الكتاب : أجوبة الشيخ ناصر السابعي
ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة فضيلة الشيخ: ناصر السابعي على زوار سبلة العرب
تنسيق وإشراف: طالب الدعاء
تمهيد:
الإخوة الفضلاء ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على ثقتكم بي وإحسانكم الظن بي ، وإلا فإني دون كثير من الأسئلة المطروحة ، ولكنها مشاركة في الرأي لعلكم توافقونني فيها أو تخالفوني ..
وأشكر الإخوة القائمين على (( سبلة العرب )) الذين يسعون دائما إلى الجدة والتطور والفائدة .. كما أثمن لهم جهودهم المخلصة في سبيل هذا الدين العظيم واشكر بالأخص الإخوة الذين رتبوا الأسئلة فكانت على النحو التالي :
(1/1)
أولا : الصراع مع اليهود:
س1: مقدم من (( زمردة )) عن التوقعات حول التطورات في الصراع الأسلامي اليهودي :
الجواب /
الصراع الإسلامي اليهودي طويل في ماضيه وحاضره ، منذ وجود بني إسرائيل وأنبيائهم ومرورا بمبعث النبي الخاتم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى دهرنا هذا ..
وتشير الدلائل الكثيرة إلى أن الصراع مستمر إلى أمد ليس بالقصير ، سواء من ذلك النصوص الشرعية الواضحة في امتداد هذا الصراع أو القرائن المقروءة من الأحداث والوقائع ومن مخططات الاستعمار اليهودي ..
ومن خلال استقراء تاريخ اليهود يتبين أنهم يسيرون على خطط محكمة ، وضمن عمل مؤسسي لخدمة غرض واحد وكيان واحد ، ولا أدل على ذلك من جمعيات الماسونية ، والكيانات الصهيونية وما يتبعها ويتفرع عنها ويعمل من أجلها ويتستر بظلها . وللأسف فإن الفارق الكبير بيننا وبينهم أن اليهود استفادوا من تاريخهم المظلم ولم نستفد من تاريخنا المشرق ، ولعل النكبات والنكسات التي لقوها من جراء تبديلهم أحكام الله وتحريفهم كتبه وتكذيبهم رسله ، جعلتهم يضعون الخطط التي تمتد إلى عشرات السنين ، بل إلى أكثر من ذلك ، ثم يوجهون كل طاقاتهم وإمكاناتهم ومواردهم المادية والبشرية لتحقيق الخطط والأهداف.
والمؤتمر الذي عقد في سويسرا في عام 1897 م برئاسة ثيودور هرتزل كان من ضمن قراراته إقامة دوله يهودية بعد خمسين سنة ، وقد كان.
ولهذا فإن التوقعات لهذا الصراع المرير لا بد من أن نبنيها على فهم تلك المخططات ، فإن الأحداث الدامية الدائرة بين الفلسطينيين واليهود تسير وفق خطة محكمة مدروسة هيئت لها الظروف وأعدت لها القرارات ، وقد وضح كل ذلك فيما جرى.
الغاية التي أريد الوصول إليها أننا لا زلنا لم ندرك بعد كيف تسير الأحداث ولا كيف يفكر اليهود ويخططون ، ونحن في نهاية الأمر ضحية التآمر المستمر ، ونحتاج إلى مرحلة طويلة لإعادة البنية التحتية لمستويات تفكيرنا ونمط تعاملنا مع الوقائع ، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال نقد الذات وفهم الواقع والبحث عن الأدوات اللازمة للتحرك في المسار الصحيح.
والمجريات الراهنة تشعر بتسارع حثيث في تنامي الشعور العربي والإسلامي على الصعيدين الرسمي والشعبي بهيمنة اليهود وخطورتهم وإيغالهم في القدرة على الضغط على الحكومات من أجل تحقيق مطامعهم وتنفيذ مخططاتهم ، مما سينعكس على العلاقات الرسمية وعلى مستوى تفكير الشارع العربي والإسلامي ، ويساند ذلك التعسف اليهودي وما يساعده من الحكومات والدول ، كما يقود إليه وسائل الإعلام التي يعي معطياتها رجل الشارع العادي ..
وهذا بدوره سيحدث طفرة ونقلة نوعية في كل التوجيهات ، مما سيورث ضغطاً كبيراً على الحكومات والمؤسسات ..
كل ذلك سيهز غرور الصهاينة وأعوانهم ، وحينئذ سيزيدون من تصعيد الموقف وتأزيمه وسيلجأون إلى العنف والقسوة أكثر مما نشهده حالياً ..
(1/2)
وهذا ما سيؤدي إلى الصراع الحقيقي الشامل ...
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ، وأن يدفع عنا كل شر ومكروه.
س2 : مقدم من (( زمردة )) أيضا : عن حكم العمليات الانتحارية ضد اليهود:
الجواب/
بداية ، لابد أن ننتقي الألفاظ والعبارات إمعانا في التوفيق بين اللفظ والمعنى ، فليست كل العمليات انتحارية ، والانتحار له دلالة واضحة في التصور الإسلامي ، من حيث شرعية الفعل إنسانيا ودينيا ومصيريا.
هي عمليات ، وإذا سحبنا عنها صفة الانتحارية ، فهي حينئذ عمليات مشروعة ، لكننا ينبغي أن ندرسها في إطارها .. ونترك حكمها الصائب وتقديرها الدقيق لمن يعيش ظروفها وملابساتها ، فإن من الخطأ على الواحد منا أن يطلق حكما على شيء دون تصوره ، ولا ريب أن الفلسطينين عندما يقومون بمثل هذه العمليات فإن لهم ظروفهم الصعبة التي يستطيعون هم – وحدهم – تقويمها ، ولهذا فإن المشاهد عن بعد قد يسميها – جهلا – عمليات انتحارية متناسيا كل ما يكتنفها من ظروف ودواع .
هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية فإن هذه العمليات قد حدد لها العلماء والفقهاء ضوابط ، وذلك كأن تكون في ميدان القتال ، وبهذا نتبين أن كثيرا مما يندرج ضمن هذه العمليات ( في غير فلسطين ) تجري في غير وضعها الصحيح ، وتقع على الأبرياء .. كما قالوا بأن يكون هدفها النكاية في العدو وإظهار العزة والقوة ، فإن غلب على الظن أنها لن تحقق ذلك فإنها تمنع حينئذ .
وقد سمعت فتوى من سماحة الشيخ العلامة: الخليلي حفظه الله بألا يكون قصد القائم بالعملية قتل نفسه ، كل هذا جعله الفقهاء أثناء الحرب المشروعة بين المسلمين والمشركين .. ومن أراد التفصيل فليرجع إلى مثل كتاب "إغاثة الملهوف بالسيف المذكر" لشيخ الإسلام المحقق العلامة سعيد بن خلفان الخليلي رحمه الله تعالى وعلى كل نعود ونقول إن الفلسطينيين أقدر على تقويم موقفهم وتقدير ظروفهم.
س:3 مقدم من " المختار " عما يتردد من الشعارات والأفكار في الصراع الإسلامي اليهودي ، مثل كون هذه الحرب هي حرباً وطنية قومية لا مجال للدين فيها ، واستخدام كثير من المثقفين والإعلاميين مصطلحات يُظن أنها من نتائج الحرب الفكرية والنفسية التي فرضها اليهود علينا مثل " الشرق الأوسط واطلاق كلمة إسرائيل ، وحائط المبكى ... الخ "
(1/3)
الجواب/
أما ما يتعلق بالطرف الأول وهو كون هذه الحرب وطنية قومية لا دخل للدين فيها فهي فكرة كاذبة خادعة .. فإن السياسة اليهودية يشترك في صياغتها عدة مؤسسات وأحزاب ، وكلها في النهاية تسعى لمصلحة الدولة اليهودية وتحقيق أطماعها الاستعمارية ..
على أننا ينبغي ألا نجعلها كلها عائدة إلى الخلفيات الدينية ، فإن اللهث وراء المال والسيطرة على الموارد الاقتصادية هو أول ما يسيل لعاب الدول المستعمرة ، وتتكئ في ذلك على الدلائل التاريخية والبواعث الدينية المخترعة ..
وأما ما يتعلق بالطرف الثاني من غزو بعض المصطلحات ساحة المثقفين والإعلاميين فهو من آثار الإعلام اليهودي القوي الذي يفرض نفسه بقوة السلاح والمادة والتهديد ونحوها ..
ولا يخفى على القارئ الكريم أن اليهود استخدموا الإعلام في خدمة قضاياهم استخداماً ناجحاً ، ومن أمثلته فكرة قتل النازية لليهود على يد هتلر التي جعلوها سلاحاً تدفع ضريبته الدول الأوروبية حتى الآن ، مع أن أساس القضية هو أن اليهود دفعوا هتلر إلى قتل من يأبى منهم الهجرة إلى فلسطين ، ثم جعلوها قضية عليه ، فصاروا يبكون قتلاهم إلى أن اقتنع الرأي العام في كثير من الدول الأوروبية بهذه الإشاعة الكاذبة ولم تقدر هذه الدول أن تكذبها مع علمها بأنها أسطورة ، يقول د. ريتشارد هاروود باحث وأستاذ جامعي في كلمة له نشرتها جريدة الخليج الاماراتية في العدد 7869 بتاريخ 8 رمضان 1421هـ - 4 ديسمبر 2000م: (( إن الدول اعتادت أن تخلق الأكاذيب ضد بعضها البعض خلال الحروب ، وعلى سبيل المثال روج الحلفاء في الحرب العالمية الأولى شائعة صدقها الكثيرون ، وهي أن الجنود الألمان كانوا يأكلون الأطفال البلجيكيين ، إلا أن الدول الحليفة نفسها بادرت إلى تكذيب هذه الشائعة بعد الحرب ، وأعترفت بأنها كانت قد اختلقتها في نطاق الدعاية العسكرية في الحرب النفسية ، ولكن أكذوبة حرق ستة ملايين يهودي في أفران الغاز لم يبادر أحد إلى تكذيبها بل نمت وترعرعت وانقلبت إلى أسطورة عاتية وخرافة مكررة ومكبرة يومياً ، وقد وظفت تلك الخرافة توظيفاً ماهراً وبارعاً في خدمة هدف سياسي معين )).
وها هم اليهود الآن يعودون إلى نفس السلاح ، مثل سلاح حائط المبكى وسلاح هيكل سليمان ، وهي دعاوى فارغة ليس لها أساس من الصحة وقد تلاشت مع الزمن ، ولم يعد لها مسوغ لا تاريخي ولا ديني ولا وطني ولا غير ذلك .
(1/4)
س4: هل ترون أن الفكر الإسلامي يمر خلال هذه الفترة بأزمة وذلك من خلال تحديات العولمة والعالمية والعلمانية اللاتي تجتاح المجتمع المسلم؟ وكيف ينظر ويواجه المسلم هذه التحديات التي غزت معظم مرافق الحياة؟ وما هو دور علماء الإسلام في مواجهة هذه التحديات وقيادة الصحوة الإسلامية إلى بر الأمان؟
الجواب/ ليس الفكر الإسلامي وحده هو الذي يمر بأزمة خلال الوضع الراهن ، فإن انعكاسات تلك التحديات تطال المؤسسات العالمية والدول الكبرى. ويزداد تعقيد المسألة في جانب الفكر الإسلامي بسبب تداعيات الماضي في بعض صوره وأشكاله.
والمعاناة مشتركة على كافة الأصعدة وجميع التوجهات.
والفكر الإسلامي مجرداً لا يستطيع كغيره أن يحل ما تجره العولمة وغيرها من البلاء ما لم تتبن برنامجه المتكامل مؤسسات ضخمة ودول ترى نفسها مسؤولة عن تنفيذ بنود ذلك البرنامج ...إننا لا نوجه فكرة ولا نواجه دولة ولا نواجه تياراً ، ولكنها حضارة ، وليست كأي حضارة ، حضارة التكنولوجيا والإنترنت - فالأمر بالغ الصعوبة - ومواجهته محض خطأ ، ومصادمته خطر على الحياة ..
وأما الفكر الإسلامي فهو قادر على احتواء هذا النمط الحضاري وتقديمه للناس بما يتفق مع مبادئه وغاياته السامية .. شريطة أن ندرك أن الإسلام دين تفاعل لا دين انزواء.
ولابد من أن نستفيد نحن المسلمين من إيجابيات أي فكر وأي تيار وأي حضارة ، والعولمة رغم أنها اجتياح عارم هي في كثير من جوانبها في صالح الإنسان ، ولننظر إلى العولمة من زاويتين:
الأولى: أنها نظام عالمي أعد من قبل مؤسسات عالمية لتحقيق أهدافها .
الثانية :أنها نمط حياة وحضارة وهي بناء تراكمي لسلسلة من الاكتشافات في شتى أوجه الحضارة المعمارية والتكنولوجية والعلمية وغيرها ، استغلتها أحسن استغلال القوي العالمية ، فكانت كلها أدوات ساهمت في تنفيذ مفردات النظام العالمي .
(1/5)
وعلى المسلمين بما فيهم العلماء والساسة والاقتصاديون وعلماء الاجتماع أن يضعوا برنامجا متكاملا ملائما يوازي أثر المد الحضاري للعولمة ويراعي كيفية الإستفادة منها بأقصى الاستطاعة .
وهذا كله يكون تحت مظلة دولة أو دول ، وبإشراف هيئات ومؤسسات عالمية لها من القوة الإقتصادية ماتستطيع به أن تخطو خطوات جادة في سبيل دفع حركة المشروع .
وهناك دور آخر لعلماء الإسلام يتمثل في ضرورة شرح فكرة العولمة ونظامها شرحا مبنيا على الفهم الدقيق والثاقب مستفيدا من آراء المفكرين الذين حللوا ظاهرة العولمة ونظامها وينتمون إلى الدول ذات السيادة والهيمنة ... شرحا يبتعد عن النظرة الإقتصادية البحتة ، ليبرز الأبعاد الدينية والأخلاقية والسياسية وغيرها.
س 5 حول ما كتبه (( السياسي )) عن موضوع الأهلة فقال :
" مثل ما قام الرئيس العراقي صدام حسين بتسييس فريضة الحج في عام 99 هنالك آخرون من قادة أمتنا يرون أن الفرائض المفروضة علينا لا تتعارض مع خدمة المصالح والأهداف السياسية. فصلاة الجمعة و الزكاة والصوم كلها فرائض استغلها البعض لتأخذ منحى غير الذي رسمه الشارع عز وجل .
فبينما نسمع أن بعض الدول الإسلامية دخلت شهر رمضان نصادف أن أخرى ممن تجاورها لم تبدأ الصيام بعد. هذا التعارض في معظم الأحيان ليس وليد صحة رؤية الهلال عن عدمه ، وإنما هو ارتباط الأنظمة الحاكمة – إما مذهبيا أو سياسيا أو حتى اقتصاديا _ بأقطاب الدول الإسلامية المهيمنة ، وهنا أقصد المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. فالدول الخليجية باستثناء السلطنة كلها تربط صيامها بالمملكة العربية السعودية إلا في ما ندر ، ودائما ما يتعارض بدء صيامنا هنا في السلطنة مع المملكة العربية السعودية ويتفق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. و كذلك الحال بالنسبة لعيد الفطر المبارك وكم سبب هذا الاختلاف بعض الحساسيات عندما يتعلق النقاش بوحدة الصف الخليجي. فالسلطنة والإمارات العربية جارين والمتوقع أن تكون رؤية الهلال متقاربة في ما بينهما ولكن العادة أن يصوموا ونحن مفطرون وأن يبدءوا عيدهم ونحن صائمون.
(1/6)
التساؤل هنا فقهي بالدرجة الأولى ، ما رأي الشرع في توحيد الأهلة وفي هذه الحالة ما المانع من صومنا تحت لواء المملكة ؟ أما في حالة الاختلاف فما الذي يقوله علمائنا في تسييس هذه الفريضة الفضيلة ؟؟ وكيف يكون دورهم في الذود عن حياض المقدسات التي استحلها من لا يربطهم بالإسلام إلا أسمه؟؟؟. "
الجواب/
السياسي تناول القضية سياسياً فربط إعلان ثبوت الأهلة في بعض الدول بإعلان دولة أخرى ذلك ، كما هو الحال في البلدان الخليجية عدا عمان. بينما جعل عدم ثبوت الهلال في دولة مرهونا بإعلان دولة ثبوته ، ويبدو لي أن التعبير قد خانه حينما قال: " فبينما نسمع أن بعض الدول الإسلامية دخلت شهر رمضان نصادف أن أخرى ممن تجاورها لم تبدأ الصيام بعد. هذا التعارض في معظم الأحيان ليس وليد صحة رؤية الهلال عن عدمه ، وإنما هو ارتباط الأنظمة الحاكمة – إما مذهبيا أو سياسيا أو حتى اقتصاديا _ بأقطاب الدول الإسلامية المهيمنة ، وهنا أقصد المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية."
لأننا -في عمان- نلحظ كيفية سير مسألة ثبوت الرؤية بشكل مطمئن ، وكلنا نعرف أن في كل ولاية لجنة تتلقى البلاغات ، إضافة إلى اللجنة العليا التي يكون سماحة المفتي –حفظه الله- أحد أعضائها في كل مرة مع بعض مشائخ العلم وبعض كبار المسؤولين ، ثم يتم إعلان ثبوت الهلال أو عدمه بناءً على صحة الرؤية أو عدمها ، بذكر الولاية التي شوهد فيها الهلال ، إن أعلنت الرؤية.
وقد اطلعت في رمضان الماضي على تقويم أعد من قبل معهد بريطاني أو مجموعة من الفلكيين البريطانيين في عام 1261هـ لحساب رؤية الهلال منذ ذلك العام حتى عام 1420هـ ، فرأيته مطابقاً للتقويم العماني بدقة ، وأذكر إني كنت أتحسب ليوم العيد المذكور في التقويم ، مع أني رأيته في رمضان أي قبل العيد ، فكان كما في التقويم .
وعلى كل ، فإن التقويم العماني ورصد الرؤية في هذا البلد لا ينكر دقته وتحري القائمين عليه من المشايخ والمسؤولين إلا من لا يعرف كيف يتم إثبات الرؤية أو نفيها.
ولهذا أثنى د.مصطفى الشكعة على (( الإباضية )) في عمان في كتابه (( إسلام بلا مذاهب )) في مسألة تحري رؤية الهلال للصوم والعيد والحج ....
(1/7)
وأما غير عمان من الدول فنرى بشكل ملحوظ أن أكثر بلدان الخليج تتبع المملكة العربية السعودية ، ولست أدري سبب هذه التبعية في مسألة الهلال ، وقد يكون سبباً سياسياً كما بينه السياسي وقد يكون بسبب نظرة تلك البلدان إلى المملكة السعودية على أنها بلد الحرمين التي ينبغي أن تجعل محوراً لسائر البلاد الإسلامية ، مع أن مسألة الهلال مسألة راجعة إلى اعتبارت أخرى.
وأما المملكة العربية السعودية نفسها فالاضطراب واضح لديها في قضية الهلال أحياناً يصومون رمضان ثمانية وعشرين يوماً ، وكثيراً ما يؤخر التاريخ يوماً واحداً ، ولسنا ندري السبب الحقيقي لهذا الاضطراب.
ولبيان مسألة الهلال علينا أن نعي أموراً ، منها:
1. أن القمر والشمس يسيران بسرعة متفاوتة فدوران الأرض حول نفسها الذي به يبدو لنا حركة الشمس أسرع من دوران القمر حول الأرض ، وفي اليوم الذي يفترض فيه رؤية الهلال لا يمكن أن يرى القمر صباحاً متقدما على الشمس ، وإن كانت تسبقه في السرعة لكن سرعتها لا يتأتى من خلالها أن تسبق القمر في نفس ذلك اليوم. حتى أن الإمام القطب –رضي الله عنه- لم يشاهد أن تطلع القمر قبل الشمس صباحا فرؤي الهلال بعد الغروب.
ولأجل أن الشمس أسرع من القمر فقد لا يرى الهلال في مطلع ويرى في مكان آخر ، ومعناه أن القمر يتأخر في الحركة شيئاً فشيئاً عن الشمس وكلما كان المكان أبعد جهة المغرب كانت مؤاتاة رؤية الهلال فيه أكثر فقد لا يرى في عمان ، ثم يرى في مكة المكرمة ، بحكم اختلاف المطالع بينهما ، إذ قد يكون الهلال قد غرب مع الشمس في عمان ، ثم سبقته الشمس فأمكن رؤيته بعدها في مكة المعظمة مثلا...
2. أن المطالع تختلف من مكان إلى مكان ، وليس ذلك مقيداً بالحدود الدولية وإنما هي مطالع فلكية يعرفها المختصون.
ولهذا عندما عاد كريب مولى ابن عباس – كما في صحيح مسلم- من الشام من عند معاوية فوجدهم قد صاموا قبلهم بيوم ، بين ابن عباس أنهم صاموا بعدهم بيوم تبعاً لرؤية الهلال.
وعليه فإن المفترض والواجب شرعاً أن تتحد كلمة الدول المتفقة في المطلع على رؤية شرعية صحيحة للهلال للصوم والفطر وسائر الشهور ، ويتم تقسيم الدول في هذا الصدد حسب اختلاف
(1/8)
المطالع بل ينبغي أن تقسم الدولة نفسها إن كانت تقع ضمن أكثر من مطلع حسب تلك المطالع ، فيضم بلدان المطلع الواحد إلى وحدة جامعة في قضية الهلال ، وهذا متطابق تماما مع قضية أوقات الصلوات ، فالمنطقة الشرقية من المملكة السعودية يفرق بينها وبين مكة المكرمة في التوقيت ما يقارب من الساعة إلا ربعاً.
وبهذا نفهم أن عمان لا تنفرد عن سائر الدول ، وإنما تخطئ الدول التي لا تلتزم بمطلعها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن المتعبد به شرعاً في مسألة الهلال الرؤية الصحيحة ، فإن لم يرى الهلال في مطلع –مع ثبوت المطالع- فالمصير إلى إكمال الشهر ثلاثين يوماً في الصوم والفطر.
والخلاصة أن توحيد الأهلة بين كل الدول غير ممكن ، ولا يقود هذا إلى الفرقة والنزاع.
س: مقدم من " مؤيد ":
ما هو الأسلوب الأمثل في عرض ما اختلف حوله المسلمون من قضايا ، وخاصة في مسائل العقيدة؟
الجواب /
العقيدة في القرآن الكريم جاءت لتقويم السلوك الإنساني ، وليس الغرض من عرضها زيادة شقة الخلاف والانحراف بالسلوك البشري أكثر ، ويخطئ من يجعل من قضايا العقيدة سلاحاً لإصدار الأحكام في كل جزئية من جزئياتها ، وما أجمل أن يعرض الإنسان ما عنده من دون إلغاء للطرف الآخر في أي قضية.
وأسلوب الحوار أسلوب ناجح ، لأنه أسلوب دعا إليه القرآن الكريم وطبقه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع ألد أعداء دعوته ، فكيف نغفل عن هذا المبدأ الذي أرسته قواعد الشرع وصولاً إلى الحق وتقريباً للقلوب.
وأحسب أن العاقل يتقبل الحوار ويدعو إليه ، وأما من يخاف من الحوار فهو ضعيف الحجة والمبدأ ، كما أرى أن من لا يؤمن بمبدأ الحوار بمعزل عن التعقل وسداد الرأي.
(1/9)
س: مقدم من " الزمان" يقول فيه:
" في إطار سبلة الدين، نجد الكثير من الزوار يتكلمون في مواضيع تزيد من تشتيت هذه الأمة بالرغم إننا بحاجة ماسة إلى توحيدها بدلا عن تمزيقها .وتجد أن هذه المواضيع تتكرر مراراً مثل خلافة علي ،رؤية الله، المهدي المنتظر ، الخلود في النار. من المؤكد أن كل من المتحاورين لن يقبل برأي الآخر لأنه لم يثبت أن أحدا اعترف برأي الآخر منذ فتح هذه السبلة. فهل يجب على المشرفين غلق مثل هذه المواضيع فور فتحها؟؟ "
الجواب /
ليس من شأن إخواننا وأساتذتنا في الموقع المتميز " سبله العرب " وخاصة سبله الدين ، ولا في غيره من مواقع أصحابنا أن يسدوا الأبواب في الوجوه ، ولماذا نرهب من طرح القضايا الخلافية إن كان يرجى من خلالها الوصول إلى تفاهم وتعارف ، و" سبلة الدين " لا يؤدي فيها الحوار فيها حول القضايا الخلافية إلى تشتيت وتمزيق وذلك لسلاسة الضوابط التي يسير عليها المشرفون. وكذلك من الصعب أن يمنع من يريد الحوار والاستفسار لاسيما أن أعداد الرواد تتزايد من حين لآخر ، كما تتجدد القضايا الخلافية وغيرها بعد أن لم تكن معروفة ، فالحوار فيها خير من السكوت المتوجس أو التهجم المتعجر.
(1/10)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق