فَلَمَّا ذهب عَن إبراهيمَ الروعُ} الفزع، وَهُوَ مَا أوجس مِنَ الخيفة حين أنكر أضيافه، {وجاءته البشرى} بالولد. سُمِّيَ بشارة لَهُ، لأَنَّهُ يرتفع بِهِ علوّ درجات، {يُجادلنا فيِ قوم لوط (74)} فيِ معناهم، أي: لمَّا اطمأنَّ قلبه بعد الخوفِ، ومُلِئَ سرورا بسبب البشرى فرغ للمجادلة، والمعنى: يجادل رسلنا، ومجادلته إيَّاهم أنَّهم قَالُوا: {إِنَّا مُهلِكُوا أهلِ هَذِهِ القريةِ، إِنَّ أهلها كانوا ظالمين؛ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لوطًا؛ قَالُوا: نَحْنُ أعلم بمن فِيهَا لَنُنَجِّينَّه وأهلَه} (1). وغير ذَلِكَ مِمَّا يخصُّ قوم لوط، لأَنَّهُ قَالَ: {يجادلنا فيِ قوم لوط} (ولعلَّه) بتأخير العذاب عَنْهُم، رجاء إسلامهم. {إنَّ إبراهيم لحليم} غير عجولٍ عَلَى كُلِّ من أساء إِلَيْهِ؛ أو كثير الاحتمال عمَّن آذاه، {أوَّاه} كثير التأوُّه من خوف الله، {منيب (75)} تائب رَجَّاع إِلىَ الله، وهذه الصفات دالَّة عَلَى رقَّة القلب والرأفة، والرحمة تُبَيِّنُ [253] أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا حَمَله عَلَى المجادلة فِيهِم، رجاء أن يُرفع عَنْهُم العذاب، ويُمهَلُوا لَعَلَّهُم يُحدثون توبة.
{يا إبراهيم، أعرِضْ عَن هَذَا} الجدال، وإن كَانَت الرحمة دَيدَنُكَ؛ فَتَرْكُ المجادلة أفضل مِن قبل {إِنَّهُ قد جاء أمرُ رَبّك} أي: قضاؤه وحكمه (لَعَلَّهُ) وانقضاء الأجل، لأَنَّ لِكُلِّ أجل كِتَاب؛ {وَإنَّهُم آتيهم عذاب غير مردود (76)} فلا يُردُّ بجدال.
{__________
(1) - ... سورة العنكبوت: 31 - 32. وردت في الأصل هكذا: «إِنَّا مُهلِكُوا أهل هَذِهِ القريةِ، قَالَ: إِنَّ فِيهَا لوطًا؛ قَالُوا: نَحْنُ أعلم بمن فِيهَا لَنُنَجِّينَّه وأهلَه»، والصحيح ما أثبتنا في المتن.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
215 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق