يا صاحبَيِ السجنِ} يا ساكنَيِ السجن؛ كقوله: {أصحاب النار}، {أَأَربابٌ متفرِّقون} (لعلَّه) وَهِي الأهوية المتجاذبة لصاحبها، {خيرٌ أمِ الله الوَاحِد القهَّار (39)} يريد التفرُّق فيِ العدد والتكاثر، أي: أن تكون أرباب شتَّى، يستعبِدُكُما هَذَا، ويستعبدُكُما هَذَا، خير لكما أم يكون لكما ربٌّ وَاحِد قهَّار، لاَ يُغلب وَلاَ يُشارك فيِ الربوبيَّة؛ وهذا مثلٌ ضربه لعبادة الله وحده، ولعبادة الأصنام المتفرِّقين عَلَى قدر الأهوية؛ ولا بدَّ للعبد أنَّ يَعبُد إمَّا رباًّ واحدا يؤول نفع عبادته إِلَيْهِ، وَإمَّا أن يَعبُد أربابا متفرِّقين، أي: يتَّبع هوى نفسه بغير حقٍّ، ثُمَّ يرجع وبالُ عبادته عَليه، كما قَالَ: {وَلَقَد خلقنا الإنسان فيِ كبدٍ} (1).
{مَا تعبدون} خطابٌ لهما، ولمن كَانَ عَلَى دينهما، {من دونه إِلاَّ أسماءً سمَّيتموها أَنتُم وآباؤُكم} أي: سمَّيتم ما لاَ يستحقُّ الإلهيَّة آلهة، باسم أو معنًى أو شبه، ثُمَّ عكفْتُم عَلَى عبادتها، فكأنَّكم لاَ تعبدون إِلاَّ أسماء لاَ مُسمَّيات تحتها؛ ومعنى {سمَّيتموها}: سمَّيتم بها آلهة معبودة مُستحقَّة للعبادة من دون الله بزعمكم، (لعلَّه) وهي أمثال تمثَّلوها فيِ قلوبهم صوراً ليست بشيء، ولكنَّها كالخيال لاَ يثمر نفعا بَل عذابا (2)، {مَا أنزل اللهُ بها} بتسميتها {من سلطان} حجَّة، {إنِ الحُكْمُ} فيِ أمر العبادة والدين، {إِلاَّ لله}؛ ثُمَّ بيَّن مَا حكم بِهِ فقال: {أمر أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إيَّاه} وتخلعوا مَا سواه، {ذَلِكَ الدين القيِّم} الثابت المُسْتَقِيم، الذِي دلَّت عليه البراهين، {ولكنَّ أكثر الناس لاَ يَعْلَمُونَ (40)} وهذا يدلُّ عَلَى أنَّ العقوبة تلزم العبد وإن جهل، إِذَا أمكن لَهُ العلم بطريقه.
{__________
(1) - ... سورة البلد: 4.
(2) - ... في الأصل: «عذاب»، وَهُوَ خطأ.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
243 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق