فلعلَّك باخعٌ} قَاتِل {نفسَك عَلَى آثارهم} أي: آثار الكفَّار، شبَّهه وإيَّاهم ــ حين تولَّوا عَنْهُ، ولَم يُؤمنوا بِهِ، وَمَا بداخله مِنَ الأسف عَلَى تَولِّيهم ــ برجل فارقه أحبَّتُه، فهو يتساقط حَسَرات عَلَى آثارهم، ويَبخَعُ نفسه وجدا عَلَيْهِم، وتلهُّفا عَلَى فِرَاقِهم. وقال سهل بن عبد الله فيِ هَذِهِ الآية ــ عَلَى مَا يوجد عَنْهُ ــ: «لعلَّك مُهلِكٌ نفسَك باتِّباع المراد فيِ هدايتهم وإيمانهم، وقد سبق مِنَّا الحكم فيِ إيمان المؤمنين، وكُفر الْكَافِرِينَ، فلا تَغيِير وَلاَ تبديل». وقال سهل أَيْضًا: «لَعَلَّك شاغلٌ نفسك عنَّا باشتغال لهم (1) حرصا عَلَى إيمانهم، مَا عليك إِلاَّ البلاغ؛ فلا يشغلك عنَّا (لَعَلَّهُ) غيرنا، (لَعَلَّهُ) وَهُوَ كقوله: {وأَمَّا مَن جَاءك يسعى وَهُوَ يخشى فأنت عَنْهُ تلهَّى} (2)». فإذا كَانَ حِرْصُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إيمان أمَّته، لم يرض الله مِنْهُ ذلك الحرص، لأَنَّ فِيهِ ترك الرضا بالقضاء، وردَّ المقدور؛ فكيف يرضى مِن غيره الحرص عَلَى الدُّنْيَا الدَّنِيَّة، التِي هِيَ متاعُ الغرور، ومعدن الشرور!. {إن لم يُؤمِنُوا بهذا الحديثِ أَسَفًا (6)} مفعول لَهُ؛ أي: لفَرطِ الحزن. والأسف: المبالغة فيِ الحزن والغضب.
{إِنَّا جعلنا مَا عَلَى الأَرْض} أي: مَا عَلَى الدُّنْيَا {زينةً لها} أي: مَا يَصلُح أن يكون زينةً لها ولأهلها مِن زخارفِ الدُّنْيَا، وَمَا يُستحسن منها {لنبلوَهُم} لِنختبرهم {أَيُّهُم أحسنُ عملا (7)} وحُسنُ العمل: الزهد فِيهَا، وترك الاغترارِ بها؛ ثُمَّ زَهَّدَ فيِ الميلِ عنها، بقوله:
{__________
(1) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: «بالاشتغال بهم».
(2) - ... سورة عبس: 8 - 10.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
386 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق