وَمِمَّن خلقنا} للجنَّة، لأَنَّهُ فيِ مقابلة: {ولقد ذرأنا لجهنَّم}. {أُمَّة يهدون بِالحَقِّ وبه يعدلون (181)} ذكر ذَلِكَ بعدما بيَّن أَنَّهُ خلق للنار طائفة ضالِّين ملحدين عن الحقِّ للدلالة عَلَى أَنَّهُ خلق أَيضًا للجنَّة أُمَّة هادين بالحقِّ، عادلين فيِ الأمر، واستدلَّ به عَلَى صِحَّة الإجماع، لأَنَّ المُرَاد منه أَنَّ فيِ كُلِّ قرن طائفة بِهَذِهِ الصفات: «لا تزال أمَّتي قائمة بأمر الله، لا يَضُرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم، حَتَّى يأتي أمر الله، وهم عَلَى ذَلِكَ» (1).
{والذين كذَّبوا بآياتنا سنستدرجهم} سنستدبُّهم قليلا قليلا من الطاعة إِلىَ المعاصي عَلَى غير علم منهم بِذَلِكَ، لقوله: {من حيث لا يعلمون (182)} ما يراد بهم، وَذَلِكَ أن يزيَّن له سوءُ عمله فيراه حسنا؛ واستدرجَه: خدعه وأدناه، كدرَّجه وأقلقه حَتَّى تركه يدرج عَلَى الأَرض. قال أهل المعاني: الاستدراج أن يتدرَّج إِلىَ الشيء فيِ خفية قليلا قليلا، فلا يباغت ولا يجاهر ومنه ... (2)
{وأملي لهم} أردف لهم النعم وأمهلهم، {إنَّ كيدي متين (183)} أخذي شديد، سمَّاه كيدا لأَنَّهُ شبيه بالكيد من حيث إِنَّهُ فيِ الظاهر إحسان، وَفيِ الحقيقة خذلان. وَلَمَّا نسبوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِلىَ الجنون فنزل (3):
{أولم يتفكَّروا ما بصاحبهم} بمحمَّد - صلى الله عليه وسلم - {من جِنَّة} من جنون، {إن هو إِلاَّ نذير مبين (184)} منذر من الله، موضِّح إنذاره، ثُمَّ حثَّهم عَلَى النظر المؤدِّي إِلىَ العلم فقال:
{__________
(1) - ... متَّفق عَلَيْهِ رواه الشيخان وأحمد عن معاوية، ورواه مسلم، والترمذي، وابن ماجه عن ثوبان. انظر حديث رقم 7289، و7290 فيِ صحيح الجامع. (برنامج سلسلة كنوز السنَّة: الجامع الصغير وزياداته).
(2) - ... هنا إحالة إِلىَ الهامش ولم يكتب الناسخ فيه شيئا، وَفيِ العبارة سقط واضح.
(3) - ... الصواب حذف الفاء.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
56 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق