هي: أبو بلال مرداس بن حدير التميمي، وعبدالله بن أباض، والإمام جابر بن زيد الأزدي.
وحيث إن تاريخ المذهب الإباضي من حيث نشأته وبدايته لا يزال مجهولاً عند أكثر المهتمين بالدراسات المقارنة، فإننا سنتحدث في لمحة سريعة عن بداية تكوين المذهب على يد الشخصيات السالفة الذكر.
(1/21)
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أبو زهرة (الشيخ محمد): تاريخ المذاهب الإسلامية: ص‍23.
([2]) كاشف الغطا (الشيخ محمد الحسين): أصل الشيعة وأصولها، ص‍53.
([3]) المرجع السابق ص‍59.
([4]) كاشف الغطا: المرجع السابق: ص‍63.
([5]) المرجع السابق: ص‍65.
([6]) أنظر: النوبختي (الحسن بن موسى): فرق الشيعة.
([7]) جعفر بن محمد بن علي، الملقب بالصادق (80-148ه‍)، سادس الأئمة الإثني عشرية عند الإمامية، له منزلة رفيعة في العلم والفضل، له (رسائل) مجموعة في كتاب، ورد ذكرها في »كشف الظنون«، ولد وتوفي بالمدينة المنورة. الأعلام للزركلي: 2/126.
([8]) عتوم (محمد عبدالكريم): النظرية السياسية المعاصرة للشيعة؛ ص‍26.
([9]) سورة القصص: الآية (68).
([10]) كاشف الغطا: المرجع السابق: ص‍73.
([11]) وهم على الترتيب: الإمام علي، الحسن، الحسين، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، محمد بن الحسن. عتوم: النظرية السياسية: ص‍32.
([12]) أبو زهرة: المذاهب الإسلامية: ص‍44.
([13]) المرجع السابق: ص‍657 وما بعدها.
([14]) المرجع السابق: ص‍657 وما بعدها.
([15]) الفضيل (علي عبدالكريم): الزيدية نظرية وتطبيق: ص‍2012، المرجع السابق: ص‍11.
أ- نشأة المذهب الإباضي:
(1/22)
كان أبو بلال ممن اشترك في واقعة »النهروان« مع المحكمة([1])، وبعد الهزيمة التي ألحقها بهم الإمام علي انتقل أبو بلال وجماعته إلى البصرة([2])، وقرروا انتهاج سبيل المعارضة السلمية، والدعوة بالحوار والإقناع، من غير أن يشهروا سلاحاً، فكانت دعوتهم تسري بين الناس بشكل سريع جعل عبيدالله بن زياد والي العراق (55-64ه‍) يقول: »كلام هؤلاء –أبو بلال وجماعته- أسرع إلى قلوب الناس من النار إلى اليراع«([3])، مما حمله على ملاحقتهم، وحبسهم وقتلهم([4])، وكان لا يترك لهم أي فرصة لطرح أفكارهم بطريقة علنية، الأمر الذي اضطرهم إلى الاختفاء وترك المناقشات العامة، والحوار العلني، واقتصروا على اللقاءات الخاصة في سراديب([5])، تحت الأرض أو في بيوت العجائز، يأتونها في هيئة النساء والتجار([6]).
إلا أن الوالي الأموي لم يكف عن حبس وقتل كل من يلقى القبض ليه فرأى أبو بلال أن البقاء في البصرة يعرض الجماعة للإبادة، والحرك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

عن الموقع

author مكتبة أهل الحق والإستقامة <<   مكتبة أهل الحق والإستقامة..موقع يهتم بنشر الكتب القيمة في مختلف الجوانب (فقه..عقيدة..تاريخ...الخ) عند المذهب الإباضية من نتاج فكري.

أعرف أكثر ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *