فقال الملأ الذِينَ كَفَرُوا من قومه}: يريد الأشراف، لأَنَّهُم يملؤون القلوب هيبةً، والمجالس أبَّهةً؛ أو لأَنَّهُم ملأٌ بأحلام (1) والآراء الصائبة لظاهر الحياة الدُّنْيَا، {مَا نراك إِلاَّ بشرا مثلنا} لا مزيَّة لك علينا تخصُّك بالنبوَّة، ووجوب [246] الطاعة، لأَنَّهُم نظروا إِلىَ البشريَّة الظاهرة، ولم ينظروا إِلىَ سرِّه الخفيِّ الذِي خصَّه الله بِهِ دونهم؛ {وَمَا نراك اتَّبَعَك إِلاَّ الذِينَ هُم أراذِلنا} أضعفنا فيِ الرأي؛ أو الجسم أو المال أو الرئاسة، لأَنَّ نظرهم كَانَ مقصورا عَلَى ظواهر الأمور دون حقائقها. {بَادِيَ الرأي} أي: اتَّبعوا ظاهر الرأي؛ من غير رؤية ونظر؛ ولو تَفَكَّروا مَا اتَّبعوك، واسترذالهم لَهُم لِمَا ذكرنا، ولتأخُّرِهم عَن الأسباب الدنيويَّة، لأَنَّهُم كَانُوا جُهَّالاً، مَا كَانُوا يَعْلَمُونَ إِلاَّ ظاهرا من الحياة الدُّنْيَا؛ فكَانَ الأشرف عندهم من لَهُ جاه ومال، كما نرى المتَسَمِّينَ بالإسلام يعتقدون ذَلِكَ، ويبنون عليه إكرامهم وإهانتهم. وَلَقَد زال عَنْهُم أنَّ التقدُّم فيِ الدُّنْيَا لاَ يُقرِّب أحدا مِنَ الله، وإنَّما يُبعده؛ وَلاَ يرفعه بَل يضعه. {وَمَا نَرى لكم علينا من فضل} فيِ مال وَلاَ رأي، وَلاَ قوَّة وَلاَ جاه وَلاَ علم؛ {بَل نَظُنُّكُم كاذبِينَ (27)} أي: نوحًا؛ نوحًا فيِ الدعوة وأنتم فيِ الإجابة؛ يعني: تواطأتم عَلَى الدعوة والإجابة، تسبيبًا للرئاسة.
{__________
(1) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب كما في تفسير أَبِي السعود: «مُلِئوا بالأحلام والآراء الصائبة». أبو السعود: تفسير أبي السعود، مج2/ج2/ص200.
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
200 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق