الكتاب : أحكام الحج والعمرة لسعيد القنوبي
ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا جامع أولي لفتاوى الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي في أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما
مِمّا تمكنا مِن الحصول عليه مِن حلقات برنامج " سؤال أهل الذكر " مِن تلفزيون سلطنة عُمان
س1: نُشاهِد بعضَ الناس يُصلُّون بعدَ السعي، فهل تُشرَع صلاةٌ في ذلك الوقت ؟
ج: إنّ الذي عليه جمهورُ الأمّة أنه لا تُشرَعُ صلاةٌ بعدَ السعي، لِعدمِ ثبوتِ شيءٍ في ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا القول هو القولُ الصحيح.
وذهبتْ طائفةٌ قليلةٌ جدا مِن العلماء إلى مشروعيةِ الإتيانِ بِركعتيْن بعدَ السعي، وقد احتَجَّ لذلك العلاّمةُ الكمالُ بن الهمام بِحديثٍ مروي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذَكَرَ فيه العلاّمةُ الكمال بِأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يُصلِّي بعدَ سعيِه، ولكنّ هذه الرواية لَم تَثبتْ عن رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل لم يَرْوِها ابنُ ماجة بِهذا اللفظ وإنما رواها بِلفظ: " بعدَ سبع " .. أي بعدَ سبعةِ أشواط، وذلك يعني أنّ ذلك بعدَ الانتهاءِ مِن الطوافِ بِالبيت.
فهاتان الركعتان بعدَ الطواف، وليستا بعدَ السعي؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
س2: ما حكمُ صومِ يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِها ؟
ج: صومُ يومِ عرفة لِمَن لم يَكن واقفا بِها ولم يَكن ذلك في يومٍ يُنهى عن الصيامِ فيه (1) .. أي كأن يَكون مصادِفا لِيومِ الجمعة .. فإنه مشروعٌ بِالنصِّ الثابِت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد أَجمعتْ على مسنونيةِ ذلك الأمّةُ الإسلامية قاطبة، وإنما وَقَعَ الخلافُ بيْن العلماء فيما يَتعلَّقُ بِصيامِ يومِ عرفة في أمريْن اثنيْن:
أوّلُهما: إذا صادَف ذلك يوما منهيا عن صيامِه كيومِ الجمعة مثلا فإنّ العلماء في هذه الحالة قد اختلَفوا في الصيام لِهذا اليوم:
__________
(1) -قال الشيخ: " عنه " بدلا مِن " فيه " والظاهر أنه سبق لسان.
(1/1)
فذهبتْ طائفةٌ منهم إلى عدمِ مشروعيةِ الصيام، وذلك لِما ثبتَ عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أنه نَهى عن الصيامِ في يومِ الجمعة إلا لِمَن صام يوما قبلَه أو بعدَه، وهو حديثٌ صحيحٌ ثابِت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، رَوَتْه طائفةٌ كبيرة مِن أئمةِ الحديث، والنهيُ يُقدَّم على الأمْر .. أي إذا تَعارَض دليلان أحدُهما يَدلّ على النهْيِ عن أمْر والآخَر يَدلّ على الأمْرِ بِه فإنّ النهيَ مُقدَّم على الأمْر ولو كان ذلك المنهي عنه مكروها إذا كان المأمور بِه مندوبا.
وذهبتْ طائفةٌ مِن العلماء إلى القولِ بِمشروعيةِ ذلك، وذلك نظرا إلى أنّ الصائمَ لَم يَقصِد بِصومِه يومَ الجمعة وإنما قَصَدَ بِصومِه يومَ عرفة، وهذا القولُ هو القولُ الصحيح، وذلك لأنّ النهيَ مُقيَّدٌ بِعِلَّة وهي وإن لم تَكن منصوصة ولكنها مستنبطَة وإذا كان الأمْرُ كذلك فإنّ ذلك الحديث يُخَصُّ بِهذا الحديث الثابِت عن رسولِ الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-إلا أنه يَنبغِي الخروج مِن الخلاف، فالأَفْضَل لِمَن أَرادَ أن يَصومَ ذلك أن يَصومَ يوما قبلَه بِأن يَصومَ يَومَ الخميس، ولا شك أنّ يومَ الخميس قد ثبتَتْ بِصيامِه السنّةُ الصحيحة الثابِتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولاسيما أنّ ذلك في الأيامِ العشْر والعمل فيها أَفْضَل مِن غيرِها كما ثبتَ ذلك عن رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذا وأمّا الأمْرُ الثاني وهو: صيامُ يومِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة فإنه قد اختلَف فيه العلماء أيضا:
ذهبتْ طائفةٌ مِن العلماء إلى أنّ ذلك يُكرَه لِمَن يُشغِله ذلك عن الدعاء بِأن يَكون مُرهَقا بِسببِ الصوم، أما إذا لم يَكن ذلك فإنه يَنبغِي لَه أن يَصوم بل إنّ ذلك يُشرَعُ في حقِّه.
وذهبت طائفةٌ مِن العلماء إلى النهيِ عن ذلك، وذلك لأنه ثبتَ عن رسولِ الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أنه أَفْطَرَ في ذلك اليوم في حَجَّتِه.
(1/2)
واحتَجّتْ طائفةٌ مِن العلماء على النهيِ عن ذلك بِما رَوَتْه طائفةٌ مِن أئمةِ الحديثِ-كالنسائي في " السنن الكبرى " وأبي داود وابن ماجة والحاكم في " المستدرَك " وأبي إسحاق الحربي في " غريب الحديث " والطحاوي في " شرح معاني الآثار " وأبي نعيم في " حِلية الأولياء " والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد "-مِن أنّ الرسولَ-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-نَهى عن صيامِ عرفة لِمَن كان واقِفا بِعرفة، إلا أنّ هذا الحديث لم يَثبتْ عن رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه مِن طريقِ مهدي الهَجْرِي وهو مَجهول، وقد جاءَ مِن طريقٍ أخرى ولكنها واهِيَة بِمَرّة، لأنها مِن طريقِ إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأَسْلَمِي وهو واهٍ بِمَرّة فلا يُؤخَذُ بِرِوايتِه.
فإذن العُمدَةُ الفعلُ الثابِت عن رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
س؟: بِالنسبة لِزوجةِ العَم وزوجةِ الخال، هل هما مِن المحارِم ؟
ج: زوجةُ الخال وكذا بِالنسبةِ إلى زوجةِ العَم فهما ليْستا مِن المحارِم .. المرادُ بِالمحارِم هنّ مَن لا يَجوز لِلشخصِ أن يَتزوّجَهُنّ في الحاضِرِ ولا في المستقبَل، فكلُّ امرأةٍ لا يَجوز له أن يَتزوّجَها في الحاضِر .. أي في الوقتِ الحاضِر ولا في المستقبَل فإنه يَجوز لَه أن يُصافِحَها، وأما إذا كان لَه أن يَتزوّجَها في هذا الوقت أو في المستقبَل فإنه لا يَجوز لَه أن يُصافِحَها بِحالٍ مِن الأحوال، كما قدّمنا ذلك؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
س؟: هناك مَسْلَخ يُوجَد خارجَ مِنى، هل يَصِحّ لِلحاج أن يَهدِي فيه ؟
ج: نعم، الهدْيُ يَجوز في مِنى وفي مَكّة بل في الحرَم كلِّه على مذهبِ جمهورِ العلماء كما نصّتْ على ذلك السنّة .. نصّت السنّة على جوازِ ذلك في مِنى وفي مكة، وسائرُ الحرَم تابِعٌ لَهما؛ والله أعلم.
مِن حلقة لم نتمكن مِن ضبط تاريخها كان موضوعها عن: مناسك الحج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عام 1422هـ
(1/3)
س4: ...
ج: إذا كان ذلك الإنسان يستطيع أن يذهب بنفسه فإنه لا يجوز لأحد أن يعتمر أو يحج عنه، وإنما تكون النيابة عن المريض الذي لا يستطيع في الحال ولا في المستقبل على حسب الظاهر أو عن الميت، فمثل هذين هما اللذان يصح الاعتمار أو الحج عنهما؛ والله أعلم.
مِن حلقة 5 رمضان 1422هـ، يوافقه 21/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س2: يبدو أنّ الأخت أشكل عليها بين الوصية وبين القيام بتنفيذ الصيام عن طريق الوصية-أيضا-أو الحج .. صحيح أنه لا وصية لوارث لكن هل عندما يوصي الوارث لموروثه أن يصوم عنه أو أن يحج عنه، هل له أن يحج عنه أو يصوم عنه ؟
ج: ...
وأما بالنسبة إلى هذه المسألة وهي ما إذا أوصى رجل بحج أو صيام أو ما شابه ذلك فهل لبعض ورثته أن يقوموا بتنفيذ هذه الوصية وأن يأخذوا مقدارا من المال مقابل تنفيذ تلك الوصية ؟ فالجواب: نعم، لأنّ هذه الوصية ليست لذلك الوارث بسبب أنه قريب للمتوفى وإنما بسبب قيامه بهذا العمل الذي قام به بل الأولى أن يقوم بإنفاذ هذه الوصية وأن يقوم بتأديتها أقارب المتوفى، لأنّ الحديث قال: ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه )، وجاء-أيضا-في الحديث الذي فيه أنّ النبي-صلى الله وسلم وبارك عليه-سمع رجلا يقول: " لبّيك عن شبرمة " قال: ( من شبرمة ؟ ) قال: " قريب لي " أو " أخ لي "، حتى أنّ بعض العلماء ذهب إلى أنه لا تصح العبادة من شخص بعيد لشخص بعيد عنه؛ ولذلك تعرف الأخت السائلة بأنّ هذه القضية لا تدخل ضمن الحديث الثابت عن النبي صلى الله وسلم عليه؛ والله-تعالى-أعلم.
س14: رجل نذر أن يحج عن والدته ولكن والدته ضعيفة في السّن .. كبيرة تحتاج إلى أن يقوم برعايتها والعناية بها، فهل له أن يذهب ليحج عنها ويترك المهمّة على أخواته ليقمن بذلك وأخواته لا يستطعن أن يقمن بالمهمّة التي ترضي الوالدة لأنها تحتاج إلى رجل يستطيع حملها إلى دورات المياه وغيرها ؟
(1/4)
ج: الله أعلم, إذا كانت الأخوات يستطعن أن يقمن بهذه المهمّة فعليه أن يذهب لتأدية الحج الذي نذر به، وأما إذا كانت الأخوات لا يستطعن على ذلك فهو معذور إلى أن يمكنه أن يقوم بتأدية هذه الفريضة ولكن الذي أراه أنّ الغالب لا يشقّ على النساء من أن يأخذن هذه المرأة إلى دورات المياه وما شابه ذلك؛ والله-تعالى-أعلم.
مِن حلقة 6 رمضان 1422هـ، يوافقه 22/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س9: ...
ج: ... حقوق الله-تبارك وتعالى-كالزكاة والكفارات والحج فإنّ طائفة من أهل العلم يقولون: إنّ مثل هذه الأمور تخرج من رأس المال وليس من الثلث؛ وهذا رأي وجيه جدا ...
مِن حلقة 7 رمضان 1422هـ، يوافقه 23/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س1: ...
ج: ... فالزكاة والصيام والحج والصَّلاة مِن الأمور المعلومة مِن الدِّين بالضرورة ومَنْ أَنْكَرَهَا كَافر ...
س6: ...
ج: ... وأريد أن أُنَبِّه على مسألة مهمَّة وهي أنَّ كثيرا مِنَ النِّسَاء يَذْهَبْنَ إلى الحج أو العمرة مِن غير أن يُصَاحِبَهُنّ مَحْرَم أو زَوْج ولا شَكَّ أنَّ ذلك لا يصِحّ .. نعم رخَّصَ بعض العلماء في ذلك لأداء الفريضة-أي لِحَجَّة الفريضة-بشَرْطِ أن يكون هنالك رجال مِن الثقَاة ومعهم نساء مِن مَحَارِمِهم، أمَّا أن تذهب امرأة مع رجل أجنَبِي ولا يوجد لَها مَحْرَم أو هذا الرجل ليس مِن أهل الصلاح أو ليست مَعَهُ إلا امرأة أو امرأتان أو ما شابه ذلك مِمَّن يُمكن أن يقع بينهم التَّوَاطُؤ وتقع هنالك معصية مِن معاصي الله-تبارك وتعالى-فهذا مِمَّا لَم يقل به أحدٌ مِن العلماء، وكذلك بالنسبة إلى حج النافلة فلا ينبغي أن يُترخَّصَ فيه، فهذه الأمور ينبغي أن يُتَنَبَّهَ إليها.
(1/5)
والإنسان إذا كان يريد أن يقوم بالإتيان بطاعة مِن طاعات الله تبارك وتعالى .. أن يأتي بفريضة مِنْ فرائض الله أو بسُنَّة مِن السُّنَن التي ثبتت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فإنَّه ينبغي له أن يأتي بِهَا على الوجه الصحيح، وألاّ يذهب إلى تأدية الحج-سواء كان فريضة أو نافِلَة-وهو عَاصٍ لله تبارك وتعالى .. مُخالِف لأمره ولأمر رسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، فعلى النساء ألاّ يذهبن إلا مع مَحارمهنّ أو مع أزواجهنّ، وعلى الرجال أن يتعاونوا مع مَحَارِمِهم وأن يُرافقُوهُنّ لتأدية ما وَجَبَ عليهنّ، أما أن تذهب المرأة مع غير مَحْرَم فهذا مِمَّا ينبغي أن يُتَشَدَّد فِيه؛ والله-تعالى-أعلم.
مِن حلقة 12 رمضان 1422هـ، يوافقه 28/11/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س9: ...
ج: ... الذي وَرَد عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أنه أَمَر-وهذا امتِثالا لأمْرِ الله تعالى-النساء عند تَحَلُّلِهِنَّ مِن الحج بِأن يُقصرن شعر رؤوسِهِن، وذلك قدْرٌ يَسِيرٌ جِدّا.
...
مِن حلقة 19 رمضان 1422هـ، يوافقه 5/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س3: ...
ج: ... وهذا يَنْطَبِقُ على الحج تَماما، فإنَّ القول الصحيح هو قَوْل مَن يَقول إنَّه يَجِب على الفَور:
مَن وَجَدَ استطاعةً عليه ... بِالفَوْرِ أَن يُعَجِّلَن إليه (1)
فمَن استطاع الحج عليه أن يُؤَدي هذه الفريضة على الفور، وليس له أن يؤخِّر بدعوى أنه يَجوز التأخير.
__________
(1) -الإمام نور الدين السالمي، جوهر النظام في علمي الأديان والأحكام، كتاب: الحج، باب: النيابة في الحج.
(1/6)
وبعضهم يُوصِي ويَحْتَج ببعض الأحاديث التي لَم تثبت عن رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كحديث: " يدخل بالحجة الواحدة ثلاثة " وما شابه ذلك، فهذه أحاديث لا تثبت عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله-تعالى-قد حَذَّرَنَا عن التَّمَادي: { ... وَأَنْ عَسَى (1) أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ ... } [ سورة الأعراف، من الآية: 185 ]، فالتأخير مِمَّا لا يَصح، فمَن استطاع عليه أن يُؤَدِّي هذه العبادة-التي هي رُكن مِن أركان الإسلام-على الفَوْر.
مِن حلقة 20 رمضان 1422هـ، يوافقه 6/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س1: ...
ج: ...
وأمَّا بِالنسبة إلى خُطْبَةِ العيد وخُطْبةِ عرفة هل يُخْطَب فيهما بِخطبةٍ واحدة أو يُخطب فيهما بِخُطبتَيْن ؟ فهذا قد اختلَف فيه أهل العلم:
1-ذهبتْ طائفة كبيرة مِنْهم إلى أنَّه يُخطب في كل واحدةٍ منهما بِخُطبةٍ واحدة، وذلك لأنَّ الرواياتِ الصحيحة التي جاءتْ عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-نَصَّتْ على أنَّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كان يَخطُب خطبةً واحدة.
2-وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى القولِ بِمشروعية الخطبَتَيْنِ والجلوس بَيْنَهُمَا.
3-وذهب بعضُهم إلى مشروعيةِ الخطبتيْن وعدم الجلوس.
واستدلّ القائلون بِالخطبتيْن بِحديثَيْن: جاء أحدهما في صلاةِ العيد وله شاهد أيضا، وجاء أحدهما في خُطْبَةِ عَرَفة:
...
__________
(1) -قال الشيخ: " وعسى " وهو سبق لسان إن كان الشيخ قصد الآية.
(1/7)
وأمَّا بِالنسبة إلى خُطْبَة عَرَفة فإنَّه قد جاءتْ روايةٌ فيها-أيضا-أنَّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-خَطَبَ خُطْبَتيْن، ولكن هذه الرواية لا تَصِح لأنَّها قد رواها الإمام الشافعي وعَنْه الإمام البيهقي في " السنن الكبرى " مِن طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يَحيى وغيره وقد قَوَّى أمْرَها بعضُ العلماء فقال: " إنَّ إبراهيم بن محمد بن أبي يَحيى وإن كان متروكا لكنه لَم يَتَفَرَّد إذ تابعه ذلك الشخص " ولكن ذلك الشخص كما ترون مُبْهَم فيُمكن أن يكون ثِقَة ويُمكن أن يكون ضعيفا ويُمْكن أن يكون مَجهولا ومادام الأمر كذلك فلا يُمكن أن يُعتمَد على روايتِه والظاهِر أنَّه ضعيف وذلك لأنَّ هذه الرواية قد خالَفَتْ الروايةَ الصحيحة الثابتَة عن النبي صلى الله عيه وعلى آله وسلم.
...
هذا وبِمناسبة ذِكْرِنَا لِخطبة عرفة:
1-فإنه قد رَوَى أبو داود أنَّ النبِي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-خَطَب على مِنْبَر، وهذه الرواية لا تَصِح فقد رواها أبو داود وفي إسنادِه مَجْهُول، ثُم إنَّها مُخَالِفة لِلروايةِ الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أنَّه خطب وهو على ظَهْر نَاقَتِه، فمثل هذه الرواية-أيضا-لا يُعْتَمَد عليها، فمَنْ خَطَب لا يَنبغي أن يَخْطُب على مِنْبَر أو ما شابه ذلك بل يَخْطُب واقِفا مِنْ غيرِ أن يكونَ على شيء اللهم إلا إذا احتاجَ إلى ذلك بِأن كان بعضُ الناس لا يُشاهِدُونَه فيُمكِن أنْ يُتَرَخَّص بِفعلِ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-على نَاقَتِه وَلَكِن لا أظنّ أنَّ الحاجةَ تَدعو إلى مثلِ ذلك.
(1/8)
2-ثُمَّ إنَّه قد جاء حديثٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه أنَّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم-خَطَب لِعرفة بعد أن صلَّى الظهر والعصر، وهذه الرواية رواها أحمد ورواها-أيضا-أبو داود وفي إسنادها ابن إسحاق وهو وإن كان يُحْتَج بِه إذا صرَّحَ بِالسماع إذا لَم يُخَالِف غيرَه ولكنَّه هاهنا قد خالَفَ الثقات الذين رَووا أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-خَطَب قبلَ ذلك .. أردتُ التنبيه على هذا لأنّ فيه فائدة مُهِمَّة فقد يَظُنّ البعضُ بِأنَّ الفعلَ مُتَعَارِض أو ما شابه ذلك مع أنَّه لا يُمْكِن أن يُقَال بِتَعَدُّدِ مثلِ هذه الحادثة لأنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-لَمْ يَحُج إلا مَرَّة واحدة ولِذَلك لَم يَخْطُب إلا مَرَّة واحدة في عرفة وهي الخطبة التي كانت قبلَ الصَّلاة، لأنّ بعضَ الناس يَقولون في مثلِ هذه الأمور بِأنَّه يَجوز الأمرَان وإن كانوا لَم يُصَرِّحُوا بِه في هذه وإنَّما صرَّحوا بِه في مثلِ ذلك ...
س5: ...
ج: ... ثبت عن الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-مِن حديث ضُبَاعَة حيث إنه أجاز لها أن تَشترِط أن تَخرُج مِن الإحرام في الموضع الذي تَضطَر إلى الخروج فيه ...
مِن حلقة 24 رمضان 1422هـ، يوافقه 10/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س1: ...
ج: ...
(1/9)
وجاءت رواية عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-فيها فضْل صيامِ يومِ التروية، ولم يَثبت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-أنه صامه في الحج، أما بالنسبة إلى غير الحج فجاءت بعض الروايات أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-كان يَصوم العشْر ولكنّ الرواية الصحيحة فيها أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يَكن يَصوم ذلك .. نعم جاء أنّ العمل الصالح في العشْر أفضل مِن غيرها، وأما رواية يوم التروية فإنها رواية باطلة لا تَثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنّ في إسنادها كذابا وفي إسنادها-أيضا-مجهول ولكنّ الحمْل على ذلك الكذاب الذي هو الكلبي المشهور بالكذب.
...
والصيام-أيضا-الذي أمر به النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونسيتُ أن أذكره سابقا-صيام ثلاثة أيام مِن كل شهر وهي أيام الليالي البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر مِن كل شهر إلا الثالث عشر مِن شهر ذي الحجة فإنّ ذلك مكروه، لثبوت النهي عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-عن صيام أيام التشريق.
ومِن الأيام التي ثبت النهي عن صيامها أيام التشريق.
... قد ثبت النهي عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-عن صيامها، وقد اختلف العلماء في هذا النهي:
حملته طائفة على التحريم.
وحملته طائفة أخرى على الكراهة.
والقول بالكراهة هو الذي ذهب إليه الأكثرون ولكن لا ينبغي لأحد أن يَصوم ذلك حتى على القول بالكراهة، وهذا أمر واضح .. نعم ثبت خلاف بين أهل العلم في صيام أيام التشريق بالنسبة لِمَن لم يَجد الهدي أي بالنسبة للمتمتع والقارن على قول مَن يقول بأنّ القارن عليه هدي .. اختلف العلماء في هل يُشرَع لهما الصيام في هذه الأيام أو لا ؟
(1/10)
ذهبت طائفة إلى مشروعية ذلك، واحتجوا برواية مروية عن السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-وهي محتمِلةٌ للرفع وللوقف، وقد جاء مِن طريق أخرى التنصيص على أنها مرفوعة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-ولكنّ هذه الرواية التي هي نصّ في الرفع لا تَثبت، لأنها جاءت مِن طريق لا تَصح، وإنما الصحيحة هي الرواية الأولى ولكنها محتمِلة للرفع وللوقف، ولِمناقشة ذلك موضع آخر بمشيئة الله تبارك وتعالى.
ومِن الصيام المكروه صيام يوم الجمعة وهذه الكراهة مقيَّدة بِمَن لم يصم قبله يوما ولا بعده يوما-كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أما مَن صام قبله يوما أو صام بعده يوما فلا كراهة في ذلك.
وقد اختلف العلماء في صيام يوم الجمعة إذا صادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء مثلا:
ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى مشروعية صيامه، لأجل أنه يوم عرفة أو لأجل أنه يوم عاشوراء.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى كراهته، لأجل النهي عن صيام يوم الجمعة.
والأفضل للإنسان ... أن يصوم اليوم الثامن مِن شهر ذي الحجة لأجل الخروج مِن هذا الخلاف ولكن مَن لم يصم ذلك ولاسيما بالنسبة إلى يوم عرفة إذا فاته ذلك مثلا هل يُشرَع له أن يصوم أو لا ؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، والذي يَظهر لي أنّ صيامه مشروع .. هذا هو الصواب، وتقرير ذلك يَحتاج إلى وقت ولعلنا نتكلم على ذلك في مناسبة أخرى بمشيئة الله لأنه سيُصادِف على احتمال قوي في هذه السنة .. يوم عرفة سيُصادِف يوم الجمعة فلعلنا نتعرض لذلك بمشيئة الله قبل هذا اليوم، ولكنّ الصحيح-كما قلتُ-هو قول مَن قال بصيامه، والمستحَب بأن يُخرِج الإنسان نفسه مِن مثل هذه الخلافات ولاسيما مع قوة تعارض الأدلة فيها.
...
س4: تريد أن تَحج حجّ الفريضة ولكن ليس لديها محرم إنما تَخرج مع نساء المسلمين.
(1/11)
ج: الأصل أن تذهب المرأة مع زوجها أو مع محرمها، لِما جاء مِن النهي عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-عن سفر النساء مع غير المحارم، وهو حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وينبغي للأزواج أن يتعاونوا مع زوجاتهم وينبغي للمحارم أن يتعاونوا مع-أيضا-أقاربهم مِن النساء، لأنّ في هذا التعاون ما لا يخفى مِن التعاون على الخير والبِرِّ والتقوى، بل ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه يَجب على الزوج أن يُسافِر مع زوجته لأداء فريضة الحج إذا كان لا يَجد عذرا شرعيا ولا يَمنعه مِن ذلك مانع، وهذا القول وإن كنا لا نقول به بل نقول بعدم وجوب ذلك عليه ولكننا نَحثُّه على ذلك، وسيَحصل أيضا على فضْل الحج إذا كان متقيا لله تعالى، ولا يَخفى ما في الحج مِن فضْل، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، و-على كل حال-ذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنه ليس للمرأة أن تُسافِر إلى فريضة الحج إلا مع زوج أو مَحْرَم فإن لم تَجد زوجا أو مَحْرَما فليس لها أن تُسافِر بل يَجب عليها أن تُوصِي بذلك إلا إذا تَمكَّنت في يوم مِن الأيام مِن فعل ذلك، وذهبت طائفة مِن العلماء إلى أنها يَجوز لها أن تَذهب إلى الحج إذا وَجدتْ رفقة مِن الناس مِن أهل الصلاح معهم نساء، وهذا القول تَرخَّص فيه كثير مِن أهل العلم، فإذا أَخذتْ به فلا حرج ولكن ليس لها أن تُسافِر مع شخص واحد .. يوجَد كثير مِن الناس يَذهب الواحد ومعه مجموعة كبيرة مِن النساء أو يذهب اثنان أو ما شابه ذلك مع مجموعة مِن النساء وهذا لم يُرخِّص فيه أحد مِن أهل العلم، وإنما شدَّدوا فيه، وإنما رخَّصوا إذا كانت مجموعة كبيرة مع نساء والكل مِن أهل الصلاح ولا يُخشى عليها، فهذا ترخيص، وأما الوجوب فلا يُمكِن أن نقول بالوجوب، ونظرا لضيق المقام فأكتفي بهذا المختصَر، ولعلنا نطيل في ذلك مرة أخرى.
مِن حلقة 23/12/2001م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1/12)
عام 1423هـ
س16: طواف الوداع في العمرة، هل هُوَ واجب ؟
ج: اختلَف العلماء في طواف الوداع للعمرة:
ذهبت طائفة مِنْ أَهْلِ العلم إلى أنَّه لا يُشْرَع طوافٌ للوداع بالنسبة للعمرة وإنَّما هو خاص بالحجِّ لِغَيْرِ المَكِّي، وذَلِكَ لأنَّه لَمْ يَثْبُت عن النبي-صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه-أنَّه طاف للوَدَاع بَعْدَمَا اعْتَمَرَ.
وذهبت طائفة مِن أهل العلم إلى أنَّه يُشْرَع في حَقِّ المعتَمِر أن يطوف للوداع، وذلك لأنَّ النبي-صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه-قَد طَافَ للوداع بعد الحج وأَمَرَ الناس بأن يَجْعَلوا طواف الوداع آخِر العَهْد بالبيت شَرَّفَه الله تبارك وتعالى.
واحْتَجَّ بعض العلماء على ذلك-أيضا-برواية تُرْوَى عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-تدُلُّ على مشروعية طواف الوَدَاع للمُعْتَمِر ولكن تلك الرواية لا تثبت مِنْ حيث إسنادها.
(1/13)
فالتعويل على هذا الأمر الذي ذَكَرْنَاه مِن طواف النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وذلك أنَّ هذا هو آخر العَهْدين، فَعَدَم طَوَاف النَّبِي-صلوات الله وسلامه عليه-للوَدَاعِ للعمرة مُتَقَدِّم على طوافه للوداع للحج، وهذا الطواف-كما هو معلوم-لا عَلاقةَ له بالحج، ولِذَلِك لا يُؤْمَر بِهِ المَكِّيّ بل لا يُشْرَعُ في حقِّه أبدا، وما دَامَ الأمر كذلك فهو مَشْرُوعٌ لوداع البيت شَرَّفَه الله تبارك وتعالى، ولا فَرْقَ في ذلك بين الحاجِّ والمعْتَمِر، فعَدَم فِعْل النبي-صلوات الله عليه وسلامه-له في طواف العمرة الظاهر أنَّه لَم يكن مَشْرُوعا في ذلك الزمان فلذلك تَرَكَه، وفي ذلك الزَّمَان كانت تُشْرَع العِبَادَات وتكون بَعد مُدَّة قصيرة مِنَ الزَّمَن في بعض الأحيان بل قَد تكون هنالك لَحَظَات بين مشرُوعِيَّة حُكْمٍ وحُكْمٍ آخر، والذي يظهر لَنَا-لِذَلك-هَو أَنَّ طَوَافَ الوَدَاع مشْرُوعٌ للحج والعمرة، إلا أَنَّه في الحج مُتَّفَقٌ عليه لِغَيْرِ الحائض والنفساء، واختلَف العلماء في المريض الذي لا يستطيع الطواف سواء بِنَفْسِه أو أن يطوف به غيره هل يَجب عليه الدَّم أو لا يَجب عليه ؟ والصحيح بأنَّهُ يُعْذَرُ كما تُعْذَرُ الحائض والنفساء، أما مَنْ عَدَا ذَلك فإنَّهُمْ لا يُعْذَرُون عن طواف الوداع، وإن اخْتُلِفَ في وُجُوبِ الدَّم عليهم، والأَكْثَرُ على وُجُوبِه، وأما بالنِّسْبَة إلى العُمْرَة مُخْتَلَف فيه، ولا شك بأنَّ المخْتَلَفَ فيه لا يَصِل إلى درجة المتَّفَق عليه فإذَا تَرَكَه بعض الناس ظَنّا بأنَّه لا يُشْرَع فلا شيء عليه بِمَشِيئَة الله تبارك وتعالى، ولَكِنْ بَعْدَ أن يَعْرِفَ الحكم فإنَّه لا ينبغي لَه أن يتهاون بذلك وإن كنتُ لا أَقْوَى على أَنْ أُلْزِمَهُ الدَّم؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
مِن حلقة 24 جمادى الأولى 1423هـ، يوافقه 4/8/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1/14)
س1: ...
ج: ...
وأما بالنسبة إلى العمرة فقد جاء في فضلها-أيضا-أحاديث عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأما أنَّها في شهر رجب بالخصوص فلم يثبت في ذلك شيء، وما جاء عن ابن عمر-رضي الله تبارك وتعالى عنهما-مِن أنّ النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قد اعتمر في شهر رجب فذلك وَهْم مِنه رضوان الله-تبارك وتعالى-عليه، وقد رَدَّته عليه السيدة عائشة-رضي الله تبارك وتعالى عنها-وذكرَت بأنَّ ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-قد اعتمر مع النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-في كل عمراته التي اعتمرها-صلوات الله وسلامه عليه-ولم يكن شيء مِن ذلك في شهر رجب؛ وكذلك لم يأت شيء في فضل ذلك مِن الأحاديث القولية؛ فَمن اعتمر في ذلك مِن غير أن يَعتقد بأنَّ ذلك ثابت عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فلا شيء عليه، أما أن يعتقد ثبوت ذلك فهذا مِما لا ينبغي؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
مِن حلقة 15 رجب 1423هـ، يوافقه 22/9/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س15: ...
ج: ... لم يثبت عن النبي صلوات الله وسلامه عليه ولا عن صحابته الكرام بأنهم كانوا يتلفظون بشيء من هذه النيات .. لم يثبت أنهم كانوا يتلفظون بنية للصلاة أو بنية للصيام أو بنية للحج .. نعم يُلَبون بذكر الحج والعمرة، أما أن يقول الواحد: " اللهم إني نويت الحج فيسره لي وتقبله مني " أو ما شابه ذلك من الألفاظ فلا ...
مِن حلقة 1 رمضان 1423هـ، يوافقه 7/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س9: توفي أحد الأشخاص وأوصى بِحَجّة وصيام شهرين لكفارة كانت عليه وعنده ولد وابنتان، فإذا جاز الصيام عنه فهل يجوز أن يجزئ الشهرين على الأبناء ؟
ج: لابد مِن إنفاذ هذه الوصية:
(1/15)
فعلى الوصي أن يقوم بالحج عن ذلك الشخص أو بتأجير غيره وينبغي أن يكون الذي يقوم بتأدية هذه الحَجّة قريبا مِن ذلك المتوفى فإنّ ذلك أوْلى، بل ذهب بعض العلماء إلى أنه لا ينوب عن المتوفى أو العاجز إلا القريب.
...
س14: البعض يكتب وصيته فيطالِب ورثته بالصيام عنه أو كفارة شهرين أو الحج.
ج: مَن أوصى بشيء فلابد مِن أن يُنفِّذ الورثة وصيتَه ولا يَجوز لهم أن يَتركوا ذلك إذا كان ماله يبلغ المقدار الذي يمكنهم أن ينفذوا منه تلك الوصية، فمَن أوصى بحج أو بصيام سواء كان ذلك كفارة أو كان غير ذلك فلابد مِن إنفاذ وصيته، ومِن المعلوم أنّ الوصية بالحج وبالكفارات والصيام إذا كان ذلك واجبا عليه أنه يخرج مِن رأس المال، لا مِن الثلث، أما إذا كان ذلك ليس واجبا عليه فإنه يَختلِف؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
مِن حلقة 7 رمضان 1423هـ، يوافقه 13/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س6: شخص جَمَع مالا لشراء سيارة أو بَيْت أو جَمَعَه للزواج أو الحج وحال عليه الحول، هل فيه الزكاة ؟
ج: نعم .. تَجب فيه الزكاة، فإن تَزَوَّج أو حجَّ به أو اشترى به ذلك البيت الذي يُرِيده أو تلك السيارة قبل أن يَحُول عليه الحول فلا شيء فيه ولو كان ذلك قبل يَوْمٍ واحد، أمَّا إذا حَالَ عليه الحول فإنَّه يَجب عليه أن يُخْرِجَ مِنْهُ الزَّكَاة إذا كان يَبْلُغُ النِّصَاب؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
مِن حلقة 9 رمضان 1423هـ، يوافقه 15/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س2: ...
(1/16)
ج: ... فمن تلك الشروط: الإسلام، وهذا الشرط شرطُ صِحّة، وهو شرطٌ في كل العبادات، وإذا وجدنا اشتراط الإسلام فمعنى ذلك أنه لا يَصحّ من الكافر شيء من العبادات رأسا، فإذا قيل باشتراط ذلك في بعض العبادات الواجبة-كالحج والصلاة والصيام والزكاة-فمعنى ذلك أنّ ذلك لا يَصحّ، لا أنه لا يُخاطَب بذلك، بل هو مخاطَب بذلك، على أصحّ الأقوال وأشهرها، وهو الذي تدلّ له الأدلة الكثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى، ...
... الاشتراط في الحج، فإنّ الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-رَخَّص في مَن يَخاف ألاّ يَتمكّن من إتمام مناسك الحج أن يَشترط بأنه يحل في الموضع الذي لا يَتمكّن من مواصلة الحج فيه، ...
مِن حلقة 10 رمضان 1423هـ، يوافقه 16/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س2: هل تجوز الصلاة في الطابق الثاني بالمسجد الحرام إذا كان الطابق الأول غير ممتلئ ؟ لعله يقصد الدور الأرضي والطابق الأول المقصود به الثاني كما يبدو.
ج: إذا تمكن الإنسان مِن الصلاة في الطابق الأول أو في الدور الأرضي فذلك هو الأوْلى، ولكنه إذا صلى في الطابق الأول أو في الثاني فصلاته تعتبَر صحيحة بمشيئة الله تبارك وتعالى، ولكنه-كما قلتُ-إذا تمكن مِن الصلاة حول الكعبة في ذلك المكان فهذا هو الأوْلى؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
س12: هل يستحب أن يكون الطواف حول الكعبة بين الكعبة ومقام سيدنا إبراهيم - عليه السلام - أو أنه لا يوجد ما يعيب الطواف مِن خلف مقام سيدنا إبراهيم - عليه السلام - ؟
(1/17)
ج: كلما كان الطائف أقرب إلى الكعبة فإنّ ذلك أفضل إذا كان لا يؤذي غيره ولا يؤذيه غيره، أما إذا تأذى بذلك وأذهبَ ذلك الخشوع فإنّ الأوْلى له أن يطوف أبعد مِن ذلك، فإذن إذا كان لا يؤذي غيره ولا يتأذى هو فالأفضل له أن يطوف بالقرب مِن الكعبة فكلما قرب مِن الكعبة فإنّ ذلك أوْلى، أما إذا كان بخلاف ذلك فإنه لا ينبغي لأحد أن يؤذي غيره بل ذلك لا يصح؛ والله-تبارك وتعالى-أعلم.
مِن حلقة 11 رمضان 1423هـ، يوافقه 17/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س3: شخص ذَهَب إلى الحج وتَاب إلى الله توبة لا رَجْعَة فيها، فهل يغفر الله-تعالى-له كل ذُنُوبه ؟ وبالنسبة إذا كان هذا الشخص أَخَذ حُقوق نَاس مِن دُون أن يَعْلَمُوا، فهل يغفر الله-تعالى-له هذا الذَّنب الذي اقترفه ؟ وماذا يفعل إذا لَم يكن لَدَيْهِ المال الذي أَخَذَه مِن الناس لكي يُرْجِعَه، فما حكم هذا الشخص ؟
ج: الحج جاء فيه فَضْلٌ عظيم بأحاديث كثيرة ثابتة عن النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولكن ليس مَعنَى ذلك بأنَّ مَن ارتكب كبيرة مِن كبائر الذنوب أنَّه تُحْبَط عنه تلك الكبائر بالحج، بل لابُد مِن التوبة إلى الله-تبارك وتعالى-في الكبائر، وإنَّما ذلك في الصغائر .. هذا هو الذي عليه الجمهور.
(1/18)
أَمَّا بالنسبة إلى حُقوق الناس فعلى كل حال لابد مِن أدائِها إليهم إلا إذا عَفوا عنه وعَذَرُوه مِن حُقُوقِهِم، وإذا كان لا يَجِد ذلك الآن في هَذَا الوقت فإنَّه بإمكانه أن يكتُب ذلك في وَصِيَّتِه، وإذا ذهب إليهم واعْتَذَر عن حقوقهم (1) وعَذَرُوه في ذلك ولاسِيَّمَا مع هذه الضرورة، وإلا لا ينبغي له أن يَعْتَذِر وإنَّما يَتوب إلى الله-تبارك وتعالى-ويُرجِع تلك الحقوق إليهم .. نعم يَعتَذِر عن أَخْذِه لِحقُوقهم أمَّا أنْ يَطلب مِنهم المسامَحَة فلا ينبغي له أنْ يُلْجِئَهُم إلى ذلك إلا إذا عَذَرُوه؛ والله أعلم.
مِن حلقة 13 رمضان 1423هـ، يوافقه 19/11/2002م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س1: ماذا يَنبغي على الذي يُريد أن يَحُج إلى بيت الله الحرام ؟ ماذا عليه أن يَصنع كاستعداد لهذه الفريضة ؟
ج: إنّ الحج فريضة مِن فرائض الإسلام بل هو رُكن مِن أركانه، والأدلّة على وجوبه متعدِّدة مِن كتاب الله-تبارك وتعالى-ومِن سنّة رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وقد أجمعت على ذلك الأمّة الإسلامية بل هو مِن الأمور المعلومة مِن الدِّين بالضرورة لعامّة المسلمين، ولذلك لا أرى حاجة للإطالة بذِكر تلك الأدلة.
__________
(1) -قال الشيخ: " حقوقه " بدلا من " حقوقهم " والظاهر أنه سبق لسان.
(1/19)
والحج يَجب على الفور على القول الصحيح الراجح، وهو الذي ذهب إليه ابن بركة والشيخ إسماعيل، وهو الذي يُفهَم مِن كلام الإمام نور الدين السالمي-رضي الله تبارك وتعالى عنه-في " جوهر النظام "، وهو الذي تُؤيِّده الأدلّة، على أنّ الإنسان لا يَدري متى يَأتيه الموت فما مِن لحظة مِن لحظات حياته إلاّ ويمكن أن يَموت فيها وإذا كان الأمر كذلك وكان الحج واجِبا-كما أشرنا إلى ذلك مِن قبلُ-على المستطيع عليه فإنه ليس لأحد وجد الاستطاعة أن يَتأخّر عن الحج بل يَجب عليه أن يُبادِر إلى ذلك فورا، فمَن وجَد الاستطاعة عليه أن يَستعِدّ لذلك وأن يَقوم بتأدية هذه الفريضة العظيمة التي أوجبها الله-تبارك وتعالى-على المستطيع مِن عبادِه، والتي جاءت الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-التي تدلّ على عظيم فضْلها.
فمَن أراد أن يَقوم بأداء هذه الشعيرة الإسلامية العظيمة وأن يُؤدِّيَ هذه الفريضة التي افترضها الله-تبارك وتعالى-عليه فعليه أوَّلاً أن يتخلّص مِن الديون التي عليه إذا كانت حاضِرة، وإن لم تَكن حاضِرة فعليه أن يَقوم بتوثيق تلك الديون التي عليه، وذلك بأن يَكتب ذلك عند كاتب ثِقَةٍ صالِح يُؤخذ بكتابته وأن يُشهِد شاهديْن عَدْلَيْن على ذلك ثم بعد ذلك يَقوم بوضْع ذلك الصكّ الشرعي إما عند صاحب الحقّ-وهو الأَوْلى-أو أن يَضع ذلك مع ثقة أمين ثم يُخبِر صاحب الحقّ بأنه قد وضَع الصكّ الذي وثّق به ماله مع فلان بن فلان وأن يَصِفَه بصفة لا تَخفى على صاحب ذلك الحق .. هذا بالنسبة إلى حقوق العباد التي عليه .. نعم إذا كانت تلك الحقوق حاضِرة وسَمَحَ له مَن له ذلك المال بأن يُسافِر وبعد ذلك يَقوم بتأدية ذلك الحقِّ إليه وكان هو يَملِك ذلك المال الذي يُساوِي ما عليه مِن الحقوق فإنه لا مانع مِن ذلك لكن لا يَنبغي له أن يَقوم بمطالبة الناس أن يَسمحوا له بذلك.
(1/20)
فإذن إذا كانت عليه حقوق فلابد مِن أن يَكون يَملِك مِن المال ما يُساوي تلك الحقوق التي عليه ولابد مِن أن يُوثِّق ما عليه مِن مال.
ثم عليه-أيضا-أن يَكتُب وصِيَّتَه، بل الوصية وتوثيق الحقوق مِن الأمور التي لابد منها سواءً أراد الإنسان الحج أو لم يُرِد وسواءً كان ذلك في وقت الحج أو لا، وذلك لِما ذكرناه مِن أنّ الإنسان لا يَملك متى يأتيه الموت فلا يَدري متى يأتيه ومتى يَعرِض له وقد تَضيع حقوق الناس بموته وعدم عِلم ورثتِه أو بتساهلِهم أو تساهلِ بعضِهم بتأدية ما عليه مِن الحقوق، والحديث قد نصّ-وهو صحيح ثابت-على أنّ الإنسان لابد مِن أن يَقوم بكتابة وصيتِه وأنه لا يَجوز له أن يَبيت ثلاث ليال إلا ووصيتُه مكتوبة، أو ما هذا معناه، وهو حديث صحيح ثابت، وذكرناه بمعناه لا بلفظه.
و-كذلك-عليه أن يُهيِّئَ مِن المال ما يَكفيه لِسدّ حاجتِه مِن الوقت الذي يَخرُج فيه مِن بلادِه إلى أن يَرجِع إلى بلدِه ويَأخذُ مقدارا مِن المال يَكفيه لسدِّ بعض الأمور التي قد تَعرِض له مِن مرض أو مِن وجوب فِديةٍ أو جزاءٍ، لأنّ الإنسان قد يَقع في بعض الأمور التي يَجب عليه بسببها الفِدية أو يَجب عليه بسببها الجزاء، وهي أمور سيأتي توضيحها في مناسبة أخرى بمشيئة الله تبارك وتعالى.
(1/21)
و-كذلك-عليه أن يَقوم بتعلّم أمورِ الحج، لأنّ كثيرا مِن الناس-وللأسف الشديد-يَذهبون لتأدية هذه الفريضة وهم لا يَعرِفون عن كيفية أدائها شيئا .. منهم مَن يَعتمِد على أنه سيُرافِق فلانا أو فلانا أو أنه سيَبحث عن مُطَوِّفٍ أو ما شابه ذلك، وهذا أمر لا يَنبغي، ولستُ أريد بالتعلّم أن يَتعلّم الإنسان الدقائِق الفقهية التي ذكرها العلماء في كتبهم، فإنّ هذا الأمر مِمّا لا يَقوى عليه إلا قلّة قليلة مِن الناس، وإنما أريد أن يَتعلّم الإنسان أهمّ المناسك، وهي أمور سهلة بمشيئة الله تبارك وتعالى، فلابد مِن أن يَعرِف مِن أين يُحرِم، وما هو الذي يَجوز له في الإحرام وما هو الذي لا يَجوز له في الإحرام، و-كذلك-لابد مِن أن يَعرِف كيف يَقوم بتأدية الحج .. مِن إحرام وطواف وسعي وإحلال بِالنسبة إلى العمرة، وكَذلك بالنسبة إلى الحج .. يُضاف إلى ذلك الوُقوف بِعَرَفَة والمبيت بالمزْدَلفَة مَعَ الدُّعاء في ذلك المَوْضع الشريف، والمَبِيت بِمنى مع الرمي، والذَّبح بِالنسبة للمتمتِّع والقَارِن .. أي ذبح الهدي والحلق، إلى غير ذلك مِن الأمور، وهِيَ أُمُور يَسِيرة سَهلة، وقد كَتب فِيها كثير مِن أهل العلم بعضَ المؤلَّفات، ومِن المؤلَّفات المفِيدة المختصَرة التي كَتَبها العلماء-جَزاهم الله تبارك وتعالى خيرا-للمُبْتَدئين الكِتاب المعْروف المُنتشِر المشهور بِكتاب " تَلقِين الصبيان "، فإنّ الشيخ الإمام السالمي-رحمه الله تبارك وتعالى-ذَكَرَ أمورا مهِمّة بالنسبة إلى الحج في هذا الكِتاب، ولا يَنبغي للإنسان أن يَشتغِل بِتِلك الأذكار التي ذَكَرَها كَثير مِن أهل العلم وبعضها موجود في " تلقين الصبيان " ..
(1/22)
نعم إذا كان يَحْفظها فهي حسنَة جِدا، أما أن يَشتغِل بِفَتْح كتاب أو بِمتابَعَة فلان أو فلان ولا يَخشَعُ في دُعَائه-وما شابه ذلك-فهذا مِمّا لا يَنبغي، بَل يَنبغي أن يَأتِي بِالأدْعية التي يَحفظها ويَكون عند الإتيان بِهَا خَاشِعًا لله تبارك وتعالى، أَمَّا ما عدا ذلك فلا يَنبغي له أن يَتكلَّف ذلك .. كثير مِن الناس يَهْتَمّون ببعض الجزئيات البَسيطة ولكنهم لا يَدرون شيئا عن الأمور المهمّة التي تترتّب على ذلك، فإذن تَعَلُّّم المسَائل المتعلِّقة بِالحج مِن قَبْلِ الذهاب إلى الحج مِن الأمور المهمّة التي لا يَنبغي التَّفْرِيط فيها .. وكثير مِن الناس-كما قلتُ-يَجْهَلون حتى الأمور البَسيطة كالتلبية، فكثير مِن الناس-وخَاصَّة مِن الكبار ومِن النساء-لا يَعرِفون التَلْبية، وإنما يَذهبون إلى الحج فإذا رَكِبوا في السيارة-مثلا-قَام واحد مِن الناس بِقِراءة تلك التَّلبية وهم يُتَابِعونه عليها ونظرا لعاميتهم قد تَفوتُهم بعضُ الكلمات مِن التلبية ولا يَأتون بِها على وجهها الصحيح المشْرُوع الثابت عن النبي صلوات الله وسلامه عليه.
(1/23)
كذلك هنالك أُمُور .. بِأن يُودِّع الإنسانُ أقارِبه، وبأن يُؤدِّي ما عليه مِن كفارات ونُذُور أو ما شابه ذَلك أو يَقوم بِتَوْثيق ذلك، فَهذا مِن الأمور التي تَدخل في ضِمْن الوصية فالأوْلى للإنسان أن يُكَفِّر مَا عَليه من أيْمان سواء كانت عَن تَرك صيام أو كان بِسبب حِنْثِهِ في بَعض الأيْمَان مثلا، و-كذلك-إذا كان قد أفْطر شيْئا مِن شهر رمضان أو وَجَبَ عليه صومٌ بسبب نذْر أو بِغير ذلك مِن الأمور فلابد مِن أن يَقوم بِتَأدِية ذلك، مخافة أن يُصيبه حادثٌ-لا قدّر الله تبارك وتعالى-عند تَأْدِيَتِه للحج، ولا يَنبَغي للناس أن يَخافوا مِن تَأْدية المناسك بِذِكْرِنا لِهذا الكلام أو بِذِكْرِ بَعض الناس لِذلك، فالحج سَهْل بِمشيئة الله، لأنني أعرِف بعضَ الناس يَخافون مِن تأدية الحج لِمَا يَسمعونه مِن زِحام-أو ما شابه ذلك-عند تأدية المناسك وخاصة عند الرمي، فهذه أمور سَهْلَةٌ يَسِيرَةٌ في حقيقة الواقع، وإنَّما الناس يَجْهَلُون ذَلك .. يَظنّون بأنه لابد مِن تأدية النُّسُكِ الفُلاني في الوقت الفلاني فيُزاحِمون الناسَ ويُصيبُهُم بَعضُ التَّعَب أو تُصِيبُهم مَشَقَّة أو ما شابه ذلك .. لا .. مثلا الرَّمي-بِحمد الله تبارك وتعالى-في اليوم العاشر يَبدأ مِن طُلُوع الشمس على قَوْل كثرة كَاثِرَةٍ مِن أهل العلم بَلْ لم يَقل أحد بِأنه يَبدأ بَعد طُلُوع الشمس وإنَّما الخِلاف هَل يَجوز قبْل طُلوع الشمس أو لا ؟ أمَّا إذا طلعت الشمس فَهُو مَشروع باتّفاق الأمّة الإسلامية قاطبة، ويَمتدّ الوقت-عند طائفة مِن أهل العلم-إلى منتصَف النهار ..
(1/24)
كثير مِن الناس لابد عندما يَأتون إلى موضِع الرمي لابد مِن أن يَقوموا بتأدِية ذلك النُّسُك في ذلك الوقت ولا معنى لذلك، فإذا وَجَدَ الإنسان مَشَقَّة بإمكانه أن يَتَرَيَّثَ ساعة أو ساعتين أو أكثر، بل ذهب بعض العلماء إلى أنّ الوَقْت يَمتدّ إلى غروب الشمس، وبعضهم إلى طلوع الفجر، ونحن وإن كنَّا نقول: إنّ الأوْلى ألاَّ يُؤخِّرَ الإنسان لِغير المشقّة إلى ما بعد منتصَف النهار وإن كانت هنال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق