ومن كَانَ فيِ هَذِهِ أعمى} عمَّا يرى من قدرتي فيِ مصنوعاتي؛ وَهُوَ يتناول عَمى البصيرة فيِ الدُّنْيَا، {فهو فيِ الآخِرَة} من عمى الآخِرَة وَهُوَ غيب عَنْهُ [كَذَا]، {أعمى وأضلُّ سبيلاً (72)} مِنَ الأعمى، أي: أضلُّ طريقا؛ وقيل: الإشارة فيِ هَذِهِ راجعة إِلىَ النعم التِي عدَّدها عزَّ وجلَّ فيِ هَذِهِ الآيات من قوله: {يُزجِي لكم الفلك ... } إِلىَ قوله: { ... تفضيلا}، يقول: من كَانَ فيِ هَذِهِ النعم قد عاينها أعمى، فهو فيِ الآخِرَة أعمى وأضلُّ سبيلا.
{وإن كادوا ليفتِنونك} المعنى: أنَّ الشان قاربوا أن يفتنوك، أي: يخدعوك فاتنين {عَن الذِي أوحينا إليك لتفتريَ علينا غيره} بالقول أو الفعل، {وإذًا لاتَّخذوك خليلا (73)} أي: وإن اتَّبعت مرادهم لاتَّخذوك خليلا، ولكنت لَهُم وليًّا وخرجت من ولايتي.
{ولولا أن ثبَّتناك} ولولا تثبيتنا لك وعصمتنا، {لَقَد كدت تركن إِلَيْهِم} لقاربت أن تميل إِلىَ مكرهم {شَيْئًا قليلا (74)} والشيء القليل مِمَّا يخاف مِنْهُ، لأَنَّهُ من خفيَّات المعاصي ودقائقها، ولا يميِّزه إِلاَّ الراسخون في العلم.
{إذًا} لو رَكنتَ إليهم في أَقَلِّ شيء من خفيات الكبائر، لأَنَّ الصغائر مغَفُورة للعبد إن كَانَ مجتنبا للكبائر، بقوله: {إن تجتنبوا كبائر مَا تُنهَون عَنْهُ نكفِّرْ عنكم سيِّئاتكم وندخلْكم مدخلا كريما} (1). {لأذقناك ضِعف الحياة وضِعف الممات}، أي: لو فعلت ذلك لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات؛ أي: أضعفنا لك العذاب فيِ الدُّنْيَا والآخِرَة؛ وقيل: الضِّعف مِنَ العذاب سمِّي ضعفا لتضاعف الإثم فِيهِ. {ثُمَّ لاَ تجد لك علينا نصيرا (75)} مانعا لك يمنع من عذابنا عنك، وفي هَذِهِ الآيَة تحذير عظيم يحمل المؤمن عَلَى الرسوخ فيِ العلم، والحذر مِنَ الشيطان الرجيم، ومن شباكه ومكايده الدقيقة الملتبسة بِالْحَقِّ.
{__________
(1) - ... سورة النساء: 31.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
374 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق