عنوان الكتاب: آرَاءُ الشَّيخِ امحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ اطْفِيَّشْ العَقَدِيَّة
(1238 - 1332هـ / 1821 - 1914م)
المؤلف: مصطفى بن الناصر وينتن.
دار النشر: جمعية التراث.
طبع: المطبعة العربية، غرداية.
البلد: الجزائر.
الطبعة: الأولى.
سنة الطبع: 1417هـ / 1996 م
[ترقيم الصفحات موافق للمطبوع]
[بحث مقدَّم لنيل شهادة الماجستير]
مصطفى بن الناصر وينتن
آرَاءُ الشَّيخِ امحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ اطْفِيَّشْ العَقَدِيَّة
(1238 - 1332هـ / 1821 - 1914م)
[ترقيم الصفحات موافق للمطبوع]
بحث مقدَّم لنيل شهادة الماجستير
جمادى الأولى 1417 هـ / أكتوبر 1996 م
(1/1)
كل الحقوق محفوظة
للناشر
جمعية التراث ــ ص. ب. 19 القرارة (47110)
تنسيق وإعداد الطبع
محمَّد بن موسى باباعمي - مصطفى بن محمَّد شريفي
المطبعة العربية 11 نهج طالبي أحمد – غرداية
الهاتف: 88.36.53/ 87.34.34
الإيداع القانوني رقم: 678/ 98
ردمك 1 - 34 - 908 - 9961 I.S.B.N
(1/2)
شكر وتقدير
بعد أن استوى هذا العمل بحثا بفضل الله تعالى ومنّته أجدني ملزما بالاعتراف بالجميل وشكر من كان لي سندا ومُعينا منذ أن كان العمل فكرة ومشروعا، وهم كثيرون نذكر منهم: الأستاذ المشرف الدكتور بشير بوجنانة الذي بذل جهده في إنارة السبيل أمامنا وتتبّع خطواتنا بِكُلِّ صبر وأناة ولم يدَّخر جهدا في ذلك؛ والمشرفين الأَوَّلَينِ على البحث وهما: الدكتور أبو القاسم الغالي والأستاذ يوسف حسين؛ والمشايخ الأجلاّء بوادي ميزاب الذين أمدّونا بتوضيحاتهم المستفيضة حول حياة الشيخ اطفيش وآثاره وآرائه ونخصّ منهم الشيخ صالح بن الحاج عيسى بزملال والحاج محَمَّد بن سليمان مطهري؛ وإدارات المكتبات التي حوت مصادر بحثنا وتفضّل أصحابها بفتح أبوابها أمامنا منها: مكتبة القطب ومكتبة الشيخ الحاج صالح لعلي ومكتبة الاستقامة ببني يزقن، ومكتبة الأستاذ الحاج سعيد محَمَّد بن أيوب بغرداية، ومكتبة الأساتذة بجامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة. وجمعية التراث بالقرارة والأخوين الباحثين محَمَّد بن موسى باباعمي ومصطفى بن محَمَّد شريفي، ودار القطب للنشر؛ وكلّ من أسدى إلينا يد المعونة ولو بكلمة طيّبة؛ فجزى الله الجميع عنّا وعن العلم كلَّ خير.
(1/3)
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
إنَّ جانبا كبيرا من التراث الفكريِّ الإسلاميِّ فيِ حاجة إِلىَ دراسة، للكشف عن ثرائه وعمقه، وأثره الكبير فيِ الفكر الإنسانيِّ بعامَّة، كما أَنَّ كثيرا مِمَّا دُرس وبُحث وقُدِّم ونُشر هو أَيضًا فيِ حاجة إِلىَ إعادة النظر فيِ أساليب تقديمه ودراسته، لأَنَّهُ قدِّم بطريقة شوَّهته وأنقصت من قيمته، جهلا أو تعصُّبا، أو قصورا فيِ التناول والبحث، لسبب أو لآخر، أو بدافع معيَّن، أملته الظروف النفسيَّة أو الاجتماعيَّة أو السياسيَّة.
أَمَّا اليوم ــ والحمد لله ــ وقد بدأت تزول هَذِهِ العوائق، وتتكسَّر هَذِهِ الحواجز، وتنحسر دائرة التعصُّب، وتتبدَّد موجة الغلوِّ والتطرُّف، وتتَّسع فيِ المقابل ميادين المعرفة، وتتنوَّع وسائل اكتساب الحقائق بفضل تطوُّر طرق البحث والدراسة والتنقيب، وبدأ يبتعد عن فضاء البحث المتطفِّلون عَلَيْهِ، وقد أصبحت العقول والمدارك تتفتَّح لمناقشة ما يقدَّم إِلَيْها، وما تقرأه، إذ زالت هالة القداسة عَمَّا كُتب وما دُوِّن وما قرِّر ... فتشجَّع الباحث والدارس واقتحم ميدان النقد والانتقاد، ومناقشة الآراء والنظرات المسجَّلة، فلم يعد هناك كتَّاب ولا منظِّرون أو متصرِّفون فيِ عقول البشر يملون عَلَيْها مَا يشاؤون أو يريدون، بعد أَن اهتدى الناس إِلىَ مقاييس عِلْمِيَّة، ومعايير ثَقَافِيَّة معقولة، يختبرون بها ما يقدَّم لهم، فيقبلون هَذَا الرأي ويرفضون ذَلِكَ، وبها ينصفون الرأي الراجح، والفكرة الصحيحة المبنية عَلَى أسس سليمة مقبولة عقلا ومنطقا ...
بهذا كان مآل كثير من الأحكام التِي رسخت فيِ الأذهان، وثبتت فيِ المصادر والكتب ... كان مآلها السقوط والزوال من ذاكرة الأجيال. وكان الإنصاف وإرجاع الحقِّ إِلىَ نصابه نصيب كثير من الأفكار والآراء والمذاهب التي ظلمها التاريخ.
من بين ما تمكن الإشارة إِلَيْهِ هنا الفكر الإباضيُّ، الذي عرف بثرائه، وتعدُّد الجوانب التي بحث فيها، مِمَّا أنتجته قرائح أبنائه، ومن بين هَذِهِ المجالات مجال العقيدة أو أصول الدين، التي «فاضت بها أقلام أساطين علماء الإِبَاضِيَّة المتبحِّرين الذين نذروا حياتهم لنصرة الحقِّ وقمع الباطل، بنصب الحجج ودرء الشبه، فتعاقبوا منذ القرن الأَوَّل الهجريِّ عَلَى الاضطلاع بهذا الواجب، وأداء هَذِهِ الرسالة؛ غير أَنَّ من دواعي الأسف أَنَّ السواد الأعظم من المسلمين ظلُّوا محرومين من الانتفاع بِهَذِهِ الكنوز الغالية، إِمَّا لعقد نفسيَّة سبَّبتها القطيعة التِي اصطنعت بين أبناء هَذِهِ الأُمَّة؛ رغم كونها تعبد إلها واحدا، وتدين بملَّة واحدة، وتؤمن برسالة واحدة. وَإِمَّا لقصور فيِ تصوُّر ما تعتقده هَذِهِ الطائفة من الحقِّ، وما تستند إِلَيْهِ من الحجج» (1).
وقد عرف الإِبَاضِيَّة فيِ تراثهم الفكريِّ بالاعتدال وعمق البحث، وعمق النظر، وصفاء المورد والمصدر، والسلامة فيِ الفكر، وَهُوَ ما أقرَّ به من درس هَذَا التراث المتجرِّد من العقد النفسيَّة، والمؤثِّرات الوراثيَّة، والتبعيَّة الفكريَّة المتعصِّبة ... يقول الدكتور عوض محمَّد خليفات: «إنَّ المدقِّق فيِ المصادر الفقهيَّة الإِبَاضِيَّة يجد أَنَّ أصحاب المذهب الإِبَاضِيِّ من أكثر المسلمين اتِّباعا للسنَّة الشريفة، والاقتداء بها ... » (2).
__________
(1) - ... النصُّ لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي. ينظر: الشيخ فرحات الجعبيري: البعد الحضاري للعقيدة عند الإِبَاضِيَّة، نشر جمعية التراث، القرارة، الجزائر، سنة 1408هـ/ 1989م، ج1/ ص 13.
(2) - ... الدكتور عوض محمَّد خليفات: الأصول التاريخيَّة للفرقة الإِبَاضِيَّة، مطبعة الجويني، تونس، سنة 1984، ص 54.
(1/4)
ويقول الدكتور إبراهيم عبد العزيز بدوي عن مكانة الإِبَاضِيَّة، ودور مدرستها فيِ الفقه الإسلاميِّ انطلاقا من المميِّزات التي تمتاز بها: «وللمذهب الإباضيِّ أثر كبير فيِ البحث والتدوين فيِ شتَّى المجالات العلميَّة، وما يصادف الحياة من مشكلات يوميَّة، فدوَّنوا الأحاديث وشرحوها، واستنبطوا الأحكام وطبَّقوها، وتعرَّضوا للعقائد ونزَّهوها، ودوِّنت لهم مؤلَّفات شتَّى فيِ الحديث والفقه والعقائد والتاريخ وغيرها من صنوف العلم وآدابه، حيث أصبح لهم مكان فسيح فيِ الدراسة للمنهج الذي ساروا عَلَيْهِ» (1).
وقد بدأت تظهر فيِ الساحة الثَّقَافِيَّة بحوث تعنى بدراسة الفكر الإباضيِّ دراسة عِلْمِيَّة سماتها العمق والتحليل والنقد، من هَذِهِ الدراسات بحث الأستاذ مصطفى بن الناصر وينتن، التي تناولت أحد أعلام الفكر الإباضيِّ الذِي يعدُّ بحقٍّ أحد الرجال العاملين المخلصين الذين بذلوا جهودا معتبرة للنهوض بالمجتمع الإسلاميِّ بإصلاح ما فسد فيه، وتثقيفه، وتعليمه ما يعينه عَلَى القيام من كبوته، والصحو من غفلته، وفقه رسالته فيِ الحياة، كما يعدُّ مرجعا أساسيًّا من مراجع الفكر الإباضيِّ؛ وتترجم نظراته وتعبِّر عن مبادئ المذهب الإباضيِّ، والتعرُّف عَلَيْهِ وَعَلَى فكره، يقدِّم معرفة عن الإِبَاضِيَّة، إِنَّهُ العالم الشيخ الحاج امحَمَّد بن يوسف اطفيَّش. يقول مصطفى وينتن: «ومن أهمِّ المجالات التي كان فيها للشيخ اطفيَّش الفضل الكبير: مجال بعث الفكر الإباضيِّ من جديد مع مطلع القرن العشرين الميلاديِّ، فجمع آراء من سبقه، ورتَّبها وشرحها وحلَّلها، ومثَّل هَذِهِ المدرسة خير تمثيل، وبقي بذلك مرجعا أساسيًّا فيها». وقد كتب الشيخ اطفيَّش فيِ معظم المسائل المتعلِّقة بالعقيدة إذ يلحظ القارئ والدارس أَنَّ مباحث العقيدة حاضرة فيِ أغلب ما كتب من رسائل، وألَّف من كتب فيِ مختلف الفنون؛ وقد أشار مصطفى وينتن إِلىَ ملاحظة مهمَّة تجعل بحوث الشيخ اطفيَّش ذات قيمة، ومنهجه ذا أصالة ونجاعة، ومن خلال ذَلِكَ يكون منهج الإِبَاضِيَّة فيِ تناول مسائل العقيدة سليما مرضيًّا عنه عند المنصفين والمعترفين بالفضل لأهله، وعند من يرتفعون عن المذهبيَّة الضيِّقة: «فكان يحاول أن يجعل من العقيدة سبيلا للنهوض بهم (أي المسلمين)، وكان تأثُّره بالأوضاع الاستعماريَّة دافعا له لأَن يبحث فيِ العقيدة عَمَّا يمكنه من تحقيق هَذَا التغيير، وَهُوَ مَا جعله يحقِّق وصف العقيدة بكونها عملا حقيقيًّا، وليست مجرَّد تصوُّرات وتصديقات غير مؤثِّرة ... ».
حاول الأستاذ مصطفى وينتن الكشف عن آراء الشيخ اطفيَّش العقديَّة والإبانة عن منهاجه، إبراز ما له وما عَلَيْهِ، وقد انطلق فيِ هَذِهِ المحاولة من سؤالين اثنين:
1) هل كانت للشيخ اطفيَّش آراء عقديَّة اجتهاديَّة فيِ إطار المذهب الإباضيِّ بخاصَّة وَفيِ إطار الفكر الإسلاميِّ بعامَّة؟.
2) مامدى أهمِّيَّة هَذِهِ الآراء إن وجدت؟.
هل وفِّق الباحث فيِ الإجابة عن هذين السؤالين أم لا؟ هَذَا ما ننتظر من القرَّاء والدارسين للكشف عَنه، أَمَّا نحن فنسجِّل الملاحظات الآتية:
1 - تعدُّ هَذِهِ الدراسة ــ فيِ نظري ــ أَوَّل دراسة جريئة فيِ عرض آراء الشيخ الحاج امحَمَّد بن يوسف اطفيَّش، ونقدها نقدا علميًّا موضوعيًّا، ذكرت ما للشيخ وما عَلَيْهِ، ما أصاب فيه وما أخطأ، من هنا يستحقُّ هَذَا البحث إيلاءه الاهتمام الكامل، وتناوله تناولا جادًّا وعميقا؛ لمزيد من الحوار والمناقشة فيِ فكر الشيخ اطفيَّش للوقوف عَلَى حقيقة فكره وتمحيص ما جاء فيِ رسالة مصطفى وينتن، واختبار مدى فهمه واستيعابه فكر الشيخ اطفيَّش.
2 - هَذِهِ الدراسة بهذا العرض الجيِّد، ونقل فقرات من أقوال الشيخ تملي علينا ضرورة إعادة قراءة متأنِّية واعية مستفيضة ... لفكر الشيخ فيِ الجوانب المختلفة لحياته: الدِّينِيَّة، الاِجْتِمَاعِيَّة، الثَّقَافِيَّة ... مع العلم أَنَّ آراءه متناثرة فيِ مؤلَّفاته، وكثير من رسائله ومراسلاته وردوده. لذا يجد الدارس صعوبة كبيرة فيِ رصدها وجمعها بطريقة تمكِّنه من تناولها ودراستها، والمقارنة بينها، ومناقشتها، غير أَنَّ الباحث بجهده وإرادته وذكائه تمكَّن أن يتصيَّد هَذِهِ الآراء، وَهَذِهِ النظرات، ويعرضها ويناقشها.
إنَّ الباحث أصابه عنت ونصب بسبب تناثر آراء الشيخ بين تآليف تنوَّعت بين متون وشروح واختصارات وتقريرات واستدراكات، وإعادة تأليف ... فكان عَلَيْهِ أن يقرأها بأناة ليعرف السابق فيِ مؤلَّفاته من اللاحق، ومن ثَمَّ ليعلم مستقرَّ الشيخ فيِ رأيه فيِ نهاية المطاف؛ مع ذَلِكَ سجَّل الباحث بعض الاضطراب فيِ بعض آرائه.
__________
(1) - ... ندوة الفقه الإسلاميِّ، وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلاميَّة، ط1، مسقط، سلطنة عمان، سنة 1410هـ / 1990م، ص 722.
(1/5)
3 - امتازت هَذِهِ الدراسة بما يأتي:
أ- التتبُّع الجيِّد لتطوُّر آراء الشيخ اطفيَّش من خلال التصفيف التاريخيِّ لمؤلَّفاته.
ب- الاطِّلاع الكبير عَلَى مؤلَّفات الشيخ، وحسن قراءتها إِلىَ حدٍّ بعيد.
جـ- طريقة العرض كانت سليمة، تبدأ بالبسط المستفيض لآرائه، مع الإحالات الدقيقة، ثُمَّ المناقشة الهادئة، ثُمَّ إعطاء الرأي والترجيح بعد ذَلِكَ إن أمكن، مع التلخيص المركَّز، أو حوصلة الفكرة فيِ نهاية المبحث أو الفصل.
د- تنوُّع المصادر والمراجع.
هـ- الاعتماد ــ فيِ كثير من الأحيان ــ عَلَى المقارنة بين علماء الإسلام والمذاهب المختلفة.
و- حسن الربط بين المباحث.
4 - ناقش الباحث الشيخ اطفيَّش ــ كثيرا ــ فيِ قضيَّة تأصيل المسائل، وإثبات الأقوال بالأدلَّة المختلفة، وتدعيم الآراء بالحجج النَّقْلِيَّة بخاصة.
5 - سهَّل عَلَى الباحثين مهمَّة البحث فيِ فكر الشيخ، أو ــ عَلَى الأقلِّ ــ ذلَّل لهم كثيرا من العقبات، بمنهجه الواضح فيِ الدراسة، وَمِمَّا بذله من جهد كبير فيِ تعيين حقيقة تراث الشيخ اطفيَّش.
6 - لا شَكَّ أَنَّ ما قدَّمه سيسهم فيِ استثارة الباحثين واستفزازهم بما أثاره من مسائل، وما عرضه من وجهات نظره فيِ آراء الشيخ اطفيَّش، وما أبداه من تتبُّع ملحاح لمعظم ما سجَّله الشيخ فيِ مؤلَّفاته المُتَعَلِّقَة بموضوع الدراسة.
7 - حاول الباحث مناقشة الشيخ مناقشة عِلْمِيَّة، وكان لا يسلِّم له بما أبداه من آراء ونظرات إِلاَّ بعد أن تستبين له الأَدِلَّة ويقتنع بها ... وَهَذَا شَيء مهمٌّ، وَهُوَ من صفات الباحث والدارس الحقيقيِّ، إِلاَّ أَنِّي أراه أحيانا يبالغ بوحي من هَذِهِ الروح العِلمِيَّة، ولغرض استثمار الجهد المضني الذِي بذله فيِ جمع المَادَّة العِلمِيَّة، وبهدف الإتيان بالجديد فيِ ميدان دراسة فكر الشيخ اطفيَّش، والخروج من دائرة الدراسات التقليديَّة الكلاسيكيَّة فيِ هَذَا المجال؛ وكأنِّي به يستلهم حياة الشيخ ومسيرته، ويترسَّم خطاه، ويقابله بالأسلوب الذي كان يتَّبعه فيِ محاربة الفكر المتحجِّر، وَفيِ عدم المساس بالدين، وَفيِ عدم التسليم بما هو سائد إِلاَّ بعد التمحيص والنقد ...
فيِ الختام أقول: إنَّ بحث وينتن يدعو إِلىَ إعادة النظر فيِ دراسة حياة الشيخ اطفيَّش لتوضيح بَعض المسائل، واستيضاح بَعض آرائه وأفكاره، ومعرفة مدى تقيُّده بمذهبه، ومخالفته له، ومدى تفتُّحه عَلَى المذاهب الإِسلاَمِيَّة، والوقوف عَلَى مدى استيعاب الناس لأفكاره وآرائه ونظراته، وتحديد مكانة العقل والنقل فيِ أبحاثه، لأَنَّ هَذِهِ المسألة قد عرضت كثيرا فيِ هَذَا البحث.
هَذِهِ النظرة الجديدة أو متابعة البحث فيِ فكر الشيخ اطفيَّش تعين عَلَى الوقوف عَلَى تقييم نظرة النَّاس إِلىَ شخصية الشيخ العِلمِيَّة، تسليما بكفايته العالية، وغزارة علمه، ونظرته الثاقبة إِلىَ المسائل، أو تنقيصا من مكانته.
أقول فيِ الأخير: أرجو أن يولي الدارسون بحث الأستاذ وينتن مصطفى عناية خاصَّة لمزيد التعمُّق فيِ فكر الشيخ اطفيَّش، كما أطلب من المعنيِّين السعي والعمل بجدِّيَّة لطبع كتب الشيخ اطفيَّش المخطوطة منها بخاصَّة، لتوضيح آراء الإِبَاضِيَّة، والكشف عن فكرهم، وردِّ الشبهات، ودفع الأباطيل عنهم، ما دام الشيخ يعدُّ مرجعا أساسيًّا فيِ الفكر الإباضيِّ.
والله وليُّ التوفيق
الدكتور: محمَّد ناصر بوحجَّام
باتنة يوم: 11 جمادى الثانية 1417هـ
24 أكتوبر 1996م
(1/6)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله ربّ العالمين
وصلَّى اللهُ على سيّدنا محَمَّد النبيء الأمين الذي أرسل رحمة للعالمين.
نزلت العقيدة الإِسلاَمِيَّة من الله تعالى صافية، ثابتة في أصولها ومبادئها، فتلقَّاها المسلمون، ولم يختلفوا في شيء منها، لكن تغيّر البيئات والأزمنة جعل اجتهاد العلماء في فهمها، وفي منهج عرضها والتعامل معها يختلف ويتجدّد مع كلّ عالم، وفي كلّ عصر بما يوافق الظروف؛ شأن العقيدة في هذا شأن باقي علوم الشرع التي ضبطت قواعدها العامّة لكنّها تتطلّب تجديدا في فهمها مراعاة للظروف الزمانيّة والمكانيّة، وبهذا ثبتت صلاحية الدين الحنيف لِكُلِّ عصر.
لقد عرف الفكر الإسلاميّ رجالا نصروا الحقّ وسعوا للتجديد في الدين، كلّ حسب طاقته ومنهجه، غايتهم التمكين لدين الله في الأرض، وتبليغ أمانة الرسالة التي تحمّلوها.
ولا شك أنّ معرفة جهود هؤلاء العاملين أصبحت ضرورة ملحّة لأنّها تنير الطريق للاستمرار في أداء هذا الواجب في ظرفنا المعاصر.
(1/7)
لكن رغم هذه الضرورة، فإنّ جانبا كبيرا من التراث الإسلاميّ ما زال في حاجة إلى عناية الدارسين واهتمامهم؛ وهذا ما حفّزنا إلى الكتابة والبحث في آراء أحد أعلام هذا الفكر الشيخ امْحَمَّد بنِ يُوسُفَ اَطْفَيَّشْ ــ رحمه الله ــ إضافة إلى دوافع أخرى هي:
- أنّ الشيخ اطفيش من أعلام الفكر الإسلاميّ الحديث الذين بذلوا جهدا معتبرا للنهوض بالمجتمع الإسلامي.
- أنّ الشيخ يعتبر مرجعا أساسيًّا من مراجع الفكر الإباضيّ، تُعرِب أعماله عن حقيقة مبادئ هذا المذهب.
- أنّ التراث الإباضيَّ تراث خصب للبحث والدراسة وَهُوَ بحاجة إِلىَ مزيد من جهود الباحثين والدارسين.
ولم تسبقنا إلى هذا الموضوع دراسة علمية خاصّةٌ في الفكر العقديّ للشيخ امحَمَّد ابن يوسف اطفيَّش سوى بعض دراسات عَامَّة في الفكر الإباضيّ أو أخرى اهتمَّت بجوانب من أعمال الشيخ نذكرها كما يلي:
- دراسة المستشرق الفرنسي كوبرلي: P. Cuperly بعنوان: Introduction à L' étude de L’ Ibadisme et de sa théologie ( مدخل إلى دراسة الفكر الإباضيِّ وعقيدته).
- ودراسة فرحات الجَعْبِيرِي بعنوان: «البعد الحضاري للعقيدة عند الإِبَاضِيَّة» وهي تحليل للتراث الإباضيّ بالمغرب في علم الكلام في القرون: التاسع والعاشر والحادي عشر الهجريَّة.
- ترجمة «الرسالة الشافية» للمستشرق الفرنسي: كوبرلي بعنوان: Aperçus sur l’histoire de L’Ibadisme au M'zab ( لمحة عن تاريخ الإباضية في مزاب)؛ وقد ترجم الباحث الجزء التاريخيّ من الرسالة، وقدّم للترجمة بتعريف للشيخ وقائمة لآثاره.
(1/8)
- ودراسة عدون جهلان ــ رحمه الله ــ بعنوان: «الفكر السياسيُّ عند الإِبَاضِيَّة من خلال آراء الشيخ محَمَّد بن يوسف اطفيَّش».
- ودراسة يحي بن صالح بوتردين وعنوانها: «الشيخ محَمَّد بن يوسف اطفيَّش ومذهبه في التفسير مقارنة بتفسير أهل السنّة».
- ودراسة محَمَّد عكِّي علواني بعنوان: «منهج الشيخ محَمَّد بن يوسف اطفيَّش في تفسيره التيسير».
فهذه الدراسات رغم أهمّيتها لم تبحث الجانب العقديّ من فكر الشيخ اطفيَّش مِمَّا يجعل الحاجة ملحّة إلى دراسته.
ونحاول في هذا البحث الإجابة عن السؤالين التاليين:
هل كانت للشيخ اطفيَّش آراء عقديَّة اجتهاديَّة في إطار المذهب الإباضيِّ خصوصًا والفكر الإسلاميِّ عُمُومًا؟ وما مدى أهمِّيَّة هذه الآراء إن وجدت؟
ومن أجل الوصول إلى إجابة شافية انتهجنا المنهج الوصفيَّ الاستقصائيَّ في أغلب البحث للوصول إلى مظانِّ آراء الشيخ وعرضها، ثُمَّ عمدنا إلى المقارنة بين آرائه وآراء غيره من العلماء، كما استعملنا المنهج التاريخيَّ للإلمام بجوانب حياة الشيخ اطفيَّش، ولوضع بعض القضايا العقديَّة في إطارها التاريخيِّ.
وقد قسَّمنا البحث إلى مُقَدِّمَة وثمانية فصول وخاتمة:
الفصل الأَوَّل وعنوانه: «الشيخ امحَمَّد بن يوسف اطفيَّش حياته وآثاره» عرّفنا فيه بالشيخ وركّزنا على جهوده في الإصلاح الاجتماعيِّ، ومواقفه من الاستعمار وعمله العلميِّ والفكريِّ.
أَمَّا الفصل الثاني فخصّصناه لمنهج البحث العقديّ عند الشيخ اطفيَّش
(1/9)
ولاسيّما منهجه في الاستدلال ووسائله، ورأيه في التأويل وموقفه من منهج المفوّضين ومنهج الباطنيِّين.
وَأَمَّا الفصل الثالث: فهو بعنوان: «الإيمان بالله تعالى»: وتحدَّثنا فيه عن تعريف الشيخ للتوحيد، وأدلّته، وما يجب فيه، وعن الأسماء الحسنى ومصدرها، ثُمَّ الصفات وأنواعها، مركّزين على مسألة استحالة رؤية الله تعالى.
وفي الفصل الرابع: «الإيمان بالغيب»: تحدّثنا عن الغيب، وأنواعه، والغيب المُتَعَلِّق باليوم الآخر بمراحله المتعدّدة من النفخ في الصور إلى البعث والجنّة والنار وما بين ذلك، وختمنا الفصل بالحديث عن الإيمان بالملائكة وصفاتهم ووظائفهم.
أَمَّا الفصل الخامس: فخصّصناه لدراسة آراء الشيخ اطفيش في إثبات النبوّة والحاجة إليها ومنهجه في ذلك؛ وتعريف الأنبياء وصفاتهم وما أيَّدهم الله تعالى به من معجزات وكتب.
وفي الفصل السادس: «الإيمان والكفر»: بحثنا مفهوم الإيمان وعلاقته بالإسلام، وزيادته ونقصانه والخوف والرجاء، ثمّ بحثنا المنزلة بين الإيمان والكفر ثُمَّ منزلة الكفر.
أَمَّا الفصل السابع: «القضاء والقدر وأفعال الإنسان»: فبحثنا فيه تعريف القضاء والقدر، وصلتهما بالتوحيد، وكيفية الإيمان بهما، ثُمَّ مسؤولية الإنسان في فعله، وحاولنا الإلمام بموقف الشيخ من النظريات التي تداولت القَضِيَّة عند الإِبَاضِيَّة وغيرهم.
وفي الفصل الثامن: تناولنا الوعد والوعيد ومصير الإنسان في الآخرة، والتوبة ومغفرة الذنوب.
أَمَّا الخاتمة فضمَّنَاها أهمَّ نتائج البحث مبرزين مواطن التقليد أو التجديد والقوّة أو الضعف في فكر الشيخ اطفيَّش.
(1/10)
ثم أتبعنا البحث بملحق حوى قائمة مؤلَّفات الشيخ اطفيَّش التي لم يتسنَّ لنا إدراجها ضمن الفصل الأَوَّل.
أَمَّا عن مصادر البحث فقد رجعنا إلى أغلب ما كتبه الشيخ وأثبتناه في ثنايا هذه الدراسة، كما رجعنا إلى مصادر كتبها معاصرون للشيخ أو تلاميذه، من ذلك: آثار الشيخ عبد الله بن حميد السالمي العماني، وسعيد بن تعاريت التونسي في كتابه «المسلك المحمود في معرفة الردود»، وما كتبه الشيخ إبراهيم بن أبي بكر حفّار في «السلاسل الذهبيَّة في الشمائل الطفيشيَّة»، وما ذكره الشيخ أبو اليقظان إبراهيم في «ملحق السير»، وأبو إسحاق إبراهيم اطفيَّش في كتابه «الدعاية إلى سبيل المؤمنين» ومقدّماته على بعض كتب الشيخ اطفيَّش التي نشرها.
واعتمدنا أيضا مصادر من التراث الإسلاميّ اتخذناها نماذج نستقي منها الآراء المذهبية، ولا سيما في المقارنة بين آراء الشيخ اطفيش وآراء غيره، وركّزنا في هذا على بعض مصادر المذاهب العقديّة التالية: الإباضيّة، والأشاعرة، والسلفيّة، والشيعة الإماميّة، والمعتزلة.
ولم يخل عملنا من صعوبات اعترضت سبيلنا، نذكر منها:
أَوَّلاً- وضعية تراث الشيخ اطفيَّش المخطوط والمطبوع، فقد توزّعته مكتبات متعدّدة بوادي ميزاب، حَتَّى كُنَّا نجد شطر الكتاب في مكتبة وشطره الآخر في مكتبة أخرى، وأغلب المطبوع من هذا التراث غير محقّق، إلاّ نزرا يسيرا جدّا منه، إضافة إلى سوء الطباعة وكثرة الأخطاء التي تصل إلى حذف جمل سواء في المطبوع قديما أو حديثا، وهذا ما ألجأنا إلى القيام بعمل المحقّق والدارس معا، وإلى اعتماد المخطوط رغم وجود المطبوع، أو الطبعة القديمة مع وجود طبعة جديدة إذا كانت رديئة.
ثانيا- إنَّ بعض المكتبات التي تفضَّل أصحابها بفتح أبوابها أمامنا مشكورين كانت ــ في الغالب ــ تفتقر إلى الفهرسة العِلمِيَّة الدقيقة، مِمَّا أدَّى بنا إلى القيام بعمل
(1/11)
المكتبيِّ أَوَّلاً وفهرسة تراث الشيخ، ثُمَّ البحث فيه، إضافة إلى عدم انتظام أوقات بعض المكتبات، وكان أثر ذلك على البحث ضياع الوقت وطول مدّة العمل؛ ومن الواجب أن نستثني بعض المكتبات ونذكر فضل القائمين عليها الذين قدَّموا لنا كلَّ المساعدة ومنها مكتبة الشيخ الحاج صالح لعلي ومكتبة الاستقامة ببني يزقن، ومكتبة الأستاذ محَمَّد ابن أيُّوب الحاج سعيد بغرداية.
ثالثا- تطوّر آراء الشيخ وتغيّرها من بداية عهده بالتأليف إلى نهايته، فلم يكن من الهيّن معرفة الرأي الأخير الذي ارتضاه إذا لم ينصَّ عليه، بل كان أحيانا يتعمّد إخفاءه تدريبا لتلاميذه على اكتشافه، وصعّب علينا العمل في هذا الوضع أَنَّ مؤلَّفاته غير ممكن ترتيبها زمنيًّا بعدُ.
هذه بعض الصعوبات التي لا يخلو منها بحث، وما كان العمل ليتمَّ لولا فضل الله تعالى الذي يسّر علينا تذليل العقبات وتخطّيها؛ وفتح لنا صدور المشايخ والأساتذة الذين أمدّونا بيد المساعدة سواء من كان منهم بوادي ميزاب أم خارجه؛ ونخصُّ بالذكر منهم الأستاذ المشرف الدكتور بشير بوجنانة الذي تفضّل بقبول الإشراف وتابع العمل وصبر على طول مدّته وعلى بُعد الشقَّة بيننا وبينه، ولم يتوان في إرشادنا والأخذ بيدنا فجزاه الله عن العلم وأهله كلَّ خير.
وبعد: فَإِنَّهُ لا يمكننا أن ندَّعي أنَّ هذه المحاولة في دراسة آراء الشيخ اطفيَّش العقديّة قد بلغت الغاية المرجوّة من استيفاء الموضوع حقَّه، فما هي إلاّ بداية طريق، ونسأل الله تعالى أن يتيح لنا ولغيرنا فرصا لإنجاز دراسات أخرى، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، وهو وليُّ التوفيق والحمد لله ربِّ العالمين.
بني يزقن.
8 جمادى الثانية 1416 هـ / 1 نوفمبر 1995 م
(1/12)
الاختصارات المستعملة
خ: مخطوط.
د. ت: دون تاريخ.
د. ر: دون رقم.
الرقم الموجود بين قوسين: ( ... ) بعد اسم المكتبة يدل على رقمه في هذه المكتبة.
ط: مطبوع.
ظ: ظهر الورقة من المخطوط أي: الوجه الثاني منها.
ق: القسم من الكتاب: مثل: الهميان: 1ق2: أي الجزء الأول القسم الثاني.
و: وجه ورقة المخطوط
/: خط يفصل بين الجزء والصفحة؛ وبين التاريخ الهجري والميلادي.
-: خط يسبق ذكر مؤلَّفات الشيخ اطفيَّش في الهامش.
ملاحظة: استعملنا كتابي: “ الهميان ” و“ التيسير ” من مؤلَّفات الشيخ اطفيَّش بطبعتيهما القديمتين والجديدتين، وأشرنا إِلىَ الطبعة القديمة فقط بـ: ط1، أَمَّا الطبعة الجديدة فلم ننصَّ عليها.
(1/13)
[صفحة بيضاء]
(1/14)
الفصل الأَوَّل
الشيخ امحمَّد بن يوسف اطفيَّش
حياته وثقافته وآثاره
(1/15)
[صفحة بيضاء]
(1/16)
0المبحث الأَوَّل
حياة الشيخ امحمَّد بن يوسف اطفيَّش
1 - أوضاع العالم الإسلاميّ ووادي ميزاب
تعتبر الظروف والأوضاع السياسيَّة والاجتماعيَّة والفكريَّة من أهمِّ المؤثِّرات على أفكار العلماء وآرائهم، ومعرفة هذه الأحوال تساعد على الوصول إلى فهم مراحل حياتهم، وتفسير مواقفهم فيها وآرائهم؛ ولم يشذَّ الشيخ امحمَّد بن يوسف اطفيَّش عن هذه القاعدة، لذا نحاول التعرُّف على الظروف التي عاشها، ويهمُّنا منها حال العالم الإسلاميِّ عُمُومًا، ثُمَّ وادي ميزاب خاصَّة، في الفترة الممتدَّة من بداية القرن الثالث عشر إلى بداية الرابع عشر الهجريَّين أي خلال القرن التاسع عشر الميلاديِّ.
فقد شهد العالم الإسلاميُّ منذ القرن الثامن عشر الميلاديِّ تدهورا واضحا في شتَّى المجالات؛ وخاصَّة في المجال السياسيِّ: كضعف الدولة العثمانيَّة، وبداية التوسُّع الاستعماريِّ الغربيِّ؛ وبدء الاستيلاء على أراضي المسلمين، واتِّساع الإمبراطوريَّات الغربيَّة على حساب أراضي الخلافة الإِسلاَمِيَّة في كُلِّ ناحية، وجسَّد هذا الوضع تطبيق قرارات مؤتمري: «فيَنَّا» سنة 1815م و «إكس لاشبيل» سنة 1818م؛ من أجل القضاء على الدولة العثمانيَّة (1).
ونشأت عن هذه الأوضاع ردود أفعال من أجل اليقظة والثورة على
__________
(1) محَمَّد بن بابه الشيخ بلحاج: الشيخ اطفيَّش المجتهد المتفتح: من أعمال “مهرجان القطب” سنة 1981م، محاضرة مرقونة بمكتبة الحاج سعيد محَمَّد، غرداية. بكير بن سعيد أوعوشت: قطب الأئمَّة، حياته وآثاره الفكريَّة جهاده، المطبعة العَرَبِيَّة، غرداية، 1991م، 57 - 58.
(1/17)
الظلم والاستبداد، مثل حركات: الشيخ جمال الدين الأفغانيِّ (1)، وأحمد عرابي (2)، والأمير عبد القادر (3).
أَمَّا من الناحية الاجتماعيَّة والفكريَّة، فقد كان العالم أيضا على طرفي نقيض: غرب آخذ بأسباب المدنيَّة والتطوُّر وقطع أشواطا في ذلك، وَاتَّخَذَ الاكتشاف العلميَّ ذريعة لاستعمار البلدان الشرقيَّة؛ وشرقٌ ما زال يرزح تحت أغلال الانحطاط الفكريِّ والاجتماعيِّ، وظهرت فيه بعض الحركات الإصلاحيَّة أثناء النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ مثل: حركة الأفغانيِّ وتلميذه محَمَّد عبده (4) وغيرهما، إِلاَّ أَنَّ طغيان الجمود والتردِّي كان أَشَدَّ قوَّة، وأوسع رقعة؛ فانحصرت هذه الحركات في محيط جغرافيٍّ محدود، وفي مجتمعات معدودة، بينما ركنت المجتمعات الباقية إلى الانحرافات، وتشبَّثت بالأوهام والخرافات (5).
ولم تختلف الأوضاع في وادي ميزاب ــ على عهد الشيخ اطفيَّش ــ كثيرا عن أوضاع العالم الإسلاميِّ. فكانت البيئة الميزابيَّة نموذجا مصغَّرا عن البيئة الإِسلاَمِيَّة العَامَّة،
__________
(1) جمال الدين الأفغاني: محَمَّد بن صفدر (1254 - 1315هـ/1838 - 1897م)؛ انظر عن أعماله وجهاده: الزركلي: الأعلام، قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء والعرب والمستعربين والمستشرقين، دار العلم للملايين، ط7، بيروت، 1986م: 6/ 168 - 169.
(2) أحمد عرابي بن محَمَّد: زعيم مصريٌّ قاد الثورة العرابيَّة (1257 - 1329هـ/ 1841 - 1911م). انظر: المرجع نفسه: 1/ 168 - 169.
(3) الأمير عبد القادر بن محيي الدين الجزائري: (1222 - 1300هـ/1807 - 1883م)، قاد المقاومة ضِدَّ الاستعمار الفرنسيِّ إلى أن نفي إلى فرنسا ثُمَّ إلى المشرق. انظر: المرجع نفسه: 4/ 45.
(4) محَمَّد عبده بن حسن: (1266 - 1323هـ/ 1849 - 1905م). انظر: المرجع السابق: 6/ 252.
(5) محَمَّد بن بابه الشيخ بلحاج: الشيخ اطفيَّش المجتهد المتفتح.
(1/18)
لكن لها بعض الخصوصيَّات، نذكرها فيما يلي:
فمنطقة وادي ميزاب تقع جنوب الجزائر، وتبعد عن العاصمة بستِّمائة كلم (600كلم) ترتفع عن سطح البحر بثلاثة وخمسين مترا (53م). وهي أرض صحراويَّة، تحمل كلَّ خصائص الصحراء من الناحية المناخيَّة وغيرها، تتخلَّلها بعض الوديان إِلاَّ أَنَّهَا في الغالب جافَّة، لا تجري سوى بضعة أَيَّام، وكثيرا ما تعرَّضت إلى الجفاف سنوات فبقيت قاسية، لَكِنَّهَا لم تمنع الذين استوطنوها أن يقيموا فيها عمرانا وحضارة تناقلتها الألسن وشهدت بها الآثار والأعمال (1).
ويخضع المجتمع بوادي ميزاب لقيادة جماعيَّة منذ دخول المذهب الإباضيِّ (2) إليه
__________
(1) انظر في وصف المنطقة: محَمَّد علي دبوز: نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة، المطبعة التعاونيَّة، 1385هـ/1965م، 1/ 158. يحي صالح بوتردين: الشيخ محَمَّد بن يوسف اطفيَّش ومذهبه في تفسير القرآن الكريم مقارنة إلى تفسير أهل السنَّة: بحث مقدَّم لنيل الماجستير بجامعة عين شمس، القاهرة، مرقون، 1410/ 1989، 20.
وقد دلت بعض الحفريات على وجود حياة بالمنطقة في العصور القديمة وأغلب المراجع تبدأ تأريخها للمنطقة من قدوم أبي عبد الله محَمَّد بن بكر إليها، حيث وجد طائفة من قبيلة زناتة نشر فيهم المذهب الإباضيَّ ثُمَّ انتقل إليها الإِبَاضِيَّة من مناطق مختلفة، وانتشرت حركة العمران والاقتصاد والفكر، وتوسَّعت المدن وأنشئت مدن أخرى على التوالي: العطف، بنورة، مليكة، غرداية، بني يزقن، ثمّ القرارة وبَرِّيَّان، من القرن الخامس الهجريِّ إلى الحادي عشر، انظر: إبراهيم طلاَّي: ميزاب بلد كفاح دراسة تَارِيخِيَّة واجتماعيَّة تلقي الأضواء على نشأة هذا البلد وحياة ساكنيه، مطبعة البعث، قسنطينة، 1970م، 13، 19.
P. roffo: Contribution à l'étude de la préhistoire du sahara septentrional: les civilisations paléolithiques du M'zab: Ancienne Imprimerie, Alger: 1934: 70
(2) المذهب الإباضيُّ: هي التسمية الغالبة على أتباع جابر بن زيد التابعي المتوفَّى سنة 96 هـ وهو مؤسِّس المذهب؛ ونسب إلى عبد الله إبن إباض باعتباره المدافع عنه لدى الأمويِّين، وهو من المذاهب الإِسلاَمِيَّة الموجودة إلى اليوم، ولأصحابه كتبهم وآثارهم التى تحوي آراءهم في الفقه والعقيدة، نشأ المذهب بالبصرة في القرن الأَوَّل ثُمَّ انتشر إلى جنوب الجزيرة العَرَبِيَّة وشمال إفريقيا خلال القرن الثاني الهجري. انظر: علي يحيى معمَّر: الإِبَاضِيَّة بين الفرق الإِسلاَمِيَّة، ط2 المطبعة العَرَبِيَّة، غرداية، 1987م، وقد شرح المؤلِّف بوضوح آراء المذهب وأصوله.
(1/19)
في القرن الخامس الهجريِّ، هذه القيادة المعروفة بحلقة العزَّابة (1) أو نظام العزَّابة الذي أسَّسه الشيخ أبو عبد الله محَمَّد بن بكر الفرسطائيُّ (2)، وعَرف هذا النظام تجسيدا في الواقع وتطوُّرا، خاصَّة بوادي ميزاب، حَتَّى أصبحت أمور الحلِّ والعقد تعود إليه في الوادي. وَمَرَّ بفترات قوَّة وضعف تبعا للأوضاع العَامَّة وللأحداث المتعاقبة؛ ففي أَيَّام الحكم العثمانيِّ كان للميزابيِّين معاهدات مع داي الجزائر، يحكمون بموجبها منطقتهم ولهم أمناء ينوبون عنهم لدى السلطة العثمانيَّة، فتمكَّنوا بذلك من البقاء في ميزاب مع توسيع نشاطهم التجاريِّ إلى الشمال الجزائريِّ (3)؛ وبقي الأمر هكذا حتّى مجيء الاحتلال الفرنسيِّ الذي لم يلبث أن وصل الصحراء، فكان على الميزابيِّين أن يتَّخذوا
__________
(1) نظام العَزَّابة: تنظيم اجتماعيٌّ خاصٌّ بالإباضيَّة في المغرب، أساسه المحافظة على المجتمع بعد انتهاء حكم الرستميِّين سنة 296 هـ. أسَّسه أبوعبد الله محَمَّد بن بكر بإرشاد من شيخه أبي زكرياء فُصَيل بن أبي مسور، ابتدأ النظام على شكل حلقة تعليميَّة، ثُمَّ تطوَّرت حَتَّى أصبح لها سند اجتماعيٌّ قويٌّ جعلها تقود المجتمع، وتركت أثرا واضحا في نشاط الحركة العِلمِيَّة الحضاريَّة للمجتمعات الإِبَاضِيَّة خاصَّة في ليبيا وجربة ووادي ميزاب. انظر: الدرجيني أبو العَبَّاس: طبقات المشايخ بالمغرب، تحقيق: إبراهيم طلاَّي: مطبعة البعث قسنطينة، د. ت، 1/ 3، 4، 5. إبراهيم طلاَّي: ميزاب بلد كفاح، 38 - 45. فرحات الجعبيري: نظام العَزَّابة عند الإِبَاضِيَّة الوهبيَّة في جربة، نشر المعهد القومي للآثار والفنون، المكتبة التَّارِيخِيَّة -1 - تونس 1975. وقد فصَّل المؤلِّف الحديث عن الموضوع في هذا الكتاب.
(2) أبو عبد الله محَمَّد بن بكر: من علماء القرن الرابع وبداية الخامس الهجريين (10م)، أصله من جبل نفوسة (ليبيا) تعلَّم بجربة وتولىَّ التدريس والدعوة، تنقَّل بين نفوسة وجربة ووادي ريغ ووارجلان ووادي ميزاب، توفِّي في ابليدة اعمر. انظر: المرجع نفسه: 31 - 46.
(3) إبراهيم طلاي: ميزاب بلد كفاح: 43.
(1/20)
موقفا إزاءه، وقد عرفوا التفوُّق العسكريَّ للمستعمر، ورأوا ما يتركه من البلاء والأثر على العمران والعباد وذلك بعد مشاركتهم في ردِّ الحملة الفرنسيَّة على الجزائر سنة 1830م (1)؛ وحملتهم هذه التجربة على أن يبرموا معاهدة حماية مع السلطة الاستعماريَّة لَمَّا وصلت إلى مدينة الأغواط ــ شمال ميزاب ــ سنة 1853م، وكان هذا حلاًّ وسطا بين عدم قدرتهم على المقاومة وبين أن يتجنَّبوا ما ينتج عن التدخُّل الفرنسيِّ في شؤونهم الخَاصَّة (2)، وقد دَلَّت هذه المعاهدة من جانب آخر على انفلات زمام التحكُّم من أيدي العزَّابة والعلماء الذين لم يرتضوها: «فقد كانت الهيئات الدينيَّة غائبة عنه تحرُّجا من إمضاء معاهدة مع المشركين» (3)؛ ولم تدم حال الحماية طويلا، إذ نقضت فرنسا المعاهدة مبرِّرة ذلك بمساندة أهل ميزاب للثورات والثوار في أنحاء الجزائر، فأصبح ميزاب ملحقا بالأراضي المحتلَّة التابعة للإدارة العسكريَّة منذ سنة 1882م (4)؛ ولم يعد لنظام العزَّابة من سلطة إِلاَّ في قضايا اجتماعيَّة محدودة خاصَّة لَمَّا أصبح القضاء بيد الفرنسيِّين.
أَمَّا من الناحية الاِجْتِمَاعِيَّة والفكريَّة، فإنَّ وادي ميزاب لم يخلُ من بعض الاضطرابات بين أهله وإسرافٍ في سفاسف الأمور، فبقي أهل العلم حَتَّى القرن التاسع عشر الميلاديِّ يعيشون على أنقاض ما خلَّفته عصور الانحطاط والتقليد والجمود، وقد وصف الشيخ امحمَّد بن يوسف اطفيَّش هذه الحال قائلا: «وإنَّما أطنب في هذا المقام
__________
(1) عثمان باشا: داي الجزائر، سيرته وحروبه، نظام الدولة والحياة العَامَّة في عهده، المؤسَّسة الوطنيَّة للكتاب، الجزائر، 1986م، 138.
(2) إبراهيم طلاي: ميزاب بلد كفاح: 46 - 47.
(3) المرجع نفسه: 49.
(4) حمُّو عيسى النوري: نبذة من حياة الميزابيِّين، دار الكروان، باريس، 1984م: 1/ 307. محَمَّد ناصر: الشيخ القرادي حياته وآثاره، نشر جمعية النهضة، المطبعة العَرَبِيَّة، غرداية 1990م: 230.
(1/21)
لأحرِّك أذهانا أَلِفت الجمود، وأهيج أفهاما طالما مال نيرانها إلى الخمود» (1)؛ ولم يمنع هذا الوضع من وجود بعض الحركات الإصلاحيَّة التي قام بها بعض من سبقوا الشيخ اطفيَّش مثل حركة الشيخ أبي زكرياء يحي بن صالح (2)، فحركة الشيخ عبد العزيز الثميني (3)؛ ثمّ جاء عصر الشيخ اطفيَّش في المرحلة الثالثة من أدوار النهضة الحديثة بوادي ميزاب كما يقسمها الأستاذ محَمَّد علي دبُّوز (4)، ولم تكن هذه الفترة الأخيرة
__________
(1) - حاشية السؤالات، (خ) مكتبة القطب، بني يزقن، (ا - و: 7): ظ: 96.
(2) أبو زكرياء يحي بن صالح الأفضلي (1120 - 1202هـ) من أوائل من قام بنهضة في وادي ميزاب، انتقل إلى جربة بتونس وبقي متعلِّما فيها مُدَّة طويلة، رجع إلى وطنه مدرِّسا ومصلحا اجتماعيًّا، لقي معارضة شديدة، لم تنشر له مؤلَّفات، وتخرَّج عليه من حمل أفكاره ونشرها، توفِّي ودفن ببني يزقن. انظر: محَمَّد علي دبوز: نهضة الجزائر: 1/ 254 - 262. عبد العزيز الثميني: النيل وشفاء العليل، ط2، المطبعة العَرَبِيَّة، الجزائر، 1967م، ينظر مُقَدِّمَة المصحِّح عبد الرحمن بكلِّي: 1/ 12.
(3) عبد العزيز الثميني بن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الله: توفّي سنة 1130هـ أصله من بني يزقن، انتقل مع والده إلى وارجلان، وتعلَّم بها و عمل في تجارة أبيه، ثُمَّ تركها ليلتحق بمدرسة أبي زكريا يحي بن صالح فكان من أبرز تلاميذه، ترأَّس مجلس العزَّابة ثُمَّ مجالس وادي ميزاب عَامَّة، أصبحت كتبه معتمد الإِبَاضِيَّة وخاصَّة “كتاب النيل وشفاء العليل”، و“معالم الدين”، و“التكميل لما أخلَّ به كتاب النيل” ... انظر: محَمَّد علي دبُّوز: النهضة: 1/ 263 - 279. عبد العزيز الثميني: النيل: مُقَدِّمَة المصحِّح: 1/ 12 - 14.
(4) محَمَّد علي دبُّوز: النهضة: 1/ 289؛
المؤلِّف: محَمَّد علي دبُّوز: ولد ببريان (1337هـ/1919م) تعلَّم بها ثُمَّ بالقرارة وانتقل إلى تونس متعلِّما؛ عاد فدرَّس في معهد الحياة؛ اهتمَّ بتاريخ المغرب والجزائر خاصَّة. له:“تاريخ المغرب الكبير”، “نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة”، “أعلام الإصلاح في الجزائر”؛ توفي في 16محرَّم 1402هـ/13 نوفمبر 1981م؛ انظر: الحاج سعيد يوسف: تاريخ بني مزاب دراسة اجتماعية واقتصاديَّة وسياسيَّة: المطبعة العَرَبِيَّة، غرداية، 1992م: 229 - 230.
(1/22)
ناقصة في الجانب العدديِّ من أهل العلم، بقدر ما كانت تتَّسم بطغيان سلطة غير العلماء، واضطهادهم، إذ رغم جهود المصلحين بقي الوضع كما هو مليئا بالقلاقل والجهل والتخلُّف (1).
2 - نسب الشيخ اطفيَّش ومولده
هو الشيخ امحمَّد بن يوسف بن عيسى بن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى بن إسماعيل اطفيَّش، هذا ما ذكره بنفسه مرَّات متعدِّدة (2)، ومنه نقل من ترجم له أو كتب عنه (3) وينتهي نسب الشيخ إلى الحفصيِّين العائلة المالكة بالمغرب (625 - 983هـ/ 1229 - 1574م)، ثُمَّ يصله إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب t (4) ؛ ولا نستطيع أن نجزم بصحَّة النسب إلى عمر بن الخطَّاب t لعدم توفُّر الأَدِلَّة الواضحة في تسلسل هذا النسب، ولطول الأمد بين عصر الراشدين وعصر الشيخ وكذا بُعد الشقَّة، كما لا يمكن الجزم بعدمه لكن يبقى السؤال: هل ينتهي نسبه حقيقة إلى بني عديٍّ بالجزيرة العَرَبِيَّة؟ فالبعض ينتهون به إلى الحفصيِّين الهنتاتيِّين فقط، إِلاَّ أنَّه يؤكِّد بنفسه الانتهاء إلى بني عديٍّ؛ ولا يكون في هذا إِلاَّ سائرا على منهجه في الرسالة الشافية التي حاول فيها إثبات النسب العربيِّ لكثير من العشائر بوادي ميزاب، ومنها عائلته وعشيرته، وَلَعلَّهُ تابع في ذلك ابن خلدون حين نقل نسب
__________
(1) يحي بكُّوش: شرح النيل دائرة معارف إسلاميَّة، المطبعة العَرَبِيَّة، غرداية، 1984م: 22.
(2) - قصيدة المعجزات، (خ) مكتبة الاستقامة، بني يزقن، (ف:11): 30 - 31. - الرسالة الشافية، ط2، د. م. 1326هـ: 122.
(3) - الذهب الخالص: ط 2، مطبعة البعث، قسنطينة، 1980م: انظر مُقَدِّمَة أبي إسحاق للكتاب. محَمَّد علي دبُّوز: نهضة: 1/ 290.
(4) - قصيدة المعجزات: 30، 31؛ - تلقين التالي لآيات المتعالي، (خ) مكتبة الاستقامة (جـ - 67): و:23.
(1/23)
الحفصيِّين إلى بني عديٍّ أيضا (1).
وتُلقَّب أسرته بلقب «اطفيَّش»، وهو في لغة ميزاب بمعنى: «خُذْ تَعَالَ كُلْ» من ثلاثة مقاطع بهذا الترتيب، وربَّما هو «كناية عن الكرم والجود» (2) في هذه العائلة. أَمَّا نسبه من جهة أمِّه فَإِنَّهَا السيِّدة مَامَّه سَتيِّ بنت الحاج سعيد بن عَدُّون بن يوسف بن قاسم بن عمر بن موسى بن يَدَّرْ من عشيرة آل يَدَّرْ ببني يزقن (3).
واشتهر الشيخ اطفيَّش عند الإِبَاضِيَّة بلقب «القطب» (4) حتّى أصبح لقبا مقصورا عليه، وليس لهذا اللقب معنى من معاني رتب المتصوِّفة، ولكن يَدُلُّ على مكانة الشيخ وعلى كونه مرجعا للإباضيَّة في وقته وما زال.
أَمَّا عن تاريخ مولد الشيخ فإنَّ بعض المصادر تشير إلى أنَّه كان سنة 1236هـ (5)، ومصادر أخرى تحدِّده بسنة 1237هـ (6)، وإذا رجعنا إلى الشيخ اطفيَّش
__________
(1) ابن خلدون: تاريخ العلاَّمة ابن خلدون، دار الكتاب اللبناني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق