ألاَ إنَّهم يثنون صدورَهم} يَزْوَرُّون عَن الحقِّ، ويَحرفون عَن الحقِّ، لأَنَّ من أقبل عَلَى شيء، استقبله بصدره؛ ومن ازورَّ عَنْهُ وانحرف ثنى عَنْهُ صدرَه وطوى عَنْهُ كَشحَه (1). {ليستخفوا مِنْهُ} ليطلبوا الخفاء مِنَ الله، فلا يطَّلع رسولُه والمؤمنون عَلَى ازورارهم. {ألاَ حين يَستغشَون ثيابهم} أَلاَ حين يأوون إِلىَ فراشهم يتغطَّون بها، أي: يريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابهم، كراهةً لاستماع كلام الله، كقول نوح: {جَعَلُوا أصابعَهم فيِ آذانهم، واستغشَوا ثيابهم} (2). وكلُّ هَذَا استعارة بمعنى الإعراض عَن قبول الحقِّ، (لَعَلَّهُ) لأَنَّهُ كالساتر نفسه عَن أن يَرَى الحقَّ أو يراه. {يعلم مَا يُسرُّون وَمَا يُعلنون} أي: لاَ تفاوت فيِ علمه بين ذَلِكَ؛ فلا وجه لتوصُّلهم إِلىَ مَا يريدون مِنَ الاستخفاء، وَاللهُ مطَّلع عَلَى ثَنيِهم صدورهم، واستغشاءِ ثيابهم ونفاقِهم، فغير (3) نافع لَهُم؛ {إِنَّهُ عليم بذات الصدور (5)} بِمَا فِيهَا.
{وَمَا من دَابَّة فيِ الأَرْض إِلاَّ عَلَى الله رزقها} غذائها، وَمَا لاَ تقوم إِلاَّ بِهِ من جلب مَا ينفعها، ودفع مَا يهلكها فيِ الدارين، لتكفُّله إيَّاهَا، {ويعلم مستقرَّها} مكانها مِنَ الأَرْض، {ومستودَعَها} حيث كَانَ مستودعها قبل الاستقرار، من صلب أو رحم أو بيضة فيما قيل، {كلٌّ فيِ كِتَاب مُبِين (6)} كُلُّ وَاحِد مِنَ الدوابِّ ورزقها ومستقرُّها ومستودعها فيِ اللوح، يعني: ذِكْرُها مكتوب فِيهِ مبيَّن.
{__________
(1) - ... الكشْحُ: ما بين الخاصرة إِلىَ الضلع الخَلف، وَهُوَ من لدن السرَّة إِلىَ المتن ... ويقال: طوى كشحه عنه إذا أعرض عنه». ابن منظور: لسان العرب، 5/ 261.
(2) - ... سورة نوح: 7.
(3) - ... كذا في الأصل، ولعلَّ الأصوب: «فهو غير نافع».
Post Top Ad
الأحد، 4 يوليو 2021
192 كتاب التفسير الميسر لسعيد الكندي الصفحة
التصنيف:
# التفسير الميسر لسعيد الكندي
عن Qurankariim
التفسير الميسر لسعيد الكندي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق