وإذ قلنا لك: إنَّ رَبَّكَ أحاط بالناس} فليس لَهُم مفرٌّ عَن تقديره، {وَمَا جعنا الرؤيا التِي أريناك إِلاَّ فتنةً للناس} بِمَا يَشَاء من آياته، أي: هم فيِ قبضته لاَ يقدرون عَلَى الخروج من مشيئته، فهو حافظك، ومانعك مِنْهُم، فلا تهمهم [كَذَا]، وامض فيما أمرتك بِهِ من تبليغ الرسالة. والرؤيا التِي أراه الله إِيَّاهَا: قيل مَا أراه فيِ ليلة المعراج مِنَ العجائب والآيات؛ قيل: هِيَ رؤيا عين، وقيل: رآه بروحه دون بدنه. {والشجرةَ الملعونةَ فيِ القرآن} أي: وَمَا جعلنا الشجرةَ الملعونة فيِ القرآن إِلاَّ فتنةً للناس، فإنَّهم حين سمعوا بقوله: {إنَّ شجرة الزقُّوم طعام الأثيم} (1) جعلوها سخرية، وَقَالُوا: إنَّ محمَّدا يزعم أنَّ الجحيم تحرق الحجارة، ثُمَّ يقول ينبتُ فِيهَا الشجر، وَمَا قدروا الله حقَّ قدره إذ قَالُوا ذَلِكَ، فإنَّه لاَ يمتنع أن يجعل الله الشجرة من جنسٍ لاَ تأكله النار، كيف و [قد] خلق الله مِنَ الشجر نارا فلا تحرقها، وترى النعامة تبتلع الجمر فلا يضرُّها، فجاز أن يخلق الله فيِ النار شجرة لاَ تحرقها. والمعنى: أنَّ الآيات إِنَّمَا ترسل تخويفا للعباد؛ {ونخوِّفهم} بمخاوف الدُّنْيَا والآخِرَة، {فما يزيدهم} التخويف {إِلاَّ طغيانا كبيرا (60)} فكيف يخاف قوم هَذِهِ حالهم بإرسال مَا يقترحون مِنَ الآيات؟ فإن قلت: ليس فيِ القرآن ذكر لعنِ شجرة الزقوم، قلت: معناه: الملعون آكلها، وَهُوَ من كفر بالله، لأَنَّهُ قَالَ: {فإنَّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون} (2)، فوُصِفت بلعن أهلها عَلَى المجاز؛ ولأنَّ اللعن هُوَ الإبعاد مِنَ الرحمة، وهي فيِ أصل الجحيم فيِ أبعد مكَان مِنَ الرحمة.
{__________
(1) - ... سورة الدخان: 43 - 44.
(2) - ... سورة الصافات: 66.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
370 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق