خالدين فِيهَا مَا دامتِ السَّمَاوَات والأَرْض} أي: مدَّة دوام (1) السَّمَاوَات والأَرْض؛ والمراد: سماوات الآخِرَة وأرضها، وهي دائمة مخلوقة للأبد؛ والدليل عَلَى أنَّ لها سماوات وأرضا، قوله: {يوم تُبدَّل الأَرْضُ غير الأَرْض والسماوات} (2)، وقيل: مَا دام فوقٌ وتحتٌ، ولأنَّه لاَ بُدَّ لأهل الآخِرَة مِمَّا يُقِلُّهم ويُظلُّهم، إمَّا سماء أو عرش، كلُّ مَا أظلَّك فهو سماء، أو هُوَ عبارة عن التأبيد، ونفي [257] الانقطاع، كقول العرب: «مَا لاَحَ كوكبٌ». {إلاَّ مَا شاء ربُّك} مِنَ الفريقين، من تعميرهم فيِ الدُّنْيَا، واحتباسهم فيِ البرزخ مَا بَين الموت والبعث، قبل مصِيرِهم إِلىَ النار، يعني: هم خالدون فيهما إِلاَّ هَذَا المقدار؛ {إنَّ رَبَّكَ فعَّال لِمَا يريد (107)}.
{وَأَمَّا الذِينَ سعدوا ففي الجَنَّة خالدين فِيهَا مَا دامت السَّمَاوَات والأَرْض إِلاَّ مَا شاءَ رَبُّكَ عطاءً غير مجذوذ (108)} غير مقطوع، ولكنَّه مُمتدٌّ إِلىَ غير نهاية.
{فلا تَكُ فيِ مِريَة مِمَّا يعبدُ هَؤُلاَءِ} أي: فلا تَشُكَّ بعدما أُنزل من هَذِهِ القصص فيِ سوء عاقبة عبادتهم، لما أصاب أمثالهم قبلهم، تسلية لرسول الله، وَعَدَهُ (3) بالانتقام مِنْهُم، ووعيد لَهُم؛ ثُمَّ قَالَ: {مَا يعبدون إِلاَّ كما يَعبدُ آباؤهم من قبل} يريد أنَّ حالهم فيِ العبادة مثل حال آبائهم، وقد بَلَغَكَ مَا نزل بآبائهم، وسينزل بهم مثله؛ وإعلام أنَّهم مقلِّدون وأنَّ أكثر الخلق عَلَى غير عبادة الله. {وَإِنَّا لموفُّوهم نصيبهم} حظَّهم مِنَ العذاب، أو مِنَ الرزق؛ فيكون تأخُّر العذاب عَنْهُم مَعَ قيام مَا يُوجبه من أعمالهم، عَلَى مقتضى الحكمة. {غير منقوص (109)} (لَعَلَّهُ) عَلَى مُقتضى عملهم، أو أراد أرزاقهم التِي قُدِّرَت لَهُم.
{__________
(1) - ... في الأصل: «داوم»، وهو خطأ.
(2) - ... سورة إبراهيم: 48.
(3) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: «وَوَعْدٌ له».
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
225 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق