الكتاب: أجوبة الشيخ أحمد بالجزيرة الخضراء
[ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع]
أجوبة الشيخ أحمد بالجزيرة الخضراء
من جريدة الوطن العمانية:
الخليلي يرد على أسئلة المواطنين بالجزيرة الخضراء:
الحرص على التقوى واجب في السريرة والعلانية
إلغاء القصاص يشجع المجرمين على الاعتداء على أنفس الأبرياء
الجزيرة الخضراء- سيف الخروصي
أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة أن تقوى الله سبحانه وتعالى رأس كل فضيلة ومصدر كل خير وسور كل نفع والحرص عليها واجب في السريرة والعلانية والاستمساك بها سبب الى الوصول إلى الوحدة الإيمانية.
وقال: لا يجوز للإنسان أن يزج بنفسه في أي معاملة ربوية.
وبين أن الاعتكاف في الجامع الذي تقام فيه الجمعة ويمكن أن يكون في أي مسجد تقام فيه الصلوات الخمس في جماعة.
وأوضح أن توطين الصلاة منوط بطمأنينة القلب واستقراره.
وأشار إلى أن الزواج طمأنينة النفس واستقرار القلب ولا تسكن النفس إلى المرأة التي جربها الانسان بنفسه وعرف انها زانية.
وأكد ان إلغاء القصاص يشجع المجرمين على الاعتداء على أنفس الابرياء.
جاء ذلك أثناء زيارته إلى قرية يتي بالجزيرة الخضراء التي ألقى بجامعها كلمة موجزة ثم فتح باب الأسئلة للحضور ضمن الزيارة التي قام بها الى زنجبار في الفترة من 24 الى 31 من شهر مارس الماضي فإلى تفاصيل ما قاله في هذه الجلسة المباركة:
لا ريب ان هذا الاجتماع الميمون في هذه الليلة الطيبة وفي هذا المسجد الشريف يحتم علينا ان نعمل بوصية الله سبحانه وتعالى التي وصى بها عباده وهي وصية جميع المرسلين وجميع عباد الله الصالحين وهي الوصية بالتقوى.
فان تقوى الله سبحانه وتعالى هي رأس كل فضيلة ومصدر كل خير وسور كل نفع فبتقوى الله سبحانه وتعالى يصل الانسان الى خير الدنيا والآخرة.
فالله سبحانه وتعالى لم يكرر أمرا في كتابه كما كرر الأمر بالتقوى فلذلك يجب علينا جميعا أن نحرص على تقوى الله تعالى في السريرة وفي العلانية.
(1/1)
فنحن نجد ان الله سبحانه وتعالى ناط في كتابه الكريم خير الدنيا والآخرة بتقوى الله.
فعندما يذكر الله سبحانه وتعالى أي شأن يتعلق بالعبادات يقرنه بتقوى الله وكذلك عندما ذكر أحكام المعاملات قرنها بتقوى الله وكذلك في مقام الترغيب وفي مقام الترهيب يوصي الله سبحانه تعالى عباده بالتقوى فلذلك يجب أن نتعاون جميعا على الخير (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
فلذلك نرجو أن يكون الاستمساك بسبب التقوى سببا الى الوصول للوحدة الايمانية التي تجعل كل واحد يحاسب نفسه ويقف عند حدود الله ولا يتجاوزها.
والانسان عليه أن يراقب الله تعالى في سريرته وفي علانيته وفي سلمه وفي حربه وفي مكرهه وفي منشطه وفي جميع أحواله حتى يكون متقيا لله سبحانه وتعالى ومخلصا لله تعالى في تقواه.
ومن أجل هذا نوصيكم بهذه الوصية بعد ان نوصي بها انفسنا فان الانسان مطالب بأن يوصي نفسه بالتقوى وان يوصي اخوانه بالتقوى.
لا يجوز
(1/2)
وحول مدى حرمة المشاركة في الاستشارات التي تتعلق بالجوانب الربوية أوضح سماحته: ان الله سبحانه تعالى حرم الربا تحريما لا هوادة فيه وقد شدد في ذلك حتى جعل الربا حربا بين العباد المقارفين للربا وبين الله ورسوله فقد قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) وحديث النبي صلى الله عليه وسلم دل على ان كل مشاركة في الربا تعد كأكل الربا من حيث العرف فقد قال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الربا وآكله وموكله وكاتبه وشاهديه ثم قال هم سواء) يعني في الإثم فلذلك لا يجوز للانسان أن يزج بنفسه في أي معاملة ربوية ومن جملة ذلك الاستشارات التي تتعلق بهذا الجانب وتقديم المشورة أو تقديم الدراسات التي تتعلق بالمعاملات الربوية كل ذلك مما يعد حراما.
في أي مسجد بشرط
وعن المكان الذي ينبغي أن يتم في الاعتكاف أجاب سماحته بقوله: الاعتكاف يمكن أن يكون في أي مسجد تقام فيه الصلوات الخمس في جماعة وان كان المسجد الذي تقام فيه الجمعة هو أولى بالاعتكاف فيه ولكن لا يمنع الانسان أن يعتكف في مسجد آخر لا تقام فيه الجمعة واذا حضرت الجمعة يذهب إلى المسجد التي تقام فيه الجمعة من اجل ان يصليها.
العبرة بطمأنينة النفس
وحول القاعدة التي يمكن أن يبني الانسان عليها في اتخاذ وطن ما من الأوطان لا سيما ان كان له مشاركة بعقار أو مال ولكنه غير مستقر بل يسير ويعود أجاب سماحته: إذا كان يأتي هذا الانسان إلى البلد الذي هو مشارك فيه ويحس بطمأنينة واستقرار ويحس بانه يأوي الى وطنه في هذه الحالة عليه ان يوطن اما اذا كان بخلاف ذلك بحيث عندما يأتي اليه يحس بالغربة وبانه ينزع الى الوطن الذي استقر فيه وانتقل إليه ففي هذه الحالة عليه أن يقصر الصلاة لأن التوطين انما هو منوط بطمأنينة القلب واستقراره.
(1/3)
وإذا كان هو يحس بمجيئه الى هذا المكان بسبب أنه يملك فيه عقارا ويحس باستقرار وبطمأنينة ففي هذه الحالة يتم الصلاة أما إذا كان اتخذ هذه الضيعة من أجل الرزق فقط ولكنه لا يشعر بطمأنينة النفس فالعبرة بطمأنينة النفس.
حالتان للاستخلاف
وعن الاستخلاف في الصلاة هل هناك حالات معينة أم مطلقة أجاب سماحته: يمكن الاستخلاف في الصلاة إذا طرأ على الإمام مرض ولم يستطع أن يواصل الإمامة أو ما استطاع أن يواصل الصلاة في هذه الحالة يستخلف من خلفه ليتم الصلاة للمصلين.
أما إن كان الاستخلاف من أجل حدث ألم بالإمام ففي ذلك خلاف هل يحصر على الحدث الذي تبنى فيه الصلاة على ما سبق او إنه يشمل كل حدث. منهم من قال: بانه يشمل كل حدث نظرا الى حالة الاضطرار ومنهم من قال: بأن ذلك انما هو محصور بالحدث الذي ينقض الوضوء دون الصلاة وذلك القيء والرعاف وقيس عليهما الخدش.
لا مانع بشرط
وحول ما إذا كان هناك من حرج في إعانة في من يتردد على كنيسة ما بحمله إليها أم لا يجيب سماحته: الكنائس تختلف بين كنيسة هي محصورة في ممارسة العبادات من غير التعرض للآخرين بحيث يكون من يمارس هذه العبادات في ذمة المسلمين ولا يتعرض لهم بالأذى وبين آخر يكون بخلاف ذلك يكون داعية الى دينه ويحاول ان ينصر المسلمين مثلا فمن كان ينصر المسلمين فأي تعاون معه غير جائز أما إن كان هو في ذمة المسلمين ولا يسعى الى تنصيرهم بل يقتصر فى تردده على الكنيسة على ممارسة عباداته فحسب فهذا لا مانع بان يحمل الى كنيسته او أن يعان بأي وجه من هذه الوجوه لأن هذه ممارسة للعبادة وان كنا نعتقد بطلان تلك العبادة إلا ان هذا من حقوقه المشروعة في الاسلام فلذلك لما كان حقا مشروعا في الاسلام فانه لا مانع من ان يعان على ممارسة هذا الحق.
لا يجوز
(1/4)
وعن مدى صحة عقد زواج متزوج المرأة الحامل سواء كان عالما ذلك أو لم يكن على علم يجيب سماحته بقوله: هذا الزواج باطل فان الله تبارك وتعالى امر اولات الإحمال أن يتربصن حتى يضعن حملهن فلا يجوز عقد زواجها سواء كان الحمل من نكاح او كان من سفاح (وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) فلا يجوز عقد النكاح على المرأة الحامل ما لم تضع حملها علم بالحمل او لم يعلم فلا عذر بالجهل فاذا تبين الحمل عليه أن يعتزلها والزواج غير صحيح.
التفات إلى الحضور
وحول معنى قوله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً) أجاب سماحته بقوله: إن للمفسرين أقوالا في تفسير الآية الكريمة ولكن ارجح الأقوال واصحها أن في هذا التفاتا من الغيبة الى الحضور ومن جملة أساليب البلاغة عند العرب الالتفات في الكلام قد يلتفت المتكلم من الحضور الى الغيبة أو من الغيبة الى الخطاب أو من الخطاب الى الغيبة أو من الغيبة الى التكلم أو من التكلم الى الغيبة أو من التكلم الى الخطاب أو من الخطاب الى التكلم كل هذا يقع في كلام العرب يسمى الالتفات.
فالالتفات يعني أن يغير الانسان في أسلوب كلامه من كلام الى كلام آخر فالآية الكريمة فيها التفات ومن جملة امثلة الالتفات ان الله تعالى قال في الفاتحة الشريفة (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ما لك يوم الدين اياك نعبد) مقتضى الكلام السابق هو وصف لله تعالى بدون خطاب يوصف الله تعالى من غير ان يخاطب هو وانما يتحدث عنه حديث الغيبة ولكن بعد ذلك جاء الالتفات بدل ان يقول (اياه نعبد) أي هذا الموصوف بهذه الصفات وجه الخطاب اليه فقال (اياك نعبد).
(1/5)
وكذلك بالنسبة للآيات التي في سورة مريم فقد سبقت هذه الآية بآيات تتحدث عن الكفار الذين ينكرون البعث يوم القيامة الله تعالى يقول (وَيَقُولُ الاِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً أَوَلا يَذْكُرُ الانْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً).
الأصل في الكلام ان يقول وان منهم لكنه وجه الخطاب الى الكفار يخاطب الكفار قال (وان منكم) ايها الكفار المنكرون للبعث (وان منكم) يا معشر الكفار المنكرين للبعث الا واردها الا سيدخل النار (كان على ربك حتما مقضيا).
بعد هذا قال الله تعالى (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) علينا ان ندرك ثم هنا على أي معنى تدل لأن ثم الأصل فيها المهلة والترتيب المهلة أي التأخير والترتيب بمعنى ان يكون المعطوف بها بعد المعطوف عليه والمهلة تأخير الحكم الذي يذكر يعني بالنسبة الى المعطوف عليه يعني حكم المعطوف متأخرا عن حكم المعطوف عليه مثل تقول جاءني زيد ثم عمر مع مجيء عمر بعد مجيء زيد بوقت وليس في وقت واحد لكن تستعمل في كلام العرب وفي القرآن الكريم للمهلة الرتبية علينا ان ندرك ما معنى المهلة الرتبية:
(1/6)
المهلة الرتبية هي ان يكون الكلام الذي يأتي بعد الكلام السابق يستحق أن يعطى عناية كبيرة والكلام الذي يأتي لاحقا بعد الكلام السابق يستحق أن يعطى عناية كبيرة هذه العناية الكبير لأجل أي شيء لأن النفس تستعظم هذا الشيء وهذه المهلة الرتبية كثيرا ما تأتي في القرآن الكريم وهذا عندما تعطف الجمل لا عندما تعطف المفردات عند ما تعطف الجمل بعضها على بعض تكون مراعاة المهلة الرتبية مثال ذلك قول الله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ) هل القول للملائكة اسجدوا لآدم بعد الذي تقدم لا قوله للملائكة اسجدوا لآدم متقدم على خلق الانسان بدليل ما في سورة الحجر وكذلك في صورة (ص) (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) وكذلك في سورة (ص) نفس الشيء تدل آية (ص) وتدل آية الحجر على ان الله سبحانه وتعالى اخبر الملائكة وامرهم بالسجود قبل خلق آدم لكن لما ذا قال هنا (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ) يعني هذه مهلة رتبية لأن الكلام الذي يأتي من بعد يستحق كان ما الفكر يقطع مسافة ما بين الجملة الاولى حتى الجملة الثانية مسافة تستحق عناية كبيرة ينتقل الفكر من كلام سابق الى كلام لاحق يستحق عناية كبير هذا الكلام ولذلك يعطف بثم وما العطف بثم فقط ايضا حتى بعد احيانا (والأرض بعد ذلك دحاها) هناك لو اعتبرنا بعد هنا احد امرين إما أن يكون دحو الأرض سابقا على خلق السموات واما ان يكون لا أو كانت الأرض ثم بعد ذلك خلقت السموات كلا الأمرين محتملا.
(1/7)
لكن نحن نجد في القرآن آيتين لو اخذنا بظاهرهما لقلنا بالتعارض بينهما هنا يقول (والأرض بعد ذلك دحاها) بينما في آية البقرة يقول (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ثم استوى الى السماء فاي الامرين اسبق من الآخر وبأي ظاهر من الآيتين نأخذ كلا الامرين محتمل محتمل ان تكون الأرض دحيت من قبل ثم كان الاستواء الى السماوات بمعنى أن الله تعالى وجه امره الى السماوات بتسويتهن ومحتمل العكس لكن اذا جئنا الى كلمة بعد ايضا احيانا تأتي لمراعاة هذا المعنى مثال ذلك الله سبحانه وتعالى يقول (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ) كثير الحلف (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) يهمز الناس يقدح فيهم. (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ).
هذه صفة سابقة فيه كونه زنيما لكن ماذا قال بعد ذلك أي لأن هذا امر كبير أي مع هذا كله هو ايضا عتل وهو أيضا زنيم.
وكذلك نجد في ثم قول الله تعالى (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).
(1/8)
هو كونه من الذين آمنوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) سابق على هذه الأفعال فهي ما جاءت إلا نتيجة الإيمان فالأفعال التي اثنى الله تعالى عليها في الآيات هذه هي نتيجة الايمان (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ) يعتق رقبة (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ) هذا كله نتيجة الايمان (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) ولكن قال (ثم كان من الذين آمنوا) ما ثم كان بعد ما عمل هذه الاعمال كون عمل هذه الاعمال سابقا على ما وصف به من صفات الافعال لأن هذه من صفات الذات أو هذا يرجع الى العقيدة (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) فاذن قول الله تعالى (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) ثم هنا للمهلة الرتبية فكأن هذا الشيء كبير مع ان الله تعالى سخط على اولئك الذين ذكروا من قبل وسخط الله تعالى عليهم يعني ألقاهم في جهنم جعل جهنم مصيرهم والعياذ بالله ولن يجدوا عنها محيصا قال بعد ذلك (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا).
أي تنجية الذين اتقوا هي سابقة من اول الامر ما معنى ذلك إنهم دخلوا النار ثم ينجون منها (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)
وكذلك نجد ان الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة يبشر هؤلاء المؤمنين (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) أي أبعد عن النار (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) هذه الامور لابد من التنبه لها.
(1/9)
المسألة فيها خلاف
وعن حكم من تزوج بمزنيته يجيب سماحته بقوله: اذا تزوج الزاني بمزنيته فطبعا هذه القضية ليس فيها إجماع بل فيها خلاف بين المسلمين لكن هناك اربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم قالوا (ايما رجل زنى بامرأة فهما زانيان ابدا) والقائلون هم (علي بن ابي طالب وابن مسعود والسيدة عائشة ام المؤمنين والبراء بن عازب) هؤلاء أربعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهذا على اي حال مبني على أن الزواج هو طمأنينة النفس واستقرار القلب فالله تعالى يقول (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) سكون النفس تسكن الى المرأة التي جربها الانسان بنفسه وعرف أنها زانية لا تسكن نفسه اليها لأنه اختبرها بنفسه وليس الخبر كالعيان هذا شيء كان بينه وبينها فكيف تستقر نفسه بل تبقى نفسه دائما تراودها الوساوس وكذلك هي نفسها تراودها الوساوس من قبله.
الشك لا يلتفت اليه
وعن حكم ما اذا كان يشك انها زانية اوضح سماحته أن الشكوك والوساوس لا يلتفت اليها لكن إن رآها بعينه والرؤية لا تعتبر حتى يرى الميل في المكحلة او اعترفت امامه فهذا شيء آخر الله تعالى يقول (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) يعني حكم المشرك نسخ بقول تعالى (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) وقوله (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) لكن بقي حكم ان الزانية التي جلدت على الزنى او التي تعترف بصريح العبارة بأنها زانية فهي لا تتزوج الا زان مثلها.
وكذلك العكس أي الشخص الذي يعترف بأنه زان او جلد على الزنى لا يتزوج الازانية مثله أي ليس كفءا للعفيفة والله تعالى اعلم.
الله أرحم بعباده
(1/10)
حول ما إذا كان إلغاء القصاص الشرعي محافظة على حقوق الانسان أم لا. يقول سماحته على اي حال الله سبحانه تعالى ارحم بعباده وعندما يشرع الله تعالى أي حكم من الاحكام فان في هذا الحكم مصلحة للعباد ليس فيه مضرة للعباد انما فيه مصلحة لهم.
والله تعالى شرع القصاص في كتابه الكريم من اجل حفظ أرواح العباد ولذلك قال (ولكم في القصاص حياة) لان القصاص يؤدي الى ان يحترم كل واحد نفس غيره ولا يتعدى عليها بخلاف ما اذا ألغي القصاص فإن إلغاء القصاص يدفع المجرمين الى ان يتعدوا على انفس الآخرين؛ فلذلك كان إلغاء القصاص ليس محافظة على حقوق الانسان وانما فيه انتهاك لحقوق الانسان؛ لان في ذلك ما يشجع المجرمين على الاعتداء على انفس الابرياء بخلاف ما إذا كان يقتص منهم فان ما يقتص من المجرم دون البريء.
الدفن أولى
وعن كيفية التخلص من الأوراق التي بها آيات من الذكر الحكيم هل بالدفن أو الحرق يقول سماحته: إذا كانت هذه تدفن في أماكن بعيدة عن مواطىء الإقدام وكذلك إذا كانت تدفن تحت أسس المساجد فلا مانع وان لم يمكن أي شيء من هذا السبيل فلا مانع من احراقها حتى يتخلص من تبعتها.
(1/11)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق