عنوان الكتاب: أجوبة ابن خلفون
المؤلف: أبي يعقوب يوسف خلفون المزاتي
تحقيق وتعليق: عمرو خليفة النامي
الناشر: دار الفتح للطباعة والنشر
البلد: بيروت
تاريخ النشر: 1394هـ - 1974م
الطبعة: الأولى
[ترقيم الصفحات موافق للمطبوع]
من الفقه المقارن
تراث الفقه الإباضي
أجوبة ابن خلفون
[ترقيم الصفحات موافق للمطبوع]
تأليف
أبي يعقوب يوسف خلفون المزاتي
تحقيق وتعليق
الدكتور
عمرو خليفة النامي
محاضر الأدب العربي والدراسات الإسلامية
كلية الآداب الجامعة الليبية
دار الفتح
للطباعة والنشر
بيروت
(1/1)
الإهداء
إلى سماحة العلامة الجليل أستاذنا الشيخ محمد عبد الله السالمي، سلمه الله وعافاه تقديرا لمساعدته وتشجيعه في عملي المتواضع
عمرو النامي
(1/5)
النسخ المعتمدة
1. أ: نسخة مخطوطة في حيازة الأستاذ يوسف الباروني – جربة
2. ب: نسخة مخطوطة في حيازة أسرة العطور – والغ – جربة
3. ج: نسخة مخطوطة في حيازة الأستاذ يوسف الباروني – جربة
4. س: نسخة مخطوطة في حيازة الشيخ سالم بن يعقوب – غيزن – جربة
(1/7)
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
[مقدمة المحقق لم ترقن]
(1/8)
[صفحة لم ترقن]
(1/9)
[صفحة لم ترقن]
(1/10)
[صفحة لم ترقن]
(1/11)
[صفحة لم ترقن]
(1/12)
[صفحة لم ترقن]
(1/13)
[صفحة لم ترقن]
(1/14)
[صفحة لم ترقن]
(1/15)
[صفحة لم ترقن]
(1/16)
[صفحة لم ترقن]
(1/17)
[صفحة لم ترقن]
(1/18)
[صفحة لم ترقن]
(1/19)
[صفحة لم ترقن]
(1/20)
أجوبة ابن خلفون
(1/21)
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1394هـ - 1974م
(1/22)
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله ,وقد كتبت الينا ـــ وفقنا الله واياك لسبيل مرضاته ـــ في مسائل تريد شرحها وبيان اختلاف الفقهاء فيها من السلف والخلف، وما اعتمد علينا اصحابنا، من دلك (3):
1) ذكرت رجلا تزوج امراة فطلقها او مات عنها او هربت، او غصبت (4) منه، أو تسرى امة واعتزلها، أو لاعن امرأته، أو خالعها (5)، فأتين هوءلاء كلهن بأولاد بعد ستة اشهر، وقلت: مالحكم في دلك، و كيف الختلاف بين الفقهاء (6)؟
الجواب: أجمع فقهاء ألأمصار ــــ لا خلاف بينهم فيما علمت ــ أنه لا يلحق بأحد يستلحقه (7) في الاسلام الا من نكاح او ملك يمينا صحيحا كان او فاسدا، فان (8) كان النكاح او
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) ــــ من ب.
2) ــــ من س.
3) س تزيد: من ذلك
4) س: غضبت.
5) س: خالفها
6) ج، العلماء
7) ج، س: يستحقه.
8) ج: فاذا.
(1/23)
ملك بيمين فالولد لاحق بصاحب (9) الفراش، والفراش في الزوجية عقد النكاح مع امكان الوطء (10)، وتمام ستة اشهر فصاعدا، وسيأتي كيفية الفراش واختلاف الناس فيه (11) ان شاء الله.
اجمع اهل العلم ان الولد لا يلحق الا في تمام ستة اشهر من يوم النكاح فصاعدا الى اقصىمدة الحمل ولم يختلفو في ادناه، لأن الله تعالى (12) جعل لأدناه اصلا في تأوي الكتاب، وهو الأشهر الستة، وذلك (13) قوله تعالى (14) [وحمله وفصاله ثلاثون شهرا] (15) وقال عز وجل: [والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة] (16) وقال: [حملته امه وهنا على وهن، وفصاله في عامين] (17) فصار الحولان (18) أربعة (19) وعشرين شهرا (20)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9) ج: لصاحب.
10) أ ب: الوطي.
11) ــ من س.
12) ج، س: عز وجل.
13) س تزيد: هو.
14) س، ج: جل ثناؤه.
15) سورة الأحقاف:15.
16) سورة البقرة:14.
17) سورة لقمان: 17.
18) أ: ج: س: الحملان. والذي هنا من ب.
19) أ: أربع.
20) ج: وقتا.
(1/24)
الرضاعة (21) والباقي للحمل , روي (22) ذلك عن ابن عباس وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم. واختلفو في اقصى مدة الحمل الموجودة في النساء مع ادعاء ذلك، ولم يجدوا له حدا الكتاب والسنة الا الاجتهاد وما عرف م عادة النساء، قال اهل العراق: مدته سنتان (23)، روي (24) ذلك عن ابي عبيدة مسلم ابن ابي كريمة، وبه قال سفيان الثوري وأهل الرلأي، وروي ذلك عن عائشة ام المؤمنين. وذكروا عن الضحاك بن مزاحم، وهرم بن حيان أنهما ولدا على سنتين. وقال داود بن علي الظاهري (25): مدته تسعة اشهر (26) في الغالب من عادة النساء (27). واختلف اهل الحجاز فيما بينهم، قال محمد بن عد الله [ابن عبد] (28) الحكم: أقصى مدة الحمل سنة (29) لا اكثر. وقال اكثرهم: مدته اربع سنين، قاله مالك والشافعي (30). وروي عن مالك خمس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21) أ، ج، س: للرضاعة
22) س، ج: ويروى في
23) انظر حول اقصى مدة الحمل عند لبي حنيفة، السرخسي: المبسوط: ج6: 44. ويقول هناك: (واقصى مدة الحمل عندنا سنتان)
24) ج، س تزيد: في.
25) س تزيد: في.
26) ج: على.
27) ابن حزم: المحلى ج 10: 317.
28) ــــ من ج، س.
29) س: ستة اشهر.
30) الشافعي، الأم ج 5: 204،ملك: المدونة ج 5: 125ــ126.
(1/25)
سنين لما بلغه ان امراة من عجلان ولدت على خمس سنين (31) وقال الزهري: ان المراة تحمل ست سنين و سبع سنين، فيكون الولد محشوشا في بطنها. وليس عند الحميع نص يقفون عليه الا الاحتهاد في الرأي وما وقع بع العرف عند كل طائفة (32). فكل مطلقة او ميتة، حرة كانت أو أمة، مسلمة كانت او كتابية، وطئت بنكاح او ملك يمين، فسبيلها على ما ذكرنا من اختلافهم ان ادعت انها حامل، فالقول قولها مع ما يستدل به على الحمل من ابطاء الحيض عن وقته، لأن الله ائتمنهن على أنفسهن، لقوله: [ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في ارحامهن] (33). ومذهب ابي عبيدة وأصحابه من أهل العراق ما علمت به قبل. ويجب الوقوف في كل ماتعلق (34) بالحمل من احكام الى (35) تمام المدة، وهكذا القول عند كل فريق ممن ذكرنا على اختلافهم. وهذا كله في الحمل الذي ادعي به عند الموت أو الطلاق، او اعتزال الأمة أو ما يقرب من ذلك.
وأما من ادعى بعد ذلك الحمل فلا خلاف أنه لا يلحق به،
31) مالك: المدونة ج ه: 126
32) ما بين المعقوفتين ساقط من أ.
وهو مثبت في س في الحاشية
33) سورة البقرة: 228
34) ج، س،: يتعلق.
35) س: الا في.
(1/26)
وفي هذا الأثر عن [عمر بن الطاب] 36 رضي الله عنه، وروي 37 عن غير طريق. ذكر سليمان بن يسار عن عبد الله بم أمية ان 38 امرأة هلك عنها زوجها فاعتدت 39 أربعة اشهر وعشرا ثم تزوجت حين حلت فمكثت عند زوجها أربعة أشهر و نصف شهر ُثم ولدت ولدا تاما، فجاء زوجها الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكر له ذلك، ومن طريق اخر: فهم بها عمر، فقيل له: يا أمير المؤمنين انها امرأة صدوق، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء 40 فسألهن عن ذلك فقالت 41 امرأة منهن: ان اخبرك عن هذه المرأة: هلك عنها زوجها [حين] 42 حملت فأهريقت عليه الدماء فحش
فحش ولدها في بطنها، فلما اصابها زوجها الذي نكحها، واصاب الولد الماء تخرك الولد في بطنها وكبر. فصدقها عمر بن الخطاب ففرق بينها فقال: اما انه لم يبلغنب عنكما الا خيرا، وألحق الولد بالأول 43. واما الملاعنة فقد ثبتت بالأخبار 44
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
36) ـــ من س.
37) ج، ب: من. والذي في س: عن طريق غيره.
38) س: اذا. وهو خطأ.
39) ج: واعتدت.
40) س: فقدمن، وهو خطأ. وفي أ، ب، ج: قدما بدون همزة. والتصريح موطأ مالك ج2: 119.
41) س تزيد: له.
42) + من ج
43) امظرالخبر في: مالك: الموطأ: 2: 119.
44) ج، س: الأخبار.
(1/27)
من غير طريق عن النبي عليه السلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر).فاذا نكح الرجل المرأة ثم جاءت بولد لستة اشهر أدنى مدة الحمل فالولد لاحق به باتفاق من اهل العلم لايزيل نسبه عنه [الا] 45 اللعان على ما جاء في 46 السنة عن النبي عليه السلام بالحاق الولد بالمرأة 47 باللعان. وهذا من جملة حكم اللهه على لسان رسوله عليه السلام مما نقلته الكافة من اثبات الولد للفراش ونفيه باللعان، لا أعلم فيها خلافا بين أهل العلم. وذلك ان اللعان لا يكون الا بأحد وجهين عند بعض اهل العلم، اما بادعاء رؤية لامسيس بعدها، او ينفي 48 حملا يدعي قلبه استبراء. واما قاذف لا يدعي شيئا فانه يحد ويلحق به الولد. وقد أجمعو انه لو رآها تزني ثم وطئها في الزنى 49 ينفي الولد من غير ان يدعي استبراء [فالولد لاحق به] 50.
وولد 51 الملاعنة لاحق 52 بأمه، وعصبته عصبة امه عند جابر بن زيد و أبي عبيدة وابن بد العزيز وغيرهم من اصحابنا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
45) + من ب، وفي ج، س: الى.
46) ج، س: جاءت به.
47) ج، س: للمرأة.
48) ج: يبقى، وهو تصحيف.
49) ج، س: وينفي.
50) ـــ من ب.
51) ج، س: وأما ولد.
52) ج، س: فلاحق.
(1/28)
ترثه عصبة أمه اذا لم يكن ذو سهم من النسب، قضى عليه عمر بن الخطاب، وهو قول ابن مسعود في عدة من الصحابة والتابعين، وبه قال أهل العراق. ووجدت لأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة في ابن الملاعنة اذا مات وخلف أما وأخا و أختا لأم و هما ابنا الزوج الي لاعن، قال 53: للأم السدس وللأخ والأخت الثلث 54 [بينهما] 55 والباقي رد 56 على الأم 57 والأخت، على [قدر] فرائضهم، لأن ابن الملاعنة أخوهم لأمهم لانتفاء ابيهم عنه. وأما المغتصبة اذا اتت بأولاد من الغاصب لها:
الجواب: ان النسب لا يثبت للمغتصب ولا يلحق الولد 59 بالزج. والولد ولد زنى عند اكثر أهل العلم 60. وكذلك الهاربة من زوجها اذا لحقت بالرجال 61 [وانقطع وطء الزوج عنها، فالولد ولد زنا لا يلحق بالزوج] 62 لعدم صحة الفراش عند اهل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
53) الجيطالي، اسماعيل بن موسى: كتاب الفرائض (مخطوط) ورقة 9 ظهر.
54) ج: الثلثان.
55) ـــ من ب.
56) س: يرد.
57) ب: الأخ وهو خطأ.
58) + من ب.
59) – من س
60) أ، ج، س: الحجاز.
61) ج، س: ألحقت بالرجل.
62) ما بين المعقوفتين – من ج، س.
(1/29)
الحجاز واكثر اهل العراق، ولا يكون بمجرد العقد حتى ينضم اليه امكان الوطء. وفي الأمة اقرار سيدها بأنه كان يلم بها، ومعنى امكان الوطء عندهم اذا امكن وصوله اليها، وكان الزوج ممن يطأ ليس بصبي لا يطأ مثله، ولا مقطوع ذكره ولا انثياه وعلم انه لم يصل اليها 63، وذلك ان يكونا ببلدين بينهما مسافة، ويعلم انهما لم يلتقيا بعد فجاءت بولد لم يلحق نسبه. وكمال الفراش عندهم عقد النكاح مع امكان الوطء من اغلاق باب او ارخاء ستر او ما قام مقامهما من الخلوة بها، وقال قوم من أهل العلم باثبات النسب للمغتصب اذا ضمهما لنفسه، و أنزلوه بمنزلة المستحل.
ووجدت في بعض اثار اصحابنا [رحمهم الله] 64 في رجل قتله جبار من الجبابرة، فأخذ ماله وأخذ جاريته فوطئها فولدت له اولادا، ثم ان الله اهلك الجبار و أذهب سلطانه فصارت الجارية و أولادها في 65 ايدي أهل العدل فرأوا اثبات النسب 66 له و أنزلوه منزلة 67 المستحل. وروي 68 ذلك عن مالك بن انس وبعض اصحابه [في أحد الروايتين عنه. وذهب أبو حنيفة في بعض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
63) – من س.
64) – من ب.
65) س: بأيدي.
66) س: الأمة.
67) س: بمنزلة.
68) ب: روى.
(1/30)
أصحابه] 69 من الكوفيين الى ان الفراش هو العقد للنكاح فقط و راوا لحوق الولد بالزوج تعبدا، وان لم يكن وطء من الزوج، ووافقه على ذلك ابن عباد 70 من اصحابنا، وسواء عندهم المغتصبة وغيرها ان الولد لاحق بالزوج كان الوطء من الزوج او لم يكن، وان كانت ولادة بعد ولادة كان ذلك لاجق بالزوج.
وبيان اصل المذهبين اذا غاب الزوج عن زوجته سنين، فبلغها وفاته فاعتدت و نكحت رجلا نكاحا صحيحا في الظاهر بولي و شهود، 71 واولدها اولادا ثم قدم زوجها الاول فسخ نكاح الثاني و اعتدت منه و ترجع الى الأول ولها على الثاني صداقها و الولد لاحق للثاني لأنهم ولدوا 72 على فراشه. هكذا عند جمهور العلماء من الحجازيين و العراقيين، و يروى ذلك عن علي بن ابي طالب، و هو مذهب ابي عبيدة والربيع بن حبيب و ابن عبد العزيز و عامة اصحابنا، وعند ابي حنيفة: الولد للأول و هو صاحب الفراش 73، و كذلك في المفقود اذا فقد فاعتدت 74 وتزوجت بولي وشهود، وولدت من الآحراولادا ثم قدم الأول فالأولاد للأخر عند ابي عبيدة و الربيع بن حبيب و ابن عبد العزيز وعامة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
69) ما بين المعقوفتين ـــ من أ، ج، س.
70) أ: ابن عباس وهو خطأ.
71) ج تزيد: فدخل بها.
72) س: لأنه ولد. وكلاهما له وجه، والولد تكون للجمع و المفرد.
73) السرخسي: المبسوط ج 6: 52.
74) ج تزيد: زوجته ثم
(1/31)
اصحابنا، وهو مذخب الفقهاء و كافة سوى ابي حنيفة وابن عباد فانهما قالا: ما كان من ولد فهو للأول وهو صاحب الفراش عندهم. ومن قول ابي حنيفة: لو أن رجلا عقد نكاحا على امراة ثم طلقها في مجلسه ذلك بحضرة الحاكم و الشهود فتأتي بولد لستة اشهر فصاعدا من ذلك الوقت كان الولد لاحقابه، لأنه صاحب الفراش على أصله في عقد النكاح 75. و اصحابنا وعامة الفقهاء على ما ذكرنا عنهم 76. خلافا لأبي حنيفة.
ومن قوله: ان الأمة لا يلزم السيد ولدها وان اقر بوطئها الا ان يعترف به، خلاف السنة المستفيضة عن النبي عليه السلام، وخلاف الجمهور الأعظم من اهل العلم، وترك ان يقول بالسنن في مواضعها، وقال في الزوجة: الفراش هو العقد دون الوطء، والخطأ 77 محيط به من كل وجه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الولد للفراش في الأمة في قصة عبد الله بن زعمة مع سعد بن ابي وقاص في عهد اخيه اليه، وقال 78 ابن زمعة: احي وابن 79 وليدة ابي ولد على فراشه. فتساوقاه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
75) اورد هذا النص ابن بركة في الجامع: ص 361.
76) أ، ج، س: عندهم.
77) أ: الخطاب.
78) ب: وقول.
79) أ: اتى.
(1/32)
وحدث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده [قال] 80: لما فتحت مكة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال: ابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذهب امر الجاهلية، لا دعوى في الاسلام، الولد للفراش وللعاهر الاتلب). قالوا وما الاتلب يا رسول الله؟ قال: (الحجر). وعن عمر رضي الله عنه 81: ما بال رجال يطأون 82 ولائدهم ولا يدعوهن يخرجن، لاتأتي بولد يعترف سيدها ان قد الم بها الا الحقت به ولدها. فارسلوا من بعده و امسكوهن.
وقول النبي عليه السلام: (الولد للفراش).والفراش كناية عن الوطء، كالرفث، والغشيان، والملامسة، والمباشرة، كل هذه الوجوه كناية عن الوطء، وهي من المجاز في كلام العرب، وهي من حلية الكلام، وابلغ في الفصاحة. وهو معروف عند اهل العلم 83، ونزل بذلك القرآن، وجاءت به السنة، فثبت بهذا القرآن، و جاءت به السنة، فثبت بهذا ان الوطء نفسه [به] 84 تمام الفراش، كان الفراش من نكاح او ملك يمين، فاذا عدم الوطء عدم الفراش.
وقول النبي عليه السلام: (الولد للفراش). عموما في الأمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
80) ـــ من ب.
81) ج: انه قال. وفي س بياض.
82) ـــ من ج، س. وفي أ بياض وفي ب: يطاؤون.
83) ب: اللسان.
84) ـــ من أ، ج، س.
(1/33)
والحرة عند ابي عبيدة مسلم بن ابي كريمة في رواية اصحابه عنه 85، 86 عبد الله بن عبد العزيز، والربيع بن حبيب، وغيرهم: اذا وطء رجلان امرأة او امة، وكان الول صاحب فراش، وعاقبه الآخر بوطء شبهة، فالولد للأول، و هو صاحب الفراش مالم 87 يستدل به انه ليس للأول وانه للأخر.
2) و ذكرت امرأة سباها المشركون، و تركت زوجا في الاسلام، فأتت بأولاد عدة ثم رجعت الى الزوج الأول، فلمن الأولاد الذين ولدوا في دار الحرب؟
الجواب في ذلك: قد مضى فيما قدمت لك ذكره من قول فقهاء الأمصار من اصحابنا وغيرهم، وخلاف ابي حنيفة وابن عباد، وما اعلمتك من المذهبين. 88 ووجدت في الأجوبة عن الامام عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن رستم رحمهم الله، كتب بهذه المسألة الى الربيع بن حبيب 89 وابن عباد بالمشرق، فاجابه الربيع بن حبيب فقال: انظر من سبي من النساء وهن حوامل فولدن بدار الحرب، أو ما يرجى ان يكون حملها من زوجها في الاسلام فألحقوهم بآبائهم في الاسلام، وما حملن بدار الحرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
85) ــ من ب.
86) أ: وعبد الله والواو هنا زائدة.
87) ج تزيد: تأت ما. و س تزيد: يوجد ما.
88) ج، س: وقد وجدت.
89) س، ج: والى ابن عباد.
(1/34)
فلا يلحق نسبهم بالازواج، ويرجعن الى ازواجهن بعد العدة على النكاح الأول.
واما ابن عباد فقال: ما حملن بدار الحرب و دار السلام فنسبهم لاحق بالأزواج على حكم الفراش.
3) وذكرت رجلا زنى بامرأة هل يتزوجها ام لا؟ وقلت: [و] هل 90 في ذلك اختلاف؟.
الجواب في ذلك عند اصحابنا: المنع من نكاحها على كل حال، وروي ذلك عن جابر بن زيد، وابي عبيدة، وصالح الدهان، و الربيع، ووائل، ومحبوب، وحمد بن محبوب، وموسى بن علي، وعبد الله بن عبد العزيز، و ابي المورج، وعدد كثير و هو المذهب الذي لا يختلفون فيه، وسلفهم في ذلك من الصحابة: ابن مسعود وعائشة ام المؤمنين، والبراء بن عازب، وعلي ابن ابي طالب، و ابو هريرة، و جابر بن عبد الله، و به قال الحسن البصري وابن سيرين.
واباحت طائفة نكاحها مع التوبه الصلاح واباحت طايفة نكاحها من غير شرط، ورووا 91 ذلك عن عبد الله بن عمر، وابن عباس، و مجاهد، وسعيد بن المسيب، وزهموا ذلك عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
90) ج، س: مل.
91) أ، ج، س: وروى.
(1/35)
جابر بن زيد، وهو مذهب الثوري وابي حنيفة بن مالك 92 و الشافعي 93، وقالوا: ولم نجد في كتاب الله ما يمنع نكاحها الا تأويلا مختلفا فيه، و احتجوا بقول الله 94: (وانكحوا الايامى منكم). 95 و زعموا انها نسخت اية الزنى، وقالوا: الزانية وغيرها داخلة تحت ايامى المسلمين. ورووا 96 عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق جابر بن عبد الله ان رجلا ذكر للنبي عليه السلام ان امرأته لا ترد يد لامس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلقها) فقال: يا رسول الله اني احبها. فقال (امسك عليك زوجك 97) [فقال] 98 اصحابنا: معنى لا ترد يد لامس، اي لا ترد طالب 99 معروف، وسائل خير و شكر من كثير 100 سخائها، فحاشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يأمر بالرجوع الى ما حرم الله على المؤمنين] 101، وقالو 102: قد سئل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
92) مالك: المدونة ج 4: 128.
93) الشافعي: الأم: ج 5: 131 ـــ 132
94) ج تزيد: تعالى.
95) سورة النور: 32.
96) س، ج: وروى.
97) ب: امسم امرأتك.
98) س، ج: وقال.
99) ج: طالب.
100) ج، س: كثرة.
101) ما بين المعقوفتين ساقط من ب.
102) ج، س: قال.
(1/36)
عنها ابن عباس فقال: لا بأس بذلك، اوله سفاح وآخره نكاح، مع ما احتجو به.
وما الذين قالوا مع التوبة والصلاح، فقالوا حرم الله نكاح المجاهرة بالزنى و ذات الخذن، فاذا تابتا وتلاكتا ما كانتا عليه جاز نكاحهما. وقالوا: سئل بن مسعود عن ذلك فقرأ [هذه الآية] 103: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات.) الآية 104 [وعن علقمة انه قال: (قم ان ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك و اصلحوا) الآية 105] 106 وقالوا لسعيد بن المسيب: عن ابي هريرة، بل اوله حرام، و آخره حلال، اذ تابا و اصلحا وكرها ما كانا107 عليه. وروي ذلك عن سعيد بن جبير وقتادة، و اختاره ابو عبيد القاسم بن سلام و احمد بن الحسين، ورواه عن ابراهيم بن اسماعيل بن علية وقالوا: المانع من نكاحها اقامتها على الفجور، فاذا تابت عادت الى الأصل الذي كانت عليه وهو الاباحة. و حجة اصحابنا ومن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
103) ـــ من ج، س.
104) سورة الشورى: 25
105) ما بين المعقوفتين ساقط من أ.
106) سورة النحل: 119.
107) عبارو أ، ج، س: اذا تابوا واصلحو وكرهوا ماكانو عليه. والذي هنا من ب. و كلاهما له وجه.
(1/37)
قال بقولهم بالمنع من نكاح الزانيات 108 على كل حال، لما حكم الله 109 باللعان، و جاءت الينة بالفرقة 110 بينهما والحكم بأن لا يجتمعا ابدا بالذي رماها به زوجها 111 من الزنى الموجب اللعان 112 الذي ذكر الله بين الزوج و المرأة، فكانت العلة 113 للفراق بأن لا يجتمعا إدعاءه 114 الزنى عليها وهي منكرة , وجب في القياس إن كان فجبرها أحرى و أحق ألا تحل له أبدا , ويلزمه فراقه إ ذا تزوجها 115 لا ستواء العلة الجامعة للأمرين , بل زناه بها أعظم في القياس. وفي بعض الأحبار في الذي لاعن امرأته جاء 116 إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله، كنت اجر الجريد البارحة حتى صادني 117صرد 118 السحر فأتيت اهلي فوجدت مع امرأتي 119رجلا يجامعها، فانتهره اصحابه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
108) ج: النكاح الزانيات. وفي س: النكاح بالزانيات.
109) ــ من س.
110) س: التفريق.
111) ج، س: رمى به زوجته.
112) ب: للعان.
113): اللعنة. وهو خطأ.
114) أ: لدعاة.
115) أ، ج: تزوجت.
116) ج، س: فجأة.
117) ب، ج: اصابني.
118) ب، ج: برد.
119) ج، س: اهل. وفي أ: فوجدت معها رجلا.
(1/38)
النبي عليه السلام و كرهوا ان يحد 120 صاحبهم، فقال: والله لقد رأت عيني و سمعت اذني، ووعى قلبي، وعملت ان الله لا يظلمني، وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجور علي. فأنزل الله آية اللعان، فتلاعنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اما احدكما فكاذب، فهل فهل منكما تائب و حسابكما الى 121 الله)، وقال للرجل: (لا سبيل لك عليها 122). فأجمع اهل العلم انه لا يعود اليها، ولا تحل له ابدا 123 على رميه اياها، واستدلوا بقول الله تعالى: (اليوم احل لكم الطيبات و طعام الذين اوتوا الكتاب ــ الى: قبلكم.) 124 وقالوا: الزانية غير محصنة. وبقوله عز وجل: (واانكحوهن باذن اهلهن و آتوخم اجورهن بالمعروف محصنات [اي] 125 عفائف) غير مسافحات (اي غير زانيات) ولا متخذات اخذان) 126 (اي ذات الخذن يزني بها في السر). فكل زانية داخلة تحت حكم الأية. وبقوله عز وجل: (الزانية لا ينكحها الا زان او مشرك و حرم ذلك على المؤمنين) 127
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
120) ب: يحدث. وهو خطأ.
121) ج: على.
122) البخاري: صحيح: 2: 127، 129: النسائي: 6: 177.
123) ج تزيد: مادام.
124) سورة المائدة: 5.
125) ـــ من ج.
126) سورة النساء: 25.
127) سورة النور: 3.
(1/39)
[صفحة لم ترقن]
(1/40)
امرأة ابي جمال 131يقال لها ام مهزول، وكانت تسافر فأراد رجل ان يتزوجها فأنزل الله هذه الآية. وقال مجاهد: نزلت في نساء بغايا في ايديهن فضل، فأراد بعض اهل الصفة ان يتزوجوهن فأنزل الله هذه الاية.
ومما احتجوا به اتفاق اهل العلم على من نكح 132 في العدة متعمدا، او 133 وطئ فيها ان يفرق بينهما ولا يجتمعان ابدا، وقالوا: اول من قضى بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: هذا الحرام من النكاح، ولا ومخالف له، و النهي يدل 134 على فساد المنهي عنه في الأنرين جميعا. وقالوا: ان الذين احتجوا باباحة [النكاح] 135 الزانية انما احتجوا بظواهر ليس فيها ما يدل على اباحة نكاحها، و حجتهم حديث جابر بن عبد الله في الذي قال ان امرأته لا ترد يد لامس، ظاهره على المحالطة للرجال، و ترك التحفظ منهم على نفسها، والثابت عن ابن مسعود وبن عباس، و جابر بن زيد انهم قالوا: لا يتزوجها باغيا ولا تحل له ابدا، و اخبر الامام افلح بن عبد الوهاب عن الصلت بن دينار عن محمد بن سيرين عن ابن مسعود انه قال في الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
131) ب: اجياد.
132) ج، س: نكح. ومن غيرها أنكح وهو خطأ،
133) س، ج: ووطئ.
134) ج: دال.
135) ــ من ب، ج، س.
(1/41)
انهما زانيان ما لم يفترقا.
وعن الامام ايضا عن الصلت بن دينار عن محمد بن سيرين عن عائشة ان المؤمنين و ابن مسعود انهما قالا: زانيان ما اجتمعا.
وقال محمد بن سيرين: توبتهما ان يفترقا 136.
وعن الامام ايضا قال: اخبرني ابو غانم الخراساني عن حاتم ابن منصور الخراساني عن ابي يزيد الخوارزمي عن عيسى عن 138 عمرو بن دينار عن جابر بن زبد عن ابن عباس 138، وانما كان قوله: اوله سفاح واخره نكاح، في التي يزني بها وهما مشركان فاذا تابا و اصلحا فلا بأس ان يتزوجها الذي زنى بها في الشرك 139.
واخبر الامام ايضا قال: حدثنا بشر بن غانم الخراساني عن حاتم بن منصور عن عمارة بن حيان عن ابي الشعثاء جابر بن زيد انه سئل عن الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها؟ قال اجعلوا بينهم البحر الأخضر 140. ذكر 141 عن علي بن ابي طالب انه فرق بين رجل و امرأة زنى بها ثم تزوجها ففرق بينهما علي قبل ان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
136) ج: يفرق بينهما.
137) ج، س: من.
138) أ، ج، س: مسعود وهو خطأ.
139) بعد هذا في ج، س: [وقال عمرو بن دينار: كان ابو الشعثاء يكره ان يتزوجها في الاسلام بعد زنئه بها في الشرك]
140) اقوال قتادة (مخطوط (أ) بالخزانة البارونية) ج6: ص 7
141) ـــ من ج، س.
(1/42)
يدخل بها. وعن جابر بن عبد الله، و الحسن البصري، ابراهيم النخعي قالو: يفرق بينهما وليس لها شيء. فهكذا الأمر عند أصحابنا في الرجل يتزوج المرأة 143 [ولم يدخل بها] 134 ولم يعلم انه اغلق بابا أو ارخى سترا فزنت أنها يقام عليها حد البكر مائة جلدة 144 ولس لها شيئ. قد ذكره الامام وغيره من أصحابنا. و الاحصان عند أكثرهم العقد مع الوطء، وهو قول أبي عبيدة و العامة من فقهائنا. وعند أصحابنا النظر الى الفرج الى الفرج عمدا أو اللمس و الوط ء كل ذلك يوجب الحرمة، والحكم فيه عندهم واحد.
4) و ذكرت الرجل 145 اذا زنى بامرأة هل يتزوج أمها أو بنتها كانت ولادتها قبل الزنى أو بعده، وما في ذلك من اختلاف الفقهاء؟
الجواب في ذلك: أن الرجل لا يحل له أ، يمس أما او ابنة في الحلال من النكاح. و كذلك الأب و الابن، بذلك نزل القرآن و جاءت السنة و اجتمعت 146 الأمة، و ذلك أن الرجل يتزوج المرأة و يدخل بها فلا يحل له بناتها و بنات البنين و بنات 147 البنات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
142) ج، س: امرأة
143) ـــ من أ.
144) ج، س تزيدان: [و يفرق بينهما]
145) ج، س: رجلا.
146) ج، س: اجتمعت، وهو أصح.
147) ـــ من ج، س.
(1/43)
وان سفلن، و كذلك الأمهات وان علون. والعقد على الأم لا يحرم البنت [الا مع الدخول بالأم، و هذا النص في القرآن] 148، والعقد على البنت دون الدخول بها يحرم الأم على الجميع، الا قولا شاذا يروى عن ابن مسعود [أنه] 149 أفتى به لرجل150 من الكوفة ثم قدم المدينة فسأل عن ذلك أصحاب النبي عليه السلام فقالوا: انما الشرط في البنت اذا لم يدخل بلأم، و الآية في الأم مبهمة، فرجع الى الكوفة فلم ينزل عن دابته حتى فرق بين الرجل و المراة 151.
و العقد من الأب دون الدخول بها 152 يحرمها على الابن و بني البنين و البنات وان سفلوا لقوله تعالى (ولا تنكحو ما نكح آباؤكم من النساء الا ما قد سلف) 153. و كذلك العقد من الابن دون الدخول بها يحرمها عن لاب وسائر الأجداد من كلا الاصلين، [أصل] 153 الأبوة، و أصل الأمومة وان علوا، لقوله تعالى: (و حلائل أبنائكم من أصلابكم) 155 واختلفوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
148) ما بين المعقوفتين ـــ من أ، ج، س.
149) + من ب.
150) ج، س: في.
151) النص رواه مالك: الموطأ ج2: 7.
152) ـــ من س.
153) سورة النساء: 22.
154) + من ب، ج، س.
155) سورة النساء: 23.
(1/44)
ان كان الوطء في هذا [الجمل] 156 بحرام هل تقع الحرمة به كما تقع في باب الحلال دون الحرام؟ [فقال قوم: الجرام لا يحرم حلالا، وقالوا: الحرمة مقصورة على الحلال] 157 لا يتعداه، روي ذلك عن عروة بن الزبير، و مجاهد، و الزهري، و هو مذهب [الشافعي] 158 وروي ذلك عن ابن عباس. و حجتهم أن قالوا: لما ارتفع في الزنى ارتفع أن يحكم له بحكم 160 الحلال.
وقد قال أكثر أهل العلم: الحرام يحرم الحلال 161، وروي ذلك عن عمران بن الحصين وعبد الله بن مسعود، وجابر بن زيد، والحسن البصري، و الشعبي، و طاوس، و عطاء بن رباح، و سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، و أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحرث بن هشام، وأبي بكر بن سليمان، وهو مذهب ابي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، والربيع بن حبيب، و أبي المورج، وابن عبد العزيز، ووائل، وابن محبوب، ولا أعلم أصحابنا يختلفون في ذلك. و بذل قال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
156) + من ب. و الجمل: الجماعة من الشيء.
157) ما بين المعقوفتين ـــ من ب.
158) ـــ من أ، س. و انظر مذهب الشافعي هذا في الأم: ج 5: 136.
159) ج، س: ووجوب.
160) ج، س، تزيدان: نكاح.
161) ابن ماجة: سنن: نكاح: 63.
(1/45)
سفيان الثوري، و أحمد، واسحاق، وأصحاب الرأي، وعليه أهل العراق و أكثر أهل الحجاز و كلهم قالوا: ما حرم الحلال فالحرام اشد تحريما.
وذكروا عن جابر بن زيد أنه كتب الى عكرمة في مسائل منها: ما تقول يا عكرة في الحرام، هل يحرم الحلال من النكاح؟ فقال عكرمة: ما أرى امرهما163 الا واحدا. قال جابر: صدق عكرمة. وذكروا عن الشعبي لما قيل له عن ابن عباس ما حرم حرام حلالا 164:لو أخذت كوزا من الخمر و سكبته في جباب من الماء لكان ذلك الماء حراما، انكارا لما روى عن ابن عباس.
ذكر 165 عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: أعطاني جابر بن زيد صحيفة فيها مسائل سأل عنها عكرمة، وكان فيها: رجل بامرأة فرآها ترضع جارية أيحل له أن يتزوجها؟ قال: لا. قال عمرو بن دينار: وقال جابر بن زيد، والى هذا القول رجع مالك بن أنس، سئل عن رجل فجر بأم امرأته فما دون فرجها فأمره مالك بفراق امرأته و رآى انها قد حرمت عليه 166.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
162) ج، س: في.
163) أ، ج، س: أحدهما. والذي هنا من ب وهو أصح.
164) س، ج: تزيدان: [فقال الشعبي]
165) ج، س: ذكروا.
166) مالك: المدونة: 4: 128.
(1/46)
وبه قال أكثر أصحابنا، وقالوا: قد جاءت به الآثار القوية.
وقد كان مالك أفتى به في موطأه 167 ثم رجع عن فتياه فقال: ما حرم الحلال فالحرام يحرمه. فقيل له: لو محوت الأول من كتابك. فقال: قد سارت به الركبان و وقع في الأمصار، وكان مما اختلف فيه قد مضى، و كنت قد استحسنت الأخذ به ثم رأيت غيره أحسن و أحوط فأخذت به. وقال الكوفيون: قول 168 النبي عليه السلام: (احتجي منه يا سودة)، دليل أنه جعل للزنى حكما، و ان شيئا حرمه الحلال فالحرام أشد تحريما له.
و مما احتجوا به أن من 169 جمع بين المرأة وابنتها في الشرك فوطئهما جميعا ثم أسلما 170 ان يفرقهما جميها، لا يحل له واحدة منهما بعد باتفاق أهل العلم، وقالوا: لما كان الوطء في [النكاح] 171 اصحيح و الفاسد وفي ملك اليمين الصحيح منه والفاسد يوجب الحرمة باجماع كان سبيل الوطء بالزنى سبيلهم.
وقالوا: امرنا الله في التنازع بالرد الى كتاب الله أو السنة فوجدنا الكتاب و السنة يوجبان التحريم بالوطء الحلال، وقضينا بذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
167) مالك: الموطأ: 2: 7.
168) ج، س: قال.
169) ــ من ج، س.
170) ج، س: أسلموا.
171) + من ب.
(1/47)
في وط ء الحرام، فانه لا يبعد 172 ان يكون مثله او اشد منه. ولا فرق عندهم كان الزنى بالأمهات او البنات 173 قبل النكاح او بعده، أو قبل الولادة او بعدها كل ذلك جملة واحدة على ما ذكرت في المسألة من اجماع الأمة في الأخبار، ا لا ترى ارضاع الضرائر هل كان الفسخ بينهما في رضاع 174 الكبرى والصغرى، وفسخ نكاحهما باتفاق الجمهور الأعظم من أهل العلم.
واتفق الجميع ان النكاح الفاسد تجب فيه الحرمة كما تجب في النكاح الصحيح اذا كان فيها الوط ء جميعا، و كذلك عندهم في الاماء اذا وطئن بملك اليمين، كان الملك صحيحا او فاسدا، مع اتفاقهم أن ملك اليمين لا تجب به الحرمة بحصول الملك كما تجب بعقد 175 النكاح، و هذا فرق بين العقدين. والدخول الذي يجب به 177 الحرمة أدناه عند اكثر اهل العلم النظر والغمز وما اشبه ذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في رجل تزوج امرأة فغمزها ولم يزد على ذلك حتى فارقها، فأراد ان يتزوج ابنتها فنهاه ارسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
172) ج: يعدو.
173) ج: بالبنات.
174) س: ارضاع.
175) س، ج: بعد. وهو تصحيف.
176) ج، س: الذين.
177) س: بهما.
(1/48)
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ملعون من نظر الى فرج امراة وبنتها). وعنه عليه السلام: (من نظر الى فرج امرأة نظر اليها178 ابوه لم ينظر اليه يوم القيامة).
وقول ابي عبيدة و اصحابنا في رواية ابن عبد العزيز و ابي المورج عنهم: الغمز و النظر والقبلة تلذذا 179 يوجب الحرمة. وعلى هذا القول أكثر فقهاء الأمصار.
وسئل ابو عبيدة مسلم بن ابي كريمة عن رجل يزني بامرأة اتحل لابنه او أبيه؟ قال: لا. وقال الربيعبن حبيب: من مس فرج ابنته [وهي] 180 بالغة فسدت عليه امرأته 181. و ذكروا عن مجاهد بن سليمان: اذا نظر الرجل الى فرج امرأة فلا ينكح امها ولا بنتها.
وقال ابي حنيفة و يعقوب: اذا نظر الرجل الى امرأة بشهوة حرمت على 182 ابيه و ابنه، و تحرم عليه امها و ابنتها 183. وعن ابي حنيفة: لو قبلت امرأة ربيبها وقعت الفرقة بينها وبين زوجها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
178) ج، س: اليه.
179) س: تلذذ.
180) ــ من أ، ج، س.
181) بعد هذا في س، ج: [وسئل عن رجل يزني بأم امرأته أو تلذذ منها دون الفرج، قال ابو عبيدة: أرى ان يفرق بينهما].
182) ج، س: عليه و ابنه.
183) القرطبي: تفسير ج 5: 113.
(1/49)
وذكروا عن مجاهد عن ابراهيم النخعي قال: من جرد امراة أو قبلها او نظر الى شيء من محاسنها نظرة شهوة حرمت على ابنه و ابيه.
وقال الربيعبن حبيب: ايما رجل لمس امرأة او نظر الى فرجها بشهوة، ان صنع ذلك الأب حرمت على الابن، وبالعكس 184. وعن بارك بن فضالة عن الحسن البصري مثله. وعن الربيع بن حبيب، سئل عن رجل نظر الى أم امرأته [او قبلها او عانقها] 185 [هل تحرم عليه امرأته] 186؟ قال: لا، الا ان نظر الى فرجها متعمدا فحينئذ تحرم عليه و يجب عليه فراقها.
وسبيل الموطيات بملك اليمين سبيل الموطيات بالنكاح، وان اختلف 187 اصول العقد على ما قدمنا سا بقا، لان عقد الشراء لا يوجب حرمة الا من اسباب الاستمتاع، من غمز، او تجريد، وفقهاء الامصار الا ما ذكرنا عن الشافعي أنه فرق النظر و اللمس 188.
و ذكروا عن ابي بكر رضي الله عنه، أنه اشترى جارية فوضع يده على ثديها 189، فسأله ابن له اياها، فقال له، يا بني،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
184) ــ من ج، وفي ب: وان صنع ذلك الابن حرمت على الأب.
185) + من ب، ج.
186) ما بين المعقوفتين – من س.
187) س: اختلفت.
188) القرطبي: تفسير ج 5: 114.
189) ج: شعرها.
(1/50)
اني وضعت يدي عليها معجبا بها، وقد اردتها و انا اكرهها لك، وفي غيرها لك متعة.
و ذكروا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه اشترى جارية فجردها 190 و نظر اليها، فقال له ابنه: اعطنيها. فقال له: انه 191 لا تحل لك، انما حرمها عليك التجريد و النظر. وعن عمر بن الخطاب: ايما رجل جرد جارية او قبلها، او اتخذ 192 شيئا منها 193 فقد حرمت على ابيه و ابنه، و حرمت عليه امها و ابتها.
وعن مجاهد: اذا مس الرجل فرج جارية أو باشرها 194 فان ذلك يحرمها على ابيه وابنه. قال مسروق عند موته في جارية له: اني لم اصب منها الا ما يحرمها على ولدي، النظر واللمس. وعن اي عبيدة مسلم بن ابي كريمة انه قال في الامة اذا نظر الى ساقها او معصمها تلذذا فلا تحل لأبيه و ابنه 195. و ذكروا عن عبد الملك ابن مروان انه وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال: اردتها ولم استطعها و قد هممت ان اهبها لابني فيصيب منها. فقال له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
190) س: فجرها.
191) س: انها.
192) ب: التذّ.
193) ج، س: منها شيئا. وفي ب: منها بشيء.
194) أ، ب: مباشرها. والذي هنا من ج، س.
195) ج: ولا لابنه.
(1/51)
عبد الملك بن مروان: لمروان اروع منك وقد وهب جارية لابنه ثم قال: لا تقربها فاني قد رأيت ساقها منكشفا 196.
وسأل القاسم بن محمد فقال: اني رأيت جارية لي منكشفة في القمر، فكفت عنها ولم اقربها بعد، فأهبها لابني يطأها؟ فنهاه القاسم بن محمد عن ذلك 197.والفقهاء على المنع للولد 198 من مسيس جارية ملكها ابوه، وكذلك الوالد من مسيس جارية ملكها ابنه، وان كان صغيرا ان كان بلغ مبلغا يتلذذ بالجواري خيفة ان يكون قد مسها او تلذذ منها بشئ، وان وقع اللمس والنظر من غير تلذذ فلا تجب عليه الحرمة.
5) وذكرت رجلا فعل بامرأة فيما دون الفرج، او في دبرها، او فعل في 199 رجل ذكر فيما دون فرجه او في دبره، هل يتزوج امهما او ابنتهما؟ وقلت: وهل في ذلك اختلاف؟.
الجواب: انه لا فرق بينهما في الحرمة على ما ذكرنا من الاعتبار في الوط ء لأن الدبر عضو، وحرمتهعلى ما ذكرنا من الاعتبار في الوط ء لأن الدبر عضو، وحرمته أدهى وهو أعظم حرما من ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
196) مالك: الموطأ: ج2: 11.
197) المصدر السابق: 2: 11.
198) ج، س: منع الولد.
199) ج، س: برجل.
(1/52)
الفعل في القبل عند الجمهور الأعظم من اهل العلم، وقالوا: ان القبل قد يباح بالنكاح 200 أو ملك يمين، والدبر لم يأت فيه حال اباحة، فالفاعل عندهم في الدبر تحرم عليه بنات المفعول به و امهاتها على سبيل الوط ء في القبل، ولا فرق بينهما، والقول المحكي فيها واحد. وقالوا: اوجب الله تعالى فيه المثلة، وسماه فاحشة: قال الله تعالى [قل انما حرك ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن] 201 وقال: [ولوطا اذ قال لقوهه اتأتون الفاحشة و انتم تبصرون، ائنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء، بل أنتم قوم تجهلون] 202. وقال: [ولوطا اذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. ائنكم لتأتون الرجال، و تقطعون السبيل، و تأتون في ناديكم المنكر .. ] 203 وقالى تعالى: [اتأتون الذكران من العالمين. و تذكرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون.] 204 وقال: [فلما جاؤ أمرنا جعلنا عاليها سافلها، و أمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود. مسومة عند ربك و ماهي من الظالمين ببعيد.] 205
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
200) ج، س: بنكاح.
201) سورة الأعراف: 34.
202) سورة النمل: 55 - 56.
203) سورة العنكبوت: 29 ــ30.
204) سورة الشعراء: 165 ــ166.
205) سورة هود: 82 ـــ 83.
(1/53)
وذكروا عن قتادة وعكرمة انهما قالا: لم يبرئ 206 منها ظالما بعدهم فقال: وما هي بالظالمين ببعيد، يعني ظالمي هذه الأمة 207.
ذمروا عن عكرمة عن ابن غباس عن النبي صلى الله عليه وسلم 208 قال: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط) قالها ثلاثا. ثم قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه 209، الفاعل والمفعول به.) وفي رواية ضمام بن السائب عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ان لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساءفي اعجازهن، فمن فعل ذلك ففي النار خالدا مخلدا 210 ابدا فيها.).
ذكروا عن ابي بكر الصديق في رجل وجد في ضواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة، وقامت على ذلك بينة، فكان أشدهم فيه قول علي بن ابي طالب: ان هذا ذنب لم تعصي به الله به امة من الامم الا امة واحدة فصنع الله بها ما قد علمتم، فأرى ان يحرق بالنار. و أجمع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على حرقه بالنار وكتب بذلك ابو بكر الصديق [الى خالد بن الوليد] 211 ان يحرقه بالنار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
206) أ. يبرأ. وفي ب: يبر.
207) الطبري: تفسير ج 15: 439، الطبقي: تفسير ج 9: 83.
208) ج، س تزيدان: أنه.
209) ج، س: فاقتلوا.
210) ج، س: فيها ابدا.
211) + من ج، س.
(1/54)
فأحرقهم 212 غير واحد من الامراء. ذكروا عن حذيفة ين اليمان انه قال: استأذن الله جبريل فاحتمل الارض التي كانوا عليها حتى سمع اهل السماء الدنيا [ضغو 213 كلابهم ثم اوقد تحتهم نارا] 214فاكبهم عليها. و أوجبت طائفة على فاعله أحصن او لم يحصن، ويروى ذلك عن علي، وعبد الله بن عباس وجابر بن زيد، والشعبي وربيعة الرأي، و أكثر اهل الحجاز. ذك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق