وآتاكم من كلِّ مَا سألتموه} لعلَّ سؤالهم له بلسان الحال، وذلك أنَّهم لا يَصلُحُونَ إِلاَّ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ خالقهم وأعلم مِنْهُم بأنفسهم وإمدادهم، وَمَا لاَ بدَّ لَهُم مِنْهُ؛ ودليل ذَلِكَ قوله: {وإن تَعُدُّوا نعمةَ الله لاَ تُحصُوهَا}، فكيف سألوه مَا لاَ يعلمونه؟ ولكنَّ الله [286] خلقَ خلقَهُ، وخلق لهم جميع مَا لاَ بدَّ لَهُم مِنْهُ فيِ علمه تبارك وتعالى، علموه أو جهلوه، فكأنَّهم سَألُوهُ مَا لاَ بدَّ لَهُم مِنْهُ. {وإن تَعُدُّوا نعمة الله لاَ تُحصُوهَا} لا تُطِيقُوا عَدَّها وبلوغ آخرِهَا، إِذَا أرادوا أن يَعدُّوها عَلَى الإجمال، وَأَمَّا عَلَى التفصيل فلا يعلمه إِلاَّ الله، {إنَّ الإنسان لظَلُومٌ} يظلم النعمةَ بإغفَالِ شُكرِهَا، لأنَّ جميع طباع نفسه ظلم وكفر، {كَفَّارٌ (34)} لجميع نِعَمِ الله التِي ذكرت، والتي لم تذكر؛ لأنَّ جميع النعم خُلِقَت لأجله، وخُلِقَ هُوَ أن يُطِيعَ الله بشكرِهِ للنعم كلِّها، فإذا أطاع الله وشكرها استغفَرَتْ لَهُ موافقةً لخالقها، وإذا كَفَرَهَا لعنَتْهُ بأمرِ الله، لأنَّها مطيعة غير عاصية.
{وإذ قَالَ إبراهيمُ: ربِّ اجعل هَذَا البلد آمنا، واجنبني} وبعِّدني، أي: ثبِّتني وأَدِمنِي عَلَى اجتنابِ عِبادتها، {وبَنِيَّ أن نعبدَ الأصنامَ (35)} وهي: كلُّ مَا عُبِدَ من دون الله، من شيطان أو نفس أو هوى، أو صنمِ حجرٍ (1) أو خشبٍ أو غير ذَلِكَ، لكنَّه يَبعُد فيِ القلوب عَن إبراهيم وبنيه وأمثالهم عَلَيْهِمُ السلام أن يتَّخذوا أصنامًا آلهة من خشب أو حجر أو جماد من دون الله، ولكنَّ الخوف من أهوية النفوس، لأنَّها أضلَّت كثيرًا مِنَ الناس، ولم يكن ثَمَّ ضلالة إِلاَّ منها، كما قيل شعرًا:
لولا الهوى مَا هوى فيِ النار إنسان
{__________
(1) - ... في الأصل: «حجرا أو»، وهو خطأ.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
295 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق