فَلَمَّا سمعت بِمكرهنَّ} باغتِيابهنَّ، وقَولهنَّ: «امرأة العزيز عَشقَت عَبدَها الكنعانيَّ». ويسمَّى الاغتياب: مكراً لا (1) فيِ خفية وحال غيبة، كما يُخفي الماكر مَكره، {أرسَلَت إِلَيْهِنَّ} دعَتهنَّ، {وأعتدَت} هيَّأت {لَهُنَّ مُتَّكأً} مَا يَتَّكِئن عليه من نَمارِق، {وآتت كلَّ وَاحِدَة مِنهُنَّ سِكِّيناً}؛ قيل: كَانُوا لاَ يأكلون فيِ ذَلِكَ الزمان إِلاَّ بالسكاكين؛ {وقالت: اخرُج علَيهِنَّ، فَلَمَّا رأينه أكبرنه} عظَّمنه {وقطَّعن أيدِيَهنَّ} جَرحنَها {وقُلنَ: حاشَ لله مَا هَذَا بشرًا إن هَذَا إِلاَّ مَلكٌ كَريم (31)} نَفَيْن عَنْهُ البشَرِيَّة، لِغرابَة جَمالِه، وأثبَتنَ لَهُ المَلَكِيَة، وثبَّتن بها الحكم، لِمَا رَكَزَ فيِ الطباع أنْ لاَ أحسنَ مِنَ المَلَكِ، كما رَكَزَ فِيهَا أنْ لاَ أقبح مِنَ الشيطان.
[263] {قالت: فذلكُنَّ الذِي لُمتُنَّنِي فِيهِ} (لعلَّه) بالافتِتَان بِهِ قبل أن تَنظُرن إلى صورَته، {وَلَقَد راودتُه عَن نَفسِه} (لعلَّه) إِقْرَارا بما فعلَت، {فاستَعصَم} بالعُروَة الوُثقَى عَن النزول فيِ المهاوي؛ {ولئن لم يفعل مَا آمُرُه ليُسجَننَّ، ولَيَكونًا مِنَ الصاغرِينَ (32)}.
{قَالَ: رَبِّ السجنُ أحَبُّ إليَّ مِمَّا يَدعونَني إِلَيْهِ}، قيل: افتُتِنَت كلُّ واحدةٍ بِهِ، فدعته إِلىَ نَفسِها سِرًّا، فالتجأَ إِلىَ ربِّه، وقال: «رَبِّ نُزولُ السجنِ والضيقِ أحبُّ إليَّ مِنَ السعَةِ ورُكوبِ المعصِيَة»، {وَإِلاَّ تَصِرفْ عَنِّي كَيدَهُنَّ} فزعٌ منه إلى الله في طلب العصمة، {أَصبُ إِلَيْهِن} أَمِل إِلَيْهِنَّ، والصبوَةُ: الميلُ إِلىَ الهوى؛ {وأكُن مِنَ الجاهلِينَ (33)} مِنَ الذِينَ لاَ يَعمَلُونَ بِمَا يَعلَمُونَ، لأنَّ مَن لاَ جَدوَى لِعِلمِه، فهو ومن لاَ يعلم سواء، وَهُوَ مِنَ السفَهاء.
{__________
(1) - ... كذا في الأصل، والصواب: «لأنَّه». انظر: الزمخشري: الكشَّاف، 2/ 361.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
240 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق