فمن يُرِدِ الله أن يهديه يَشرَحْ صدرَه للإسلام} يُوسِّعه ويُنوِّر قلبه، قَالَ - عليه السلام -: «إِذَا دخل النور القلب انشرح وانفسح، قيل: وَمَا علامة ذَلِكَ؟ قَالَ: الإنابة إِلىَ دار الخلود، والتجافي عَن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله» (1)، {ومن يُرِد أن يُضلَّه يجعل صدره ضيِّقا حَرجا} بالغا فيِ الضيق، يعني: يجعل قلبه ضيِّقا، حتَّى لاَ يدخله الإيمان، حتَّى [157] إِذَا سمع ذكر الله، اشمأزَّ قلبُه، وإذا ذكر شيء من عبادة الأوثان ارتاح قلبه، {كأنَّما يصَّعَّد فيِ السَّمَاء} كأنَّه كُلِّف أن يصعَد إِلىَ السَّمَاء، إِذَا دُعيَ إِلىَ الإسلام من ضيق صدره، يعني يشقُّ عليه الإيمان، كما يشُقُّ عليه صعود السَّمَاء، وأصل الصعود المشقَّة، ومنه: {سأرهِقُه صَعُودا} (2)، أَي: عقبة شاقَّة، والمعنى: كأنَّما يزاول أمراً غير ممكن، لأنَّ صعود السَّمَاء مَثَل فيما يبعد مِنَ الاستطاعة، وتضيق عَنْهُ المقدرة، {كذلك يجعلُ الله الرجسَ} اللعنة فيِ الدُّنْيَا، والعذاب فيِ العقبى، {عَلَى الذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ (125)} إيمان حقيقي (3).
{وهذا صِرَاطُ ربِّك} طريقه الذِي اقتضته الحكمة، وسنَّته فيِ شرح صدر من أَرَادَ هدايته، وجعله ضيِّقا لمن أَرَادَ إضلاله. ومستقيما عَن الاعوجاج، لأَنَّهُ لاَ يُعوِجه باطل، ومعناه: وهذا طريق رَبِّكَ وعادته فيِ التوفيق والخذلان، {مستقيما} عادلاً مطَّردا لا اعوجاج فِيهِ، {قد فصَّلنا} بَيَّنَّا، {الآيات لقوم يذَّكَّرُونَ (126)} يتَّعظون.
{__________
(1) - ... لم نعثر عَلَيه في الربيع ولا في الكتب التسعة ولا في الجامع الصغير وزياداته.
(2) - ... سورة المدَّثِّر: 17.
(3) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: «إيمانًا حقيقيًّا».
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
382 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق