الكتاب : آية استئذان المماليك والأطفال لإدريس مسعودي - ب تخرج
ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع
بسم الله الرحمن الرحيم
سلطنة عمان.
وزارة الأوقاف والشّؤون الدّينيّة.
معهد العلوم الشّرعيّة.
آية استئذان المماليك والأطفال
أحكامها الشرعيّة وآثارها النّفسيّة والتّربويّة والاجتماعيّة
إعداد الطّالب:
إدريس بن محمّد بن صالح مسعودي
بحث مقدّم:
لمسابقة ابن عمير للبحث العلمي
الفصل الخامس/ ب : 1424هـ /2003م .
تنبيهات
01_ يرجى عدم اعتماد شيء مما جاء في هذا البحث إلا بعد عرضه على أهل العلم والحكم عليه، فهذا العمل ما هو إلا جهد المقلّ المقصرّ، وما هو إلاّ للتّدريب على البحث العلميّ وللمشاركة به في مسابقة ابن عمير الثّقافيّة بالمعهد، فما كان فيه صواباً فمن الله وله الحمد والمنّة، وما كان فيه من خطإ فمن نفسي ومن الشّيطان، فأستغفر الله تعالى والله المستعان.
02_ تعديل الخاتمة؛ لأنهّا لا تشتمل على جميع ما جاء في البحث من نتائج.
03_ التأكد من أرقام الصفحات.
الإهداء
إلى والدتي الكريمة التي سهرت على تربيتي،
وإلى روح أبي الذي رباني على دين الفطرة مبرّة وولاء.
ومن لا يفتأ القلب يذكرهما حبًا ودعاءً.
إلى أم محمد مودة ورحمة، جزاء صبرها، عوضها الله أجرًا.
إلى أساتذتي الفاضلاء، وإلى كل معلم أضاء لي حرفا على طريق النور، فجزاهم الله عني وعن الإسلام خيرا.
إلى كل مسلم غيور يسعى إلى خدمة هذا الدين، وإلى وحدة المسلمين.
أبو محمد إدريس
المقدّمة
التّمهيد
بين يدي السّورة
عرض الآية
بسم الله الرحمن الرحيم
- - - - -
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أشْرَفِ المُرْسَلِينَ، وَبعْدُ:
(1/1)
الحمد لله فارق الفرقان، منزّل القرآن، عالم السّرّ والإعلان، الذي خلق الإنسان وعلّمه البيان، القائل في محكم كتابه: { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (1) ، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، سيّدنا محمّد الذي أرشد إلى الآداب والأخلاق الحميدة والذي كان خلقه القرآن، فكان الرّحمة المهداة للعالمين، وعلى صحابته الكرام، والتّابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، وبعد:
فهذا بحثٌ في تفسير آيةٍ من كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، والآية الّتي أردت أن أكتب حولها هي من الآيات الّتي اهتمّت بالآداب والأخلاق الإسلاميّة الرّفيعة، والّتي لها ما لها من القيم إن طبّق المسلمون ما جاء فيها، كما هي من الخطورة بمكان إذا لم يلتزموا بما ورد فيها، هذه الآية هي آية الاستئذان داخل البيوت والّتي جاءت في سورة النّور.
فقد بيّنَتْ هذه الآية الكريمة المنهج السّليم الذي يجب أن ينهجه كلّ من ينشد الفلاح في هذه الدّنيا، وكلّ من أراد إجلاء معالم الطّريق الّتي يرضاها الله تبارك وتعالى لعباده المؤمنين، وقد اهتمّت بالبيت المسلم لتبيّن أساس العلاقات العفيفة وتكشف منافذ الشّيطان لتقطع له كلّ سبله ومكايده الكفيلة بتهديم الأواصر داخل هذه البيوت، ولتمنع بعد ذلك المجتمع الإسلاميّ من الزّلل بحفظه لتلك الخليّة الأولى، والاستئذان الذي أرشدت إليه الآية لا يعدو أن يكون علاقةً من العلاقات الّتي تربط بين الأفراد ذكوراً كانوا أم إناثاً، فوضعت له ضوابط وشروطاً لتنظّم مثل هذه العلاقات الخطيرة لترسو بها إلى شاطئ الأمان بسلام.
__________
(1) _ القمر: 17.
(1/2)
"فهذا الميدان بين الذّكر والأنثى خضمّ من المجاهل، والّذي هلك فيه تسعةٌ وتسعون في المائة من الهالكين، وهو أخطر ما يُبتلى به إنسان، وهو أكثر ما يؤدّي بأصحابه إلى كبائر أخرى ثمّ إلى النّار، ولعلّ أكثر من سرق سرق من أجل الفسق، وشرب الخمر والدّخان وتعاطى المخدّرات من أجل الفسق" (1) .
فقد تأخّرت هاته الآيتان عن آيات الاستئذان لدخول بيوت الغير والأماكن العامّة كما فُصل بينهما بثمانٍ وعشرين آيةً تتضمّن التّمهيد الّذي يوجب الامتثال للأوامر والنّواهي الواردة فيها، وكلّ هذا من أجل زيادة اعتناء بالاستئذان الدّاخليّ لاسيّما وأنّه غير ساري التّنفيذ، ويدخل فيه التّساهل أكثر من غيره، ممّا يترتّب عليه من الضّرر والأخطاء ما لا تحمد عقباه (2) .
__________
(1) _ في رحاب القرآن، تفسير سورة النّور: فضيلة الشيخ الإمام إبراهيم بن عمر بيّوض (1316هـ-1401هـ/1899م-1981م)، تحرير عيسى بن محمّد الشّيخ بالحاج، نشر جمعيّة التّراث، القرارة، غرداية، طبع سنة 1998م المطبعة العربيّة، غرداية، 06/425.
(2) _ سورة النّور دراسة وتحليل: الدّكتور إسماعيل إبراهيم علي السّامرّائي (معاصر)، دار عماد للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى 2003م، عمّان، الأردن، 526.
(1/3)
فالدّراسات السّابقة قد اهتمّت بالموضوع وعالجته، والمصادر المعتمدة في البحث بالدّرجة الأولى هي التّفاسير القديمة منها والحديثة، ثمّ في الدّرجة الثّانية تأتي كتب الفقه على اختلاف مذاهبها، وكذلك كتب السّنن والمعاجم اللّغويّة والتّراجم وبعض الكتب العلميّة الأخرى، فكتب التّفسير قد درست الموضوع وتناولته بالشّرح ولم أجد صعوبةً في البحث عنها فهي متوفّرةٌ وبكثرةٍ، ولم تكن هناك مشاكل تذكر خلال العمل، غير ما كان في فصل المسائل عن بعضها البعض؛ لأنّني لم أجد أحداً فصّلها ورتّبها كما هو المطلوب للاستفادة منها، وهذا ما أريد في هذه المحاولة إبداعه وهو الجمع بين عدّة أقوالٍ للعلماء قديماً وحديثاً، قدر الإمكان لإثراء الموضوع، ورأيت أن أعرض الموضوع بنوعٍ من التّفصيل وأن أرتّبه إلى أبوابٍ، فحاولتُ أن أتعرّض لكلّ المسائل الفقهيّة الّتي لها علاقة بالآية فوضعتها في مبحثٍ خاصٍّ بها، مع ذكر اختلافات العلماء فيها وترجيح ما أمكن ترجيحه، كما كان من أهداف البحث الوصول إلى الحكم التّشريعيّة من هذه الآية الكريمة وآثار خلق الاستئذان النّفسيّ والتّربويّ والاجتماعيّ، وإنْ كان لا يعلمُ إلا الله تعالى بقدرته وعلمه حكمةَ وعظمةَ أوامره ونواهيه، فكان هذا البحث قد جمع بين التّفسير والفقه مع إسقاطهما على الواقع، واستنطاق النّصوص واستخراج فوائدها، وسعيُنا هذا عبارةٌ عن محاولةٍ لتقديم شرع الله تعالى إلى كلّ من أراد استجلاء مكنونه، والاغتراف من معينه الذي لا ينضب، والقرآن العظيم هذا الدّستور الذي لم تملّه العلماء ولم تنته الجنّ إذ سمعته فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرّشد فآمنّا به، فهو في حاجةٍ إلى من يَسبِر أغواره ويخرج كنوزه إلى المسلمين ليتمثّلوا ويطبّقوا ما جاء فيه كي يسعدوا به في دنياهم وأخراهم، ورمياً إلى هذا أردت أن أقدّمه إلى القارئ في صورةٍ مبسّطةٍ يمكن معها الاستفادة أكثر، فقد استهللتُ البحث
(1/4)
بوضع تمهيدٍ له، وقسّمت البحث إلى مبحثين، أوّلهما كان للدّراسة الشّكليّة للآية، وبعض خصائصها وتفسيرها التّفصيلي، وبه ثلاث مطالب، أمّا المطلب الأوّل فيحتوي على الشّرح اللّغوي والتّحليل وعلى النّكت البلاغيّة وعلى أوجه القراءات الواردة في الآية وإعرابها، والمطلب الثّاني يتضمّن المعنى الإجماليّ للآية ولطائفها، ومناسبة وأسباب نزولها، وما قيل في نسخها، وثالثها خصّصته للتّفسير التّفصيلي لما جاء في الآية الكريمة، أمّا بالنّسبة للمبحث الثّاني فكان للأحكام الشّرعيّة والحِكَم المستنبطة منها، وهو مقسّم إلى مطلبين، أوّلها في الأحكام، والثّاني لاستنباط الحِكَم والآثار النّفسيّة والتّربويّة والاجتماعيّة، وحوصلةً للموضوع وضعت خاتمةً له لخّصت فيها نتائج البحث، ثمّ أتبعتها بقائمةٍ للمصادر والمراجع المعتمدة في هذا البحث.
في الأخير أحمد الله تعالى على مدّ يد العون لي وتوفيقه لي بإكمال هذا العمل، وشكري إلى كلّ من دلّني وأرشدني إلى معلومةٍ من الأساتذة وغيرهم، فالله نسأل أن يلهمنا رشدنا ويسدّد خطانا إلى القول في شرعه بما يليق به ويجنّبنا الزّلاّت، فنعوذ بالله من الشّياطين ومغامزهم ومن أن يحضرونا، ونسأله أن يرزقنا أجر الاجتهاد بفضله ـ ءامين ـ .
_ وبه: إدريس بن محمّد مسعودي.
_ مسقط يوم السّبت 12 شوّال 1424هـ.
_ 06 ديسمبر 2003م.
تمهيد
من صفات الأمم المتحضّرة أن تكون لها في علاقاتها ببعضها آداب تمتاز بالرّقي وعادات حسنة يسيرون وفقها متميّزين عن غيرهم من الشّعوب الّتي تعاني الفساد والانحلال أو المتأخرّة في نموّها اجتماعيّاً.
(1/5)
فديننا الحنيف الّذي شرعه الله لنا من فوق سبع سماوات قد استوفى جميع هذه الآداب الّتي يجب أن يسير عليها الفرد المسلم، فوفّاها حقّها بالرّعاية الكاملة وجعلها موازية للذّوق السّليم الفطريّ، فمن هذه الآداب التّي سنّها: الاستئذان والتّحية، فهما الآن من مميّزات أهل الحضر والمدن، فهم لا يتسامحون فيها، وينعتون تاركها بقلّة الأدب والأخلاق، ولم يكن عندهم ظريفاً، غير أنّ الإسلام قد جاء بهذه منذ أجيال وقرون بعيدة، فقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَانِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ ... } (1) ، وقوله في آية أخرى: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لِيَسْتاذِنْكُمُ الذِينَ مَلكَتَ اَيمانُكُمْ وَالذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ... } (2) .
فالله تبارك وتعالى يؤدّب عباده المؤمنين بالآداب الجليلة و يدعوهم للتّخلّق بكلّ أدبٍ رفيعٍ، فيأمُرهم عند إرادة الدّخول إلى بيوت الغير بالاستئذان، والسّلام على أهل البيت، كما ينهاهم عن الدّخول بغير إذنٍ كي لا تقع عيونُهم على ما يسوء أهل البيت كالإطّلاع على عوراتهم أو على مكروهٍ لا يحبّه أهل البيت؛ لأنّ في الاستئذان والسّلام ما يدفع الرّيبة ويجعل الزّائر محترماً مكرّماً مستأنساً بِهِ (3) .
__________
(1) _ النّور:27.
(2) _ النّور:58.
(3) _ روائع البيان تفسير آيات الأحكام من القرآن: محمّد علي الصّابوني(معاصر)، الطّبعة الأولى، 1301هـ/1971م، مطبعة دار القلم، بيروت، لبنان، 02/128.
(1/6)
فقد أمر الله المؤمنين بأن يستأنسواْ بمراعاة الأوقات وأن يفكّروا جيّداً قبل القيام بالزّيارة كي تؤتي ثمارها المرجوّة منها، وأن لا يدخلوا البيت ولو كان فيه أهله إذا لم يأمروهم بالدّخول، ولا يدخلوه كذلك إذا كان خالياً من أحد، وقد فصّل في الأحكام وعدّدها بين من هو بالغ وبين من هم دون ذلك، ومن هو حرّ وبين من هو مملوك.
فبتطرّق الإسلام إلى مثل هذه الآداب يكون منهج حياة كامل، "فهو ينظّم حياة الإنسان في كلّ أطوارها ومراحلها، وفي علاقاتها وارتباطاتها، وفي كلّ حركاتها وسكناتها، ومن ثمّ يتولى الآداب اليوميّة الصّغيرة كما يتولّى بيان التّكاليف العامّة الكبيرة وينسّق بينها جميعاً ويتّجه إلى الله في النّهاية" (1) .
فالإسلام لم يغفل أيّ شيء، كيف وقد قال الله تعالى: { مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } (2) ، فالشّيء يحتمل كلّ ما هو موجود، فقد جاء الشّيء منكّرًا ثم نُفي، فهذا غاية في النّفي فسبحان من لا تخفى عنه خافيّة، لذلك لا مجال للاستغراب بما جاء به القرءان الكريم، فكلّما بحثنا وتدقّقنا في معانيه إلاّ واكتشفنا سراًّ آخر وحكمةً إلهيةً.
__________
(1) _ في ظلال القرآن: سيّد قطب،نشر دار الكتاب العربيّ، بيروت، لبنان، الطّبعة الخامسة، 1383هـ-1967م، دار إحياء التّراث العربي، بيروت لبنان، 18 /122.
(2) _ الأنعام: 38.
(1/7)
وفي بحثنا هذا سنحاول استنباط بعض الأحكام مع ذكر اختلافات العلماء إن وجدت وذلك في قوله تعالى في الآية 58 و59 من سورة النّور: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لِيَسْتَاذِنْكُمُ الذِينَ مَلكَتَ اَيمانُكُمْ وَالذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيَرةِ ومِن بَعْدِ صَلاَةِ العِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْراتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الاَطْفَالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَاذِنُواْ كَمَا اسْتَاذَنَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ ءَايَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكيِمٌ } ، حيث أنّ هذه الآية في موضوع الاستئذان في دخول البيوت من ما ملكت اليمين والأطفال دون البلوغ، فالله نسأل أن يلهمنا رشدنا ويسدّد خطانا إلى القول في شرعه بما يليق به ويجنّبنا الزّلاّت، فنعوذ بالله من الشّياطين ومغامزهم ومن أن يحضرونا، ونسأله أن يرزقنا أجر الاجتهاد بفضله ـ ءامين ـ .
بين يدي السورة
الآيات السّابقة والمراد تفسيرها من سورة هي فيض من فيوضات رحمة الله وجوده على عباده، فيها أنوارٌ من أنوار الشّريعة والّتي قال فيها عمر بن الخطّاب يوصي أهل الكوفة: علّموا نساءكم سورة النّور، وقالت عائشة رضي الله عنها:لا تُنْزِلُوا النّساء الغرف ولا تعلمونهنّ الكتابة وعلموهنّ سورة النّور والمغزل (1) ،
__________
-1
(
) _ الجامع لأحكام القرآن: لأبي عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ، المتوفّى سنة (671هـ/1273م)، نشر دار الكاتب العربي للطّباعة والنّشر، القاهرة، 1387هـ/1967م، تصدرها وزارة الثّقافة، المؤسّسة المصريّة العامّة للتّأليف والنّشر، 12/158.
(1/8)
وهذا كلّه لأهمّيّتها في حياة المؤمن.
إنّها سورة النّور، ويكفي هذه السّورة عظمةً أن تستمدّ اسمها من أسماء الله الحسنى، ويذكر فيها النّور بلفظه متّصلاً بذات الله تعالى: { اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ } (1) ، ويذكر فيها النّور بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح (2) .
لقد أنزل الله هذه السّورة لتكون آياتها دستوراً عمليّاً للمسلمين في بعض جوانب حياتهم وتكلّمت عن علاقة الرّجل بالمرأة حيث يمنع انحرافها، لتخلق مناعةً داخليّةً، وهي تواجه بالرّدع القانونيّ الحاسم الذي يعاقب المنحرفين ويمنع الاتّهامات غير المسؤولة والإشاعات الطّائشة، فليس للإنسان أن يقول كلّ ما يعلمه من شؤون النّاس (3) .
ومن حيث مكّيّة السّورة ومدنيّتها فقال القرطبيّ أنّها مدنيّة بالإجماع (4) ، نقل الألوسيّ: أنّها مدنيّة كما أخرج ابن مردويه عن ابن عبّاسٍ، وابن الزّبير رضي الله تعالى عنهم، وحكى أبو حيان الإجماع على مدنيّتها ولم يستثن الكثير من آيها شيئاً (5) .
__________
(1) _ النّور: 35.
(2) _ في ظلال القرآن: 18/55،56.
(3) _ تفسير من وحي القرآن: سماحة آية الله العظمى السّيّد محمّد حسين فضل الله، دار الملاك للطّباعة والنّشر والتّوزيع، الطّبعة الثّانية، 1998م، بيروت، لبنان، 16/214.
(4) _الجامع لأحكام القرآن: 12/158.
(5) _ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسّبع المثاني: للعلاّمة أبي الفضل شهاب الدّين السّيد محمود بن عبد الله الحسينيّ الألوسيّ البغداديّ (1217هـ-1270هـ/1802م-1854م)، نشر وتصحيح، إدارة الطّباعة المنيريّة دار إحياء التّراث العربي، د ت، بيروت، لبنان، 18/74.
(1/9)
فقد اتّفق أهل العلم على مدنيّة السّورة، ومن قال: إنّها مكّيّة فإنّ الشّيخ الطّاهر بن عاشور (1) أرجع سبب ذلك بما وقع في نسخ تفسير القرطبيّ عند قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لِيَسْتاذِنْكُمُ الذِينَ مَلكَتَ اَيمانُكُمْ } في المسألة الرّابعة كلمة (وهي مكيّة) يعني الآية، فنسب الخفّاجي إلى القرطبيّ في حاشيّته على تفسير البيضاويّ (2)
__________
(1) _ محمّد الطّاهر بن عاشور (1296هـ-1393هـ/م-1973م): رئيس المفتين المالكيّين بتونس، وشيخ جامع الزّيتونة وفروعه بتونس، مولده ووفاته ودراسته بها، عيّن عام 1932م شيخاً للإسلام مالكيًّا، وهو من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة، له مصنّفات مطبوعة، من أشهرها، مقاصد الشّريعة الإسلاميّة، وأصول النّظام الاجتماعي، والتّحرير والتّنوير في تفسير القرآن، وهو والد محمّد الفاضل، (الزّركليّ: 06/174).
(2) _ حاشية الشّهاب المسمّاة عناية القاضي وكفاية الرّاضي: للقاضي شهاب الدّين أحمد بن محمّد بن عمر الخفّاجيّ (ت: 1069هـ) على تفسير البيضاويّ للإمام أبي سعيد ناصر الدّين عبد الله بن عمر بن محمّد (ت: 691هـ)، تحقيق، الشّيخ عبد الرّزّاق المهدي، منشورات محمّد علي بيضون، الطّبعة الأولى، 1997م، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، 07/03..
(1/10)
وتبعه الألوسيّ أنّ تلك الآية مكيّة مع أنّ سبب نزولها الذي ذكره القرطبيّ صريح في أنّها نزلت بالمدينة، كيف وقد قال القرطبيّ في أوّل السّورة (مدنيّة بالإجماع) ولعلّه قد طرأ التّحريف حين النّسخ من تفسير القرطبيّ، وأنّ الصّواب الكلمة (وهي محكمة) بدل (وهي مكيّة) أي غير منسوخٍ حكمها، ومن آيات السّورة قصّة الإفك وهي نازلةٌ عقب غزوة بني المصطلق والأصحّ أنّها كانت سنة أربعٍ قبل غزوة الخندق (1) .
وهناك أدلّة أخرى ساقها صاحب التّحرير والتّنوير تدلّ على أنّ السّورة مدنيّة يطول المقام بذكرها، ولكنّ الخفّاجي يقول: أنّه لا وجه لقول القرطبيّ أنّ السّورة مكّيّة، كما أنّ الدّليل في الآية المدروسة حيث قال: إنّ الآية مدنيّة كالسّورة؛ لأنّ الغلام أنصاريّ والآية مصدّرة بـ (يا أيّها الذين آمنواْ) (2) .
فالسّورة في مجموعها اهتمّت بالقضايا العامّة والخاصّة الّتي تربّي بها الأفراد والجماعات، واشتملت على أحكامٍ وتوجيهاتٍ تتعلّق بالأسرة المسلمة الطّاهرة العفيفة الّتي تعتبر النّواة الأولى لبناء المجتمع، فهي تؤسّس لبنائها؛ لأنّها هي الخليّة الأولى في بناء حضارةٍ إسلاميّةٍ تستحقّ الاستخلاف في الأرض وتقوم به العقيدة قولاً وعملاً، جوهراً ومظهراً، ديناً ودنياً.
__________
(1) _ تفسير التّحرير والتّنوير: الشّيخ محمّد الطّاهر بن عاشور (1296هـ-1393هـ/م-1973م)، الدّار التّونسيّة للنّشر، تونس، طبع سنة 1984م، المؤسّسة الوطنيّة للكتاب، الجزائر، 18/139.
(2) _ حاشية الشّهاب: 07/86.
(1/11)
فمن الآداب الاجتماعيّة والأخلاق النّفسيّة والعائليّة والجماعيّة الّتي أوردتها السّورة قضيّة الاستئذان عند دخول البيوت، وغضّ البصر وحفظ الفرج، وحرمة اختلاط الرّجال بالنّساء الأجنبيّات وما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المسلمة من العفاف والسّتر والطّهر حفاظاً عليها من التّفكّك والانهيار الخلقيّ الذي يهدّم الأمم والشّعوب بتهدّم تلك النّواة الأولى، وقد ذكرت هذه السّورة الكريمة بعض الحدود الشرعيّة كحدّ الزّنى وحدّ القذف وحدّ اللّعان، وكلّ هذه الأحكام شرعت حفاظاً على الأمّة من عوامل التّردّي في حفرة الإباحيّة والفساد، فقد عالجت ناحيّةً من أخطر النّواحي الاجتماعيّة ألا وهي الأسرة وما يحفّها من مخاطر لينقذها إلى شاطئ السّلامة (1) .
والمحور الذي تدور حوله السّورة كلّها هو محور التّربيّة والّتي تشتّد في وسائلها إلى درجة الحدود، وترقّ إلى درجة اللّمسات الوجدانيّة الرّقيقة الّتي تصل القلب بنور الله وآياته في ثنايا هذه الحياة والكون، والهدف في الشّدّة واللّين واحدٌ هو تربيّة الضّمائر واستجاشة المشاعر حتّى تتّصل بنور الله، وقد جمعت أنواعاً من الآداب والأخلاق وكلّها نابعةٌ من معين واحدٍ هو العقيدة في الله (2) .
ومحور هذه السّورة فيه خمسة أشواطٍ:
_الشّوط الأوّل: الإعلان الحاسم الّذي تبدأ به ويليه حدّ الزّنى ثمّ بيان حدّ القذف وعلّة التّشديد فيه ثمّ حديث الإفك، وينتهي بمشاكلة الخبيثين للخبيثات والطيّبين للطّيّبات.
_الشّوط الثّاني: يتناول وسائل الوقاية من الجريمة فيبدأ بآداب البيوت والاستئذان على أهلها والأمر بغضّ البصر والنّهي عن إبداء الزّينة والحضّ على إنكاح الأيامى، والتّحذير من دفع الفتيات إلى البغاء .
__________
(1) _ صفوة التّفاسير: محمّد علي الصّابوني (معاصر)، مكتبة جدّة، الطّبعة الخامسة، 1986م، دار القلم، بيروت، لبنان، 2/324.
(2) _ في ظلال القرآن: 18/55-56.
(1/12)
_الشّوط الثّالث: يتوسّط مجموعة الآداب السّابقة فيربطها بنور الله، ثم يتحدّث عن بيوت الله وفي الجانب المقابل يتحدّث عن الكافرين وأنّ أعمالهم كسرابٍ أو كظلمات بعضها فوق بعض، ثمّ يكشف عن فيوض من نور الله من تسبيح الخلائق لله، وإزجاء السّحاب وتقليب اللّيل والنّهار، وخلق الدّابة من ماء واختلافاتها العجيبة.
_الشّوط الرّابع: يتحدّث عن مجافاة المنافقين للأدب الواجب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطّاعة والتّحاكم ويصوّر أدب المؤمنين الخالص ويعدهم على ذلك بالاستخلاف في الأرض.
_الشّوط الخامس: يعود إلى آداب الاستئذان في محيط البيوت بين الأقارب[وعلاقة الزّيارة والطّعام بين الأقرباء والأصدقاء] (1) وإلى آداب الجماعة المسلمة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتتمُّ السّورة بإعلان ملكيّة الله لما في السّماوات والأرض وعلمه بواقع النّاس وأنّ رجعتهم إليه وحسابهم على ما يعلمه من أمرهم، وهو بكلّ شيءٍ عليمٌ (2) .
__________
(1) _ زيادة رأيت من اللاّئق أن تدرج في النّص، وقد يكون المؤلف تركها غفلة.
(2) - في ظلال القرآن: 18 /56.
(1/13)
هذا عن السّورة وما جاء فيها عموماً، أمّا بحثنا هذا فهو بصدد تناول آيتين كريمتين نورانيّتين من هذه السّورة لقصر الجهد والمؤونة، وهما آيتا الاستئذان في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لِيَسْتَاذِنْكُمُ الذِينَ مَلكَتَ اَيمانُكمْ ... كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ ءَايَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكيِمٌ } ، فهذه الآيتان اشتملتا على الاستئذان بين الأقارب بعضهم على بعض، أمّا ما تقدّم في أوائل السّورة من قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَانِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ... } ، فتناولت استئذان الأجانب بعضهم على بعض (1) .
فالآيتان المراد تفسيرهما قد خصّتا استئذان ما ملكت اليمين من العبيد والإماء والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، وما تنجرّ عليه من أحكام، وحكم الأطفال كذلك إذا بلغوا الحلم على اختلافهم أقاربًا كانوا أم أجانبًا.
- - - - - - -
عرض الآية:
قال تبارك وتعالى في الآية رقم: 58 و59 من سورة النّور:
{
__________
(1) _ تفسير القرآن العظيم: الإمام الجليل الحافظ عماد الدّين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشيّ الدّمشقيّ (701هـ-774هـ/1302م-1373م)، تصحيح وطبع لجنة من العلماء، دار الفكر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، الطّبعة الثّانيّة، 1379هـ-1970م، بيروت، 05/123.
(1/14)
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لِيَسْتَاذِنْكُمُ الذِينَ مَلكَتَ اَيمانُكُمْ وَالذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيَرةِ ومِن بَعْدِ صَلاَةِ العِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الاَطْفَالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَاذِنُواْ كَمَا اسْتَاذَنَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ ءَايَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكيِمٌ } .
-
المبحث الأوّل:
الدّراسة الشّكليّة للآية، وبعض الخصائص وتفسيرها التفصيليّ:
(وتندرج تحته ثلاثة مطالب):
المطلب الأوّل: الدّراسة الشّكليّة للآية.
المطلب الثّاني: بعض الخصائص.
المطلب الثّالث: التّفسير والبيان.
01_ المطلب الأوّل:
دراسة بعض ألفاظ الآية، ونكتها البلاغيّة، وأوجه القراءات (وبه ثلاثة فروعٍ):
الفرع الأوّل: اللّغة والتّحليل.
الفرع الثّاني: النّكت البلاغيّة.
الفرع الثّالث: أوجه القراءات وإعرابها.
الفرع الأوّل: اللّغة والتّحليل:
1_ الاسْتِئْذَانُ:
"أَذِنَ بالشَّيء كسمِع، إِذناً بالكسر، ويُحرّك أذاناً وأذانةً: علم به، فأذنوا بحرب، أي كونواْ على علمٍ، وآذنَه الأمر، وبه أعلَمَهُ" (1) .
__________
(1) _ القاموس المحيط: للعلاّمة مجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروز أبادي الشّيرازي (729هـ-817هـ/1329م-1415م)، نسخة مصوّرة عن الطّبعة الثّالثة للمطبعة الأميريّة، سنة 1301هـ، نشر الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، سنة 1977م، فصل الهمزة باب النّون، 04/192.
(1/15)
"وقد قُرِئَ فآذِنُوا بحربٍ من الله ورسوله، معناه: أي أَعْلِمُوا كلّ من لم يترك الرّبا بأنّه حرب من الله ورسوله ... أذنتُ لفلان في أمرِ كذا، وكذا آذن له إذناً، بكسر الهمزة وجزم الذّال، واستأذَنتُ فلاناً استئذاناً ... وآذَنتُه: أعلَمْتُه ... واستأذَنَه: طلب منه الإذن" (1) .
{ لِيَسْتَاذِنكُمُ } : اللاّم لام الأمر، واستأذن: طلب الإذن؛ لأنّ السّين والتّاء للطّلب مثل، استنصر: طلب النّصرة، واستغفر: طلب المغفرة، والاستئذان المذكور في الآية يراد به الإعلام بالحضور والسّماح للمستأذن بالدّخول" (2) .
2_ الحُلُمُ:
الحُلُم: الاحتلام في المنام، وهو دليل على بلوغ الصّبيّ، قال في القاموس: "الحلُم: الرّؤيا، جمعه أحلام، والحلم والاحتلام: الجماع في النّوم" (3) .
وفسّره الشّيخ أطفيّش بأنّه: "العقل الذي يعرف بعلامات البلوغ" (4) ، ومنه نقول بلغ الطّفل الحُلُم إذا بلغ سنّ التّكليف، بلوغ الصّبيّ هو حصول الحلم أي الماء الدّافق، وهو المنيّ الذي يخرج عن لذّة وتشهّي، ويكون في اليقظة والمنام (5) .
__________
(1) _ لسان العرب: للعلاّمة أبي الفضل جمال الدّين محمّد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصريّ، دار صادر للطّباعة والنّشر ، الطّبعة الأولى، 2000م، بيروت، لبنان، مادّة أذن، 01/78.
(2) _ روائع البيان: 02/202.
(3) _ القاموس المحيط: فصل الحاء باب الميم، 04/98.
(4) _ تيسير التّفسير للقرآن الكريم: العلاّمة الفقيه الشّيخ أمحمّد بن يوسف أطفيّش (قطب الأئمة)، وزارة التّراث القومي والثّقافة، سلطنة عمان، طبعة سنة 1407هـ-1987م، 09/147.
(5) _تلقين الصّبيان ما يلزم الإنسان: للعلاّمة المحقّق الإمام نور الدّين السّالميّ، مكتبة الضّامريّ للنّشر والتّوزيع، الطّبعة الخامسة عشر، 2001م، سلطنة عمان، 23.
(1/16)
"وقال الرّاغب (1) : الحلم زمان البلوغ، وسمّي الحلم لكونه جديراً بالحلم، أي الأناة وضبط النّفس عن هيجان الغضب وفي النّفس منه شيء" (2) ، والصّحيح أنّ الحلم هنا بمعنى الجماع في النّوم وهو الاحتلام المعروف، وأنّ الكلام كناية عن البلوغ والإدراك، يقال: بلغ الصّبيّ الحلم، أي أصبح في سنّ البلوغ والتّكليف (3) .
3_ الظَّهِيرَةُ:
ظهر: "والظّهيرة: الهاجرة، وفي الحديث ذكر صلاة الظّهر ... وهو اسم لنصف النّهار، سمّي به من: ظهيرة الشّمس، وهو شدّة حرّها ... وهو شدةّ الحرّ نصف النّهار، قال:ولا يقال في الشّتاء ظهيرة، والظّهيرة حدّ انتصاف النّهار" (4) .
"هي حدّ انتصاف النّهار أو إنّما ذلك في القيظ وقت الظّهر" (5) ، ويقصدُ بالقيظ وقت الحرّ وهو الصّيف، والظّهيرة تبدأ من الزّوال وقت الظّهر، وهو ما يسمّى بالقيلولة.
4_ العِشَاءُ:
عَشَا: العَشَا، مقصور: سوء البصر باللّيل والنّهار ... والعشاء: أوّل الظّلام من اللّيل، وقيل: هو من صلاة المغرب إلى العتمة، والعشاءان المغرب والعتمة ... صلاة العشاء هي الّتي بعد المغرب، ووقتُها حين يغيب الشّفقُ (6) .
__________
(1) _ الرّاغب الأصفهاني أبو القاسم الحسين بن محمّد بن المفضل(502هـ-1108م): أديب من الحكماء العلماء من أهل أصبهان، سكن بغداد، واشتهر حتّى كان يقرن بالإمام الغزالي، من كتبه: محاضرات الأدباء، وجامع التّفاسير، وقد أخذ عنه البيضاوي في تفسيره وكتب أخرى، (الزّركلي: 02/277).
(2) _ روح المعاني: 18/212.
(3) _ روائع البيان: 02/202.
(4) _ لسان العرب: مادّة ظهر، 09/200.
(5) - القاموس المحيط: فصل الظّاء، باب الرّاء، 02/80.
(6) _ لسان العرب: مادة عشا، 10/162.
(1/17)
العشاء: المراد بها العشاء الآخرة والعرب تسمّيها العَتَمَة وفي الحديث عن ابن عمر (1) : "لا تغلبنّكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنّما هي العشاء وإنّما يقولون العتمة لإعتامهم بالإبل" (2) ، والمغرب تسمّى العشاء الأولى أمّا العشاءين يعني المغرب والعشاء، وممّا ورد من الشّواهد الشّعريّة على تسميّتها بالعشاء ما قاله حسّان بن ثابت الأنصاريّ (3) :
_ وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعمٌ وشتاءُ
فدع هذا ولكن من لطيفٍ يؤرّقني إذا ذهب العشاءُ (4)
وقال في موضعٍ آخر:
_ مَنَعَ النَّومَ بالعشاءِ الهُمومُ خيالٌ إذا تغورُ النُّجُوم (5) ُ).
5- العَوْرَةُ:
__________
(1) _ أبو عبد الرّحمان عبد الله بن عمر بن الخطّاب (رضي الله عنهما): القرشي العدوي أسلم مع أبيه وهو دون الحلم وهاجر معه إلى المدينة، كان من أهل الورع والعلم، كان كثير الإتّباع لآثار الرّسول - صلى الله عليه وسلم - ، وقيل كان أعلم الصّحابة بمناسك الحجّ، توفّي بمكّة سنة ثلاث وسبعين وهو ابن 84 سنة، وقد قتل بأمر من الحجّاج، (وفيات الأعيان: 03/28).
(2) _ منتخب كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، الذي بهامش مسند الإمام أحمد بن حنبل، المكتب الإسلامي للطّباعة والنّشر، دت، 03/163.
(3) _ أبو الوليد حسّان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري الصحابيّ( ... -54هـ/ ... -674م): شاعر النّبي - صلى الله عليه وسلم - وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهليّة والإسلام، عاش ستّين سنة في الجاهليّة ومثلها في الإسلام، كان من سكّان المدينة، (الزّركلي: 02/175).
(4) _ ديوان حسّان بن ثابت الأنصاريّ: دار بيروت للطّباعة والنّشر، د ت، دار صادر، بيروت، 07.
(5) _ المصدر السّابق : 224.
(1/18)
"العَوَرُ: ذهاب حسّ إحدى العينين ... وعَوَرَت عينه إذا ذهب بصرها ... وكلّ أمرٍ يستحيا منه : عورة ... والعورة كلّ خلل يُتخوّف منه من ثغرٍ أو حربٍ، والعورة كلّ مكمنٍ للسّتر، وعورة الرّجل والمرأة: سوأتهما ... والنّساء عورة ... والعورة: السّاعة الّتي هي قمنٌ من ظهور العورة فيها، وهي ثلاثة ساعات: ساعة قبل صلاة الفجر، وساعة عند نصف النّهار، وساعة بعد العشاء الآخرة" (1) .
وقال الشّيخ الطّاهر بن عاشور: " ... ومنه عورة الحيّ وهي الجهة غير الحصينة منه بحيث يمكن الدّخول منها كالثّغر، قال لبيد (2) :
حتّى إذا ألقت يداً في كافرٍ وأجنّ عورات الثّغور ظِلامُها. (3)
وقال تعالى: { يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ } (4) ، ثم أطلقت على ما يكره انكشافه كما هو الحال هنا، وكما سمّي ما لا يحبّ الإنسان كشفه من جسده عورة، وفي قوله: { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ } نصّ على علّة إيجاب الاستئذان فيها" (5) ، وهي كناية عن وضع اللّباس في ذلك الوقت وانكشاف العورة فيه لذلك أطلق عليها اسم العورة كنايةً.
__________
(1) _ لسان العرب: مادّة عور، 10/330.
(2) _ أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن مالك العامري: أحد الشّعراء الفرسان الأشراف في الجاهليّة، من أهل عاليّة نجد، أدرك الإسلام، ووفد على النّبي - صلى الله عليه وسلم - ويعدّ من الصّحابة، ومن المؤلّفة قلوبهم، ترك الشّعر ولم يقل إلاّ بيتًا واحداً، سكن الكوفة، وعاش عمراً طويلاً، وأحد شعراء المعلّقات.
(3) _ رجال المعلّقات العشر: الشّيخ مصطفى الغلاييني، منشورات المكتبة العصريّة، الطّبعة الثّانيّة، صيدا، بيروت، 186.
(4) _ الأحزاب: 13.
(5) _ تفسير التّحرير والتّنوير: 18/294.
(1/19)
وزاد الفخر الرّازي (1) : "سمّى الله كل واحدة من تلك الأحوال عورة؛ لأنّ النّاس يختلّ حفظهم وتستّرهم فيها" (2) .
"العَوَرَات:جمع عورة، وحكم ما كان على فعله من الأسماء تحريك العين في الجمع نحو: جَفْنَة وجَفَنَات، إلاّ أنّ عامّة العرب كرهوا تحريك العين فيما كان عينه واوًا أو ياءً ... فأسكنوا وقالوا: عَوْرات وبيْضاتٍ، إلاّ أنّ هذيلاً حرّكوا العين منها فقالوا: عَوَراتٍ ولَوَزاتٍ وأنشد بعضهم:
أخُو بَيَضاتٍ رائحُ متأوّبٌ رفيقٌ بِمسْحِ المنكبَيْنِ سَبُوحُ
فحرّك العين من بيَضات والجيّد عند النحويّين الأوّل" (3) .
6_ الجُناحُ:
__________
(1) _ أبو عبد الله محمّد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التّميمي البكري، فخر الدّين الرّازي: الطّبرستاني الأصل، الرّازي المولد، المعروف بابن الخطيب، الفقيه الشّافعي، فريد عصره ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم الكلام والمعقولات وعلم الأوائل، له تصانيف كثيرة منها: تفسير القرآن العظيم، ولد في 25 رمضان 544هـ، وقيل 543هـ بالريّ، وتوفّي يوم الإثنين في عيد الفطر 606هـ بهراة، (وفيات الأعيان: 04/248).
(2) _ التّفسير الكبير: تأليف أبو عبد الله محمّد بن عمر بن حسين فخر الدّين الرّازي (544هـ-606هـ/1150م-1210م)، الطّبعة الثّالثة، د ت، دار إحياء التّراث العربي، بيروت، 24/31.
(3) _ مجمع البيان في تفسير القرآن: الشّيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطّبرسي، منشورات دار مكتبة الحياة، د ت، دار مكتبة الحياة للطّباعة والنّشر، بيروت، لبنان، 19/72.
(1/20)
"جَنَحَ يَجْنَحُ ويَجنُحُ ويَجنِحُ جُنُوحاً: مَالَ" (1) ، قال ابن منظور: "جناح: مائلة عن القصد ... والجُناح بالضمِّ: الميل إلى الإثم، وقيل هو الإثم عامّة ... لا جناح عليكم، أي لا إثم عليكم ولا تضييق" (2) ، وقال الصّابوني: "الجُناحُ: بالضمِّ هو الإثم، وأصله من الجُنُوح وهو الميلُ عن القصدِ" (3) .
7- بَعْدَ:
"ولك أن تجعل بعد بمعنى: دون، أي في غير تلك الأوقات الثّلاثة كقوله تعالى: { فَمَنْ يَّهدِيه مِن بَعْدِ اللهِ } (4) " (5) .
8_ الطَّوَافُ:
"طَوَفَ: ... طاف بالقوم وعليهم طوْفاً وطَوفاناً ومطافاً وأَطافَ: استدار وجاء من نواحيه، وأطافَ فلان بالأمر إذا أحاط به ... والطّوَّافون: الخدم والمماليك ... والطَّائف: هو الخادم الذي يخدمك برفقٍ وعنايةٍ " (6) .
"طوّافون: جمع طوّاف بالتّشديد وهو الذي يدور على أهل البيت للخدمة، والطّواف في الأصل الدّوران حول الكعبة، ووصف هؤلاء الخدم بالطّواف؛ لأنّهم يذهبون في خدمة السّادة ويرجعون، ومنه الحديث في الهرّة حيث قال عليه السّلام: «إنّها ليست بنجسٍ، إنّما هي من الطّوّافين عليكم أو الطّوّافات» (7) ، والمراد في الآية أنّهم خدمكم يدخلون ويخرجون عليكم للخدمة فلا حرج عليكم ولا عليهم في الدّخول بغير استئذان في هذه الأوقات" (8) .
الفرع الثّاني: النُّكت البلاغيّة:
01_ النّكتة الأولى:
__________
(1) _ القاموس المحيط: فصل الجيم باب الحاء، 10/217.
(2) _ لسان العرب: مادّة جنح، 03/212.
(3) _ صفوة التّفاسير: 01/128.
(4) _ الجاثية: 23.
(5) _ التّحرير والتّنوير: 18/294.
(6) _ لسان العرب: مادّة طوف، 09/160.
(7) _ سنن التّرمذيّ وهو الجامع الصّحيح: الإمام الحافظ أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة التّرمذي (209هـ-279هـ)، تحقيق وتعليق، إبراهيم عطوه عوض، دار إحياء التّراث العربي، أبواب الطّهارة، باب ما جاء في سؤر الهرّة، رقم الباب، 69، الحديث رقم، 92.
(8) _ روائع البيان: 02/204.
(1/21)
أ_ "للسّائل أن يقول: لم قال في الآية الأولى: الآيات، وفي الثّانية: آياته؟ والجواب: أنّه لمّا تقارب اللّفظ الواحد عدل عن تكراره بلفظ واحد فيما تقارب على عادة العرب في استثقالها تكرّر اللّفظ الواحد بعينه في بيت واحد من الشّعر أو ما تقارب من الكلام، ما لم يحمل على ذلك حامل من المعنى، فجيء بالآيات في الأولى معرّفا بالألف واللاّم للعهد ... وفي الآية الثّانية مضافاً إلى الضّمير المتّصل لتحصل نسبة الآيات لمن هي له تعالى، كانت الثّانية هي المضافة؛ لأنّها مع ما تعطيه من النّسبة مبيّنة للأولى بياناً تأكيديًّا، إذ من المعلوم أنّها آياته سبحانه وتعالى" (1) .
__________
(1) _ ملاك التّأويل القاطع بذي الإلحاد والتّعطيل في توجيه المتشابه اللّفظ من آي التّنزيل: الإمام الحافظ العلاّمة أحمد بن إبراهيم بن الزّبير الثّقفيّ العاصميّ الغرناطيّ، تحقيق، سعيد الفلاّح، نشر دار الغرب الإسلاميّ، بيروت، لبنان، الطّبعة الأولى، 1403هـ/1983م، طبع مطبعة المتوسّط، بيروت، لبنان، 02/887.
(1/22)
ب_ "قوله تعالى: { وَإِذَا بَلَغَ الاَطْفَالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ } رقم 59، ختم الآية بقوله: { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ آيَاتِهِ } ، وقبلها وبعدها الآيات رقم 58 و61 [ختمها بقوله تعالى: { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ } وذلك] (1) لأنّ الذي قبلها والذي بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها وهي في الأولى: { ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيَرةِ ومِن بَعْدِ صَلاَةِ العِشَاءِ } رقم 58، وفي الأخرى: { مِنْ بُيُوتِكُمُ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمُ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُم ... } رقم 61، فعدّ فيها آياتٍ كلّها معلومة، فختم الآيتين بقوله: { لَكُمُ الآيَاتِ } ، ومثلها: { يَعِظُكُم اللهُ أَنْ تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُّومِنِيَن وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (2) ، يعني حدّ الزانيين وحد القاذف، فختم بـ (الآيات)، أمّا بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها، بل تفرّد سبحانه بعلم ذلك، فخصّها بالإضافة إلى نفسه، وختم كل آية بما اقتضى أوّلها" (3) .
__________
(1) _ زيادة للتّوضيح رأيت أن أدرجها.
(2) _ النّور: 17-18.
(3) _ أسرار التّكرار في القرآن: تاج القرّاء محمود بن حمزة بن نصر الكَرَمَاني، دراسة وتحقيق، عبد القادر أحمد عطا، دار بوسلامة للطّباعة والنّشر والتّوزيع، الطّبعة الأولى، 1983م، تونس، 152.
(1/23)
ولتوضيح التّوجيهيْن السّابقين نستعرضُ آيةً أخرَى من سورة البَقَرَة وهي قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } (1) ، وبعد آيتين يقول تعالى: { وَلاَ تَنْكِحُواْ المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُومِنَّ وَلأَمَةٌ مُّومِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوَ اَعْجَبَتْكُمْ ... وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } (2) .
فلعلّ _والله تعالى أعلم _ أنّ التّوجيهين الأوّلين ينطبقان على هذه الآية كذلك، فعلى التّوجيه الأوّل نجد أنّ الله تعالى ذكر (الآيات) في الأولى معرّفة بالألف واللاّم للعهد، و في الثّانية مضافة إلى الضّمير المتّصل ومنسوبة له تعالى، كما أنّها مبيّنة للأولى بياناً تأكيديًّا على أنّها آياته سبحانه وتعالى، وعلى التّوجيه الثّاني فإنّ الله تعالى ذكر الآيات معرّفة بالألف واللاّم؛ لأنّها تشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها وذلك في منافع ومضارّ الخمر التّي ذكرتها الآية، والتّي قد درسها العلم ومحّصها وبيّن الضّار والنّافع منها وهي معلومة، أمّا في الآية الثّانية فذكرها مضافة إليه تعالى؛ لأنّه اختصّ بمعرفة المؤمنين والمشركين المعرفة الحقيقيّة إذ من الممكن أن تخفى حقيقتهم على البشر الذين لا يعلمون سرائر النّفوس ومكامن القلوب فهو تعالى من يعلم سرّها وهو أعلم بمن اتقى.
من هنا يتّضح لنا أنّ كلا التّوجيهين واردٌ وصالحٌ في هذه الآيات، ولعلّ التّوجيه الثّاني أقوى، ولأهل اللّغة والبلاغة والتّفسير أن يحكموا بصحّة هذا أو عدمه، أو ترجيح أحدهما على الآخر _ والله تعالى أعلى وأعلم _.
02_ النّكتة الثاّنيّة:
__________
(1) _ البقرة: 219.
(2) _ البقرة: 221.
(1/24)
قوله تعالى: { ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ } ، إطلاق العورات على الأوقات الثّلاثة التّي يكثر فيها التّكشّف للمبالغة وكأنّ هذه الأوقات هي عورات، والجملة جاءت في سياق تبيين وجوب الاستئذان، فالمعنى هو أنّ هذه أوقات ظهور العورات فلا تدخلوا إلاّ بعد الاستئذان (1) .
الفرع الثّالث: أَوجُهُ القِرَاءَاتِ وإِعرَابُهَا:
من المعلوم أنّ كلّ زيادة في المبنى هي زيادة في المعنى، ومنه فكلّما اختلفت الرّوايات اختلفت التّفسيرات والتّأويلات، ففي هذا الجزء نحاول استعراض القراءات الواردة في هذه ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق