وشَبَّه الباطل فيِ سرعة اضمحلاله، ووشك زواله، وعدم الانتفاع بِهِ بزبد السيل، الذِي يرمي بِهِ الفلز الذِي يطفوا فوقه إِذَا أُذِيبَ. وقال الجمهور: هَذَا مثلٌ ضَرَبَهُ الله تعالى للقرآن والقلوب والحقِّ والباطل، فالماء: القرآن نزل لحياة الجَنان، كالماء للأبدان؛ والأودية: القلوب. ومعنى «بقَدَرِها»: بقَدْرِ (لعلَّه) سَعَةِ القلب وضيقه. و«الزَّبَدُ»: الهواجس [و]الخواطر، هواجس النفس، ووساوس الشيطان. والماءُ الصافي المنتفَع بِهِ مثل الحقِّ، كما يذهب الزبد باطلا، ويبقى صَفوُ الماء؛ كذلك هواجس النفس ووساوس الشيطان، ويبقى الحقُّ كما هُوَ. وَأَمَّا حِلْيَةُ الذهب والفضَّة فمثلٌ للأحوال السَّنيَّة والأخلاق الزكيَّة. وَأَمَّا متاع الحديد والنحاس والرصاص فمثلٌ للأعمال الممتدَّة بالإخلاص، المُعدَّة للخَلاَص؛ فإنَّ الأعمال جالبة للثواب، دافعة للعقاب، كما أنَّ تلك الجواهر بعضها أداة النفع فيِ الكسب، وبعضها آلة الدفع فيِ الحرب؛ وَأَمَّا الزبد فالرياء والخلل والملل والكسل.
واللام في: {للذين استجابوا} أي: أجابوا متعلِّقة بـ«يضرب»، أي: «كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين الذِينَ استجابوا»، {لربِّهم الحُسنَى} الباقية التي لا تنفد، {وَالذِينَ لم يستجيبوا لَهُ} مثَلاً للفريقين، {لو أنَّ لَهُم مَا فيِ الأَرْض جميعًا، ومِثْلَهُ معه لافتدوا بِهِ} أي: لو ملكوا أموال الدُّنْيَا وملكوا معها مِثلَهَا، لبذلوه ليدفعوا عَن أنفسهم أدنى عذاب من عذاب الله، بَل {أُولَئِكَ لَهُم سُوءُ الحسابِ} المناقشة فِيهِ، بالتفتيش لجَلِيِّ الأعمال وخَفِيِّها، وقليلها وكثيرها، وصغيرها وكبيرها، والمُجازاة عليها، كما قَالَ: {ومأواهم جَهَنَّم} ومرجعهم بعد المحاسبة النار، {وبِئْسَ المهادُ(18)} المكَانُ الممهَّد.
{
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
273 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق