ثُمَّ أشار إِلىَ وجه إحداث الكائنات، وتدبير أمرها بِأَن قصد العرش، فأجرى مِنْهُ الأحكام والمقادير، وأنزل مِنْهُ الأسباب عَلَى ترتيبٍ ومقادير حسب مَا اقتضته حكمته، وتعلَّقت بِهِ مشيئته، فقال: {الرحمنُ عَلَى العرش استوى(5) لَهُ مَا فيِ السَّمَاوَاتِ وَمَا فيِ الأَرْض وَمَا بينهما وَمَا تَحت الثرى(6)} ليدلَّ بذلك عَلَى كمال قدرته وإرادته، وَلَمَّا كَانَت القدرةُ تابعة للإرداة، وهي لاَ تنفكُّ عَن العلم عَقَّب ذَلِكَ بإحاطة علمه تعالى، بِجَلِيَّات الأمور وخفيَّاتها (1) عَلَى سواء، فقال:
{وإن تَجهرْ بالقول فَإِنَّهُ يعلم السرَّ وأخفى(7)} السرُّ: مَا أكنَّته الصدور؛ وأخفى مِنَ السرِّ مَا سَتُكِنُّه بعد، ولم تكن أكنَّته؛ وفيه تنبيه عَلَى أنَّ شرع الذكر والدعاء، والجهر فيما (2) ليس لإعلام الله، بَل لتصوير (3) النفس بالذكر، ورسوخه فِيهَا، ومَنعها عَن اشتغال بغيره، [و]هضمها بالتضرُّع والجُؤَار (4) .
__________
(1) - ... هكذا كتب الناسخ، ثُمَّ شطَّب عليه وكتب: «وخفائها». ويبدو أنَّ الصواب ما أثبتناه.
(2) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: «فيهما».
(3) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: «لتضوير»، من التضوُّر، وَهُوَ «التلوِّي والصياح من وجع الضرب أو الجوع»، أي لَعَلَّهُ يقصد إذلال النفس وقهرها. راجع: ابن منظور: لسان العرب، 3/556.
(4) - ... «جأر يجأر جأْرًا وجُؤارا: رفع صوته مع تضرُّع واستغاثة». ابن منظور: لسان العرب، 1/390.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
23 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق