الآية، فصحَّ أنَّ الضرَّاء صارت للمؤمن سرَّاء، إذ في العاقبة مأجور عَلَى فِعلها، والأمور للعواقب؛ والسرَّاء للكافر ضرَّاء، إذ [هو] معاقب عليها فيِ العاقبة؛ فصحَّ أنَّ الخير لاَ يكون إِلاَّ لأهل الخير، والشرَّ لاَ يكون إِلاَّ لأهل الشرِّ، {والخيرِ فتنةً وإلينا تُرجعُونَ (35)} فَنُجازيكم حسب مَا يوجد منكم مِنَ الصبر والشكر. وفيه تنبيه بأنَّ المقصود مِن هَذِهِ الحياة: الابتلاء. والتعريض للثَّواب والعقاب تقرير لِمَا سبق.
{وإذا رآك الذِينَ كَفَرُوا إن يتَّخذونك إِلاَّ هُزُوًا} مَا يتَّخذونك إِلاَّ هُزؤا، مهزوءًا بِهِ، ويقولون: {أهذا الذِي يَذكُر آلهتكم}؟ أي: بسوء؛ وإنَّما أطلقه لدلالة الحال، فإنَّ ذكر العدوِّ لاَ يكون إِلاَّ بسوء. {وَهُم بذكر الرحمن} بالتوحيد؛ أو بإرشاد الخلق ببعث الرسل، وإنزال الكتب، رحمة عَلَيْهِم؛ أو بالقرآن {هم كَافِرُونَ (36)} منكرون، فَهُم أحقُّ أن يُهزَأَ بهم.
{خُلِق الإنسانُ من عَجَل} كأنَّه خُلق مِنْهُ لفرط استعجاله، وقلَّة تأنِّيه؛ كقولك: خُلِقُ زيد مِنَ الكرم، جُعل مَا طُبع عليه بمنزلة المطبوع هُوَ مِنْهُ، مبالغة فيِ الدومة (1) لَهُ، ومن عجلته مبادرته إِلىَ الكفر، واستعجال الوعد. {سَأُرِيكم آياتي} نقماتي فيِ الدُّنْيَا والآخِرَة، {فلا تستعجلونِ (37)} فيِ الإتيان بها، والنهيِ عمَّا جُبِلَت عليه نفوسهم لِيُقعِدوها عَن مُرادها. {ويقولون مَتى هَذَا الوعد}؟ وقت وعدِ العذاب؛ أو يوم القيامة، {إن كُنتُم صادقِينَ (38)} يَعنُون النَّبِيَّ وأصحابه.
{__________
(1) - ... كذا في الأصل، وَلَعَلَّ الصواب ما ذكره أبو السعود: «لزومه لَهُ». مج3/ ج6/ ص67.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
69 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق