الكتاب : إضاءات في زمن الغربة لمحمد المعمري
ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع
إضاءات في زمن الغربة
للشيخ : محمد بن سعيد المعمري
باسمك ربي أبدا.. وبحمدك وشكرك أكتب .. فهب لي قلبا يقول الحق بالحق .. ولسانا ينطق الصدق بالصدق ..
فهذه كلمات متفرقة ، لكنها ستجتمع ها هنا..
كتبت في أزمان مختلفة ، بيد أن زمنا واحدا يجمعها..
أسميتها:
)) إضاءات في زمن الغربة ((
كانت سلوتي في زمان لا أجدا أحدا غيرها.. وفي مكان لا يربطني به سوى اللحظة التي أنا فيها .. ولربما ستبقى ذكريات بعد اللحظة والمكان ..
أهديها لكل مسلم..
ذاق الغربة أم لم يفعل .. ولابد فاعل .. لأننا جميعا غرباء .. وفي زمان غربة .
1 ـ ذكرت الوطن ذات مرة.. فقلت: ألهذا الحد يحس المرء بالغربة .. ولكني ذكرت أصحاب الوطن مرات فقلت: لو كانت الغربة هكذا ، فحق للإبعاد أن يكون عقابا..
2 ـ يظن البعض أن الغربة بعد عن الأهل والأوطان .. وهذا حق ولكن للغربة أبعاد أخرى .. أهمها أن يعيش المرء في بقعة لا تحكم بشرع الله، فمن منا ليس بغريب..؟!
3 ـ قلت: الإحساس بالغربة أمر إيجابي .. قال: كيف ؟؟ قلت: لولا الإحساس بالجوع ما بحثت عن الطعام.. الغربة تجعلك تبحث عن الحرية والعدالة والعيش في مجتمع مسلم .. مجتمع يحكمه القرآن.
4 ـ في التاريخ عبرة وعظة ..والأمم التي لا ماضي لها لن تستطيع بناء مستقبل مشرق .. كلمات نسمعها ونرددها .. بيد أن هذا شيء والإيمان بالفكرة شيء آخر ..
5 ـ إن الإيمان بفكرة ما يجعلك دائم الفكر حولها.. مستجمعا ما تستطيع من أجل إقرارها في دنيا الناس.. والمؤمن بها غير عابئ بما يستعرض طريقه هنا وهنالك .. من هؤلاء الأقزام الصغار
(1/1)
6 ـ تاقت نفسي ذات مرة لمطالعة (تحفة الأعيان) فقلت: استفتح صفحة أطالعها فإذا بها:" وذلك أنا وإياك على دين وجبت فيه الحقوق علينا وعليك بحقوق مؤداة، والحق علينا لك محض النصيحة في كل أمر ، وإن خالف فيه الهوى، والحق عليك قبول ذلك، وإن استمر مذاقه وثقل حمله، وقد علمت أن منتهى أصل الدين عند ترك النصائح، والتولي عنها البراءة والفراق .." (ج1 ص 143) . وهي رسالة علماء عمان ومنهم هاشم بن غيلان ومحمد بن موسى والأزهر بن علي .. إلى الإمام عبد الملك بن حميد. فتدبر معي هذا النص ولا تجاوزه حتى تفهمه!!
7 ـ يُعرض الإنسان أحيانا عن قراءة كتاب بأكمله بسبب مروره بكلمة لم يفهمها جيدا .. وتلك حال كثير من القراء – إن وجدوا- في هذا الزمن الصعب ..
8 ـ من حكم بعض الغربيين :" إن عملية التأكد من فهم كل كلمة واردة في النص هي أهم حقيقة في موضوع الدراسة ككل، إن سبب بدئك في دراسة أي موضوع ثم تخليك عنه يكمن في مواجهتك لبعض الكلمات أو المعاني التي لم تفهم معانيها".
9 ـ رأيت النجم بعيدا فقلت له: لم لا تقترب من محبيك ، فقال مجيبا: ولم لا يصعدون هم إلي!!
10 ـ رأيت مرة طفلتين صغيرتين على رصيف شارع في ألمانيا، وقد عرضتا مجموعة من ألعابهن المستعملة للبيع..اقتربت منهن واشتريت لعبة أو لعبتين بثمن زهيد جدا.. ثم انصرفت..
كانت تصرفاتهن عفوية طفولية، سألتهن عن سعر لعبة فاختلفن في تسعيرها.. أعطيتهن حقهن وأكثر .. ثم انصرفت..
إن الآباء - هنا - يعودون أبناءهم الاعتماد على الذات، والاستفادة من القديم من اجل شراءالجديد .. يالها من فكرة رائعة.
(1/2)
11 ـ إن بيع الأدوات المستعملة في ألمانيا ليس مهنة للبسطاء والفقراء فحسب، بل هي ثقافة شعبية عامة، أملتها ظروف الحياة في ألمانيا بعدخسارتها في الحرب العالمية الثانية، فتجد الأغنياء أيضا يبيعون ويشترون..ويشاركون في تنظيم أسواق أسبوعية لبيع المستعمل .. وستجد بغيتك من كل شيء .. بدءا من الإبرة وحتى السيارة في هذه الأسواق بسعر لا تتخيله أبدا..
12 ت اشتريت ذات مرة مرآة جميلة سعرها الحقيقي لا يقل عن 30 يورو.. تدرون بكم ..بـ (1) يورو واحد فقط.. لو عممت هذه الفكرة في بلادنا لكان لبعض الأسرمستقب ل مختلف وواقع آخر.. الا ليت أهلي يعلمون..
13 ت النجاح ثمرة مخاض صعب .. من رحم يسمى المعاناة.. فلا تتوقع نجاحا من دون معاناة..
14 ـ رأيت اهتمام الألمان بلغتهم الأم وتفاخرهم بها وتعلقهم بقواعدها .. ما دعاني أحزن على لغتننا العربية في بلاد العرب والمسلمين ..
15 ـ رغم صعوبة اللغة الألمانية – في قواعدها النحوية - مقارنة بالإنجليزي ة مثلا .. إلا أنه من العار عند الألمان أن يخطئ متحدث في قاعدة نحوية أثناء حديثه العادي .. فما بالك بمن يتحدث في قاعة أكاديمية أو خطاب سياسي ..
إن من يقع في مثل ذلك يصبح محل استهجان وتهكم ..حتى بين الأطفال !!
16- إن اعتداد أي أمة بمكوناتها وثقافتها ولغتها .. هو الخطوة الأولى نحو التميز والتقدم ..
17 ـ حاولت عقد مقارنة بين اهتمامنا بلغتنا العربية واهتمام الألمان بلغتهم الألمانية فما وجدت إلى تلك المقارنة من سبيل أبدا ..
- في عمان لا يوجد معهد متخصص لتعليم اللغة العربية ..( أمر أكثر من مؤسف!!).
- في ألمانيا وحدها يوجد ما لا يحصى من المعاهد الكبيرة والصغيرة .. يكفي أن (معهد غوته) وهو أكبر وأفضل المعاهد لتعليم اللغة الألمانية ، له من الفروع في ألمانيا وحدها ستون فرعا ، وفي خارج ألمانيا ما لا يقل عن ذلك ..
(1/3)
ـ في عمان لا أحد يتحدث العربية الفصحى في المحادثة اليومية ..ومن يتحدث بها يعتبر أمرا مستهجنا وفوق العادة!!
ـ أما الألمان فاللغة الفصحى هي أساس المحادثة .. وإن اختلفت اللهجات إلا أن استعمالها قليل وفي نطاق ضيق !
ـ في عمان لا تعتبر اللغة العربية الفصحى مجالا للتفاضل بين الناس في الاختيار الوظيفي مهما كانت وخاصة السياسية منها .. فلا ضير أن يكون المسؤول ذا لسان غريب عن العربية الأم .. يرفع المفعول وينصب الفاعل ويذكر المؤنث ويؤنث المذكر .. وهلم جرا ..
ـ أما في ألمانيا فمن النادر أن ينتخب شخص لمرتبة سياسية إذا كان غريب اللسان أو ذا لكنة أجنبية عن الألمانية الفصحى ..
على العموم .. كما ذكرت آنفا لا مجال للمقارنة ..فلا أطيل !
18 ـ طرق بعض الألمان بابي طالبين إنباءهم بمعهد متخصص في عمان ليتعلموا اللغة العربية فبقيت أياما وليالي أستحي من لقائهم .. لا لشيء إلا لأن في عمان – من أقصاها إلى أدناها ، ومن شرقها إلى غربها - لا يوجد معهد متخصص لعلوم العربية ..
- ما تزال نماذج الاستعلاء تطرق سمعي .. وآخرها كان في قصتي مع هذه المرأة:
هي أسرة ذات أصول عمانية تعيش في ألمانيا، تعرفت عليها واحتضنتني في بلد غريب كأحد أولادها، دعاني الأب لحفل زواج ابنته التي سيتزوجها رجل ألماني مسلم.. لبيت الدعوة ، وحضرت مراسم الزفاف كاملة، كانت أمسية مليئة بالفوائد والفرائد ـ ولم تخل من ظرافة وجو لطيف ..
لكن ما استوقفني – حقا- هو الزوج ، شاب ظريف لطيف، أنهى دراسة الطب ومقبل على العمل قريبا، سألت عنه.. فكانت الإجابة: أنه تقدم لخطبة الفتاة عدة مرات وتم رفضه، ولكنه أصرعلى الزواج، فقوبل بالرفض، وعندما علم أن المهر - لكي يتزوج- هو أن يدخل الإسلام، لم يتردد في النطق بالشهادتين ..
لقد كان مهر المرأة هو إسلام الرجل، وقد دخل الدين حقا .. هنيئا لك أختاه ..
(( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من الدنيا وما فيها )).
(1/4)
20 ـ ومما يلحق بمواقف الاستعلاء أيضا، ما سمعته وأنا في مراسم عقد القران السابقة أن المهر الذي سيدفعه الزوج لا يزيد عن (200) يورو مقدما و (600) يورو مؤخر الصداق.أي أن مجموع المقدم والمؤخر بالريال العماني لا يزيد عن (400) فقط.. فاستمعوا يا أولياء أمور أخواتنا!!
21 ـ لا يقاس عمر المرء في هذه الحياة بالسنوات والأشهر .. وإنما بما قدمه بين يدي ربه، وما فعله نفعا للإسلام والمسلمين..فكم رجل لم يعش إلا سنوات قليلة، ولكن عمره أكثرمن عمر من عاش ضعف سنوات عمره.
إخواني القراء و المتابعين ..
استميحكم عذرا في أن أنقل لكم هذه المقطوعة الرائعة ، والتي تعبر عن موضوع الغربة، وهي إحدى روائع الشعر عند أحمد مطر .. ها هي أضعها بين أيديكم لتشاركوني لذة قراءتها...
الغريب ..
أحمد مطر
كل ما ببلدتي
يملأ قلبي بالكمد
بلدتي غربة روح وجسد
غربة من غير حد
غربة فيها الملايين
وما فيها أحد
غربة موصولة
تبدأ في المهد
ولا عودة منها للأبد
* * *
شئت أن أغتال موتي
فتسلحت بصوتي :
أيها الشعر لقد طال ألامد
أهلكتني غربتي أيها الشعر
فكن أنت البلد
نجني من بلدة لا صوت يغشاها
سوى صوت السكوت!
والقبور انتشرت فيها على شكل بيوت
مات حتى الموت
والحاكم فيها لا يموت!
ذر صوتي أيها الشعر بروقاً
في مفازات الرمد
وناراً في شرايين البرد
القه أفعى
إلى أفئدة الحكام تسعى
وآفلق البحر
وأطلقه على نحر الأساطيل
وأعناق المساطيل
وطهر من بقاياهم قذرات الزبد
إن فرعون طغى يايها الشعر
فأيقظ من رقد
قل هو الله أحد
قل هو الله احد
قل هو الله أحد
قالها الشعر
ومد الصوت , والصوت نفد
وأتى من بعد بعد
واهن الروح محاطاً بالرصد
فوق أشداق دراويش
يمدون صدى صوتي على نحري
حبلاً من مسد
ويصيحون (( مدد ))!
22 ـ من الأمور الطيبة – في مجتمع ينغمس في المادية – ما لاحظته من التعاون بين الناس في امور المعاش، ومن ذلك:
(1/5)
أنه جرت العادة في مدن ألمانيا وقراها أن تخصص أيام معينة لكل شارع أول حلة بحيث يخرج (بضم الياء) الناس ما لا يحتاجون إليه من أشياء، منزلية كانت أو كهربائية أو إلكترونية .. أو سواها وتوضع على أرصفة الشوارع أو أمام البيوت..
فمن شاء أن يأخذ منها أخذ ما يريد، وترك ما لا يريد.. دون أن يكون في ذلك غضاضة أو حرج..
ولتنظيم ذلك تقوم البلدية (أو الجهات المختصة بالمنطقة) بإعداد جدول زمني بأسماء الشوارع وأيام إخراج الأشياء ..وتبقى لمدة يومين أو ثلاثة تقريبا..ثم ما بقي منها يؤخذ إلى معامل التصنيع ..
23 ـ إن تلك الظاهرة تجعل كثيرا من المحتاجين- بل وغيرهم- وخاصة طلاب الجامعات الذين يعتمدون على أنفسهم في طلب المعاش، يستفيدون من أشياء لا يحتاج إليها صاحبها .. دون أن يعني ذلك أن تلك الأشياء عديمة الجدوى أو تالفة ..
24 ـ وقد قمت مرات عديدة بالتجوال بين الشوارع لرؤية هذه الظاهرة عن كثب، وسألت عنها؟ فقيل لي: إن الفقراء والأغنياء كلهم يستفيدون من ذلك، وهو أمر اعتيادي ولا غرابة فيه..
25 ـ ولا أخفي عن نفسي بأنني استفدت من ذلك .. بل إن الفرد يستطيع أن يؤثث بيته بالكامل بهذه الطريقة .. وبالمجان!!
26 ـ ومما يزيد الأمر حركة، أن الكثير من الناس ينتظرون على الشوارع التي يسكنها أغنياء لأنهم يخرجون أشياء جديدة، وغالبا غير مستعملة، ممن جرت عادتهم تغيير أطقم الجلوس كل عام أو شراء الأجهزة الجديدة بدل القديمة .. وهكذا. لقد لاحظت بالفعل ورأيت بأم عيني بعض الأشياء – وكانت أثاثا- ما زالت في (قرطاستها) لم تفتح بعد.. وغيرها لا عيب فيه سوى أنه يحمل بعض الغبار..
27 ـ قارنت بين هذا الوضع وبين أولئك الذين يرمون كل عام أشياء كثيرة – لا يحتاجون إليها –ربما يستفيد منها الآخرون ..أو تقبع في البيوت بلا استعمال إلى أن تتلف وترمى، بينما كان في الإمكان استغلال الآخرين لها ..
(1/6)
28 ـ إن الأمر كله لا يحتاج إلا مسألة واحدة وهي (التنظيم) فلو وجد ، ووجد معه القناعة بالفكرة وتفهم الناس لها، فإن الأمر يكون سهلا ومفيدا.. ومع اعتياد الناس للقضية تصبح ظاهرة انسيابية، تنفع ولاتضر ..
29 ـ ولو جئنا لندرس الموضوع من الناحية الاقتصادية فإن القناعة بالفكرة تتأكد وتضخم.. إن علمنا أننا مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى، ومعتادون على الشراء بدرجة كبيرة تصل إلى حد الإسراف أحيانا.. مع وجود أسر فقيرة كثيرة ، تتكلف هي الأخرى فعل ذلك، وتزيد عبئا على أعبائها .. فإننا بهذه الطريقة نقلل من الاستهلاك ، ونجعل الآخرين لا يتكلفون ما لا يقدرون عليه .. فهو من التعاون المشروع الذي أمرنا الإسلام به ( وتعاونوا على البر والتقوى) ..
30 ـ أضف إلى ذلك ما يتنامى في الحس الاجتماعي العام من مشاعر الود والتعاون ورفع الكلفة بين الأفراد.. فالغني لا يأخذه كبره في أن يرمي في المزبلة ما لا يحتاج إليه.. بل يفكر- ويعيد النظر في طريقة تعامله مع الأشياء - بأن هذا الأمر سيفيد الناس، لذلك يحتفظ به لحين موعد وضعه، ليقدمه كهدية لمن أرادها ..والفقير لا يحمل هم الشراء لأنه سيجد ما يحتاج إليه، مقدما كهدية مجانية، ما عليه سوى أن يعرف مواعيد الأيام وأماكن إخراج الأشياء
31 ـ إن هذه الفكرة يمكن تطويرها لتكون أكثر تنظيما عن طريق نشر الإعلانات المصاحبة وتنبيه الناس وتذكيرهم بالمواعيد المقررة..
32 ـ ويمكن أيضا أن تجعل أيام خاصة لبعض الأدوات وأيام خاصة لفئات معينة من المجتمع، فمثلا : أيام خاصة لإخراج الأثاث، وأيام خاصة لإخراج أدوات المطبخ، وايام خاصة للكتب،.. وهكذا. ثم تكون هناك أيام خاصة للأطفال لعبهم وحاجياتهم، وأيام خاصة للرياضيين، وأيام خاصة للنساء.. وهكذا حسب الحاجة.
(1/7)
33 ـ ويمكن ربط هذه الفكرة بفكرة (الجمعيات التعاونية) بحيث يخصص يوم لإخراج الأشياء التي يرغب أصحابها التبرع بها للفقراء أو الجمعيات .. ثم تمر فرق من الناس لجمع هذه الأغراض وتصنيفها ثم توصلها لأصحابها ومستحقيها.
34 ـ الألمان- كغيرهم من شعوب العالم- يبحثون عن لقمة العيش بأي سبيل!! ويظلون يكافحون في سبيل ذلك بشكل عجيب، نظرا لظروف الحياة الصعبة التي تمر على كثير منهم!وهم في هذا السبيل يتفننون- والجنون فنون- في ابتكار طرق الكسب، واختراع أساليب الحصول على المال، المهم لديهم أن يحصلوا على المال وألا يبقوا هكذا..على الرغم من انتشار البطالة بين الناس وزيادة معدلاته..
35 ـ وقد شدتني نماذج من ذلك أنقلها لكم لظرافتها، ولتكون عبرة لنا من غيرنا، نتعلم منها أن من جد وجد ، ومن بحث تيسرت له أموره، وأن من شغل عقله في قضية ما فإنه سيبتكر فنونا مباحة من الكسب تغنيه عن التسول والاستجداء ، وترفعه إلى مقام الاعتماد على الذات بدل الاعتماد على الفتات المتساقط من موائد الآخرين..
36 ـ رأيت بعضهم يمسك أداته الموسيقية التي تدرب عليها، ثم يخرج حيث يجتمع الناس ويمرون، يستوقفهم اللحن أو النمط.. حتى إذا ما انتهى من عزفه مد إليهم قبعته ليضعوا فيها ما تجود به أنفسهم من مال.. وبعضهم يلبي رغبة من يريد سماع لحن ما أو مقطوعة موسيقية ما مقابل النقود طبعا..وبعضهم يظل يعزف حتى لو لم يحصل على مال ..فقط ليدخل البهجة في نفوس المارة!!
37 ـ رأيت أيضا رساما يحمل معه أدوات رسمه ولوحته الأنيقة مع قدمها، ليرسم وجوه من يريد، وإذا لم يأته أحد يبقى يرسم منظرا طبيعيا.. ثم يعرضه للناس للبيع، ومن هؤلاء (نجوين تين-هو) 27 سنة يسكن العاصمة الألمانية برلين، وظيفته التي يحصل منها على المال هي رسم وجوه السياح، وقد ابتكر موهبته هذه إلى حد أنه يستطيع رسم 6 لوحات في دقيقتين!!
(1/8)
38 ـ رأيت أيضا من يبحث عن بطاقات الهاتف المستعمل ليعرضها للبيع بعد ذلك، فقد تنامى في هذه البلاد هواية جمع البطاقات الهاتفية، ولا يقف به الحد إلى هنا بل إنه يصنفها ويبوبها ويعمل لها ألبوما جميلا، ويبتكر في طريقة تقديمها كي لا تكسد سلعته!
39 ـ رأيت أيضا من يتخصص في بيع العملات، وربما سافر إلى بلدان كثيرة لتجميع العملات ثم بيعها.. ويستغل أمثال هؤلاء الأسواق الشعبية ليعرض ما عنده، كما يقوم بعمل دعايات صغيرة عن عنوانه والمجموعات التي عنده وبريده الالكتروني .. ليكون التعامل معه بالمراسلة أيضا.. ناهيك عن الهواية العالمية (هواية جمع الطوابع) فهذه مجالها كبير كبير، وتدر ربحا وفيرا.
40 ـ رأيت بعضهم يتعلم (ألعاب خفة اليد) المختلفة، والتي –كما هو معروف- تشد انتباه الناس، كما تشبع نهم الفضول الموجودة في النفس البشرية، فيقف في منصته التي اعدها لهذا الغرض، ثم يبرز مهارته أمام الجمهورليك سب المال!
41 ـ ومن أغرب ما رأيت في هذا المجال وأنا في بلدة (كولون) الألمانية: أن رجلا يشرب ما يقرب من خمسة ليترات من الماء دفعة واحدة ثم يجعل فمه كصنبور يخرج منه الماء بكل سهولة..وهكذا دواليك، وبعد كل مرة يمسك بيده سحنا يمر به على من حضر ليضعوا فيه النقود.. ومن شدة استغراب الناس منه أن يصفقوا له طويلا..وبهذه الطريقة يحصل على لقمة العيش، وزيادة!!
(1/9)
42 ـ كما رأيت طريقة مبتكرة في الحصول على المال، وذلك أني ذهبت إلى السوق الشعبي لبيع الأدوات المستعملة في مدينة تيوبنغن والذي يقام في الشهر مرتين، وعندما كنت متجولا رأيت صفا من الناس ينتظر.. الرجال وحدهم والنساء وحدهن، وهو منظر لم آلفه في بلاد الاختلاط، فدعاني الفضول لأرى ما هنالك، فإذا هو صف ينتهي إلى سيارة واقفة وكانت من نوع (كرفان)، ووجدت لها بابين، وكتب عليه : (30 سنتا للدخول).. فأدركت أن صاحب السيارة حولها إلى دورتي مياه.. واستغل ذلك الوقت حيث لا يوجد إلا هو..ومن أراد قضاء حاجة فليدفع أولا !!
43 ـ وما لاحظته أيضا في هذا الصدد أن الناس يحبون التخصص الدقيق جدا، من أجل كسب الشريحة المتخصصة في ذلك المجال، ويقل المنافس لهم.. ومن تلك التخصصات:
- أن بعضهم يبيع "الأزرار" فقط القديمة المستعملة أو الجديدة!
- وبعضهم يبيع المحار والصدف فحسب..يجمعها من البحر بنفسه!
- وبعضهم لا يبيع سوى الأعشاب على اختلاف أنواعها، وهنالك تخصصات فثمة أعشاب عربية وأعشاب افريقية واعشاب اوروبية .. وهكذا!
- وبعضهم يبيع أدوات الزينة المستعملة منها والجديدة!
- وبعضهم يبيع التحف الفنية، والأدوات التراثية القديمة!
- وبعضهم يبيع الخرائط فقط، أو صور بطاقات المعايدة القديمة، أو حتى الصورالشخص ية !!
- ورأيت بعضهم لا يبيع سوى ألعاب الأطفال.. وليس كل أنواعها، بل هو متخصص في بيع الألعاب الصغيرة الحجم فقط!! .. وهكذا دواليك.. والأمثلة في هذا الصدد كثيرة من الصعب ذكرها كلها.
44 ـ إن ما ذكرناه في السابق ليس عبارة عن شركات كبيرة أو مؤسسات ضخمة، تتطلب ما تتطلبه من الإمكانات والقدرات.. بل هي عبارة عن أشخاص فحسب، ليس لديهم مقار معينة أومساعدون ومعاونون ولم يكن لدى أغلبهم رؤوس أموال ..بل ينطلقون من الصفر ليحصلوا على لقمة العيش! أليس في هذا عبرة!
(1/10)
45 ـ علمتني الغربة أن الطريق الطويل يبدأ من فكرة .. ثم تتحول الفكرة إلى خطوة.. وتتوالى الخطوات لتصل إلى الهدف المراد.. فلنبدأ بتكوين الأفكار الصحيحة أولا.
46 ـ تعلم الناس أن تتعلق قلوبهم بالمادة.. وما عرفوا أن المادة تفنى فيفنون.. ولو تعلقت قلوبهم بالله الصمد لظلوا أحياء يرزقون..
47 ـ المسلمون في بلاد الغرب بحاجة إلى الوحدة والائتلاف.. حاجتهم إلى الحفاظ على هويتهم الإسلامية.. فبالوحدة تقوى الهوية وتعظم جذورها ..
48 ـ لقد أدى غياب الوحدة بين فئات المسلمين إلى تضائل تأثيرهم في المجتمع، وظهورالاخت لاف أمام أعين مجتمع أحوج ما يكون إلى رؤية المسلمين كقوة ضاربة وعقيدة راسخة وأنموذج يحتذى..
49 ـ ذهاب ريح المسلمين عند اختلافهم سنة ربانية .. وقد رأيتها رأي العين وأنا في الغربة ..عشت في مدينة تيوبغهن الألمانية ، وبها عدد من المسلمين أغلبهم من الأتراك وقليل من العرب وقليل من قليل من الألمان أنفسهم .. وعلى صغر المدينة كان يوجد بها ثلاثة مساجد تقام فيها الجمعة.. بقي منها الآن اثنان فقط – يصارعان البقاء- أما الثالث فقد تحول إلى معبد للسيخ !! والسبب: هو الاختلاف والتنازع، وعدم الوحدة والائتلاف! !
50 ـ من المصائب في حياة المسلمين في الغرب، أنهم ينقلون معهم سلبيات البيئة التي نشأوا فيها..ينقلون معهم التوجهات الطائفية البغيضة..وينقلون الخلاف السياسي المذموم.. وينقلون الاختلاف والتنازع!! ولو تركوا ذلك كله وراء ظهورهم واستقبلوا حياة إسلامية جديدة، لكان لمسيرة الإسلام في الغرب تاريخ آخر تسجله الأجيال القادمة.
51 ـ الحرقة على أوضاع المسلمين، والألم من واقعهم ..أمران مهمان في ضمير كل مؤمن .. بيد أن الأهم والأفضل والأجدر..هو السعي من أجل تغييرتلك الأوضاع وذلك الواقع..
(1/11)
52 ـ انحدرت من عيني دمعة حرى ..حين رأيت هذه الجنان الخضراء من حولي على مد البصر.. ووفرة المياه والأمطار .. والنعيم الدنيوي الخلاب ..بينما قريتي التي نشأت فيها وتربعت .. وبلدتي التي غذتني وربتي تموت بين يدي أبنائها عطشا..
53 ـ ثمة كلمات تولد قوية، وتبقى كذلك.. منها قول أحمد مطر: "أن تشعر بالمأساة فذلك دليل على أنك واع..وأن تتحرك لمواجهتها فذلك دليل على أنك حي".
54 ـ هناك من الناس من يسافر إلى بلدان أخرى من أجل أغراض خسيسة .. فهو لا يرى من هذه البلدان سوى هذا الوجه الكالح المظلم..كالذباب لا يقع إلا على القاذورات والأوساخ.. وثمة آخرون بخلاف ذلك ، ينظرون إلى الوجه الآخر .. وبعدها ..كل إناء بما فيه ينضح..
55 ـ ثمة الآن سعي جاد في بعض الأقاليم الألمانية من أجل تأسيس شركات مالية تتعامل بالنظام الإسلامي في الاقتصاد.. وقد بدأت خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف.. بينما ثمة بلاد إسلامية استبعدت المشروع نهائيا قبل أن تفكر فيه..!!
56 ـ في الوقت الذي يقتل في العالم مئات من البشر كل يوم ..ويعاني آلاف منهم.. ويعيش في البؤس ملايين ..دون أن تنبس الشفاه بكلمة.. رأيت اهتماما إعلاميا بوفاة أكبر الفئران المعمرة في العالم!!
57 ـ تذكرت -وأنا في الغربة- كلمة قالها أحد المسؤولين حين صدر العدد الأول من (مجلة المعالم): إن الغريب في أمر هذه المجلة أن كل محرريها وكتابها عمانيون!!
58 ـ وتذكرت أيضا- وأنا في الغربة- أن البعض " منا " أمريكي أكثرمن الأمريكان أنفسهم..وأن البعض "منهم" عربي أكثر من العرب أنفسهم !!
59 ـ وتذكرت –وأنا في الغربة- أن وجود الإنسان في بلده وبين أهله سعادة لا توصف.. مهما جار عليه من جار أو اعتدى عليه من اعتدى..
(1/12)
60 ـ "التدين" كلمة جميلة مباركة، تحمل الأنس والسلام، وتغرس في القلب حلاوة السلوك الطاهر، والتصرف الحميد، والخلق الرفيع .. فإذا خلا من هذه صارت كلمة مخيفة، ترهب الآمنين وتروع المسالمين..
61 ـ ما يحصل لنا من مكروه .. ليس شرا مستطيرا، أو نقمة ساخطة أو بلاءا دائما.. بل يحمل -أي المكروه- بين طياته خير الحاضر والمستقبل، وجمال الابتلاء والتمحيص، وروعة الحكمة الإلهية .. يقول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهوخير لكم( .
62 ـ نحب نقد الآخرين.. ونطالبهم بأن يتقبلوا نقدنا بصدررحب، وقلب مفتوح وإحسان الظن .. ولكننا ننسى ذلك كله حين ينقدنا الناس.. بل ربما نذهب بعيدا.. فنتهمهم في دوافع نقدهم..ونعتبره قدحا وذما!!
63 ـ الإعلام هو الوسيلة الفاعلة في عصرنا هذا.. فمن ملك زمام الإعلام قاد جماهير البشر إلى ما يريد من أفكار وتوجهات.. وصدق من قال: الناس على دين وسائل إعلامهم..!!
64 ـ قلما تجد سياسيا ناجحا لا علاقة له بوسيلة إعلامية فاعلة..وقلما تجد دولة لا تحتكر وسيلة إعلامية بشكل مباشر أو غير مباشر.. فلماذا يهون البعض منا من أمر الإعلام .. ويعتبره أمرا ثانويا لا أهمية له..؟!
65 ـ الانفتاح على "الآخر" جميل..والنظر في "ثقافته" أيضا جميل.. والبحث في كيفية "تفكيره" جميل أيضا .. ولكن الأجمل من ذلك كله أن نفهم "الأنا" على حقيقتها ..
66 ـ تصاب النفس البشرية في بعض الأحيان بانكسار الذات.. وتقهقرها.. وضعفها..وتلك طبيعة فيها – ولا غرابة- على أن لا تظل على حالتها هذه إلى أن تسقط أو تقع .. إن العاقل يعرف أن تلك الحالة في نفسه مرحلة انتقالية من أجل فاعلية أكبر وانطلاقة أقوى..
67 ـ ترتفع في بعض البلاد قيمة "الكلاب" إلى القمة ..بينما تنخفض في غيرها قيمة "الإنسان" إلى الحضيض.. ولكن يظل "الكلب" كلبا، و"الإنسان" إنسانا!!
(1/13)
68 ـ استدعت ذاكرتي المثل العربي السائر: "إذا حُلق شعرُ جارك فبُلَّ شعرك"..فرأيت البعض قد تمادى في هذا المثل إعجابا حتى حلق رأسه وشعر جسمه كله قبل أن يبل الجارشعره..!!
69 ـ البعد عن معاني الحياء جزء من تخلي المرء عن معاني الإنسانية..فكلما ازداد المرء بعدا عن الحياء ازداد قربه من البهيمية والفوضى .. والعكس صحيح.
70 ـ إننا نعطي أنفسنا حقا غير مشروع حين نحاكم سرائر الناس ونتهم نواياهم.. ونحاول بطريقة ما أن نبرر هذا التصرف ونجعله أمرا لا غبار عليه من حيث المشروعية ..
71 ـ أيها العقل المفكر .. دع عنك غرورك وكبرياءك.. فلا يجتمع عقل وغرور إلا في قاموس الفساد! ولا تجد معانيها إلا اشتقاقا من الانحراف والظلم!!
72 ـ أبعد ما يكون الانحراف حين يأتي من عاقل .. وأعنف ما يكون الظلم حين يصدر من مغرور..وأعتى ما يكون الظلم حين يأتي من ذويك..
73 ـ إن في الحياة ألحانا تجعل المرء ينعم بها.. ويسعد لسماعها.. فلتكن هي أغنياتنا العذبة التي نترنم بها ..وألحاننا الشجية التي نصحوا عليها أو نغفوا..
74 ـ لم نسرج بعد جياد القوة .. ولم تتفتق من عقولنا أفكار النصر .. ولم تعد ألسنتنا تتمتم غير لغة الانكسار ولحن الحزن الدفين..
75 ـ لم تعد أعيننا غير سحاب يمطر بالدموع.. على قلب أنهكه القحط والمحل .. لم تعد أرضنا تثمر أو تزهر ..غير شوك يدمي أقدامنا الحافية.. أو حنظل بري يذهب من أفواهنا أي إحساس بطعم الوجود..
76 ـ لم تعد أبصارنا ترى النور .. أو حتى ظلام قد يغور .. لم نعد نبصر غير الألم .. لم نعد نرى غير العمى.. يجثم على أهدابنا المبللة.. ويقتات من ماء الدمع الساخن.. طالما بكينا كالأطفال..!
77 ـ لم تعد طرق الحياة تسمع خطواتنا الواثقة بنصر الله .. المعتزة بدينها الغالب.. ولا وقع حوافر الخيل منا لأنها لم تركب منذ أمد بعيد !!
(1/14)
78 ـ لم تعد قلوبنا غير شظايا مزقتها حروب النفس.. وشقت صحراءها أخاديد البؤس الهمجي.. بعد أن حبست عن أنفاسها بلابل الحرية .. ونسمات العدل..
79 ـ لم نعد كما كنا..لأن الأمل الذي يداعب خلايا أدمغتنا قد اغتاله عجزنا .. ودفنه في قبور الموتى..
80 ـ لم نعد كما كنا .. لأن الهدف الذي رسمناه في دفتر قلوبنا قد تلاشى كما يتلاشى السراب .. ولم يكن سوى الدم الكذب الذي لطخنا به قميص نخوتنا أو كبرياء عروبتنا
81 ـ لم نعد كما كنا .. فالمسلم غائب في بحر غفلته.. يحرث في المحيط .. ويزرع في الفراغ .. وقبل هذا وذاك خدعه سامري العصر بعجل الذهب !!
82 ـ عندما يغشانا الوهن .. ندور حول ذواتنا الصغيرة.. وننظر إلى الوراء .. ونكون قد سلكنا أسهل الطرق نحو الهزيمة ، وأقصرها نحو الاستسلام .. وقدمنا لعدونا هدية ما كان يحلم بمثلها طوال عمره المليء بالأطماع.. الملطخ بسواد الآمال..
83 ـ جمعني مجلس يوما ما بطالب ألماني، وتحدثنا طويلا عن الإسلام وقضايا أخرى، فكان مما قلته له: إنني حزين لأن الألمان يعممون الحكم على المسلمين متهمين إياهم بالإرهاب والتطرف، فقال: ولكني لو كنت كذلك – وأنا ألماني- لما كنت متحدثا معك كل هذا الوقت !!
84 ـ نسعى إلى إصلاح الناس، ودعوتهم.. ولكننا في زخم هذا الاهتمام نغفل ذواتنا وأنفسنا .. لننتبه بعد زمن أن نفوسنا خرجت عن حد الإصلاح .. علينا أن ننتبه لأنفسنا كثيرا!!
85 ـ جاء في المثل الإنجليزي ما ترجمته : (المتسولون لا يملكون حق الاختيار) .. وهي حقيقة واقعة ..حالنا نحن العرب اليوم !!
86 ـ هنالك كثيرون لا يصلحون .. وقليل يصلحون .. ولكن ثمة فريق غريب بين هذين : فريق لا يصلح ولا يعجبه أن يرى الآخرين يصلحون !!
87 ـ الضجيج العالي ..والذهاب والإياب ..والصوت المرتفع .. ليست أدلة على الفاعلية والبركة .. فالعربة الفارغة أكثر ضجيجا من الملأى !!
(1/15)
88 ـ "صناعة الأمل" عملية لا يتقنها إلا حذاق الرجال.. أولئك الذين تربوا على الأمل ونظروا إلى المستقبل القادم نظرة تفاؤلية .
89 ـ في ساعة الأزمات تظهر حقائق الرجال .. وفي أوقات المحنة يظهر ما خفي من سرائر الناس .. كالذهب لا يكون حقيقة لامعة إلا إذا عرض على نار ملتهبة!!
90 ـ إذا أغلقت أبواب الجهاد عن محبيه وعشاق الشهادة فإن "الجهاد الإلكتروني " باب لا يمكن لأحد قفله ..فلنجاهد ها هنا بالكلمة وحدها ..
91 ـ قال أوليفر كرومويل أحد قادة الجند الانجليز (ق17م) خلال الحرب الأهلية في إنجلترا، عندما كان جنوده على وشك عبور أحد الأنهار، قال لجنده: "اتكل على الله ولكن أبق بارودك جافا" ..
92 ـ في السعودية وحدها تستهلك النساء ما وزنه 640 طنا من أحمر الشفاه سنويا.. !!
- ليتها كانت 20 طنا من البارود .. و20 طنا من الطعام و20 طنا من الكتب و20 طنا من الأقلام ..
- كل هذه لم تتجاوز80 طنا !! (ملاحظة :الطن يساوي 1000 كغم).
93 ـ عندما نبذر حبة في الأرض .. نريد أن نجني الثمرة .. نأكلها، نتلمسها بأيدينا التي غرستها .. ولكن في عالم الدعوة والإصلاح علينا بذر الحب .. ولا ننتظر الثمرة ..
94 ـ يجيد بعضنا الكلام ..ينمقه، يحسنه، حتى كأنه سحر من روعته .. ولكن في الحياة حكمة تقول: "الكلام المعسول لا يطهو الجزر الأبيض"..
95 ـ تفكرت في أعمار الطواغيت.. فإذا هي طويلة !! فهدأ من تفكيري قوله تعالى:"ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون"..فقلت: نحن وإياهم على موعد.
96 ـ قالوا: إذا قاد الأعمى رجلا أعمى سقط كلاهما في الحفرة .. فقلت: أعنا يارب في زمن كثر فيه عميان الحقيقة .."قد ضل من كانت العميان تهديه".
- في وقت تكثر فيه الثقافات وتتغاير.. وتتنافس فيما بينها .. أرى أن أهم ثقافة نحتاج إليها في عالمنا الإسلامي هي "ثقافة النصر" ..
(1/16)
97 ـ الذي يؤثرون القعود عن النهوض والقاع عن القمة ..أصفار على الشمال .. لا وزن لهم وإن بلغوا مئات الآلاف.. فاحذر أن تكون منهم.
99 ـ نقرأ في التاريخ سيرالصلاح .. وقصص البطولة والكفاح .. فتغلبنا الدموع ..حزنا على واقعنا الذي نعيش .. وما ثم إلا الجراح .
100 ـ نخطو خطواتنا في حياة مليئة بالأطماع.. وبين أناس كالوحوش..وفي بلاد كالغاب ..فنتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام: " المؤمن كالغيث حيثما حل نفع" .. فنجعل تلك الخطوات بذور خير وإحسان غير يائسين ولا متشائمين .
وبهذه المئة ينتهي العقد الأول من الإضاءات .. إضاءات ولدت في الغربة .. وتفتحت زهورها في الوطن.. وأرجو أن ينتشر عبقها في كل مكان ..
فما كان فيها من خيروحق ومعروف فمن الله وحده .. وإن كان فيها ما يخالف الحق وسبيل المؤمنين فمني ومن الشيطان.. (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء).. سائلا إخواني –بالله العزيز- ألا يبخلوا علينا من النقد والنصيحة ..
(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )
(1/17)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق